روبيو يكشف ملامح السياسة الخارجية المقبلة لواشنطن: ما وقع في غزة كان من أكبر التحديات .. لا يمكن لحماس أن تبقى في موقع يهدد إسرائيل..الحرب الروسية الأوكرانية ليست حربنا    وزير الخارجية الأمريكي: لن نفرض على أوكرانيا اتفاقا بشأن إنهاء الحرب    علي ناصر محمد: الاتحاد السوفيتي تدخل في الشأن اليمني الجنوبي واستهدف سياساتي الإقليمية    كأس عاصمة مصر – بتروجت يتصدر بانتصار على الإسماعيلي.. وفاركو يعود ب 3 نقاط من المحلة    غدا، محاكمة 11 متهما بخلية داعش الهرم    مصر تستعيد عرش التلاوة.. كيف نجح «دولة التلاوة» في صناعة جيل قرآني "عابر للقارات"؟    ندوة نقدية بمهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير حول تجارب الأفلام المشاركة    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    الأطباء: حادث استشهاد طبيب قنا يفرض تساؤلات مُلحة حول تأمين القوافل الطبية.. الإجراءات الشكلية لا تكفي    رئيس الطائفة الإنجيلية ومحافظ أسيوط يبحثان تعزيز التعاون    لافروف: المحادثات الأمريكية الروسية لا تحتاج إلى مساعدة أوروبا    انخفاض درجات الحرارة وشبورة كثيفة على الطرق.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد ختام مشروع منحة FEXTE الفرنسية لتعزيز منظومة التأمين الصحي الشامل    مدبولي: برنامج مصر مع صندوق النقد وطني بالكامل وصيغ بإرادة الدولة    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية تفتتحان حديقة مدينة ناصر العامة في سوهاج    الداخلية تضبط 3 سيدات بالإسكندرية للإعلان عن أعمال منافية للآداب    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    تركيا ترحب برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بموجب قانون قيصر    اليوم.. ريم بسيوني تكشف أسرار تحويل التاريخ إلى أدب في جيزويت الإسكندرية    مصر تستضيف وفدا رفيع المستوى من منظمات الطيران المدني الدولية.. وإطار تعاون لتعزيز الشراكات وبناء القدرات    جوارديولا يحسم الجدل حول مستقبله مع مانشستر سيتي    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    حقيقة انتشار الأوبئة في المدارس؟.. مستشار الرئيس يُجيب    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    شاب من مركز "قوص بقنا" يُعلن اعتناقه الإسلام: "قراري نابع من قناعة تامة وأشعر براحة لم أعرفها من قبل"    محافظ المنيا يعلن افتتاح 4 مساجد في 4 مراكز ضمن خطة وزارة الأوقاف لتطوير بيوت الله    لافروف مشيدا بمصر: زيادة التبادل التجاري وتعاون استراتيجي في قناة السويس    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    تحذيرات أمريكية من شبكة تطرف على الإنترنت تستغل المراهقين    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية لنادي الجزيرة    لقاء أدبي بفرع ثقافة الإسماعيلية حول أسس كتابة القصة القصيرة    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    "المفوضية الأوروبية" تقرر خفض فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلًا من 20%    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    زراعة سوهاج: حملة إزالة فورية للمخلفات الزراعية بقرية الطليحات لمركز جهينة    تعرف على مسرحيات مبادرة "100 ليلة عرض" في الإسكندرية    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    موعد مباريات المجموعة الأولى بأمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    مصرع عامل وإصابة شاب فى حادثين بالجيزة    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ قنا يشهدون احتفالية بقصر الثقافة    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الباز يكتب : خطة الإخوان لإنقاذ محمد مرسى بتقارير إصابته بالجنون
نشر في الفجر يوم 10 - 11 - 2013

كنت قد انفردت قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بوثائق تؤكد إن محمد مرسى أجرى عملية جراحية لإزالة ورم خبيث من المخ فى العام 2006، وأن الورم ارتد عليه مرة أخرى، مما استدعى إجراءه العملية مرة أخرى، وقتها أكد خبراء فى مجال الطب أن ارتداد الورم بهذه الطريقة معناه أنه يمكن أن يعودة مرة أخرى للرجل وهو يحكم، ثم أن هذا الورم يمكن أن يؤثر على وظائف عمل المخ.. وقد أشارت بعض التقارير الطبية إلى أنه يتناول بعض الأدوية للعلاج من الصرع.

