قال المستشار أحمد نعيم رئيس النيابة بالنيابة الإدارية، أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة, وذلك طبقا لحكم المادة رقم 1 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بتعديل قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، وأن قانون النيابة الإدارية قد نص على المحاكم التأديبية بباب مستقل به ولم ينص عليها بقانون مجلس الدولة. وقد أقرت محكمة النقض بالصفة القضائية لهيئة النيابة الإدارية في الطعون أرقام 957، 797، 222، 234، 223/ لسنة 2000 وكذا محكمة القضاء الإداري في عديد من الدعاوى ومنها الدعوى رقم 85 / لسنة 55 ق بجلسة 17أكتوبر 2000 وكذلك المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 193/ لسنة 19 ق بجلسة 6مايو 2000، وطلب التفسير رقم 2/ لسنة 26 ق بجلسة 7مارس 2004.
وأضاف أنه يتوافر لأعضاء النيابة الإدارية خبرات متراكمة في التحقيقات ومباشرة الدعوى التأديبية منذ عام 1954 م طبقا للقانون رقم 240/ 1954، وحاليا يوجد بها 2500 عضو تقريبا من الحاصلين على درجتي الماجستير والدكتوراة.
والتحقيقات التي تباشرها النيابة الإدارية هي تحقيقات قضائية يتوافر فيها كافة الضمانات لجميع الشهود والمخالفين وصولا للحقيقة بعيدا عن تعسف الجهة الإدارية ، ويتوافر في هذه التحقيقات كافة الإجراءات الشكلية والموضوعية التي تؤدي هذا الغرض وفقا لكافة الأحكام المقررة بقانون الإجراءات الجنائية للنيابة العامة. وآية ذلك أن تحقيقات النيابة الإدارية لها الحجية القضائية الكاملة والصفة القانونية أمام النيابة العامة بحيث يجوز إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات مباشرة بناء على تحقيقات النيابة الإدارية، وإن القول بتبعية النيابة الإدارية لوزير العدل هو قول مغلوط ، حيث أنه إلحاق إداري لا يتعدى فيه دور وزير العدل دور الوسيط في عرض ما ينتهي إليه المجلس الأعلى للنيابة الإدارية على رئيس الجمهورية ، فيما يخص حركة التعيينات والنقل والترقية ، وأن هذا العرض من قبل وزير العدل للتصديق فقط دون أن يكون له أو لرئيس الجمهورية ثمة دور في قرارات المجلس الأعلى للنيابة الإدارية.
ومجلس الدولة ذاته منذ نشأته رقم 9 لسنة 1949 وما أدخل عليه من تعديلات بالقانون رقم 165 لسنة 1955 ثم بالقانون رقم 55 لسنة 1959 كان تابعا للسلطة التنفيذية ولم يكن مستقلا تماما عنها إلا بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بعد دستور 1971.
وأن النيابة الإدارية أصبحت مستقلة تماما عن وزير العدل منذ 5 أبريل 2007 بما أدخل من تعديل دستوري على المادة رقم 173 من دستور 1971 حيث نصت على أن تقوم كل هيئة قضائية على شئونها وهو ما نص عليه صراحة دستور 2012 وكذا الإعلان الدستوري الحالي.
وإسناد المحاكم التأديبية لمجلس الدولة منذ 65 عاما لا يعنى أن هذا الوضع لابد من استمراره رغم شوائبه وإلا لما كانت اختصاصات رئيس الجمهورية ومجلس الشورى ونسبة العمال والفلاحين محلا للتعديل وإعادة النظر فيها حاليا نفاذا لمبادئ الثورة بمعرفة السلطة التأسيسية الحالية ممثلة في لجنة الخمسين.
والنظام القضائي المصري ليس موحدا أو مزدوجا أسوة بالنظم القضائية الأخرى وإنما هو رباعيا ويشمل المحكمة الدستورية العليا ، القضاء العادي ، القضاء والادارى ، القضاء العسكري وجميعها جهات قضائية ولا مانع من إن يصبح القضاء المصري خماسيا مادامت المصلحة العامة للنموذج المصري الفريد تقتضى ذلك. أن القول بأن القضاء التأديبي سوف يكون تابعا للنيابة الإدارية هو قول مغلوط لأن المصطلح الصحيح هو أن يكون القضاء التأديبي جهة قضائية مستحدثة تكون النيابة الإدارية جزءا منها أسوة بالنيابة العامة لدى القضاء العادي وكذا هيئة المفوضين وقسم الفتوى والتشريع لدى مجلس الدولة حيث يتدرج العضو في بداية تعينه بالقضاء العادي كوكيلا للنائب العام ثم يضحى قاضيا بالقضاء العام وكذا تدرج العضو بمجلس الدولة في بداية تعينه كمندوب مساعد بهيئة المفوضين ثم يضحى قاضيا بالقضاء والادارى.
وإذا كانت القوانين المختلفة للهيئات القضائية ( النيابة الإدارية ، هيئة قضايا الدولة ، النيابة العامة والقضاء العادي ، مجلس الدولة ) وقانون السلطة القضائية قد أجازوا التبادل بين الهيئات بحيث يجوز لعضو النيابة الإدارية اعتلاء منصة القضاء العادي والادارى بمجلس الدولة بل واعتلاء منصة المحكمة الدستورية العليا طبقا للدستور فما المانع من اعتلاء عضو النيابة الإدارية لمنصة لمحاكم التأديبية وفقا لمنظومة قضاء التأديب المزمع إنشائها لعلاج بطء التقاضي.
والقول بعدم صحة إسناد سلطة التحقيق والفصل في الدعوى لجهة واحدة ليس له محل في هذا المقام لأننا بصدد إنشاء هيئة مستقلة بالقضاء التأديبي تكون النيابة الإدارية جزء منه وبالتالي سيتم تقسيم النيابة الإدارية إلى قسمين قسم للتحقيق والاتهام وقسم ثاني للمحاكمة أسوة بمجلس الدولة الذي يوجد به قسم للمفوضين وأخر للإفتاء وثالث للمحاكمة.
وانه في إنشاء هيئة قضائية للتأديب تكون النيابة الإدارية جزء منها ما يؤدى للعدالة الناجزة في كلا المجالين التأديبي والادارى بالنسبة لمجلس الدولة وما به من قضايا متراكمة منذ عقود وأضيف إليه مؤخرا أربعة ملايين قضية ضرائب حيث أنه من المقرر حال إنشاء هذه الهيئة المستحدثة ( قضاء التأديب ) أن تنحصر جهات التأديب والعقاب في هيئة واحدة وأن تتفرغ قاعات المحاكم التأديبية بوضعها الحالي وأعضائها وموظفيها لمحاكم القضاء والادارى فتتعدد الدوائر ويتحقق الانجاز الأكبر دون أي أثر أو تأثير سلبا على النظم القانونية والدستورية المعمول بها في مصر.