محمد الصياد وشيريهان أشرف اختلف كثيرون عليها وعن تسميتها وعن إنجازتها, مرت بمراحل ضعف وقوة, انكسار وانتصار, يأس ورجاء، إنها ثورة يوليو 1952 التي لقبت بالكثير من الألقاب واختلفت حولها المسميات وانقسم عليها من أرادوا توصيفها ولكن تبقي انجازتها حاضرة حتي اليوم شاهدة علي ما حققته وإن مرت بسلبيات متعددة ويبقى أيضا سلبيتها محفورة في التاريخ المصري كي يتعلم منها الشعب ولا يعيد التاريخ فيها مرة أخرى. إنّ قوّة الإرادة الثورية لدى الشعب المصري تظهر في أبعادها الحقيقية الهائلة إذا ما ذكرنا أنّ هذا الشعب البطل بدأ زحفه الثوري من غير تنظيم ثوري سياسي يواجه مشاكل المعركة، كذلك فإنّ هذا الزحف الثوري بدأ من غير نظرة كاملة للتغيير الثوري. إنّ إرادة الثورة في تلك الظروف الحافلة لم تكن تملك من دليلٍ للعمل غير المبادئ الستّة المشهورة". هذا القول الذي ورد في الباب الأوّل من "الميثاق الوطني" الذي قدّمه جمال عبد الناصر للمؤتمر الوطني للقوى الشعبية في مايو 1962 يضع الإطار الصحيح لكيفية رؤية "ثورة 23 يوليو" وإنجازاتها ولتطوّر مسارها في مصر وعلى المستوى العربي عموماً. أسباب قيام الثورة كان من أهم أسباب قيام ثورة يوليو استمرار الاحتلال بعد معاهدة 1936م فهذه المعاهدة ما هي إلا استعمارًا مقنعًا؛ حيث ضمنت بريطانيا كل مصالحها في مصر، وجعلت من مصر قاعدة عسكرية بريطانية، كما استمرت بريطانيا بعد هذه المعاهدة تتدخل في شئون مصر الداخلية، خاصة في فترة الحرب العالمية الثانية؛ حيث فرضت الأحكام العرفية في البلاد، وبدأت تضغط على الحكومة المصرية لإعلان الحرب على المحور، وتفرض الوزارات التي ترغب فيها بالقوة العسكرية. هذا إلى جانب استبداد القصر وفساد الحكم فبعد وفاة الملك فؤاد الأول سنة 1936م، خلفه ابنه فاروق في الحكم، وعمره لا يتجاوز 16 سنة، فكان قليل الخبرة السياسية، وانشغل عن الحكم بهواياته الخاصة، وبالتالي تميزت فترة حكمه بانتشار الفساد والرشوة وعدم الاستقرار السياسي، فقد عطل العمل بالدستور، واستغل ظروف تناحر الأحزاب، وأخذ يوقع بينهم الفتن، مما أضعف نشاطها السياسي. وكانت حرب فلسطين 1948م القشة التى قسمت ظهر البعير فقد كانت هزيمة الجيوش العربية، ومن بينها الجيش المصري في حرب 1948م، أهم حدث شهدته مصرفي هذه الفترة، وكانت دافعًا قويًّا لقيام ثورة 23يوليو 1952م؛ لتطهير الجيش المصري من عناصر الخيانة، وإعادة تنظيمه، وتطهير البلاد من الضياع والفساد. بالأضافة إلى سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كما أن الظروف السياسية التي عاشتها مصر قبل ثورة 1952م أثرت سلبيًّا على أوضاعها فكان الشعب المصري يعاني من الظلم والاستعباد وفقدان العدالة الاجتماعية، والفروق الشاسعة بين طبقات المجتمع والتي ظهرت جديًا في الخدمة العسكريه الإلزاميه ، حيث كان هذا الواجب يقتصر على الفقراء فقط من دون الأغنياء الذين كانوا قادرين على دفع الكمال "البدلية" نظير إعفائهم من من الخدمة الإلزامية. كما اقتصر التعليم على الأغنياء فقط، في ظل النظام الفاسد للملك فاروق وحاشيته وسيطرة الاقطاعيين على الأراضي الزراعية، فظل الشعب المصري متحمل كل هذه الإهانات والعوار الأجتماعي الطبقي . نشأة التنظيم وفي صيف 1949 نضجت فكرة إنشاء تنظيم ثوري سري في الجيش، وتشكلت لجنة تأسيسية ضمت في بدايتها خمسة أعضاء فقط، هم: جمال عبد الناصر، وكمال الدين حسين، وحسن إبراهيم، وخالد محيي الدين، وعبد المنعم عبد الرءوف، ثم زادت بعد ذلك إلى عشرة، بعد أن انضم إليها كل من: محمد أنور السادات، وعبد الحكيم عامر، وعبد اللطيف البغدادي، وزكريا محيي الدين، وجمال سالم. وظل خارج اللجنة كل من: ثروت عكاشة، وعلي صبري، ويوسف منصور صديق. في ذلك الوقت تم تعيين جمال عبد الناصر مدرسا في كلية أركان الحرب، ومنحه رتبة بكباشي (مقدم)، بعد حصوله على دبلوم أركان الحرب عام 1951 في أعقاب عودته من حرب فلسطين، وكان قد حوصر هو ومجموعة من رفاقه في "الفالوجة" أكثر من أربعة أشهر، وبلغ عدد الغارات الجوية عليها أثناء الحصار 220 غارة. عاد بعد أن رأى بعينه الموت يحصد أرواح جنوده وزملائه، الذين رفضوا الاستسلام لليهود، وقاوموا برغم الحصار العنيف والإمكانات المحدودة، وقاتلوا بفدائية نادرة وبطولة فريدة؛ حتى تم رفع الحصار في جمادى الآخرة 1368 ه / مارس 1949. شارك عبد الناصر فى دورات خارج مصر منها دورة السلاح أو الصنف في بريطانيا، مما أتاح له التعرف على الحياة الغربية والتأثر بمنجزاتها ، كما كان دائم التأثر بالأحداث الدولية وبالواقع العربي وأحداثه السياسية وتداعيات الحرب العالمية الثانية وانقلاب بكر صدقي باشا كأول انقلاب عسكري في الوطن العربي في العراق سنة 1936، وثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق ضد الإنجليز والحكومة الموالية لهم سنة 1941، وتأميم مصدق لنفط إيران سنة 1951، والثورات العربية ضد المحتل مثل الثورة التونسية والثورة الليبية. قيام الثورة اجتمع مجلس قيادة حركة الضباط الأحرار وقاموا بالفعل بإقرار خطة وضعها "زكريا محي الدين" وذلك بتكليف من "جمال عبد الناصر" ومساعدة "عبد الحكيم عامر"، حيث قامت الخطة على قيام "الكتيبة 13" تحت قيادة "أحمد شوقي" الذي كُلف بالسيطرة على قيادة القوات المسلحة في سرية تامة، وكانت الواحدة صباحا ل يوم الأربعاء الموافق 23 يوليو1952 هي ساعة الصفر لتنفيذ تلك الخطة. وكانت نقطة البداية لاشتعال الثورة داخل منطقة ثكنات الجيش بدءا من العباسية وحتى مصر الجديدة مع الالتزام بكافة الترتيبات المنصوص عليها بالخطة، ومع خطأ عدم إبلاغ قائد ثانٍ الكتبة 13 "يوسف صديق" ب ساعة الصفر شاء القدر أن تنجح ثورة يوليو، حيث تحرك "يوسف" في تمام الساعة الحادية عشر بقواته للسيطرة على مجلس قيادة القوات المسلحة ب كوبري القبة، وبالفعل تمت السيطرة واعتقل على أثرها كل من قابلهم في طريق تنفيذ الخطة بدءا من رتبة "قائم مقام" فيما هو أعلى، وبعدها قام بتنفيذ باقي الخطة والسيطرة على مراكز القيادة بالعباسية والاستيلاء على مبنى الإذاعة هذا إلى جانب المرافق الحيوية ب القاهرة والقيام ب اعتقال الوزراء، ليخرج محمد أنور السادات إلى الشعب المصري مُذيعا البيان الأول من اللواء "محمد نجيب"ليخبرهم بنجاح الثورة.
الثورة تحكم و في صباح الأربعاء 23 يوليو1952 قام نجيب بالاتصال ب السفير الأمريكي حتى يقوم بإبلاغ رسالة إلى القوات البريطانية، أن ثورة يوليو المصرية شأن داخلي لا يقبلون التدخل به وهذا ما أُوضحه بيان الثورة الأول، والذي أكد على حماية ممتلكات الأجانب حتى يضمنوا عدم تدخل القوات البريطانية إلى جانب القصر. وعليه فقد قام الثوار بمباشرة مهام تنفيذ ثورتهم ، وأخذوا بفرض سيطرتهم على الحكم، وبالفعل تم طرد الملك "فاروق" من القصر وأجبروه على التنازل عن حكم البلاد إلى والي عهده أحمد فؤاد، وتم ترحيل الملك وأسرته مستقلين يخت المحروسة إلى إيطاليا. فجاءت هذه الثورة على الحكم الملكي لتنتشل الشعب المصري من المعاناة التي رآها على مدار سنوات طويلة من الظلم والاستعباد وفقدان العدالة الاجتماعية، والشعور بفجوة واسعة ملموسة بين الطبقات في المجتمع المصري، مما أثر بشكل سلبي على التعامل بين الطبقات بعضها البعض.ليصبح يوم 23 يوليو يوم العزة في تاريخ مصر وإعلان