اعتبرت صحيفة ال "كريستيان ساينس مونيتور" ان العام الحالي كان مهماً بالنسبة لدولة قطر، التي شغرت منصب رئاسة جامعة الدول العربية منذ الربيع الماضي. لكن في الوقت الذي تستعد فيه قطر لتسليم الشعلة إلى العراق هذا الأسبوع، برزت تساؤلات حقيقية عن مدى استدامة دور قطر القيادي في المنطقة. وبات الاستياء من جهود قطر واضحاً في كل من ليبيا ومصر، فيما بدأ صبر الخليج ينفذ تجاه جرأة قطر في المنطقة. وربما الأهم من ذلك كله، هو ابتعاد قطر عن الحياد واعتمادها جدول أعمال خارجي أكثر نشاطاً قد يشكل تحديات كبيرة في المستقبل المنظور. ونقلت الصحيفة عن كريستيان كوتس اولركسون، خبير في شؤون السياسة الخليجية في جامعة لندن للاقتصاد قوله إن "قطر بدأت تفقد سمعتها كدولة حيادية. انها تلعب لعبة سياسية للغاية، وهذا قد يؤدي إلى عواقب تطاردها". واعتبرت الصحيفة ان قطر لطالما كانت بمثابة "سويسرا الشرق الأوسط"، وهي بلد صغير محايد، تربطه علاقات ودية بالجميع من ايران الى الولاياتالمتحدة الاميركية. ولعل حقيقة ان قطر لديها علاقات جيدة مع الجميع تقريباً، جعلتها لاعباً لا يقدر بثمن عندما بدأ الربيع العربي. كما انها تملك العديد من الأوراق القوية مثل المال، الطموح، وقناة الجزيرة، الفضائية الاخبارية الشهيرة. في هذا السياق، اعتبر سلمان الشيخ ، مدير مركز بروكنغز الدوحة، ان "القطريين رأوا ان هناك نظام جديد في المنطقة يعيد تشكيل الشرق الأوسط، أرادوا ان يكونوا جزءاً من هذا التغيير، وأن يكون لهم دوراً قيادياً فيه". من جهته، اشار أولركسون إلى أن "قطر تستطيع تحقيق الكثير، فيمكنها تمويل وتسليح حركة معارضة في شهر واحد، بطريقة لا يستطيع الغرب تنفيذها". وبعد الإطاحة بالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، تلقت قناة الجزيرة القطرية إشادة لتغطيتها أحداث ميدان التحريري، وتعهدت قطر بتقديم استثمارات بقيمة 10 مليار دولار لدعم الاقتصاد المصري المتعثر. وخلال الثورة في ليبيا، ارتفعت الأعلام القطرية بشكل بارز في معاقل الثوار في بنغازي. وتوجه راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة الاسلامي، الذي هيمن على أول انتخابات ما بعد الثورة في تونس، إلى قطر كأول دولة في جولة ما بعد الانتخابات التونسية. القوى الكبرى مستاءة من غرور قطر ولم تستغرق الأمور وقتاً طويلاً حتى بدأ البعض في مصر، ليبيا، وتونس بالتساؤل عما إذا كانت الجهود القطرية تقتصر على التضامن فقط. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، اتهم رئيس الوزراء الليبي المنتهية ولايته محمد جبريل الدوحة بالتمويل الانتقائي لبعض الفصائل المتمردة. ويقول المراقبون إن قطر لعبت ايضاً دور الدعم التفاضلي بتمويل ودعم الاخوان المسلمين، كما ان الدوحة أرجأت استثماراتها الموعودة لدعم الاقتصاد المصري. ويقول التونسيون الذي يعارضون علاقات الصداقة بين الدوحة وحزب النهضة، إن قطر عملت على تمويل الحزب ليفوز في الانتخابات. وقال العديد من الليبراليين التونسيين إن حزب النهضة الإسلامي قد حصلت على الموارد اللازمة لتمويل انتصاره المدوي من "اموال قطر." وأشارت ال "ساينس مونيتور" إلى أن الدول المعارضة للتدخل في سوريا باتت أكثر عداءً تجاه قطر، إذ ذكرت التقارير الإخبارية في مطلع شهر شباط/فبراير، أن مبعوث روسيا لدى الاممالمتحدة هدد وزير الخارجية القطري، وقال له ولبلاده: "عودوا إلى حجمكم". إلى جانب ذلك، بدأ العرب ينأون بأنفسهم عن النشاط في قطر، فالغنوشي على سبيل المثال، سارع لتبرير زيارته الى الدوحة مشدداً على أنها شخصية. كما رفض متحدث باسم المجلس الوطني السوري أيضاً الحديث عن أي ارتباط مع قطر في الشهر الماضي. وأكد مستشار الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري أسامة المنجد: "ليست هناك علاقة خاصة مع قطر. الدوحة مجرد مكان جيد لعقد اجتماع".