الجميع يرى أن المشير عبدالفتاح السيسى صاحب الفضل الأول فى نجاح ثورة 30 يونيه، التى أحب أن أعيد وأكرر أنها المد الثورى الثانى لثورة يناير العظيمة، بالعند فى كل الفلول والمرتزقة الذين ركبوا على 30 يونيو ويحاولون تشويه ثورة يناير، فالسيسى راهن بمستقبله ورقبته وكل ما يملك على مساندة الشعب فى ثورته ضد غشومية الإخوان، وقرر أن ينحاز لمطالب الشعب الذى ملأ الشوارع والميادين، وهو ما فرضه عليه انتماؤه العسكرى وواجبه نحو حماية هذا الوطن، والخضوع التام لرغبات الشعب مهما كانت حتى لو وصلت للمطالبة برأس أكبر رأس فى الدولة المتمثل فى رئيس الجمهورية أيًا كان اسمه - واخدين بالنا أيًا كان اسمه فى الماضى أو المستقبل القريب – فهذا هو الدور الذى اعتاد عليه الشعب من جيشه، ولكن فى الحقيقة الفريق السيسى وجد خلال ثورة يناير من يقف خلفه ويشد من أزره، ابتداء من أبناء شعبه الذين بايعوه وساندوه لمواجهة إرهاب الجماعة، وصولاً بالقوات المسلحة بجميع قياداتها وضباطها وأفرادها، نهاية بجميع مؤسسات الدولة ورموزها، وهو ما يجعل أى شخص يتحمس لمساندة هذه الثورة، وهو ما لايقلل دور المشير عبدالفتاح السيسى فى ما قدمه لمصر، ولكن فى الحقيقة حالة الاحتفاء بدوره الذى ركز عليها الإعلام بغباوة، جعلنا جميعاً نغض الطرف، عن رجل بحجم وقيمة المستشار عدلى منصور، الذى لم يكن معه سوى الله عندما قرر ووافق على أن يتولى منصب رئيس الجمهورية المؤقت طبقاً للدستور المصرى، بصفته رئيساً للمحكمة الدستورية العليا، هل فكر أى شخص كيف مرت هذه الليلة التى علم فيها عدلى منصور بأنه سيتولى أمور الحكم فى مصر بشكل مؤقت بعد خلع الإخوان، وكيف واجه مخاوفه وهواجسه من انتقام الإخوان منه سواء عاجلاً أم آجلاً، لأنهم لن ينسوا أن هذا الرجل هو أحد العوامل الرئيسية فى خلع حكمهم والإطاحة بهم، وأنه فى غضون شهور سيرحل عن الحكم ويصبح صيداً ثميناً لهم بعد رحيل الحراسات وجميع سبل التأمين التى ينعم بها حالياً، من المؤكد أن المستشار عدلى منصور فكر فى هذا الأمر كثيراً، ولكن وطنيته وإيمانه جعله يطرد كل هذا الأفكار من ذهنه ويوافق على قبول المنصب، وتخيلوا معى أيها المطبلاتية للمشير السيسى، لو أن المستشار عدلى منصور قرر أن يرفض فكرة قبوله لمنصب الرئيس المؤقت خلال المرحلة الانتقالية الحالية، أو أنه رفض من الأساس فكرة خلع المعزول محمد مرسى، أو صنع ما صنعه البرادعى المغرد الغندور وشجب فض اعتصامات رابعة وقرر الهروب واكتفى بتشيير مقاطع من أغنية حمزة نمرة! كيف كانت ستسير الأمور فى مصر، وما سيكون موقف المشير السيسى والقوات المسلحة والشعب بأكمله إذا ما فعل المستشار عدلى منصور أيًا من الأفعال السابقة، الإجابة عن هذا التساؤلات غاية فى الصعوبة، وهو ما يجعلنى أدعو الجميع من مثقفين ومسئولين وفى مقدمتهم المشير السيسى أن يفكروا فى تكريم يليق بما صنعه المستشار عدلى منصور، بعيدًا عن النياشين والتكريمات الركيكة التى لا تغنى ولا تسمن من جوع، ربما يكون تكريم هذا الرجل هو أن نطلق اسمه على إحدى المدن، مثلما فعل الأمريكان برئيسهم جورج واشنطن، أو يحمل قصر الرئاسة اسمه إلى الأبد، هذه مجرد مقترحات، لتكريم رجل غامر بحياته ومستقبله ليساند ثورة، وستمر شهور قليلة ليتخلى عن كرسى الحكم ويعود لحياته الطبيعية بعيداً عن الأضواء، فدعونا نحاول أن نمنحه قدراً من التكريم يليق بما قدمه لمصر. هذا المقال نشرته فى شهر مارس الماضى قبل أن يفكر أى شخص فيما قدمه المستشار عدلى منصور لمصر، وبالطبع لم يلتفت إليه أى شخص لأن الإعلام وقتها كان لا يعرف سوى التطبيل للمشير السيسى وهو للأسف ما أوصل المرحلة الانتخابية لما نعانيه الآن من عزوف عن التصويت بعد أن نجح الإعلام فى ترسيخ فكرة أن السيسى هو الرئيس القادم دون منازع حتى ولو لم يذهب أى شخص لانتخابه، فكانت النتيجة علامات الذهول والحسرة التى كست وجوه جميع إعلاميى مصر أثناء تغطيتهم لعملية التصويت، وأعود مرة أخرى لأذكر الجميع بالدور العظيم الذى قام به المستشار عدلى منصور لإنقاذ هذه البلد من الضياع، وحتى كتابة هذه السطور لا أعلم بماذا ستكرم الدولة هذا الرجل العظيم الذى سيظل يتذكره شرفاء هذا الوطن للأبد.