جماعة الإخوان المسلمين وتاريخهم الأسود في الاغتيالات وسفك الدماء وهم النكبة الكبرى والفتنة العظمى على الدين ، وأثر سيفهم في الأمة أعظم وأنكى من سيف اليهود ..ويقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان وفي كل مرة يهربون من تحمل تبعات أخطائهم ويحملون غيرهم ما حل بالأمة من مصائب وهم الذين غرسوها بأيديهم وسقوا تربتها بجهلهم فدائما ما ينكر قادة الإخوان فتن جماعتهم في ارتكاب الجرائم والاغتيالات السياسية ، فقد تبرأ المرشد العام للإخوان المسلمين محمد عاكف من تحمل تبعات جميع الجماعات المتطرفة التي نشأت في عباءتهم وأنكر بغير خجل أن يكون الإخوان وراء أحداث العنف في يوم من الأيام وقال جاهل متعمد من يسيء إلى الإخوان ، والإخوان صحيفتهم بيضاء وتاريخهم بريء من كل هذه الأعمال ونسي محمد عاكف أنه كان عضوا في التنظيم السري الخاص الذي قام بجرائم قتل واغتيالات ! واستقبل جموع الإخوان لتلك الجرائم بالفرح والسرور . والتنظيم الخاص كان تنظيما انقلابيا يهدف إلى قلب نظام الحكم بالقوة ، وصحيفة محمد عاكف لم تكن بيضاء كما زعم إنما هي صحيفته ملوثة بالدماء والإرهاب ، فقد كان من جملة الأعمال التي قام بها هذا التنظيم عندما كان محمد عاكف عضوا فيه هي قتل المهندس سيد فايز على اثر اختلاف وقع بينه وبين أعضاء التنظيم حيث أرسلت إليه قنبلة في علبة حلويات بمناسبة المولد النبوي فانفجرت فيه وأودت بحياته كما أن التنظيم الخاص كان يتتبع من خالف الجماعة بالتهديد والتخويف كما تتبعوا محمد الغزالي عندما انتقد في كتابه معالم الحق جماعة الإخوان ومرشدها ويقول القرضاوي إمام الضلال أن الأحداث الإرهابية الماضية كانت معبرة عن فعل القلة ثم تناقض مع نفسه ونقل في مذكرته ما يدل على استقبال عامة الإخوان لتلك الحوادث بالسرور حتى جعل قاتل النقراشي باشا إماما من الأئمة وجعل النقراشي كلبا من الكلاب ، وما ذلك إلا لأن القتل يعبر عن فكرتهم ويحقق غايتهم فالجو السياسي في هذا الزمان كان يستحل قتل المخالفين لهم كما زعم واستمر القرضاوي إمام الضلال قائلا : وقابل عامة الإخوان اغتيال النقراشي بفرحة مشوبة بالحذر ، فقد رد عبد المجيد حسن لهم كرامتهم وأثبت أن لحمهم مسموم لا يؤكل وأن من اعتدى عليهم لابد أن يأخذ جزاءه ! وكان الجو السياسي العام في مصر يسبغ ذلك .
عبد المجيد تحية وسلام أبشر فإنك للشباب إمام سممت كلبا جاء كلب بعده ولكل كلب عندنا سمام ونسي إمام الضلال أن دين الإسلام لا يبيح ذلك ويأباه ذلك إذا كانت مرجعيته دينية إسلامية وليس اختلاف الزمن مبررا للقتل المحرم بأي صورة من الصور كما زعم بل إن الاغتيالات وسفك الدماء المعصومة كان منهجا ينظّر له مشايخ الإخوان ودعاتهم فيستدلون له وينسبونه كذبا للدين حتى يصلوا لبغيتهم ويحققوا هدفهم من الوصول لكرسي الحكم .
قال سيد قطب في الوقت نفسه و مع المضي في برنامج تربوي كهذا لابد من حماية الحركة من الاعتداء عليها من الخارج .. وهذه الحماية تتم عن طريق وجود مجموعات مدربة تدريبا فدائيا بعد تمام تربيتها الإسلامية من قاعدة العقيدة ثم الخلق فإن هذه المجموعات لا تتدخل في الأحداث الجارية ولكنها تتدخل عند الاعتداء على الحركة والدعوة والجماعة لرد الاعتداء وضرب القوة المعتدية بالقدر الذي يسمح للحركة أن تستمر في طريقها .
