"لقد اجتازت مصر فترةً عصيبةً في تاريخها الأخير؛ من الرشوة، والفساد ، وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبيرٌ على الجيش، وتسبَّب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، وأما فترة ما بعد هذه الحرب، فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمره إما جاهلٌ أو فاسد، حتى تصبح مصر بلا جيش يَحميها..." هذا هو بداية البيان الذي أذاعه أنور السادات صباح يوم 23 يوليو 1952 بعد سيطرة قوات الجيش على مبنى الإذاعة والذي أوضح فيه الضباط الأحرار أنهم ثاروا بشكل واضح لا يقبل أي تشكيك على النظام الملكي الفاسد الذي تزعمه الملك فاروق ودعمه فيه الاحتلال الإنجليزي.. "أسلحة فاسدة أدت للهزيمة في حرب فلسطين..، حريق القاهرة بفاعل مجهول..، عدم تقديم أي حلول واقعية عند عرض قضية مصر واحتلالها الإنجليزي على مجلس الأمم..، انتشار الفساد..، الكثير من الإقطاع والسرقة ونهب الأراضي والحقوق..، عيش المصريين في فقر شديد وبداية اندثار الطبقات المتوسطة نتيجة للثراء الفاحش .." كانت هذه هي أهم الأسباب التي أجبرت عدد من الضباط بالجيش المصري على الشعور بحتمية التغيير، فقد ظلت مصر لأكثر من 1500 سنه لا يحكمها مصري واحد، لذلك اجتمع كل من "جمال عبد الناصر، عبد الحكيم عامر، يوسف صديق، حسين الشافعي، صلاح سالم، جمال سالم، خالد محيي الدين، زكريا محيي الدين، كمال الدين حسين، عبد اللطيف البغدادي، عبد المنعم أمين، محمد أنور السادات، جمال حماد " مع اختيار اللواء محمد نجيب كقائد للحركة لما أشيع عنه من سمعة طيبة وسط الجيش ولخبرته وسنه الكبير..؛ إلا أن نزاعا نشأ بينه وبين جمال عبد الناصر بعد ذلك انتهى بتحديد إقامة محمد نجيب في منزلة حتى وفاته وتولي جمال عبد الناصر لمنصبة". في البداية كانت خطة الثورة موضوعه ليتم تنفيذها عام 1955 إلا أن الملك شعر بأن هناك تحركات لا يستطيع السيطرة عليها في الجيش وأصدر بيانا بتولي اللواء محمد نجيب عدة مناصب أخرى كان احدهم بمثابة نفي كذلك بعد حريق القاهرة تسرب إلى الجيش أنباء عن أن الملك لم يعد يشعر أن له مكانا بين الشعب المصري بعد الآن، وانه كان يرسل ذهبه و أمواله سرا إلى سويسرا، مما أدى لتعجيل القيام بالحركة "المباركة" كما كان اسمها في البداية. تم الاتفاق سرا على أن تكون الثورة يوم 22 يوليو، وبالفعل تم تجهيز كل شيء ووضعت الخطة إلا أن أمورا حدثت في هذه الليلة جعلت من التحرك أمرا مستحيلا، لذلك تم التأجيل ليلة أخرى مما أحبط الضباط..؛ ذهب "السادات" في الليلة التالية إلى "سينما الروضة" وعندما عاد وجد رسالة من عبد الناصر مع "بواب " العمارة تخبره بأن ساعة الصفر قد حانت ، فأبدل ملابسه بالزى العسكري وذهب مسرعا إلى مجلس قيادة الثورة والذي تم تحديده بثكنات الجيش. قامت قوات الجيش بالسيطرة على مقر قيادة القوات المسلحة وأغلقت جميع الطرق المؤدية إليها سيطروا على الإذاعة ، وقصر عابدين، و قصر رأس التين.. لإجبار الملك على التنازل عن العرش..وقد كان. " نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان، لما كنا نطلب الخير دائمًا لأُمتنا ونبغي سعادتها ورُقيها، ولما كنا نرغب رغبةً أكيدةً في تجنُّب البلاد المصاعب التي تُواجهها في هذه الظروف الدقيقة، ونزولاً على إرادة الشعب قرَّرنا النزول عن العرش.." وقع "فاروق" ملك مصر والسودان على نص هذه الوثيقة حيث تنازل عن العرش لابنه الصغير ولي العهد أحمد فؤاد و بعد فترة وجيزة تم إعلان مصر جمهورية حرة مستقلة ، وانتشرت قوات من الجيش في الشوارع تعلن الخبر وترجو من الناس الإلزام بالهدوء ..فألتف حولها الشعب المصري وسماها بعد ذلك "ثورة 23 يوليو 1952". حاول عدد من قوات الجيش الموالية للملك إحباط الثورة إلا أنهم فشلوا، وانتهى الأمر بحبسهم وتحديد إقامتهم..؛ فعندما جاءت صبيحة اليوم التالي كان الملك يودع رئيس الوزراء الجديد "علي ماهر" و السفير الأمريكي بالقاهرة قبل أن يستقل "المحروسة"- يخته الخاص- إلى ميناء نابولي بإيطاليا .."