وقتها قامت قيامة حملة محمد مرسى الرئاسية وشككوا فى هذه التقارير وأرسلوا لنا تقريرا طبيا حمل تاريخ 14 يونيو 2012، كان التقرير عبارة عن رسالة من السيد « أر اس سى كير» زميل كلية الجراحين الملكية، وهو استشارى جراحة الأعصاب، وجاء فيها: إلى من يهمه الأمر.. هذا الخطاب لتأكيد أن العناية بالأستاذ محمد العياط فى مارس 2008 كانت من أجل جراحة إزالة ورم حميد بالأغشية التى تحيط بالدماغ والنخاع الشوكى (ورم بسحايا المخ) أثناء الجراحة تمت إزالة الورم بالكامل، وأكدت تقارير الأنسجة طبيعته الحميدة، وفى الواقع فنظرا لطبيعة الورم الحميد نحن لا نتوقع أن يتكرر ظهوره مرة أخرى، وضمن الإجراءات الاحتياطية المعتادة فى أعقاب العملية الجراحية، تم علاجه بالأدوية المضادة للاختلاج، ولكن تم إيقافها فى مرحلة مبكرة من بعد العملية الجراحية.

لماذا نقول هذا الكلام الآن، ولماذا نعيد نشر هذا المستند الذى أظهرته حملة مرسى الرئاسية قبل جولة الإعادة؟

السبب ببساطة أن هناك دعوات أخشى أن يقع فيها كثيرون، وهى دعوات تشبه الفخ، لأن من يقفون وراءها يطالبون بتوقيع الكشف على محمد مرسى للتأكد من سلامة قواه العقلية بعد الأداء الهزلى الذى بدا به وعليه فى قفص الاتهام أثناء المحاكمة فى قضية قتل المتظاهرين.

الدعوة وراءها الإخوان ما فى ذلك شك، لكن المشكلة أن هناك من يسير وراء الدعوة دون تعقل، فإثبات أن مرسى مختل عقليا يمكن أن يقوده إلى البراءة، لأن خلله العقلى معناه أنه ليس مسئولا عن أقواله ولا تصرفاته ولا أقواله، وعليه سيخرج الرجل بريئا، وهو ما لا يرضاه أحد، فهناك أدلة قاطعة على تورطه فى التحريض على قتل المتظاهرين والتخابر وإهدار المال العام وإهانة القضاء، وهى القضايا التى ستقوده حتما إلى حبل المشنقة.

يلعب الإخوان بهذه الورقة بعد أن تأكدوا أن المحاكمة ستسير فى طريقها فلا تراجع عنها ولا خضوع لابتزاز الجماعة، وليس بعيدا أن تظهر التقارير التى أكدنا من خلالها أن مرسى أجرى عمليات جراحية لإزالة ورم خبيث من مخه مرة أخرى، وهى التقارير نفسها التى نفاها الإخوان وادعوا كذبا أنها ملفقة.. لن نلتفت نحن إلى هذه التقارير وسنتمسك بتقرير مرسى الأخير الذى أكد فيه أنه سليم معافى، وما دام هو كذلك فلا أقل من أن ينال جزاءه على كل ما اقترفته يداه.

القتلة.. الذين لم يدخلوا قفص الاتهام مع مرسى -

دخل قفص الاتهام 11 متهما بقتل المتظاهرين فى مذبحة الاتحادية 5 ديسمبر 2012، عددهم 14 على رأسهم محمد مرسى، وهنا ثلاثة هاربين هم أحمد المغير رجل خيرت الشاطر البلطجى – وبلطجى هذه للمغير وللشاطر معا – وعبد الرحمن عز ووجدى غنيم الذى ينتحل صفة داعية وتهمته التحريض على القتل من خلال مجموعة من الفيديوهات التى بثها عبر اليوتيوب يطالب فيها أنصار الإخوان أن يتوجهوا إلى قصر الاتحادية لحماية الرئيس والدفاع عن الشرعية.

لكن هل هؤلاء هم كل المتهمين.. هل هؤلاء هم كل القتلة الذين يجب أن يدفعوا ثمن جريمتهم؟

الإجابة الواضحة والقاطعة بالنسبة لى هى لا بالطبع.

لا أناقش قرار الإحالة.. ولا أريد أن أعدل على عمل النيابة وجهات التحقيق التى حصرت الاتهام فى هؤلاء الأربعة عشر.. ولكن الوقائع المثبتة تقول إن هناك متهمين آخرين، قد يكونوا اعتصموا بالصمت.. قد يكونوا تخفوا وراء مناصبهم، لكنهم فى النهاية شركاء فى الجريمة من واقع مسئوليتهم.. من هؤلاء ثلاثة لابد أن نشير إليهم.

