وصل إلى العاصمة الأردنية اليوم، المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، لترأس الوفد المصرى فى أعمال اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية فى دورتها الخامسة والعشرين، ويضم الوفد المصرى وزراء "التجارة والصناعة، البترول، القوى العاملة، الكهرباء، التعاون الدولى، والنقل". وكان فى استقبال رئيس الوزراء والوفد المرافق له عند وصوله بالمطار، الدكتور عبدالله النسور، رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الأردني، وتم التوجه بعدها إلى مقر مجلس الوزراء، حيث عقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.
فى بداية الاجتماع رحب رئيس الوزراء الاردنى بنظيره المصري، والوفد المرافق له، قائلا: يسرنى استقبالكم فى بلدكم الثانى، باسم مصر الغالية، رافعة الأمة العربية والإسلامية، مشيرا إلى أن مصر ليست هى الشقيقة الكبرى فحسب، ولكنها صاحبة الدور الكبير منذ أقدم العصور، وهى من ردت جيوش الغزاة على مدار التاريخ، كما تم التأكيد خلال الكلمة على عمق علاقات الإخوة والتعاون التى تربط بين البلدين، قيادة وشعبا.
في بداية حديثه قال المهندس إبراهيم محلب: أود أن أعبر لكم بالأصالة عن نفسي، وبالإنابة عن أعضاء الوفد المصري المرافق، عن أسمى آيات الشكر والتقدير على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، منذ أن حللنا بأرض بلدكم الشقيق، وهو أمر ليس بمستغرب على شعب الأردن الكريم المضياف، كما يعبر عما بين بلدينا الشقيقين من علاقات الأخوة التي نعتز بها، كما أتقدم لكم بجزيل الشكر والتقدير على ما تضمنته كلمتكم الافتتاحية القيمة والشاملة من معان سامية وتقدير طيب لعلاقات التعاون بين بلدينا الشقيقين، وتوجهات تمثل برامج عمل مستقبلية يمكن الاسترشاد بها في صياغة مستقبل العلاقات المصرية الأردنية في كافة المجالات.
وأضاف: من دواعي سرورنا أن تتزامن زيارتنا لعمان الغالية على قلب كل مصري مع احتفالات المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة بعيد الاستقلال المبارك، الذي يوافق الخامس والعشرين من شهر مايو من كل عام، وأغتنم هذه المناسبة لكي أتقدم للأردن الشقيق ملكاً وحكومةً وشعباً بأصدق التهاني بهذه المناسبة الجليلة، كما أنقل إليكم ومن خلالكم إلى كل أبناء الشعب الأردني تحيات جمهورية مصر العربية رئيساً وحكومة وشعباً، وتمنياتهم الطيبة للمملكة بكل الرفعة والازدهار في ظل رعاية صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، وخالص التمنيات للعلاقات المشتركة بين بلدينا الشقيقين بالتقدم والتطور والنمو بما يحقق المصلحة المشتركة لشعبي البلدين.
وقال رئيس الوزراء: أغتنم هذه المناسبة الكريمة أيضا لكي أجدد من هنا من عمان العزيزة بالأصالة عن نفسي ونيابة عن مصر شعباً ورئيساً وحكومةً تقديم الشكر والتقدير للمملكة الأردنية الهاشمية ملكاً وحكومةً وشعباً للموقف المبدئي والرائع الذي سجلته المملكة بالوقوف إلى جانب الشعب المصري، وتأييد ثورتيه منذ اللحظة الأولى لانطلاقهما في موقف ليس غريباً على الأردن الذي تربطه بمصر وشائج وصلات لا تنفصم، حيث كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، حفظه الله، هو أول زعيم يصل إلى مصر في أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو في إشارة قوية، بل وفي تصريح واضح، بأن الأردن مع شعب مصر يؤيد ويدعم كافة خياراته المشروعة، ويؤكد أن المصير واحد للشعبين الأردني والمصري.
وصرح المهندس إبراهيم محلب بأنه خلال الاجتماع تم الاتفاق على العمل على زيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين، والذي لا يتجاوز 600 مليون دولار سنويا، ليتناسب مع قوة العلاقات التى تربط بين البلدين.
كما تم التأكيد على دور القطاع الخاص فى البلدين، وأهمية تشجيع الاستثمارات المتبادلة، فى المشروعات الكبرى والصغيرة والمتوسطة، حيث تم توجيه الدعوة للمستثمرين الأردنيين للمشاركة فى المشروعات الاستثمارية المصرية، وذلك فى ظل تهيئة مناخ جاذب للاستثمار، وهناك بالفعل احد المستثمرين الأردنيين حصل مؤخرا على مشروع فى قطاع الطاقة، بجانب استثمارات أردنية أخرى متعددة، كما أن هناك مستثمرين مصريين كبيرين حضرا خلال الزيارة، ولديهما استثمارات ضخمة بالأردن.