وقال سيد قطب : لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها .
وقال الصباغ : إن الإسلام سن أسلوب الاغتيالات في مواجهة الخصوم . وقال محمد عساف : ولا يزال الإخوان إلى الآن في كتبهم وأدبياتهم يمدحون أفرادا كان لهم دور كبير في قتل رؤساء ومسئولين بما يدل على عمق علاقتهم بهم ورضاهم عن توجهاتهم الانقلابية الإرهابية .
من أشهر الاغتيالات التي قام بها الإخوان قتل محمد ماهر باشا عام 1954
كان عمل التنظيم الخاص في زمن الملك فاروق يدور حول رصد الشخصيات السياسية للتخلص منها بالقتل غدرا دون إقامة حجة أو بلاغ أو استتابة فبمجرد الاختلاف في بعض المسائل السياسية يتهم السياسي بالعمالة والخيانة ومن ثم يجب قتله والتخلص منه وهذا هو الذي شهد به تاريخهم وسجل في كتبهم وقد كان مقتل أحمد ماهر باشا رئيس الوزراء أول جريمة اغتيال سياسي فكر الإخوان في تنفيذها وكان ذلك عام 1945 ولكنهم أفلتوا من عاقبتها .
ومحمد ماهر باشا هو الذي أسقط ألبنا في انتخابات البرلمان . واتهمه الإخوان بالتهمة المعروفة عندهم العمالة ! وذلك لما فكر في التحالف مع قوات الحلفاء والانجليز ضد قوات المحور ألمانيا وإيطاليا، فقتلوه بمجرد التفكير وذكر محمود عساف أن التنظيم الخاص وضع الخطة لقتل أحمد ماهر باشا
وفي عام 2009 أعترف خليفة عطوة أحد أعضاء التنظيم السري لجماعة الإخوان بالاشتراك في قتل أحمد ماهر باشا مع محمود العيسوي الذي تحمل القضية بمفرده ومن المعروف إن أول ظهور للتنظيم السري للإخوان كان عام 1944 حيث بدءوا في تكوين مجموعة الخلايا العنقودية المسلحة وكل خلية مكونة من زعيم وأربع أفراد وكل خلية لا تعرف الأخرى وبدأ العمل المسلح باغتيال أحمد ماهر باشا عن طريق محمود عيسوي .
ومن اغتيالات الإخوان المسلمين قتلهم القاضي أحمد الخازندار في عام 1948 بأمر من حسن ألبنا كما أقر القاتل ولم يستطع ألبنا الفرار من هذه التهمة ودخل ألبنا وهو متجهم وجلس غاضبا ثم سأل عبد الرحمن ألسندي قائلا : أليست عندك تعليمات بألا تفعل شيئا إلا بإذن صريح مني ؟ قال بلى قال كيف تسنى لك أن تفعل هذه الفعلة بغير إذن وبغير عرض على مجلس إدارة النظام ؟ فقال عبد الرحمن لقد طلبت الإذن وصرحتم فضيلتكم بذلك .. قال الإمام : كيف ؟ هل أصرح لكم وأنا لا أدري ؟ قال عبد الرحمن لقد كتبت إلى فضيلتكم أقول/ ما رأيكم في حاكم ظالم يحكم بغير ما أنزل الله ويوقع الأذى بالمسلمين ويمالي الكفار والمشركين والمجرمين ؟ فقلتم فضيلتكم إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض فاعتبرت هذا إذنا .
قال الإمام : إن طلبك الإذن كان تلاعبا بالألفاظ فلم يكن إلا مسألة عامة تطلب فيها فتوى عامة أما موضوع الخازندار فهو موضوع محدد لابد من الإذن الصريح فيه . ثم قال : إن كان قتلك للخازندار قد تم بحسن نية فإن علينا الدية ولكن الحكومة دفعت تعويضا كبيرا لأسرة الخازندار فأسقطت الدية عن الإخوان وانظر لكلام ألبنا فإن المشكلة ليست في سفك دم مسلم إنما كانت مشكلته مع القاتل أنه قتل من غير إذن !