المتهم الأول هو محمد بديع مرشد الجماعة المحظورة.. الذى خرج فى اليوم التالى مباشرة لمذبحة الاتحادية ليكذب علينا جميعا ويدعى أن جميع من ماتوا شهداء.. هذا الرجل فى النهاية هو مرشد الجماعة، والمفروض أنه لا يصدر قرار يخص أعضاءها إلا بعد موافقته شخصيا، وهو ما حدث بالفعل، فلم تتحرك ميليشيات الجماعة متجهة إلى قصر الاتحادية للاعتداء على المتظاهرين إلا بعد أن وافق محمد بديع على تحركهم، وهو ما يجعله متهما، لأنه شارك فى الجريمة، وكان لابد من سؤاله بشكل واضح واتهامه بشكل أوضح.

المتهم الثانى هو خيرت الشاطر ليس لأنه نائب المرشد العام الأول، والذى كان يدير الجماعة فقط، ولكنه المسئول المباشر عن تمويل ميليشيات جماعة الإخوان التى قامت بمهمة الاعتداء على المتظاهرين وقتلهم، وإذا كان تحرك هذه الميليشيات لا يتم إلا بقرار من بديع، فإنهم لا يتنفسون إلا بإذن من خيرت الشاطر الذى دفعهم من أجل حماية مرسى والذود عن قصر الاتحادية.

لقد أجرى محمد مرسى اتصالات بقيادات الإخوان – طبقا لشهادة قائد الحرس الجمهورى اللواء محمد زكى، وبعد الاتصالات دفع الإخوان بحشودهم أمام قصر الاتحادية، اتصالات محمد مرسى كانت للاستغاثة بعد أن رفض قائد الحرس فض الاعتصام بالقوة وبعد أن سحب وزير الداخلية رجاله حتى لا يعتدى على المعتصمين.. ولم يكن الاتصال إلا بخيرت الشاطر، ويمكن للأجهزة الأمنية أن تحصل على هذا الاتصال بسهولة.. فهو الاتصال الذى يدين خيرت الشاطر ويبرز مسئوليته عن قتل المتظاهرين.. خاصة أنه خرج فى اليوم التالى فى مؤتمر صحفى ليكشف ما أسماه وقتها المؤامرة الكبرى من قوى المعارضة على الرئيس فى إشارة واضحة إلى أن مذبحة الاتحادية لم تكن إلا ردا على هذه المؤامرة، أشار خيرت إلى أنه يمتلك تسجيلات على جهات عديدة.. وفى هذا دليل كاف على أنه وبنفسه كان يدير المعركة ويرد على معارضى الجماعة والرئيس.

المتهم الثالث هو سعد الكتاتنى.. رئيس حزب الحرية والعدالة.. الرجل كان مسئولا وبشكل مباشر عما قام به ميليشيات جماعة الإخوان الذين ينتمون أيضا إلى حزب الحرية والعدالة، ويكفى أن رجال الأمن عثروا فى عدد من مقرات الجماعة والحزب على أسلحة، بما يعنى أن الحزب الذى كان يرأسه الرجل كان ترسانة لتخزين الأسلحة التى استخدمها الإخوان المسلمين فى معاركهم ضد خصومهم.

قد يقول البعض أننا نبالغ فى عدائنا مع الإخوان المسلمين، وأننا نريد الإعدام لهم جميعا، فلا يوجد دليل على اشتراك هؤلاء فى عمليات القتل التى أجرتها الجماعة ضد خصومها.

سأقول دعنا من هؤلاء، لكن لابد أن نتوقف عند اثنين كان غريبا أن يتم استبعادهما من قرار الاتهام، خاصة أن واحدا منهما تم التحقيق معه بالفعل فى قضية قتل المتظاهرين، لكن قرار الإحالة لم يشمله.

