تهاجمنى أخبارها الحزينة الدامية، وتأخذنى حينا من اكتئابى مما يحدث فى مصر، الحال فى مصر قلق ومحبط، ولكن حالها مأساوى. كل يوم وكل ساعة تفقد أطفالا وشبابا ونساء، من حى لحى ومن مدينة لأخرى. الموت متربص بكل أهل سوريا، أتصور أهلها الطيبين وهو يفرون من الاغتيال بالرصاص للموت شنقا. وطبقتها المتوسطة الهادئة وهى تفر من بيوتها وأحلامها وأمانها إلى مخيم على الحدود التركية أو استديو فى المدن الحدودية الأردنية، بيوت ضيقة ومعاش أضيق، وحياة قلقة ومجهدة ومأساوية زرت سوريا أكثر من مرة وعشت فى بعض المناطق والمدن التى يقصفها جيش الأسد بلا رحمة، ودخلت بيوت أهلها المحبين لمصر ووقعت فى غرام نقوش القاعة الشرقية وأشجارها أمام البيوت وخلف الجدران. أعزى نفسى بأن ما يحدث فى سوريا هو ثمن الحرية، الحرية مهرها غالى، وأن كل الدول التى تحررت دفعت ثمنا غاليا من شبابها وأبنائها، هل تحصل سوريا على حريتها الآن أم لا يزال على السوريين أن يرووا شجرة الحرية بمزيد من دمائهم الطاهرة؟ وهل فشلنا فى الانتخابات الرئاسية لأننا لم ندفع ثمنا كافيًا لنيل حريتنا؟ هل عدنا للاختيار الصعب بين استبداد النظام الدينى واستبداد النظام القديم؟ هل تعجلنا ثمار ثورة لم نسدد فاتورتها بالكامل؟ أم أخذنا الغرور وتصورنا أننا نملك مفاتيح الكون لأننا أسقطنا مبارك فى 18 يومًا. بعد عام ونصف العام نعود للمربع الأول، للاختيار ما بين شفيق ومرسى هل يمكن أن تحقق مطالب الثورة على مراحل؟ هل علينا أن نعمل مرة أخرى من أجل الحصول على النجاح فى الدور التانى؟ اعتقد أن الإجابة بنعم على هذه الأسئلة هى مفتاح الخروج من أزمتنا أو ورطتنا الحالية، استمرار الثورة لا يعنى التظاهر والاعتصام فى ميدان التحرير وبقية ميادين مصر، استمرار الثورة يكمن فى استيعاب درس الجولة الأولى من الانتخابات، يجب أن نحمل روح التحرير لبناء مؤسسات سياسية وتنظيمية على كل شبر فى مصر، إذا كان د. مرسى قد حصل على أكثر من 5 ملايين صوت فهذا يثبت أن القدرة التنظيمية أهم من المشاعر الثورية. الثورة تحتاج الآن وليس غدا إلى تنظيم ينتشر فى الشوارع والحوارى ويرتبط بالمواطن العادى، تنظيم يرفع مصلحة التنظيم الثورى على مصالحه وآرائه الشخصية. ويلتزم بقيادة جماعية. يجب أن يتحول ميدان التحرير إلى كعبة للحرية نحج لها من حين إلى آخر.وبهدف التوحد وإظهار قوتنا التنظيمية، وليس إلى ميدان نجتمع فيه كلما ألمت بنا المصائب والكوارث، وآخرها كارثة المفاضلة ما بين مرسى وشفيق