قبل أيام قليلة من خلع الرئيس مبارك، كان وزير خارجيته أحمد أبو الغيط قد انتهى من حركة التنقلات، وهى الحركة التى ضمت عددا ممن يعتبرهم العاملون فى وزارة الخارجية رجال النظام السابق الذين أخلصوا ولا يزالون يخلصون له حتى الآن. توقفت الحركة بدفع مباشر من أبناء وزارة الخارجية، وعندما تولى محمد العرابى الوزارة بعد الثورة حاول تمرير الحركة بنفس الأسماء التى وضعها أبو الغيط، لكن توقفت فى اللحظة الأخيرة، وهو ما حدث مع نبيل العربى الذى لم يظل فى منصبه وزيرا للخارجية أكثر من شهرين. منذ أيام قليلة – تحديدا الأحد 11 مارس- وافق المجلس العسكرى على حركة تنقلات وزارة الخارجية بنفس التشكيل الذى خرجت به من مكتب أحمد أبو الغيط،وهو ما يثير حالة من الاستياء والغضب لدى قطاعات كثيرة فى الوزارة التى يشعر أبناؤها أن الثورة لم تصل إليهم بعد. الحركة الجديدة ضمت أسماء بعينها مثل وفاء بسيم التى كانت مديرة لمكتب الوزير السابق أحمد أبو الغيط،والتى لم يستطع أى وزير من الثلاثة الذين تعاقبوا على المنصب بعد أبو الغيط أن يخرجوها من مكتبها. وفاء بسيم التى أصبحت سفيرة لمصر فى جنيف،كانت تستمد قوتها من أنها ساعدت عدداً كبيراً من أبناء وكلاء جهاز سيادى مهم، وهؤلاء كانوا يمثلون حماية كبيرة لها،وعندما تورطت فى فضيحة الفاكس الذى خرج من مكتب أبو الغيط فى يناير 2006،وهو الفاكس الذى كشف عن إقامة المخابرات الأمريكية لمعسكرات تعذيب على الأراضى الأوروبية سرا وبدون معرفة حكومات تلك الدول للتحقيق مع المتهمين بالإرهاب فى رومانيا وأوكرانيا وبلغاريا،وأن المخابرات الأمريكية نقلت بعض المعتقلين سرا من قاعدة أفغانية إلى بولند،لم يستطع أحد أن يحاسب بسيم على تقصيرها. كانت المخابرات السويسرية قد اعترضت الفاكس فى الجو بواسطة جهاز التنصت،وحاول أبو الغيط وقتها أن يلقى بالمسئولية على عاتق سويسرا وأجهزة مخابراتها،واستدعت الخارجية المصرية السفير السويسرى بالقاهرة وطلبت تفسيرا للموضوع،ولم يحاول أحد أن يسأل وفاء بسيم مجرد سؤال عن مسئوليتها عما حدث فى هذا الفاكس. التخوف الذى يبديه العاملون فى وزارة الخارجية يتركز فى أن وفاء ستصل إلى سويسرا التى تضع أيديها على أموال مبارك،ومن المفروض أن تكون مهمة الدبلوماسى الذى يمثل مصر هى إعادة الأموال المهربة هناك،لكن هناك من يشكك فى أن تقوم بسيم بذلك،على الأقل بسبب ما يربطها من ود بالنظام القديم. الاسم الثانى فى الحركة هو أشرف الخولى الذى تم اختياره للندن،وكان يعمل أمينا عاما للوزارة ومسئولا عن السائقين ومعاونى الخدمة والطباخين، ثم فجأة أصبح مديرا للمراسم،وهناك من يتهمه بأنه ساهم فى تمرير شحنات من الأدوية السعودية إلى مصر خلال العام الماضى وصلت إلى مليون عبوة، والسفير السعودى فى القاهرة يعرف تفاصيل هذه القصة جيدا. الاسم الثالث هو حسام زكى وهو معروف شعبيا،لأنه كان المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية أيام أبو الغيط، حسام أصبح سفيرا لمصر فى البرازيل، ويكفى أنه أرسل أيام الثورة رسالة إلى السفارات المصرية فى الخارج يطلب منهم فيها إبلاغ الحكومات المختلفة باعتبارهم ممثلين لمصر أن شباب المتظاهرين فى التحرير يتقاضون أموالا بالعملات الأجنبية مقابل تظاهراتهم فى ميدان التحرير. المفاجأة أن الحركة شملت أيضا السفير خالد نادر – وهو الاسم الرابع- والذى ذهب إلى كوريا الشمالية،وهو زوج شقيقة حسام زكى،ومن بين ما ينسب إلى خالد أنه كان طرفا فى حادث شهير مع عصابات المافيا فى كوبا،لكن لقرابته من حسام زكى أرسلوه إلى أوروبا الشرقية،لكن عصابات المافيا تعقبت سيارته، ليمكث فى المستشفى عدة شهور. الاسم الخامس هو السفير إسماعيل خيرت،وهو أحد السفراء المشهورين أيضا – ذهب إلى الفاتيكان،وملفه لا نستطيع تفصيله لأنه متخم بالأوراق والاتهامات التى وصلت إلى النيابة، ولا أدرى هل تم التحقيق فيها أم لا؟. إسماعيل خيرت هذا الذى كان رئيسا للهيئة العامة للاستعلامات وبحكم منصبه كان قد أصدر تعليمات بطباعة 300 ألف صورة للرئيس مبارك بمقاس 70 و100، وكذلك 130 ألف علم مصرى،تمهيدا لإرساله لمؤيدى الرئيس فى ميدان مصطفى محمود أثناء الثورة...ولم يكن هذا بعيدا فقد كان خيرت واحدا من المقربين جدا من سوزان مبارك ومنفذا لمشروعاتها الكثيرة. الغاضبون فى وزارة الخارجية يجهزون الآن ملفات بمخالفات من شملتهم الحركة،ويهددون إن لم تجر إعادة النظر فى سفراء الحركة ممن ينتمون للنظام السابق،أنه سيرسلون ملفاتهم للدول التى تم توزيعهم عليها،حتى يعرفوا مع من يتعاملون...الأمر الآن فى مرحلة التهديد،لكن لا يوجد أى مانع من أن يتحول إلى واقع. السنة الخامسة - العدد 346 - الاثنين - 19/ 03 /2012