كما تم الاتفاق على عقد ملتقى قريب لرجال الأعمال فى البلدين، للاتفاق على الفرص الاستثمارية بالبلدين. وبشأن موضوع آخر على جانب كبير من الأهمية وهو موضوع العمال المصريين العاملين في الأردن الشقيق.
وقال رئيس الوزراء: اغتنم هذه المناسبة لكي أتقدم بالشكر والتقدير للحكومة الأردنية والجهات المعنية بأوضاع العمال على منح أكثر من فرصة لتصويب أوضاع من لم يصوب أوضاعه من هؤلاء العمال ليسهموا إلى جانب أشقائهم الأردنيين كأداة للبناء والتعمير في النهضة التي تشهدها المملكة.
كما تم التأكيد على تفهمنا للإجراءات والترتيبات التي تتخذها الحكومة الأردنية الشقيقة لضبط سوق العمل في الأردن، كما نثمن غاليا شمول العمالة المصرية بالرعاية من جانب الجهات المعنية في المملكة، حيث عبر رئيس الوزراء الاردنى عن ترحيب ومحبة وتقدير الأردنيين للعمالة المصرية بالأردن، وهناك نحو 650 ألف مصرى يعملون بالأردن، وسيتم العمل على تحديث قاعدة الربط الالكتروني من خلال اللجنة الفنية المشتركة بين البلدين، وهذا سيساعد فى تسجيل جميع العمالة بالأردن، كما تمت الإشارة إلى انه تم التوصل إلى حلول لعدد من مشكلات العمالة المصرية بالاردن، سواء بالنسبة للرسوم التى يدفعونها، او استرجاع مستحقاتهم.
وقال محلب: انه تم الاتفاق على تقديم مصر الدعم الكامل للشقيقة الأردن فى مساعيها لاستضافة اجتماعات البنك الأوروبي للتنمية فى عام 2017، وفى الوقت نفسه دعمت الأردن جهود مصر لاستضافة اجتماعات صندوق النقد الدولى فى 2018.
وأعلن رئيس الوزراء أن هناك خطوات للاستجابة للمطلب الأردني بسرعة تسجيل الأدوية الأردنية فى مصر، وبالفعل تم تسجيل 150 مستحضرا بشريا أردنيا، و15 دواء بيطريا، وهناك ترحيب بالأدوية الأردنية، نظرا لتقدم هذه الصناعة بالأردن.
كما تم الاتفاق على إزالة الحواجز والعوائق التى تعترض زيادة تبادل السلع الزراعية بين البلدين، وكذا السلع الكهربائية، خاصة أن مصر لديها نهضة صناعية كبرى فى هذا المجال، وبالفعل تم الاتفاق على آليات ذلك، حيث ان حكومتي البلدين تعملان على زيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين بما يتماشى مع طموحاتنا.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن هناك خططا لزيادة قدرة الربط الكهربائي بين البلدين، حيث تمت الإشارة إلى الخطوات والإجراءات التى اتخذتها الحكومة المصرية مؤخرا لإضافة قدرات جديدة، كما ان لدينا خطة طموحة للطاقة الجديدة والمتجددة، وفى خلال سنوات سيصبح لدينا فائض يمكننا من التبادل مع الأشقاء.
وتم خلال الاجتماع الاتفاق على التعاون فى مجال مكافحة التلوث البحرى، حيث أن مصر لديها خبرات واسعة فى هذا المجال، وسيتم تدريب الكوادر الأردنية لمواجهة اى طارئ، كما سيتم بحث اطر التعاون المشترك فى مجال الطيران.
وأكد المهندس إبراهيم محلب انه تم الاتفاق على التكامل فى مجال السياحة، فمن المقترح ان تكون هناك برامج سياحية مشتركة بين البلدين، مشيرا الى أن أول الشهر المقبل سيتم الإعلان عن برنامج مهم للسياحة فى مصر، وهو مسار العائلة المقدسة، ومن الممكن ان يكون ذلك مجالا جديدا للتعاون المشترك بين البلدين.
وفى مجال البترول والغاز، تم الاتفاق على تبادل الخبرات فى هذا القطاع، خاصة أن الأردن تمتلك خبرات واسعة فى قطاع استخراج الزيت الصخري، كما ان مصر لديها خبرات فى مجال توصيل الغاز للمنازل، ومجالات أخرى للتعاون المشترك.
وقال محلب انه تم توجيه الشكر للجانب الاردنى على حل مشكلات النقل البرى بين البلدين، مشيرا الى ان ما يتم من اعمال تطوير فى ميناء العقبة سيتكامل مع ما تم فى ميناء نويبع بما يصب فى مصلحة البلدين.
