البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    احتفالية الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    لويس مارتان بريفوست يفاجئ الحضور بمعانقته شقيقه البابا لاوون الرابع عشر خلال قداس التنصيب    السفارة الأمريكية في ليبيا ترحّب بتشكيل لجنة الهدنة في طرابلس    أمريكا: المفاوضات بشأن غزة تشهد حالة من التقلب وعدم الاستقرار    تعرف على نظام الهبوط في دوري الموسم المقبل    "هذا يسمى عبث".. كريم رمزي يفتح النار على رابطة الأندية بسبب إلغاء الهبوط    شيرينجهام: كنت أتمنى تواجد صلاح في الجيل الذهبي لمانشستر يونايتد    إصابة شخصين في حادث تصادم على طريق القاهرة – الإسكندرية الزراعي بالقليوبية    تبدأ ظهرًا.. جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 الترم الثاني في محافظة كفر الشيخ    24 ساعة حذرة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «اتخذوا استعدادتكم»    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    الملك مينا.. البطل الذي وحد مصر وغير مجرى التاريخ| فيديو    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    الشرطة الألمانية تبحث عن رجل أصاب 5 أشخاص بآلة حادة أمام حانة    رئيس لبنان: هل السلاح الفلسطيني الموجود بأحد المخيمات على أراضينا قادر على تحرير فلسطين؟    ملخص وأهداف مباراة إشبيلية ضد ريال مدريد في الدوري الإسباني    الآن.. جداول امتحانات الصف الأول الإعدادي آخر العام 2025 في 25 محافظة    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    من أجل علاقة مُحرمة مع طفل... كيف أنهت "نورهان" حياة والدتها في بورسعيد؟    روما يقضي على آمال ميلان الأوروبية.. ويوفنتوس يفوز على أودينيزي ويقترب من دوري الأبطال    الأمن يحقق في بلاغ شيكابالا ضد مرتضى منصور    إلهام شاهين توجه رسالة مؤثرة ل عادل إمام بمناسبة عيد ميلاده (فيديو)    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    «سأقاضيكم وأخطأت إني جيت».. القصة الكاملة لانفعال مصطفى الفقي على مذيع العربية    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    وزير المالية الكندي: معظم الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة "لا تزال قائمة"    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الإثنين 19 مايو 2025    أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    المستشار القانوني للمستأجرين: هناك 3.5 ملايين أسرة معرضة للخروج من منازلهم    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    إطلالات ساحرة.. لنجوم الفن على السجادة الحمراء لفيلم "المشروع X"    رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نعود إلى ما قبل 7 أكتوبر    مصرع شابين غرقًا في ترعة الدهسة بقنا    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    هل الرضاعة الطبيعية تنقص الوزن؟- خبيرة تغذية تجيب    دراسة تقليل التكدس في العيادات الخارجية بالقليوبية    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    أمين الفتوى يحسم حكم سفر المرأة وأداء الحج دون محرم: جائز بشرط    "تعليم القاهرة" تكرم الطلاب الأوائل في المسابقة الدينية للعام الدراسي الحالي    محامٍ: المستأجر هو الطرف الأكثر حاجة لصدور القانون الجديد.. وهذا المطلوب من النواب    كيف نعالج السهو في الصلاة ؟.. عالم أزهري يوضح    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    أحكام الحج والعمرة (1).. علي جمعة يوضح شروط ووجوه أداء العمرة    إغلاق ميناء الغردقة البحري بسبب سوء الأحوال الجوية    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    الشيوخ يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقاتلوا في سبيل الله ولا تعتدوا
نشر في الفجر يوم 27 - 11 - 2014

الأمر بقتال المشركين والمعتدين ورد في القرآن في آيات عديدة. وقد تعددت الروايات، واختلفت الأنظار في تحديد المراد بهذا القتال، هل هو قتال على الابتداء سببه الكفر، أو هو قتال عند الاعتداء سببه العدوان. ويأتي الوقوف على سبب نزول الآيات الآمرة بقتال المشركين ليلقي ضوء على المقصود، ويكشف شيئاً عن المراد.

ومن الآيات التي نسعى للوقوف على سبب نزولها، ومن ثم نكشف عن مكنونها على ضوء سبب النزول، قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} (البقرة:190).

وقد ورد في سبب نزول هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام خرج بأصحابه قاصداً الحج، ونزل الحديبية -وهو موضع كثير الشجر والماء-، فصدهم المشركون عن دخول البيت، فأقام شهراً لا يقدر على ذلك، ثم صالحوه على أن يرجع ذلك العام، ويعود إليهم في العام القابل، ويتركون له مكة ثلاثة أيام حتى يطوف، وينحر الهدي، ويفعل ما شاء، فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وصالحهم عليه، ثم عاد إلى المدينة، وتجهز في السنة القابلة، ثم خاف أصحابه من قريش أن لا يفوا بالوعد، ويصدوهم عن المسجد الحرام وأن يقاتلوهم، وكانوا كارهين لمقاتلتهم في الشهر الحرام وفي الحرم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

هذا الخبر رواه الواحدي بسنده، وذكره السيوطي في "لباب النقول في أسباب النزول"، ونقله أغلب المفسرين عند تفسيرهم لهذه الآية.

والخبر يفيد أن الآية واردة على سبب خاص وهو صلح الحديبية، الذي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قريش عندما قصد حج البيت، فصُدَّ عنه في ذلك العام، وتم الاتفاق بين الطرفين على أن يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم عامه هذا من حيث أتى، ثم يعود في العام القابل لأداء المناسك. وقد تضمن هذا الصلح أن لا يقاتل أحد الفريقين منهم الآخر، بيد أن المسلمين خافوا أن يغدر بهم المشركون، إذا حلوا ببلدهم، وألا يفوا لهم، فيصدوهم عن البيت الحرام، فأمروا بقتالهم إن هم فعلوا ذلك، ومن ثم قال تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا}.
ويلاحظ أن الآية أمرت بالقتال حال مبادأة المشركين بقتال المسلمين، وأكدت ذلك بالنهي عن الاعتداء {ولا تعتدوا}، ما يفهم منه -بحسب ظاهر الآية وسبب نزولها- أن قتال المشركين لا يكون إلا حال اعتدائهم على المسلمين، فإن لم يكن ثمة اعتداء من المشركين -بحسب المفهوم المخالف للآية-، فلا يُشرع للمسلمين قتال المشركين.

ولا عليك أن تعلم هنا -بعد أن وقفت على سبب نزول هذه الآية- أن العلماء أمام هذه الآية على مذاهب ثلاثة:

أولها: أن الآية منسوخة بآيات أُخر، تأمر بقتال المشركين مطلقاً، نحو قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (التوبة:5)، وقوله سبحانه: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} (التوبة:19). ودعوى النسخ هذه ردها الطبري ؛ معللاً ذلك، بأن دعوى المدعي نسخ آية، يحتمل أن تكون غير منسوخة، بغير دلالة على صحة دعواه، تحكم. والتحكم لا يعجز عنه أحد.

ثانيها: أن الآية غير منسوخة، وأن المنهي عنه قتال النساء، والأطفال، ومن لم يُقتل منهم، كالشيخ الكبير، والملازمين لمعابدهم، وقد كُتب إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في المراد بهذه الآية، فقال: (إن ذلك في النساء، والذرية، ومن لم ينصب لك الحرب منهم). رواه الطبري.

ثالثها: أن الأمر في الآية متوجه لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ما يعني أن الأمر بالقتال حال الاعتداء، والنهي عنه حال عدم الاعتداء خاص بالصحابة، وهذا قول مجاهد. وكأنه نظر في هذا إلى سبب النزول، فحمل الآية عليه. وهذا القول غير متجه من جهة أن العبرة في نصوص الشرع بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

والذي ينبغي الاعتناء به هنا أمور ثلاثة:

أولها: أن هذه الآية ينبغي أن تفهم على ضوء غيرها من الآيات الواردة في موضوع القتال والجهاد، بل على ضوء توجيهات الشرع في طبيعة العلاقة مع الآخر.

ثانيها: أن دعوى النسخ لا تصح إلا إذا قام دليل قاطع يثبت أن الآية منسوخة. ومن ثم وجدنا الطبري قديماً يرد دعوى النسخ، ووجدنا كثيراً من المتأخرين والمعاصرين يردونها أيضاً؛ لعدم قيام الدليل القاطع على النسخ.

ثالثها: أن هذه الآية من ضمن آيات أُخر، يعتمد عليها من يقول: إن العلة في جهاد المشركين إنما هي قتالهم للمسلمين، والاعتداء عليهم. ويسمى القائلون بهذا الرأي في الأدبيات الإسلامية المعاصرة أصحاب الجهاد الدفاعي. وبالمقابل، فثمة فريق يرى أن العلة في جهاد المشركين إنما هي الكفر، ويرى أن هذه الآية ونحوها منسوخة بالآيات الآمرة بقتال المشركين مطلقاً، حتى يسلموا، أو يخضعوا لدولة الإسلام. ويسمى القائلون بهذا الرأي أصحاب الجهاد الهجومي.

وعلى الجملة، فإن الذي نحب أن نثبته هنا -بحسب ظاهر الآية وما جاء في سبب نزولها- أن قتال غير المسلم لا يُشرع إلا حال الاعتداء، أو ما يقوم مقام الاعتداء. لكن يبقى هنا أيضاً أمر غاية في الأهمية، وهو أن لا نعزل هذه الآية عن غيرها من الآيات الواردة في موضوع الجهاد والقتال؛ إذ النظر الكلي إلى النصوص يفضي إلى غير ما يفضي إليه النظر الجزئي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.