ومن اغتيالات الإخوان قتلهم للإمام يحيى بن حميد حاكم اليمن فذلك أن حسن ألبنا كان يفكر بالثورة والانقلاب عليه وإقامة حكم إخواني ، معتمدا على استغلال فراغ دستوري يتحقق ذلك بموت الإمام يحيى ، حينئذ يقوم الإخوان اليمنيون الأحرار !! بتنفيذ الخطة الإخوانية التي رسمها لهم حسن ألبنا في القاهرة وذلك في مارس 1948 مع أن العلاقة كانت حميمة بين حسن ألبنا وبين الإمام يحيى وولده أحمد ، فكانت بينهم رسائل مودة وعلاقة متبادلة ، وكان مقصود ألبنا فتح الباب لصحف الإخوان ومقالاتهم ودعوتهم كي تنتشر في بلاد اليمن وكان الإمام يحيى يقدر حسن ألبنا وتقديرا له أهداه عمامة يمنية ، كان الإمام يرتديها كثيرا ومع ذلك لم تمنع تلك الرسائل ولا هذا التقدير حسن ألبنا في التفكير في الانقلاب على الإمام يحيى وقتله على فراش المرض .
وقد أطلق حسن ألبنا على الإخوان اليمنيين أسم اليمنيين الأحرار وهو نفس الاسم الذي اختاره في مصر للضباط الأحرار في أوائل الأربعينات وقد كان حسن ألبنا يجتمع في دار الإخوان مع بعض طلبة العلم اليمنيين الذين كانوا يدرسون في الأزهر وفي دار العلوم في القاهرة ...يدفعهم إلى الثورة التي زعم في رسائله أنه لا يؤمن بها ! ويؤكد لهم أن اليمن مهيأة لحكم الإخوان أكثر من أي بلد آخر. وأنشأ حسن ألبنا أول حزب للمعارضة على يد أحد الشباب الذين كانوا يدرسون عنده في القاهرة وقد أكد ذلك موقع الإخوان ، وفي عدن بدأت مرحلة جديدة في الكفاح والنضال حيث أسس الزبيري مع رفيق كفاحه أحمد محمد نعمان حزب الأحرار سنة 1944 الذي تحول اسمه إلى الجمعية اليمانية الكبرى عام 1946 وأصدر صحيفة صوت اليمن وفوضت الجمعية الإمام حسن ألبنا في أن يتحدث عنها في كل شأن من الشؤون فوافق حسن ألبنا أن يكون ناطقا رسميا باسم المعارضة اليمنية وأرسل موافقته بذلك إلى إبراهيم بن الإمام يحيى وقام الإخوان بخبث وخسة متناهية بقتل الإمام يحيى على فراش المرض وأقاموا حكومة الدستوريين بقيادة عبد الله الوزير وكما جاء في موقع الإخوان أون لاين واستمر الكفاح حتى قيام ثورة 1948 حيث قتل الإمام يحيى حميد الدين ونصب عبد الله الوزير إماما جديدا لحكم دستوري شرعي وكان للإخوان المسلمين والفضيل الورتلاني ممثل الإمام ألبنا في اليمن الدور الرئيسي في هذه الثورة .
وعندما قامت الثورة في اليمن أيدها الإخوان في مصر وأرسل ألبنا وفدا لتهنئة الإخوان اليمنيين بنجاح الثورة وقام الوفد ألإخواني في نفس الوقت بتعزية أبناء الإمام يحيى وهم الذين قتلوه .
ومن المعروف أن هذه الثورة لم تدم أياما حيث استطاع أحمد إبن الإمام يحيى أن يعتلي عرش اليمن مرة أخرى بالاستعانة بالقبائل وانتقم من قاتلي أبيه وفر الإخوان هاربين مخذولين إلى جنوب اليمن وإلى كثير من البلاد ومات من مات وسجن من سجن وكان هذا هو الشتات الأول الذي كتبه الله على الإخوان قبل شتات 1954وشتات 1965.