أتحدث تحديدا عن السفير محمد رفاعة الطهطاوى رئيس ديوان رئيس الجمهورية، الرجل كان موجودا فى قصر الاتحادية أثناء المذبحة، وطبقا لشهود عيان ممن تم تعذيبهم أن الطهطاوى كان يشرف بنفسه على عمليات التعذيب،بل إنه أفسح مكانا فى قصر الاتحادية لأسرى الإخوان الذى تم التعامل معهم بطريقة بشعة،وإذا اعتبرت ما قاله أحدهم من أن الطهطاوى كان يقيد أسرى الإخوان بنفسه قبل نقلهم إلى داخل القصر لتعذيبهم، سأقول لك على الأقل أشرف الرجل على عمليات التعذيب، وهو ما يجعله متهما ومدانا ولابد أن يدفع ثمن ما اقترفته يداه.

الطهطاوى ليس وحده فى هذه الجريمة، فهناك أيضا المستشار محمود مكى الذى كان نائبا للرئيس وقتها، وكان يقف قبل مذبحة الاتحادية بدقائق قليلة أمام الصحفيين فى مؤتمر صحفى حاشد، كان يستعرض فيه نتائج الحوار الوطنى، وقال كلمته التى اعتبرها البعض إشارة بدء لميليشيات الإخوان بأن يتحركوا، قال مكى: إذا لم يتم التفاهم بين القوى السياسية فساعتها سيكون البقاء للأقوى.

اعتبر متابعو المؤتمر أن ما يفعله مكى ليس إلا محاولة منه للتغطية على ما يحدث خارج أسوار الاتحادية، فالفضائيات حتما ستتابع ما يقوله نائب الرئيس ولن يكون لديها وقت تتابع فيه أو به ما يحدث خارج القصر، وبذلك يكون مكى قد نجح فى التغطية التى تحدث تحت أسوار القصر الذى يتحدث منه، عندما وصل هذا المعنى لمكى أنهى مؤتمره، مدعيا أنه لا يفعل ذلك أبدا، لكن ما جرى كان قد حدث بالفعل، ولم ينفع مكى انهاؤه للمؤتمر بسرعة وعلى عجل.

لقد شارك الإخوان المسلمون كثيرون ممن عملوا معهم فى جرائم القتل والفساد والتخريب ربما دون وعى وربما بحسن نية، لكن من قال إن حسن النية يمكن أن يكون مبررا للنجاة.. إننى أتهم الطهطاوى ومكى بالاشتراك فى قتل المتظاهرين وكان يجب أن يكونا فى القفص إلى جوار مرسى.. وليسوا حرين طليقين وكأنهما لم يشاركا المجرمين فى جريمتهم.. ولم يعينوا الظالمين على ظلمهم.

الأراجوز وأهله وعشيرته فى القفص -

كان يمكن لمحمد مرسى أن ينتهز فرصة ظهوره فى المحكمة ليعرض على الشعب المصرى قضيته التى يعتقد أنها عادلة، كان يمكن له أن يتحدث حديثا عاقلا عما جرى له ومعه عله يقنع الجماهير التى احتشدت لمتابعة محاكمته يستجلب به تعاطف من خرجوا لعزله... لكنه وكعادته أضاع الفرصة كما أضاع فرصا كثيرة خلال عام كامل حكم فيه مصر.

حاول محمد مرسى أن يظهر فى صورة الرئيس، نزل من الميكروباص ليغلق الجاكت فى حركة رئاسية ملحوظة، وخطا بين طاقم الحراسة خطوة بروتوكولية وكأنه ينتظر أن يحييه من رآه، لكنهم تجاهلوه، ولم يلتفتوا إلى استيائه الشديد من التعامل معه باستهانة، وعندما دخل القفص بدأ العرض الهزلى الذى قررهو ورجاله أن يقوموا به.

1

سيناريو الهبل على الشيطنة

تعرض الإخوان المسلمون إلى محاكمات عسكرية كثيرة خلال عصر مبارك، لكنهم خلال هذه المحاكمات لم يتعاملوا باستهانة مع المحكمة، كانوا خاضعين تماما لكل ما يطلب منهم، صحيح أنهم كانوا يهتفون فى القفص، لكنهم فى النهاية كانوا يتوقفون عندما يطلب منهم ذلك... هذه المرة تجاوزوا كل الحدود، كانوا يريدون إفساد المحاكمة، وكان محمد مرسى يريد أن يهزم النظام والقاضى والشعب كله، حتى يثبت للعالم أنه على حق، وبدلا من أن يقول شيئا معقولا ذهب ليركب حالة من الاستعباط السياسى التى لم يلتفت لها القاضى وسار بالمحاكمة إلى نهايتها التى اقتضت التأجيل لمدة شهرين، وهو ما يتناسب مع حجم أوراق القضية، حيث وصل عددها إلى 20 ألف ورقة.

