لا أحد في إسرائيل يعرف عدد الأنفاق العسكرية في قطاع غزة، فهي تبدو مدينة متكاملة تحت الأرض، لا أحد يعرف أين تبدأ ولا أين تنتهي، لكن تدمير هذه الأنفاق كان وما زال هدفا يضعه معظم القادة الإسرائيليين نصب أعينهم.
وقال تقرير للشرق الأوسط، إن إسرائيل شنت منذ عام 2008 وحتى الآن ثلاثة حروب على قطاع غزة بهدف ضرب بنية حماس التحتية (الأنفاق). بينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ورئيس هيئة أركانه وقادة جيشه واضحين جدا قبل الهجوم الحالي على قطاع غزة بالقول: «نحن نستهدف أنفاق حماس»، فإن هذا الهدف لا يزال يبدو بعيد المنال.
وشنت إسرائيل غارات جوية ودمرت خلال 11 يوما أهدافا عدة في غزة على أمل أن تدمر أنفاقا تحتها، لكن صواريخ حركة حماس ظلت تخرج من تحت الأرض، واستخدم مقاتلوها الأنفاق في شن هجمات صاروخية على مستوطنات قريبة.
وتوجد في غزة أنفاق عامة وأخرى عسكرية، وتتركز العامة في مدينة رفح جنوبا ويبلغ عددها نحو 1200 وتستخدم للتجارة والتهريب وتشرف عليها حماس، وأغلقت مصر معظمها، أما العسكرية فلا أحد يعرف عددها على وجه الدقة.
واستخدمت حماس الأنفاق أول مرة عام 2006، حينها فوجئ الجنود الإسرائيليون عند معبر كرم أبو سالم في نحو الساعة الخامسة قبل الفجر بهجوم قوي بقاذفات الهاون، ودخول سبعة من مقاتلي حماس إلى إسرائيل، وتمكنوا من قتل جنديين وخطفوا آخر، وهو جلعاد شاليط.
وكانت هذه العملية الأكثر شهرة ونجاحا وأثبتت لحماس وإسرائيل على حد سواء نجوع وخطورة الأنفاق.
وعلى مدار السنوات اللاحقة نجح مقاتلو حماس في التسلل إلى إسرائيل عبر الأنفاق، وهاجموا وزرعوا عبوات وعادوا إلى غزة، بينما تقول الحركة إنها تملك وحدة كوماندوز برية مدربة على مستوى عال لتنفيذ مثل هذه العمليات.
وأظهرت لقطات فيديو بثها الجيش الإسرائيلي كيف خرج 13 مقاتلا من حماس إلى مجمع مستوطنات وعادوا إلى غزة عبر عين النفق الطويل. وأظهرت صور نشرتها كتائب القسام وإسرائيل أن الأنفاق العسكرية لحماس ضخمة وكبيرة وطويلة وعميقة للغاية ومتشابكة كذلك ومزودة بكاميرات متقدمة.
وتفاخر حماس بالأنفاق التي تملكها ولطالما نشرت فيديو لمقاتلين يحفرون أنفاقا جديدة وكبيرة.
وتقدر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن حماس تستثمر نحو 140 مليون دولار في السنة لحفر الأنفاق تحت الأرض سواء تلك التي تستعمل لتهريب السلاح من جهة سيناء أم لتنفيذ عمليات في الجانب الإسرائيلي. وتعتقد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن المسافة العامة للأنفاق تمتد إلى كيلومترات عديدة.
وخلال حملة «الرصاص المصبوب» سنة 2008، اكتشفت إسرائيل عدة أنفاق امتد أحدها على طول 300 متر حتى مناطق إسرائيلية. وفي عام 2013، بعد حملة «عمود السحاب»، اكتُشف نفق آخر أثناء عمليات التنقيب كان طوله أكثر من كيلومتر.
أما النفق الأضخم فاكتشف في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وكان بطول كيلومترين ونصف وعمق 18 مترا، وكانت جدرانه مشيدة من 500 طن من الإسمنت، كما كان النفق عريضا بشكل يسمح بنقل جنود ومتفجرات خلال أي مواجهة عسكرية مستقبلية.
وقالت مصادر عسكرية إن النفق يبدأ من مدينة خان يونس جنوب القطاع، وينتهي في حقل زراعي في كيبوتس العين الثالثة. وأظهرت صور للنفق الضخم، أنه كان مجهزا بسكة حديدية خفيفة وعربات نقل سريعة وفتحات جانبية.
وفي هذه الحرب، قال أفيخاي أدرعي الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن جيشه اكتشف 13 نفقا بما فيها خمسة أنفاق تصل إلى الأراضي الإسرائيلية، بالإضافة إلى اكتشاف 34 فتحة أنفاق أخرى ما زالت قوات الجيش تفحصها.
وتستخدم إسرائيل أفضل العلماء لتطوير تقنيات متقدمة تساعدها على إيجاد الأنفاق وتدميرها، وحسب التقارير، مرت المرحلة الأولى لتطوير منظومة خاصة لاكتشاف الأنفاق بنجاح، لكن حماس ترد بأن مقابل كل نفق يكتشف فإنها تحفر ألف نفق.