وقد كانت ثورة حسن ألبنا الفاشلة في اليمن مقدمة من أكبر المقدمات التي أدت إلى حل جماعة الإخوان عام 1948في زمن النقراشي باشا ذلك لأن حسن ألبنا كان يعلن دائما أنه لا يبغي ثورة ولا يؤمن بها وهاهو يثبت تلونه في العمل السياسي بسعيه في تدبير انقلاب في قطر آخر بما يعني أن القطر الذي يعيش فيه سيأتي في المرتبة التالية
وهنا قام رئيس الوزراء المصري النقراشي بحل جماعة الإخوان ثم قام الإخوان باغتياله وقالوا تبريرا لاغتيال النقراشي باشا بأنه لا يمكن أن يعتبر أن قتل النقراشي باشا من حوادث الاغتيالات السياسية فهو عمل فدائي صرف قام به أبطال الإخوان المسلمين لما ظهرت خيانة النقراشي صارخة في فلسطين وحل جماعتهم واعتقل قادتهم وصادر ممتلكاتهم وحرم أن تقوم دعوة في مصر تدعو إلى هذه المبادئ الفاضلة إلى الأبد فكانت خيانة صارخة لا تستتر وراء أي عذر أو مبرر مما يوجب قتل هذا الخائن شرعا ويكون قتله فرض عين على كل مسلم ومسلمة .
وترتيبا على هذا التبرير من جماعة الإخوان المسلمين فإنهم سيكونوا في هذا العصر وعلى رأسهم حماس يستحقون وجوب قتلهم لأنهم أقروا بالهدنات مع اليهود . ولكن مع هذا فإن حسن ألبنا لما حقق معه في مقتل النقراشي جعل قاتله شقيا مفتونا وأنه ليس من الإخوان ولا من المسلمين حتى قال للواء صالح حرب باشا : أرأيت هذا المفتون ماذا كان ينوي أن يفعل ؟ والله ما هذا الشقي مسلما ولا من الإخوان ..ولما خوطب الشيخ من الجهات الرسمية في هذا الحدث تبرأ من هذا الشاب واستنكر بكل شدة فعلته وأظهر استعداده أن ينشر بيانا آخر يذيع فيه أن هذا المفتون وأمثاله ليسوا مسلمين .
وهذا يدل على تلون الإخوان وأنهم بألف وجه وألف صورة في الموقف الواحد . ومن اغتيالات الإخوان : قتل المهندس سيد فايز حيث كان المهندس يتبع جماعة الإخوان بل وكان عضوا في النظام الخاص ولكنه اعترض عليهم في قتلهم للنقراشي فكان جزاؤه القتل حيث ذهب شخص ما بصندوق من حلوة المولد وطرق باب السيد فايز في شارع عشرة بالعباسية وسلم صندوق الحلوى إلى شقيقته قائلا إنه لا يجب أن يفتحه إلا السيد بالفعل حضر السيد فايز وتسلم الصندوق وبدا بفتحه وإذا بالصندوق ينفجر ويودي بحياته .
النسر الأول الزعيم البطل خالد الذكر جمال عبد الناصر بين خيانة الإسلام وعمالة الأعداء .
نحن الآن في أواخر سنة 1951, الوضع السياسي قلق, الحكم الملكي مهتز, الوزارة الوفدية مفروضة على الملك من الانجليز, الملك يريد أن يتخلص من ضغط الوفديين المدعوم بالانجليز الإخوان المسلمون يقودون الجامعات ويحتلون قلوب الناس لأنهم يقومون بالحرب الشعبية الجهادية ضد الانجليز في القناة أمريكا تخشى أن تسقط الملكية بدون أن تقدم عنها بديلا ستيفن ميد (السفير الأمركي في سوريا) انتقل إلى القاهرة في هذا الوقت أو بعده بقليل, وجيفر سون كافري / سفير أمريكا في القاهرة مع وليم ليجلان وكذلك كيم (كيرمت) روزفلت حفيد وانضم إليهم فيما بعد خامس من مخابرات أمريكا وهو (مايلز كوبلاند/ هؤلاء الخمسة كان لهم دور كبير في سياسة المنطقة وإدارة دفة الأمور في مصر وما حولها. وهؤلاء يبحثون عن بديل للنظام الملكي. وشاء الله أن يلتقوا بعبد الناصر وزمرته لقد كان محمد حسنين هيكل ومصطفى أمين في بداية الأمر صلة الوصل بين الضباط والسفير الأمريكي .
في مارس سنة 1952 (قبل الانقلاب بأربعة أشهر) كلف عبد الناصر خالد محي الدين الذي كان يطبع منشورات الضباط الأحرار أن لا يستخدم عبارة الاستعمار (الانجلو أمريكي) ويكتفي بذكر الاستعمار البريطاني وفي هذا الشهر (مارس) كان كيم روزفلت قد اتصل بعبد الناصر وعرض عليه مساعدة أمريكا فقبل بشرط أن يستبعد الإخوان المسلمين والشيوعيين عن الانقلاب, فقام عبد الناصر بفصل عبد المنعم عبد الرءوف 0الضابط المسلم الذي أدخل عبد الناصر نفسه في تنظيم الإخوان العسكري). ورجع روزفلت في مايو إلى أمريكا وقال لهم أن الإخوان والشيوعيين قد استبعدوا من ميدان المجيء إلى الحكم واقنع أمريكا بالموافقة على إبعاد فاروق ودار الحديث وتم العقد وكان عبد الناصر في ذلك الوقت على صلة بأربعة منظمات أو جماعات على رأسها الإخوان المسلمون وقد كان أحد أعضاء جهازهم العسكري, بل كان يمد شبابهم المجاهدين في القناة بالسلاح .
وحصل حريق يناير سنة 1952 وبقيت النيران تلتهم شارع فؤاد ثلاثة أيام دون أن تتحرك أية جهة رسمية حركة جادة لإطفاء الحريق. ويبدو أن معظم الجهات الرسمية راضية بالحريق بل بعض المنظمات راضية كذلك. أما الملك: فإنه راض عن الحريق لإثبات عجز الوزارة الوفدية عن إدارة البلد, وليفرض الأحكام العرفية, ولينهي الحركة الجهادية في القناة. أما الوزارة : فإنها راضية عن الحريق لإقلاق الملك وهز وضعه واثبات ضعفه ليبقوا في الحكم كذلك. أما حرس الحديد (الحرس الملكي) أمثال عبد الناصر فإنهم راغبون في إشاعة الفوضى ليجدوا مبررا للانقضاض على الحكم .
أما الأمريكان: فهم راضون كذلك لعله يتسنى لعملائهم فرصة قلب النظام وأما الشيوعيون : فهم وروسيا لا يعيشون إلا في جو من الفوضى والتخريب وبعد الحريق أعلن الملك الأحكام العرفية وفرض نظام منع التجول ليلا , وأظلمت القاهرة أطول فترة في تاريخها وبقي الظلام حتى يوليو. وفي هذه الفترة أحكمت خطة قلب نظام الحكم بين الضباط وبين السفير الأمريكي, وقد سنحت لهم فرصة الإظلام ليلا مع منع التجول أن يتحركوا دون رقيب ولا حسيب. إذ أن سيارات الجيش والأمن هي التي كانت تتحرك باسم القانون العرفي .
وفي 22 يوليو 1952جاء عبد الناصر وكمال الدين حسين إلى بيت منير الدلة أحد أعضاء مكتب الإرشاد في حركة الإخوان المسلمين وكان صلاح شادي من الحاضرين وفتح الحديث عن الانقلاب وأقسم عبد الناصر وكمال الدين حسين على المصحف أن يحكموا بالقرآن والسنة بعد استلام الحكم وعلى هذا الأساس أنزل الإخوان في اليوم التالي عشرة آلاف مسلح لحماية الثورة وأعلنت الثورة في اليوم التالي وتوجه عبد المنعم عبد الرءوف - أحد الإخوان - وهو ضابط معروف في الجيش - إلى الإسكندرية حيث كان الملك في قصر المنتزه ودخل عبد المنعم وأرغم الملك على التوقيع على وثيقة التنازل عن العرش , وسافر الملك .
وقد ذكر فاروق في مذكراته : ( إن الإخوان المسلمين هم الذين قلبوا عرشي, ولم يكن رجال الثورة إلا ألعوبة بأيديهم , ولقد أراد الإخوان المسلمون ضربي في عرض البحر لولا أني أمرت ربان السفينة فغير اتجاهها .
ومع قيام ثورة يوليو سارع الإخوان لتأييد الضباط الأحرار معتمدين على وسيط سابق هو أنور السادات، وفي بداية 1953 عقدت لقاءات مباشرة بين مسئولين بريطانيين وحسن الهضيبي ، ولأن بعض الوثائق لا تزال سرية فإن المناقشات التي دارت بين الطرفين لم يكشف عنها بعد، إلا أن ريتشارد ميتشيل، المحلل الشهير لشئون الإخوان، أشار إلى أن هدف اللقاءات كان دفع الإخوان للمشاركة في مفاوضات الجلاء البريطاني عن مصر، مع ضمان وقوفهم ضد عبد الناصر الذي أدان هذه اللقاءات واتهم الهضيبي بقبول بعض الشروط البريطانية للجلاء وهو الأمر الذي صعب من موقف الحكومة المصرية في المفاوضات، ومارست بريطانيا سياسة (فرق تسد)، وتشير مذكرة رسمية إلي أنها هي التي أبلغت عبد الناصر بلقاءات الهضيبي معها وتتضمن الملفات البريطانية أيضا إشارة لحدوث لقاءات بين الإنجليز وقيادات إخوانية في 7 فبراير عام 1953، وفيها أبلغ شخص يدعى أبو رفيق المستشار السياسي تريفور إيفانز رسالة مفادها "إذا بحثت مصر في العالم بأجمعه عن صديق لها لن تعثر على صديق سوى بريطانيا"، وهى رسالة اعتبرتها السفارة البريطانية بمثابة إعلان عن وجود قادة داخل الإخوان لديهم الاستعداد للتعاون مع بلادها .
واعترفت الوثائق البريطانية بأن الثورة المصرية حققت إنجازات لم يستطع غيرها تحقيقه من قبل، وقال سفير بريطانيا في القاهرة سير رالف سيفنسون بأن القادة الجدد في مصر يستحقون مساعدة جادة من بريطانيا العظمي، لكن بعد 9 أشهر من تلك الشهادة قررت بريطانيا وفق وثائقها التخلص من عبد الناصر .
في ذلك الوقت كانت بريطانيا والولاياتالمتحدة تدبران محاولات للانقلاب في سوريا ومصر، ووفقا لوثيقة علي درجة عالية من السرية فإن الرئيس الأمريكي ايزنهاور وصف الوضع للإنجليز قائلا: "نحن في حاجة لخطة ماكيفيلية تساعد على الوصول إلى شكل للشرق الأوسط يصب في مصلحتنا العديد من الوثائق تؤكد ضلوع المخابرات البريطانية في محاولات قتل عبد الناصر والقضاء على نظامه ويشير بعضها إلى اتصال بين مسئولين بريطانيين ومنهم نورمان داربيشير، رئيس مكتب المخابرات البريطانية، في جينف مع الإخوان المسلمين في سويسرا في إطار محاولات قلب نظام الحكم في مصر .
وهناك أدلة أخرى على اتصال بريطانيا بالإخوان في عام 1955، عندما زار عدد من الإخوان الملك فاروق في منفاه للتعاون معا ضد عبد الناصر، وكان الملك حسين ملك الأردن منح الإخوان جوازات سفر لتسهيل عملية انتقالهم وسفرهم من أجل العمل ضد النظام المصري بينما دعمت السعودية هذه التحركات الإخوانية بالتمويل المالي ، وكان عميل المخابرات المركزية الأمريكية السابق روبرت بيار أكد أن الولاياتالمتحدة وافقت على تمويل السعودية لنشاط الإخوان ضد عبد الناصر .
وفي أغسطس عام 1956 ألقت السلطات المصرية القبض على دائرة جاسوسية بريطانية مكونة من أربعة أفراد اتصلوا بعناصر طلابية بتوجهات دينية بهدف التشجيع على القيام بأعمال تخريبية تمنح أوروبا مبرراً للتدخل العسكري لحماية رعاياها ، وعلى الرغم من تعاون بريطانيا مع الإخوان المسلمين، فإنها كانت مدركة لخطورة الجماعة وخطورة وصولها للحكم في مصر ولهذا فهي كانت لا تمانع في استغلالها لتحقيق أهدافها في المنطقة لكنها بالتأكيد لم تكن تدعم وصولها للحكم. وعندما طرد جمال عبد الناصر الإخوان المسلمين من مصر سافر العديد منهم إلى السعودية بمساعدة المخابرات المركزية الأمريكية ونجح الإخوان في الاندماج سريعا في المجتمع السعودي واحتلوا مناصب عليا في القطاعين المصرفي والتعليمي، أما الإخوان الذين سافروا إلى أوروبا فقد بدءوا في تأسيس شبكات دولية مقرها ميونخ برئاسة سيد رمضان السعودية كانت معادية للحركة القومية، وفي هذا الإطار صرح راي كلوز، رئيس مكتب المخابرات الأمريكية في الرياض، بأن المملكة استقبلت الإخوان بترحاب كبير وشجعت نشاطهم في مصر والسودان ولكنها في نفس الوقت كانت معارضة لنشاطهم داخل المملكة وفي نهاية الخمسينيات بدأت المخابرات المركزية الأمريكية في تمويل الإخوان، في إطار التعاون بين الشركة الأمريكية للبترول "أرامكو" والسلطات السعودية قامت المخابرات الأمريكية برعاية تأسيس خلايا دينية صغيرة في السعودية معادية لحركة القومية العربية، ويقال إن السعودية دفعت رشوة قدرها 2 مليون إسترليني لعدد من الضباط السوريين لكي يسقطوا طائرة جمال عبد الناصر أثناء زيارته لدمشق اتفق عبد الناصر من جهة مع الإخوان المسلمين واتفق من جهة أخرى مع السفير الأمريكي هو وبعض الضباط وكان من بين الأمور التي اتفق عليها مع السفير الأمريكي: .ضرب الحركة الإسلامية .
ونجح الانقلاب واتخذ محمد نجيب ستارة لأنه رئيس نادي الضباط وأعلاهم رتبة فنصب رئيسا للجمهورية. ومن الوثائق الدالة على صلة الضباط بالسفارة الأمريكية : أعلن محمد نجيب هذا في مجلة المصور في اليوم الثالث للثورة بأن بعض الضباط كانوا على صلة بالسفير الأمريكي منذ شهر مارس من هذا العام سنة 1952
أعلن خالد محيي الدين مثل هذا الكلام
كان السفير الأمريكي يحضر أول اجتماع أو الثاني لمجلس الثورة في فندق انتركونتنتال .
تقرير ايخلبرجر مستشار وزارة الخارجية الأمريكية للدول العسكرية النامية - وهذا التقرير هو الدستور الذي طبقته الثورة بحذافيره وأصبح (دستور الثورة) وقد بدأ رجال الانقلاب يراوغون الإخوان ويسوفون بشأن الحكم بالإسلام.
فأعلنوا : إعادة التحقيق بمقتل حسن ألبنا وسجنوا محمود عبد المجيد ورجاله ودفعوا دية ألبنا عشرين ألف لابنه
في الذكرى الأولى بعد الثورة لمقتل حسن ألبنا عام 1953 بقي الراديو طيلة النهار لا يقرأ إلا القرآن وسيرة ألبنا ووجه محمد نجيب -رئيس الجمهورية- كلمة بهذه المناسبة إلى الشعب المصري وفي العصر ذهب مجلس الثورة وزاروا قبر حسن ألبنا ثم عادوا وحضروا العزاء .
اختيار الأستاذ سيد قطب مستشارا لشؤون الثورة الداخلية لمدة ثلاثة أشهر ثم فترت العلاقة مع مجلس الثورة لمدة ثلاثة أشهر أخرى ثم قاطعهم عندما رأي التواءهم وانحرافهم .