المشهد كان عبثيا، حاول مرسى أن يبعث برسائل إلى أهله وعشيرته – بعضهم كان معه فى القفص وتعاملوا معه كرئيس صفقوا له عندما دخل – أنه ثابت وأنه قوى، وأنه يسيطر على الموقف، لكن ما وصل للمصريين أنه رجل تافه تماما، لا يدرك أبعاد الموقف الذى تعرض له، بل تأكد للجميع أن رجلاً بهذه المواصفات والخصال لم يكن منطقيا ولا معقولا أن يحكم بلدا كبيرا مثل مصر.

مرسى دخل المحكمة وهو يواجه اتهامات تقوده إلى حبل المشنقة، وهناك أدلة قاطعة عليها، إلا أنه تحدث عن شرعيته، بل طلب من القاضى أن يمكنه من الخروج لأنه بذلك يعطله عن ممارسة مهام عمله، وهو رئاسة الجمهورية، وهو كلام يؤكد أن الرجل خارج الزمن أو أنه يعيش فى واقع افتراضى، فأى مهمة تلك التى يتحدث عنها، وأى رئاسة تلك التى يقصدها، وأى بلد ذلك الذى ينتظره.

2

هزيمة التنظيم الدولى فى المحكمة

كانت الخطة التى عمل التنظيم الدولى على وضعها لإدارة المحكمة، أن يحضر محمد مرسى ولا يتحدث، فقط يشير إلى أنه لا يعترف بالمحكمة ولا بالقاضى، وبعد ذلك يصمت تماما ولا يرد على أى سؤال هو وأى من الذين يحضرون معه، وذلك حتى يضع المحكمة ومن وراءها من يريدون محاكمته فى حرج، إلا أن الخطة تغيرت فى اللحظة الأخيرة، فلو أن مرسى صمت فإنه بذلك يكون متهما تنازل عن حقه القانونى فى الدفاع عن نفسه، ولذلك تم استبدال سيناريو الصمت بسيناريو الفوضى.

كانت خطة التنظيم الدولى تقوم على استغلال الحدث الذى سيكون محط اهتمام العالم كله فى إفساد ما يسمونه انقلابا، ولم يكن السيناريو قائما على الفوضى فقط، ولكن فى نقل رسائل من السجناء إلى إعلاميى العالم، وهو ما يفسر لجوء عصام العريان إلى إلقاء بيان باللغة الإنجليزية، ولم يخرج ما قاله فيه عن الترهات التى رددها عن بطلان المحاكمة وأن محمد هو الرئيس الشرعى.

اعتقد أعضاء التنظيم الدولى أنهم يمكن أن يعتمدوا على محمد مرسى ومن معه لتنفيذ خطتهم، إلا أن الرئيس الفاشل خيب ظنهم كالعادة، ولم يستطع أن يحقق أيا من أهدافه من حضور المحاكمة، التى ظن كثيرون أنه لن يحضرها، وكأن بعقليات من يقودون التنظيم لا تختلف فى قليل أو كثير عن عقلية محمد مرسى ورجاله، وهى عقلية لا تقود إلا إلى الخراب على الجماعة والوطن.

3

النفس الأخير قبل دفن الجماعة

فى اليوم التالى لمحاكمة محمد مرسى دعا الإخوان إلى مظاهرات حاشدة للتنديد بما جرى فى المحاكمة، وكأنهم يريدون تغطية فشلهم فى تعطيل محاكمة المعزول، ورغم أن هناك كثيرين تخوفوا من هذه المظاهرات، إلا أن الجماعة لم تستطع استعراض عضلاتها، وهو ما ستعجز عنه بعد ذلك، لقد كان الأمل الوحيد فى استمرار حالات الحشد والتظاهر والمسيرات هو النجاح فى إفشال المحكمة، لكنها نجحت، ودخل مرسى القفص، حتى لو أثار كثيرا من الفوضى، فهو فى النهاية أصبح متهما، وأصبح سجينا يرتدى ملابس الحبس الاحتياطى البيضاء، ولن تغير المظاهرات شيئا مما جرى.

إنه النفس الأخير للجماعة التى أصبحت على وشك الدفن التام ولن تكون لها ذكرى فى التاريخ إلا الذكرى المدنسة، ولذلك فلا تخفيكم تهديدات الجماعة بالتظاهر والحشد وتعطيل الحياة، لأنهم فشلوا فى آخر جولة، ولن تقوم لهم قائمة بعد ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.