رغم نفي مصدر مطلع ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" أي تصريح أو مقابلة للأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، رئيس الاستخبارات العامة الأمين العام لمجلس الأمن الوطني، إلا أن الجولات المكوكية التي يقوم بها منذ أشهر قليلة كانت كفيلة للعب دور خلف الكواليس لحلحلة الأزمة السورية، وإعطائها صبغة دولية عبر تسليط الضوء عليها من خلال دعم لوجستي ومادي ودبلوماسي من قبل السعودية للثوار في سوريا كان أحد أهم أركانه حتى اللحظة الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز. وبحسب الصحيفة، لم يعد خافيا على أحد الحراك السعودي الملحوظ خلال الآونة الأخيرة على الساحة الدولية للدفع بالأزمة السورية نحو مزيد من التوازن العسكري يقدمه أصدقاء سوريا على الأرض خصوصاً في ظل انتصارات متوالية حققها الجيش النظامي السوري مؤخرا بمساندة من إيران وحزب الله ما حذى بالسعودية للتحرك خشية من سيطرة شيعية على سوريا ما يعني تهديدا تغيير كبير في موازين القوى في المنطقة على كل المستويات. الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، الذي يعرف بقدرته على التعامل مع هكذا أزمات لخبرته في حرب العراق السابقة – سياسيا – وعلاقته مع الولاياتالمتحدة الأميركية، عمل على تكوين ما يعرف ب "الاستراتيجية الجنوبية"، خصوصاً بعد الهجوم الكيماوي الأسبوع الماضي على ريف دمشق حيث تقوم السعودية بدعم الثوار في المناطق والمدن الكائنة بشرق العاصمة دمشق وجنوبها، وذلك ضمن عملية سرية يقودها مسئولو استخبارات سعوديون وأمريكيون وأردنيون ودول حليفة أخرى قريبا من الحدود السورية الأردنية لتسليح وتدريب الثوار. ورغم أن الأمير بندر لم يكن ليتوقع أي انتصار قريب للثوار بسبب فارق التسليح الكبير مع القوات النظامية، إلا أنه يأمل في ترجيح ميزان القوى لصالح جهات معتدلة من الثوار تدريجيا كي تتمكن هذه القوى من السيطرة على العاصمة دمشق، موجها رسالة للأميركيين أن أي بديل لذلك سيكون إما سيطرة إيرانية أو سيطرة تنظيمات إسلامية متطرفة. ووفقا لصحيفة للصحيفة، الدبلوماسية السعودية لم تكتف بإقناع أعضاء بالكونجرس مثل "جون ماكين" و"ليندزي جراهام" بل نجحت باستقطاب أعضاء كانوا غير متحمسين لأي دور أميركي مثل السناتور "بن نلسون" الذي قابل الملك عبدالله في الرياض ليصرح بعدها بأن أميركا ستدعم أي مجهود تتفق عليه القوى الرئيسية بالمنطقة، وهو ما دعا مسئولا كبيرا بالاستخبارات الاميركية للقول بأن السعودية شريك لا يمكن الاستغناء عنه فيما يخص سوريا. وفي هذا السياق، أثمر الضغط السعودي أثمر في صيف عام 2012 عن إنشاء مركز عمليات بالأردن يتضمن مهبطا للطائرات ومخازن للأسلحة بإشراف مباشر من الأمير سلمان بن سلطان نائب الأمير بندر آنذاك ، كما أثمر عن موافقة اميركا على تقديم مساعدات استخبارية وتدريب محدود للمركز. وبحسب الصحيفة، نقلت عن مصادر قولها إن السعودية اتصلت بالسلطات الكرواتية لشراء أسلحة مخصصة لدعم الثوار خلال خريف عام 2012 ، فيما بدأت الخارجية السعودية في شتاء عام 2013 بتذكير أمريكا بأن الأسد تجاوز الخط الأحمر الذي حدده الرئيس "اوباما" قبل عام من ذلك بخصوص استعمال الأسلحة الكيماوية من جانب نظام الأسد ، حيث ساعدت السعودية في نقل مواطن سوري تعرض لغاز السايرين إلى لندن لفحصه والتأكيد على أن النظام السوري استخدم بالفعل أسلحة كيميائية وهي النتيجة التي توصلت لها الإدارة الأميركية أيضا في شهر يونيو الماضي. وخلال شهر أبريل الماضي، أرسل الملك عبدالله رسالة شديدة اللهجة للرئيس "أوباما" قال فيها إن مصداقية أميركا على المحك إن سمحت للأسد وإيران بالسيطرة على الوضع محذرا من تداعيات ذلك على المنطقة بأسرها. وتبع ذلك في ربيع 2013 ملاحظة أن إيران وحزب الله صعدا تدخلهما في الصراع السوري ردا على السعودية مما حدا بلجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي لاقتراح مزيد من الدعم للثوار بسوريا ، وتصعيد السعودية لدور الأمير "بندر" مما نتح عنه سماح إدارة أوباما بتزويد القاعدة العسكرية في الأردن بالسلاح وزيارة الأمير بندر لكل من فرنسا وروسيا. وخلال الأسبوع الماضي صعدت السعودية جهودها الدبلوماسية لحث الولاياتالمتحدة الاميركية لاتخاذ إجراءات عسكرية فعالة للرد على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية في ريف دمشق ، قائلة إن على أوباما احترام وعده بالتحرك إذا تخطى الأسد الخط الأحمر.