وفى تصريحات صحفية قال رئيس الوزراء: تتميز اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة التي تم افتتاح اليوم أعمال دورتها الخامسة والعشرين بأنها أكثر اللجان العربية على الإطلاق فاعلية وإنجازاً وانتظاماً في عقد دوراتها المختلفة منذ أوائل بدء انعقادها في الثمانينيات من القرن الماضي، وهذا له دلالات ومغزى لا يمكن إغفالهما، وأولى هذه الدلالات هى عمق ومتانة العلاقات التي تربط بين الشعبين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين الداعمة لكل ما من شأنه الارتقاء بمستوى العلاقات المصرية الأردنية المشتركة إلى أرحب الآفاق، والتنسيق الكامل بينهما حول كافة القضايا التي تهم أبناء الشعبين الشقيقين، بل وتلك التي تهم أبناء الأمة العربية من المحيط إلى الخليج.
والدلالة الثانية على خصوصية وتميز اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، هى أنها تؤشر على متانة وقوة العلاقات المشتركة في كافة المجالات والإنجازات الكبيرة التي تحققت على مدى سنوات عقد هذه اللجنة.
وأضاف: لقد خطا بلدانا الشقيقان خطوات حثيثة وملموسة على طريق تعزيز علاقات التعاون الثنائي بينهما في إطار أعمال اللجنة، وعلى مدى ما يزيد على ثلاثين عاماً تحققت خلالها الكثير من الإنجازات في عدد كبير من المجالات حتى أصبحت العلاقات المصرية الأردنية نموذجاً يُحتذى في العلاقات العربية - العربية.
وقال: يمكن في عجالة الإشارة إلى أهم الإنجازات التي تحققت في إطار عمل اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة منذ الدورة الماضية التى عقدت في القاهرة في شهر فبراير من العام الماضي 2014 وأهمها التزايد في حجم الاستثمارات المتبادلة والمشتركة بين مصر والأردن، حيث بلغ حجم مساهمات الأردن في رؤوس الأموال المصدرة في مصر لشركات الاستثمار الداخلي والمناطق الحرة حتى 24 فبراير من العام الحالي 2015 أكثر من نصف مليار دولار (501.70 مليون دولار) في 1430 شركة تعمل في مجالات الصناعة، حيث يحتل القطاع الصناعي حوالي 61% من إجمالي الاستثمارات الأردنية يليه القطاع الخدمي بنسبة 12% فالقطاع التمويلي بنسبة 10% ثم القطاعات السياحية والزراعية والإنشائية وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنسب متقاربة.
كما تزايد حجم الاستثمارات المصرية في الأردن زيادة كبيرة حيث تشير البيانات الصادرة عن مؤسسة تشجيع الاستثمار الأردنية إلى أن إجمالي حصة المساهمين المصريين في الأردن في المشاريع المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار خلال الفترة من 1996 إلى 2012 وصل إلى ما قيمته حوالي 310.1 مليون دولار وتعمل هذه الاستثمارات في قطاعات نقل وتوزيع المياه والغاز والنفط والفنادق والصناعة والزراعة.
كما يمثل التعاون في مجال الكهرباء والطاقة من خلال مشروع الربط بين شبكتي الكهرباء في البلدين في إطار خط الربط لدول المشرق العربي نموذجاً للتعاون والتكامل في المنطقة العربية، فضلاً عن كونه قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المنضمة إليه والذي بدأ من خلاله الربط الكهربائي بين دول المشرق العربي والمغرب العربي، تمهيداً للربط مع الشبكة الكهربائية الأوروبية، والمطلع على علاقات التعاون في هذا المجال يعرف أن بلدينا الشقيقين يتبادلان كميات مناسبة من الطاقة الكهربائية اللازمة لقطاع الصناعة والاستخدامات المنزلية، وأصبح بند الطاقة الكهربائية أحد البنود الرئيسية في قوائم التجارة الثنائية فيهما والذي نأمل أن يعود هذا البند إلى سابق عهده.
إضافة إلى المجالات السابقة تحققت نقلة نوعية وطفرة كبيرة في العلاقات بين البلدين في مجالات كثيرة وهامة، مثل التعاون في مجال النقل الذي يسهم في تسهيل حركة الأفراد وحركة التبادل التجاري بين البلدين، هذا بالإضافة إلى مجالات الزراعة، والثقافة، والشباب والرياضة، والإعلام، والسياحة، والتعليم بشقيه العام والعالي.
وقال: كما أسهمت اللجنة العليا في وضع الهياكل والأطر القانونية التي تنظم علاقات التعاون بين البلدين في كافة المجالات، من خلال التوقيع على أكثر من مائة وثيقة تشمل اتفاقيات وبروتوكولات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية في مجالات متعددة، الأمر الذي يدعم العلاقات بين بلدينا الشقيقين ويفتح الطريق أمام رجال الأعمال والمستثمرين من البلدين للإسهام بفاعلية في تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيهما.