كشفت إدارة مهرجان دبي السينمائي الدولي ، اليوم، عن القائمة النهائية للأفلام الوثائقية العربية المُرشّحة في الدورة العاشرة للمهرجان، للتنافس على جائزة المهر العربي للأفلام الوثائقية ، التي تتضمّن جائزة أفضل فيلم، وجائزة لجنة التحكيم، وجائزة أفضل مخرج وثائقي. هذه المسابقة التي تأسّست في 2006، للاحتفاء بمواهب وابداعات السينما العربية، وعرضها على أوسع نطاق للجمهور وصانعي السينما، عبر الاستفادة من مكانة المهرجان إقليمياً وعالمياً. وسوف يتمّ الإعلان عن الأفلام الفائزة خلال الحفل الختامي للدورة العاشرة، التي تُقام خلال الفترة من 6- 14 ديسمبر 2013. في هذه المناسبة، قال مسعود أمرالله آل علي؛ المدير الفني ل مهرجان دبي السينمائي الدولي : تبرهن قائمة الأفلام الوثائقية العربية، التي تمّ اختيارها للتنافس على جوائز المهر العربي ، في الدورة العاشرة، هذا العام، على قدرة الأفلام الوثائقية على الاستفادة من الرؤى الشخصية، والتقنيات التجريبية، لسرد روايات واقعية، خصوصاً ونحن نشهد هذه الأيام نماذج بديعة من هذا النمط السينمائي المؤثر. وأضاف: حظيت الأفلام الوثائقية بحضور قويّ في العالم العربي، وقد شهدت تطوّرات جذرية، مع حالة الحراك العربي، لم تكن متوفرة في السابق، حيث تمكّنت من إبراز ملامح تلك المتغيرات، بكل جرأة. تعكس الوثائقيات التي يعرضها المهرجان هذا العام مختلف جوانب المجتمع، من وحي الشارع العربي، وتتميز بثراء فحواها، وتطرّقها لعدد من المواضيع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، المتداخلة، التي شكّلت ملامح المنطقة، خلال العقود الماضية وحتى اليوم، وهذه هي القوة الكامنة للأفلام الوثائقية التي تُعتبر الأداة الأوفر للكشف عن الكثير من مخزون الأحداث التاريخية الكبرى، التي أُريد لها أن تبقى طيّ النسيان، أو التجاهل. بدوره قال عرفان رشيد مدير البرامج العربية في مهرجان دبي السينمائي الدولي : يتكون برنامجنا العربي في الدورة العاشر من 15 فيلماً من أفضل الأفلام الوثائقية التي أنتجتها السينما العربية، والتي ستتنافس بقوة على جوائز المهر العربي ، وهي تأتي بمثابة تأصيل تاريخي لواقع سيظل محفوراً في تاريخ هذه الأمة، ويأتي ذلك كعامل مشترك بين جميع الأفلام المشاركة هذا العام، بيد أنها تختلف في التناول والطرح وبؤر التركيز، ما جعلها أشبه بمجهر، يستكشف أدق التفاصيل وبكافة الأبعاد ليشخّص حال هذا الوطن. تشهد المسابقة، هذا العام، مشاركة المخرجة ساره فرانسيس بفيلم طيور أيلول ، الذي يستكشف شوارع بيروت، من خلال كاميرا داخل شاحنة. على طول الطريق، يجلس بعض الأشخاص داخل الشاحنة، ليعبروا عن شعور، أو حالة ما. كل واحد منهم هو عبارة عن وجه وجسم وصوت ومشاعر ووجهة نظر وذاكرة. اعترافاتهم صادقة وحميمة. سرعان ما تفرغ العربة، وتطوف بيروت، بحثاً عن شيء، أو شخص ما. أما حبيبي بيسّتَنّاني عند البحر للمخرجة ميس دروزة، فيروي قصة المخرجة، التي قامت لأول مرة برحلة عودة إلى وطنها فلسطين. لقد غادرت عزلتها، ولحقت بحبيبها حسن، الذي لم تلتقِ به أبداً. حسن، الفنان الفلسطيني الذي كشف لها النِقابَ عن عالم مثالي جميل. في أرض مجزّأة مغمورة بسنوات طويلة من النضال، وجدت ميس حبها الوادع، ينتظرها في وطن محميّ ومتماسك بفضل فلسطينيي اليوم، أولئك الفلسطينيون الذين تصدّوا لواقعهم اليومي، دون اكتراث لحاجيّاتهم الشخصية، من خلال التشبّث بأحلامهم. ومن مصر، يحضر المخرج محمد القليوبي، بفيلمه اسمي مصطفى خميس ، الذي يفتح للمرة الأولى ملفاً غامضاً، ظلّ مغلقاً أكثر من ستين عاماً، منذ ثورة يوليو 1952، رغم تأثيره العميق على تاريخ مصر المعاصر، والثمن الفادح الذى دفعه الشعب المصري نتيجة لهذا الحدث، الذى حاول البعض التقليل من قيمته، وحاول الكثيرون من الساسة في مصر المعاصرة غضّ الطرف عنه. يعود الفيلم إلى كفر الدوّار ، التي شهدت، بعد ثلاثة أسابيع فقط من قيام ثورة يوليو، إضراباً سلمياً لعمال مصنع غزل النسيج، فكانت نهايته دامية، بشكل مفجع. ويتطرّق فيلم البحث عن ساريس ، للمخرجة جنان كولتر، لقضية فلسطين في الماضي والحاضر، وشهادات المُصمّمين على العودة، حيث تتنقل الكاميرا إلى مخيم قلنديا للاجئين في الضفة الغربية، ورحلة بالسيارة مع ثلاثة من اللاجئين، في قالب من الاستعارة القوية، التي تعكس الضياع، ومحاولة استكشاف الماضي. ننتقل إلى لبنان، ونساء سجن بعبدا، اللواتي يشكّلن المحور الأساسي لفيلم يوميّات شهرزاد ، الذي تمّ تصويره أثناء جلسات العلاج بالدراما والمسرح، التي أقامتها مخرجة الفيلم زينة دكاش عام 2012، داخل السجن. تغوص السجينات في أعماق تجاربهنّ الذاتيّة، وتُعبرّن عن صعوبة حياة المرأة في مجتمع تحكمه العقلية الذكورية، من خلال تقديم أول عمل مسرحي داخل أسوار سجنٍ نسائيّ عربيّ. ومن أجواء الصراعات والمعاناة، إلى الغناء الشعبي الذي تتميز به الأحياء الشعبية في مصر، وفيلم اللي بيحب ربنا يرفع ايده لفوق للمخرجة سلمى الطرزي، الذي تسجّل من خلاله إحدى طفرات هذا اللون الغنائي الشعبي، الذي لم يكن يتقبّله الكثيرون فيما سبق، ولكنه أصبح، بعد الثورة المصرية، الموضةَ الموسيقية الجديدة، ولفت انتباه وسائل الإعلام. أوكا وأورتيجا ووزة، هم ثلاثة من أشهر نجوم هذا النوع من الموسيقا، وقد وجدوا أنفسهم ضيوفاً في برامج التلفزيون، وأصبحوا يقدّمون عروضهم للصفوة. يطرح الفيلم السؤال: هل سيحتفظ هؤلاء بهويتهم فنانين مستقلين، أم تبتلعهم صناعة الموسيقا السائدة؟ تأخذنا المخرجة سارة اسحق، في فيلم بيت التوت ، في رحلة إلى حياتها الشخصية. عندما كانت فتاة يافعة، لم تعد تطيق العيش تحت وطأة ضغوط الحياة في اليمن، فقرّرت، وهي ابنة لأب يمني وأم اسكتلندية، الرحيل إلى اسكتلندا، حيث تعيش والدتها. كان لوالدها شرط وحيد، هو أن تحافظ على هويتها اليمنية. نعود مجدداً إلى مصر، وفيلم الميدان للمخرجة جيهان نجيم، التي ترصد من خلال عدستها، تلك التحولات الاجتماعية التي طرأت على مصر، بعد الاطاحة بدكتاتورية استمرت لأكثر من 30 عاماً، ثم تبعتها بإطاحة ثانية لحكم محمد مرسي في صيف 2013. يتتبع الفيلم مجموعة من اليافعين الثوار، الذي لا يمتلكون سلاحاً، سوى هواتفهم المزودة بكاميرات، وشبكات التواصل الاجتماعي، وإرادة وتضحية، للتحرّر من قيود القمع كافة. ويشارك فيلم موج للمخرج أحمد نور، الذي يعتبر فيلماً وثائقياً شخصياً، تمّ تصويره في مدينة السويس خلال الثورة المصرية، حيث حصلت تلك المدينة الباسلة على نصيب أوفر من التغطية الإعلامية، بالمشاركة مع ميدان التحرير. يروي المخرج خمس فترات من حياته هناك، تمثّل خمس موجات خاصة في حياته وحياة جيله وعمر مدينته. أما فيلم الحي يروّح ، للمخرج التونسي محمد أمين بوخريص، فيعود إلى يناير 2011، والانتفاضات الشعبية في تونس، والدموية في عدد من بلدان العالم العربي، ضدّ الأنظمة المستبدّة. يُلاحق الفيلم ستة من مراسلي الحروب، أولئك الذين على موعد مع التاريخ، لا يمكن لهم التغيّب عنه، فهم جنود الخفاء الذين يسعون إلى توفير المعلومة، والصورة الحيّة، التي نحتاجها لمعرفة ما يدور في العالم، بما في ذلك أقسى الصور. إنّهم مراسلون ومصوّرون مختلفون عن غيرهم، فهم عيوننا وآذاننا في قلب الحدث، مهما كان مروّعاً، معرّضين حياتهم للخطر في كل لحظة. مراسلو الحروب الذين تابعنا مغامراتهم في أقصى درجات الخطر، بدءاً من تونس ثم مصر وصولاً إلي ليبيا وسوريا. بعضهم تعرّض لطلقات الرّصاص، والبعض الآخر لقي حتفه في قلب المعركة. ماهي دوافع هؤلاء المراسلين؟ ينقلون لنا صوراً غريبة وأحياناً مفزعة من قلب الحروب ومع ذلك لا نعرفهم. هذا الفيلم يحاول الاقتراب منهم، ورصد شهاداتهم، وتناقضاتهم، وخصوصاً إنسانيتهم. وفي إطار عائلي بأبعاد تاريخية يتناول المخرج فيليب عرقتنجي الأحداث السورية في ميراث ، حيث يُجبر هو شخصياً للمرة الثالثة على مغادرة وطنه، فيثير ذلك في نفسه تساؤلات وتأملات. وكيف واصلت عائلته على مدى خمسة أجيال الهرب من الحروب، فيعود إلى محاولة اكتشاف أصوله، ابتداء من سقوط الدولة العثمانية، مروراً بتأسيس إسرائيل، والحرب الأهلية اللبنانية. ويتطرّق لوبيا حمرا ، الوثائقي المُبتكر، للمخرجة الجزائرية ناريمان ماري بن عامر، لقضية الصراعات التي استهلكت قدرات الجزائر عقوداً من الزمن، من خلال تجسيد تلك الحقبة، عبر مشاهد يرسمها الأطفال، من خلال وهمهم البريء. أما الواد، الواد ، للمخرج عبدالنور زحزاح، فيتتبع نهر الواد العظيم، من منبعه عند قمم سلسلة جبال أطلس، في بليدة، إلى مصبه على البحر المتوسط، على بعد كيلومترات قليلة من العاصمة الجزائرية. يستكشف الفيلم مختلف الوجوه الجزائرية، وثراء العلاقة الإنسانية والعادات والتقاليد. فيما تأخذنا المخرجة دليلة النادر، في صوت المدينة ، لسماع حسّ كازابلانكا الخافت كل ليلة، عند عتبة بيت أحد سكانها، ليخبرنا عن ما يربط هذه المدينة بالشخصية التي تُقدّم لنا. يرصد الفيلم الحياة اليومية لشخصياته، لتخبرنا عن ما له علاقة بواقعهم، مثل الهجرة غير الشرعية، وحياتهم الجنسية، والبطالة، ولينتهوا جميعاً متسائلين السؤال نفسه: كيف للحياة أن تكون أفضل بين بلدان الشمال والجنوب؟. سيختلط الواقع بالسحر ليبني دراما هذا الفيلم، كاشفاً لنا وجهاً إنسانياً عابراً للقارات. إلى مجتمع عربي آخر، يعاني الكثير من الأزمات الاجتماعية، وفيلم أرق ، للمخرجة اللبنانية ديالا قشمر، الذي تدور أحداثه حول خلية شبّان مهمشين، يُطلق عليهم تسمية زعران حيّ اللجا ، ويرسمون ملامح شارع شعبي في بيروت، يتناقض بين الالتزام والفوضى، والشجاعة والخوف، وبين الشهامة والعنف، وبين العقيدة أو الانحراف.