لم يكن ميدان التحرير، مجرد ميدان اختاره المتظاهرون في ثورة يناير للتظاهر به بشكل عشوائي، بل كان إختيار المتظاهرين لميدان التحرير لإطلاق أوسع وأكبر الاحتجاجات في تاريخ مصر مدروساً إلى حد بعيد نظراً لأهمية هذا الميدان وطبيعته الجغرافية. حيث أن ميدان التحريرعلى اتصال بأهم شوارع القاهرة، وعلى رأسها شارع رمسيس وشارع طلعت حرب، وشارع الجلاء وشارع قصر العيني، كما تمتد بعض الشوارع المتفرعة منه إلى كل من ميدان باب اللوق، وميدان عابدين، وحي جاردن سيتي.
هذه الشرايين المهمة ساعدت على تدفق عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى ساحة ميدان التحرير عبر عدة طرق ومحاور، متجاوزين القبضة الأمنية الرهيبة التي فشلت في السيطرة على الميدان.
وهكذا ساهم تصميم الميدان في تسهيل حركة المحتجين على حكم الرئيس المخلوع مبارك، ومكنت عمليات إمداد وتموين المتظاهرين الذي فاق عددهم المليون لأول مرة.
ولكن هل تعلم أن ميدان التحرير كان عبارة عن مكان مفتوح، تبلغ مساحته 500 فدان، ويضم حقولاً مزروعة وحدائق، والعديد من قصور العائلة المالكة فى عهد الخديوي إسماعيل، الذى كان يعيش في باريس أثناء إعادة بناء المدينة على يد (بارون هاوسمان). وعند عودته باشَرَ إسماعيل مشروع تحديث مدينة القاهرة بعدة طرق، كان من بينها بناء حيٍّ سُمِّيَ فيما بعد باسمه، وفى وسط هذا الحي كان هناك ميدان حَمَل الاسم نفسه (ميدان الإسماعيلية).
وفي بدايات القرن العشرين بزغ حي الإسماعيلية مركزاً للقاهرة الحديثة، وامتد باتجاه الميدان، الذي كان من الضروري أن يعاد تخطيطه لتسهيل سير مركبات المرور الحديثة في القاهرة، ولذلك أُنشِأ دوار في الجزء الجنوبي من الميدان، وبعد عقود قليلة - أثناء فترة حكم الملك فاروق - وُضِع في المكان قاعدة فارغة لتمثال، وأمر فاروق ببناء تمثال لجده الأكبر - الخديوي إسماعيل - ليوضع على هذه القاعدة، وأثناء ذلك الوقت بُنِي المركز الرئيسى لجامعة الدول العربية أيضاً، وبالتالي تحدد الجانب الشرقي للميدان.
فبراير ..الشهر الأسود لميدان التحرير
كانت اول تظاهرات شهدها ميدان التحرير في اثناء معارضة الوجود البريطاني في مصر، وقتلت الشرطة أربعة وعشرون مصريّاً في الحادي عشر من فبراير عام 1946 م، وفي اليوم نفسه بعد مرور خمسة وستون عاماً، أُجِبَر الرئيس مبارك على التنحي بعد إحتجاجات شباب الثورة .
ميدان التحرير ..الأول في الإحتجاجات منذ العهد الحديث
ظل أسم ميدان الإسماعيليه حوالى قرن حتى قامت ثوره 1952 التى غيرت اسم الميدان إلى " التحرير" تيمناً بتخليص وتحرير مصر من مفاسد أسرة محمد على والأحتلال الانجليزى، وبدأت أهميه الميدان تظهر فى العهد الحديث اثناء العدوان الثلاثى على مصر، حيث تجمع آلاف المصريين فى الميدان للتطوع ضد الاحتلال فى بورسعيد وفى 9 يونيو 1967 عندما قرر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر التنحى عن منصبه كرئيس للجمهوريه بعد النكسه، انطلقت حشود هائلة من الناس إلى الميدان تطالبه بالبقاء والتراجع عن قراره .
التحرير بداية لمترو الانفاق في مصر
وفي عهد الرئيس أنور السادات فاز ميدان التحرير بأول محطات مترو الأنفاق بالقاهرة، التي سُمِّيت باسم السادات في فترة حكم مبارك، وأُطْلِقَ على المنطقة الجنوبية من الميدان اسم السادات أيضاً، على الرغم من أن أهل القاهرة لم يشيروا إليه بهذا الاسم أبداً، فقد قصروا استخدامه على محطة المترو فقط.
وبذلك يكون ميدان التحرير، رمز لتحرر المصريين بداية من عهد الإحتلال البريطاني وحتى الوقت الحالي ، فقد كان و سيبقى دائماً ميداناً نابضاً بالحياة للخطابات العامة والتغيير الثورى.