في زمن تتسارع فيه الضربات الأمنية على الداخل الإيراني، دفعت طهران برجلها "الغامض" إلى مقدمة جبهة الحرب، إذ بات العميد مجيد خادمي، رئيسًا جديدًا لجهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري، في وقتٍ تتزايد فيه التهديدات من كل الجهات، وتتكاثر الأسئلة عن قدرته على ضبط الإيقاع الأمني وسط عاصفة الاغتيالات والاختراقات. تعيين خادمي أعلن اللواء محمد باكبور، أحد أبرز قيادات الحرس الثوري الإيراني، تعيين العميد مجيد خادمي رئيسًا جديدًا لجهاز الاستخبارات التابع للحرس، خلفًا للرئيس السابق للجهاز الذي لم يُكشف عن اسمه رسميًا. اقرأ أيضا | إعلام إيراني: تعين العميد مجيد خادمي رئيسًا جديدًا لجهاز الاستخبارات وتأتي هذه الخطوة، بحسب وسائل إعلام إيرانية، في ظل سلسلة من اغتيالات طالت قيادات أمنية وعسكرية رفيعة، ووسط تصاعد القلق من فشل محتمل في تأمين المعلومات الاستراتيجية والشخصيات العليا في البلاد. التعيين يحمل في طياته رسائل مزدوجة، أبرزها إعادة ترتيب البيت الأمني الداخلي من جهة، والتأكيد على صلابة الحرس الثوري في مواجهة الحرب الاستخباراتية الإسرائيلية من جهة أخرى. رجل الظل تكاد المعلومات الشخصية عن العميد خادمي تكون معدومة، لا تُعرف تاريخ ولادته، ولا مكان نشأته، ولا تفاصيل عن حياته العائلية، ما دفع تقارير محلية إيرانية إلى وصفه ب"الرجل الغامض". لكن على المستوى المهني، يتمتع خادمي بسيرة أمنية طويلة وذات طابع استراتيجي، أبرزها: شغل سابقًا رئاسة منظمة "حماية المعلومات" في كل من وزارة الدفاع والحرس الثوري، وعمل نائبًا لرئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري خلال فترة قيادة حسين طائب، أحد أبرز رموز الأمن الإيراني. في مايو 2018، عُين رئيسًا لجهاز حماية المعلومات بوزارة الدفاع، خلفًا للعميد أصغر مير جعفري، ويحمل درجتين دكتوراه في تخصصي الأمن القومي والعلوم الدفاعية الاستراتيجية، وبحسب مصادر مقربة من الحرس، يتمتع خادمي بعلاقات وثيقة مع البنية الاستخبارية للحرس، ويُعرف بتشدده في ما يُعرف ب"التطهير الأمني الداخلي". أسماء متعددة وهوية واحدة من اللافت أن اسم خادمي ظهر في الإعلام الإيراني بعدة صيغ، منها: مجيد خادمي، مجيد حسيني، وحتى اللحظة، لا يوجد تأكيد رسمي من وزارة الدفاع أو قيادة الحرس الثوري حول اسمه الكامل الحقيقي، ما يعكس طبيعته السرية والمقنّعة، التي تلائم شخصية تقود جهازًا معنيًا بتعقب الجواسيس وكشف الثغرات الأمنية من داخل المؤسسة العسكرية. جهاز "حماية المعلومات" الذي ترأسه خادمي سابقًا، ثم انتقل منه إلى رئاسة استخبارات الحرس، يُعد من أبرز أدوات الحرس الثوري في مراقبة الداخل الأمني، ويتمثل دوره في مكافحة التجسس الداخلي ومنع تسرب المعلومات إلى أطراف أجنبية، ومراقبة الضباط والعسكريين على الصعيد الأمني والسياسي والفكري، ومواجهة أي اختراق فكري أو تنظيمي من تيارات معارضة أو غير منسجمة مع توجهات الدولة. كما يعمل كهيئة مستقلة تحت إشراف مباشر من القائد الأعلى للقوات المسلحة، علي خامنئي، كما أن تعيين أو إقالة رئيس الجهاز يتطلب موافقة القيادة العليا في البلاد، في إشارة إلى حساسية هذا المنصب. ما القادم؟ يأتي تعيين خادمي في وقت تعيش فيه إيران تحديات أمنية حساسة، داخليًا وخارجيًا، أبرزها تكرار استهداف قيادات الصف الأول في الحرس الثوري في غارات نُسبت لإسرائيل، وتسريبات استخباراتية مزعومة دفعت إلى مراجعات أمنية في أعلى المستويات، وتصاعد الضغوط الغربية والإسرائيلية على طهران، خاصة مع فشل النظام في حماية بعض من أبرز أذرعه الأمنية. اقرأ أيضا | أكتوبر انتصارات وبطولات في ندوة ب«علوم حلوان»