تشكلت الوزارة وعرض على الإخوان أن يقدموا سبعة وقيل ثلاثة وزراء فرفض الأستاذ الهضيبي إلا أن تعلن الثورة الحكم بالإسلام فرفضوا ولكنهم, أقنعوا الباقوري بالاشتراك في الوزارة للأوقاف فخيره الهضيبي بين الإخوان وبين الوزارة فاختار الوزارة واستقال من الإخوان . واستلم عبد الناصر وزارة الداخلية .
وصل مايلز كوبلاند أحد رجالات المخابرات الأمريكية , في بداية سنة1953 ليعمل مع المجموعة الأمريكية في القاهرة وقويت صداقته بعبد الناصر حتى أصبح يدخل بيته دون استئذان . سافر مايلزكوبلاند إلى أمريكا وعرض على المخابرات الأمريكية CIA أن يقدموا لعبد الناصر ثلاثة أمور .
سيارة مصفحة ضد الرصاص ، مجموعة من المخابرات الأمريكية لتبني له المخابرات المصرية ، أن يقدموا له هدية مالية .
إلا أنهم اعتذروا له عن الهدية المالية فقال لهم : لو أقنعتم الرئيس ايزنهاور أن يقدم هذه الهدية من مخصصات رئيس الجمهورية للولايات المتحدة فوافق ايزنهاور وأرسل ثلاثة ملايين دولار جاءت إلى السفير الأمريكي في بيروت ثم قدمت إلى جيفرسون كافري السفير في القاهرة فأعطاها إلى مايلز كوبلاند وسلمها الساعة الثانية عشرة ليلا إلى حسن التهامي -رئيس حرس عبد الناصر الخاص- وسلمها هذا بدوره إلى عبد الناصر واشترى بها رجالات الثورة ومن الطريف أن كوبلاند عد المبلغ على التهامي فوجده ناقصا عشرة دولارات .
وفي عام 1954 تم إقصاء محمد نجيب فقامت المظاهرات وأحاطت بقصر عابدين وكان الإخوان يطالبون بعودة محمد نجيب, وكان مجموع المتظاهرين قرابة ثلاثمائة ألف وفي هذا اليوم لو أراد الإخوان قتل كل رجال الثورة لسهل عليهم وبمسدس واحد إذ كانوا كالعصفور في القفص ولكن قدر الله غالب (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) واضطر عبد الناصر وصلاح سالم أن يحضرا محمد نجيب والجماهير البشرية تموج كالبحر حول القصر, وحاول رجال الثورة أن يتكلموا ولكن هيهات هيهات .
وجاء عبد القادر عودة وكيل جماعة الإخوان وظهر للجماهير من إحدى أبواب القصر العليا وأشار بيده فصمتت الجماهير وقدم عودة محمد نجيب ليخطب وخطب وطالبت الجماهير قائلة: أعلنها الآن يا نجيب لا صلاح ولا جمال ولكن وللأسف لم يجرؤ محمد نجيب أن يعلنها . وبكلمة واحدة كان بإمكان محمد نجيب أن يعتقل عبد الناصر وصلاح سالم وينتهي وجودهما السياسي وإلى الأبد إلى أن قتل عبد القادر عوده فيما بعد وأقصي محمد نجيب للمرة الثانية واختفى عن مسرح السياسة وإلى الأبد. كانت المقاومة الجهادية التي يقوم بها الإخوان لازالت مستمرة وقد تعبت بريطانيا من الإقامة في مصر ولما تقدمه من تكاليف, فاتفقت مع عبد الناصر على أن تجلو عن القناة مقابل شروط على رأسها: (يحق لبريطانيا أن ترجع لاحتلال القناة إذا حصل اعتداء على مصر أو على الدول العربية أو تركيا .
عارض الإخوان هذا الشرط معارضة شديدة وحصلت بين عبد الناصر وبين الأستاذ الهضيبي مكاتبات على صفحات الجرائد وكانت كلمات الأستاذ الهضيبي شديدة وحادة وكان ذلك أحد المبررات البارزة للاحتكاك بالإخوان .
وفي ربيع سنة 1954 أي بعد استلام عبد الناصر رئاسة الجمهورية بأقل من شهر تقريبا جاء جونسون مب