تعقيبا على تطورات الأوضاع فى ليبيا وتصدى الجيش الوطنى الليبى للمجموعات الإرهابية تحت قيادة اللواء خليفة حفتر وفى اطار عملية كرامة ليبيا صرح المستشار الدكتور مساعد عبد العاطى خبير القانون الدولى أن السياق الزمنى الأن يختلف كثيرا عن الظروف الأمنية التى مرت بها ليبيا وقت الرئيس الراحل القذافى حينما استدعت تلك الظروف تدخل قوات الناتو واضاف الدكتور عبد العاطى فى تصريحات خاصة ل"الفجر" ، أن تدخل قوات الناتو فى ليبيا تم بغطاء قانوني من مجلس الأمن الدولي بموجب القرارين الشهيريين رقمي 1970،1973 بالتدخل للحماية الانساتية ، وتم ذلك بناءا علي طلب جامعة الدول العربية من حلف شمال الاطلنطي بالتدخل ،حيث يجيز ميثاق الحلف له بالتدخل العسكري متي طلبت منه ذلك منظمة اقليمية أو دولية ، حيث أن نص المادة الأولي من ميثاق الحلف المذكور تنص علي أن الحلف يلتزم بمبادئ واهداف ميثاق منظمة الأممالمتحدة ويسير علي نهجها
واستبعد الدكتور عبد العاطى تكرار مثل هذا السيناريو الآن على الرغم من الاضطرابات الأمنية التى تشهدها ليبيا وذلك لاختلاف السياق الزمنى من حيث أولا مصر الآن فى حالة اكثر استقرارا عن الوضع الذى كانت عليه عقب ثورة يناير والذى منعها من الحيلولة دون وقف قرار الجامعة العربية بالتقدم لمنظمة شمال الاطلنطى بالتدخل العسكرى فى ليبيا أما الأن فمصر خاصا بعد الانتخابات الرئاسية ستكون فى وضع سيمكنها من القيام بدورها التاريخى تجاه أمتها العربية ثانيا روسيا والصين لن تسمحا باتخاذ أية اجراءات ضد ليبيا تحت الفصل السابع عبر آلية الفيتو وذلك على خلفية التجاذبات السياسية بينهما وبين الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة المتعلقة بأزمة اوكرانيا
واكد الدكتور عبد العاطى أن الأممالمتحدة الآن فصاعدا ستشهد صراعا قانونيا سياسيا بين تكتلين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى من ناحية وروسيا والصين من ناحية أخرى مشيرا إلى أن أزمة اوكرانيا كشفت عن هذا الصراع الذى هو عبارة عن اعادة تدوير للصراع القديم بين الكتلة الشرقية - حلف وارسو - بزعامة الاتحاد السوفيتى والكتلة الليبرالية - حلف الناتو - بزعامة الولاياتالمتحدة ولكن بصيغة جديدة تتسق والمتغيرات التى شهدها الواقع الدولى عقب انهيار الاتحاد السوفيتى وانتهاء المعيار الايديولوجى كوقود للصراع وبما يتسق أيضا مع النظام التعددى الذى يجنح إليه النظام العالمى مشيرا إلى أن الواقع الدولى الآن بصدد افراز تكتلين دوليين روسيا والصين فى جانب والاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة فى جانب آخر وهو نظام يشابه لحد بعيد النظام القديم الثنائى القطبية ولكنه اكثر مراعاة للأوزان النسبية للقوى الدولية العاكسة للتكتلات الاقتصادية التى فرضت نفسها على الواقع الدولى
كما اكد الدكتور عبد العاطى أن هذا الواقع الدولى بهذه الملامح سيقود الأممالمتحدة إلى مزيد من افتقاد مصداقيتها كمظلة جامعة وعادلة لكل الدول الأعضاء ويحيلها إلى مرآة تعكس ذلك الصراع القانونى السياسى عبر آلية رئيسية وهى الفيتو التى لن تعد تقوض فقط اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحقيق العدالة الإنسانية كما يحدث ازاء القضية الفلسطينية وإنما ستقوض تحقيق المصالح بين الدول دائمة العضوية انفسهم مشيرا إلى كلمة مندوب فرنسا فى الأممالمتحدة أنه يجب تعديل آلية استخدام حق الفيتو فى حالة ارتكاب مجاذر جماعية
واوضح الدكتور عبد العاطى أن هدف مندوب فرنسا لا يراعى تحقيق العدالة ولكنه تعبير عن الصراع الداخلى بين الدول الخمس صاحبة حق الفيتو والتى تمثل سورياواوكرانيا وقوده الأمر الذى سيجعل القانون الدولى ينجرف لهوة سحيقة من الصراع السياسى ستفقده ما تبقى له من فاعلية
وتابع الدكتور عبد العاطى اتصور أن هذا الصراع سيزيد الحاجة والتى اصبحت ماسة إلى اعادة هيكلة ميثاق الأممالمتحدة خاصا فيما يتعلق بحق الفيتو بحيث تمثل الدول الأعضاء فى الأممالمتحدة تمثيلا اكثر عدالة واختتم حديثة باثارة عدة أسئلة طرحها هل سيئول الصراع الداخلى بين الدول الخمس دائمة العضوية اضافة إلى المانيا بثقلها الاقتصادى والسياسى إلى مرحلة الصراع العسكرى لانعدام التوافق ؟ وما هى ملامح منظمة الأممالمتحدة فى اطار هذا الصراع على المستوى المتوسط والبعيد المدى ؟ وما هو المستقبل الذى ينتظر باقى الدول الأعضاء التى تبحث عن عالم اكثر عدالة ؟