قد يكون كلامى قاسيا لو تجاوزت وقلت إن الذين قتلوا فى سبيل جماعة الإخوان ضحايا لجهلهم وتغييب عقولهم وأنهم لا يرتقون لدرجة الشهادة التى خدعهم رجال الجماعة المعزولة بنيلها فى حالة صمودهم أمام رجال الشرطة ومقاومتهم لهم للحفاظ على بعض المكاسب السياسية للجماعة بعد أن سقطوا وفشلوا وعزلوا وطردهم المصريون خارج حياتهم وتاريخهم للأبد وبلا رجعة، ولا أعرف فى الحقيقة من سيدفع ثمن أرواح هؤلاء البسطاء الذين ماتوا بلا قضية أو هدف يستحق التضحية فى سبيله! ولكن فى النهاية نحن نشعر بحزن وغصة بالقلب على هذه الأرواح التى ذهبت هباء ليتركوا خلفهم أمهات وزوجات وأولادًا يعتصر الحزن قلوبهم بينما قيادات الجماعة المعزولة ورجالها يعرفون طريقهم جيداً ويطمئنون على مستقبل أسرهم إذا حدث لهم مكروه وفى غالب الظن لا يحدث لهم أى شىء لأنهم محصنون ببسطاء يدفعون أرواحهم فداء لهم.. فهل هذه شهادة فى سبيل الله؟!، تستحق أن يضحى الشخص بنفسه للفوز بها، أم أنها تجارة خاسرة، لا تسمن ولا تغنى من جوع.
وماذا لو دخل الإخوان فى مفاوضات للعودة مرة أخرى للحياة السياسية مع نسيان ما حدث، هل ستعلم هذه الأرواح أن الإخوان خانوهم مرتين، مرة وهم يكذبون عليهم بحلم الشهادة، ومرة بعد أن يفرطوا فى حقهم المسئول عنه الإخوان مسئولية كاملة أمام الله ورسوله والمؤمنين.
على الجهة الأخرى فما هو ذنب ضباط الشرطة وأسرهم والعساكر البسيطة أن تزهق أرواحهم على يد أبناء وطنهم، وترمل زوجات فى مقتبل العمر، وييتم أولاد لا يزالون يتعلمون نطق كلمة «بابا»، وتفقد أمهات فلذات أكبادها ونور عيونهن لأن هناك حقراء أفتوا بقتل رجال الشرطة والجيش إذا ما أقبلوا على فض اعتصام سواء كان سلميًا أو غير سلمى.
ماذنب 42 أسرة مصرية فقدت خيرة شباب مصر ورجالها أثناء تصديهم لإرهاب جماعة تتاجر بالدين وبالوطن والشعب فى سبيل تحقيق مصالحها فقط، فالضباط وأفراد الأمن والعساكر الذين استشهدوا على يد رجال الجماعة المعزولة، سيقابلون ربهم وهم فرحون، لأنهم ماتوا وهم يدافعون عن وطنهم وعن مستقبلنا جميعاً، ولم يضحوا بأرواحهم فى سبيل شخص أو جماعة أو كرسى، هذا هو الفرق بين الشهداء الحقيقيين وبين من دفع حياته بلا مقابل ليقابل ربه والخزى والعار يكسو وجوههم لأنهم كانوا حريصين على قتل أبناء وطنهم الذين يؤدون واجبهم فى الدفاع عن مصر وكرامتها وسيادتها أمام غوغائية حفنة من المرتزقة، ومن سيذكر التاريخ؟ الشهداء من رجال الشرطة الذين ذبحوا ومثل بجثثهم أعداء الله ورسوله فى مشهد مفعم بالكفر والطغيان، أم سيذكر التاريخ هؤلاء الخونة الذين استباحوا دماء رجال الشرطة وحرضوا على قتلهم وتمزيقهم لأنهم ينفذون القانون، أعلم أن الكثيرين سينتقدون كلامى، وسيحاولون تذكيرى بأفعال الشرطة ورجالها خلال فترة حكم المخلوع مبارك، لكن من لا يرى أن وزارة الداخلية ورجالها تعلموا الدرس جيداً، وأصبحوا يقفون مع الحق والقانون والشعب، واستطاعوا أن يصححوا أخطاءهم بشكل عملى وقدموا لمصر أكثر من أربعين شهيداً فى يوم واحد، ليثبتوا للشعب المصرى أنهم درعه أمام أى عدوان يحاول أن يمس أمن المواطن وسلامته.
سيتذكر التاريخ جيدا هذه الأسماء وسيحفرها فى ذاكرته، لأن أصحابها ضحوا بحياتهم ومستقبل أسرهم لننعم نحن بدولة مدنية بعيدة كل البعد عن فاشية الإخوان وإرهابهم، هذه الأسماء ضموها لقائمة شهداء ثورة يناير وضعوها جنباً إلى جنب بجوار أسماء جيكا والشيخ عماد عفت والحسينى أبو ضيف وكل من استشهد فى سبيل مستقبل هذا الوطن، فكل من الشهيد اللواء مصطفى إبراهيم عبداللطيف الخطيب والشهيد اللواء محمدعباس جبر، والشهيد العقيد عامر محمد عبدالمقصود والشهداء الضباط محمد سمير إبراهيم عبدالمعطى ومحمد محمد جودة عثمان ومحمد فاروق نصر الدين وسامى مغاورى عبدالمحسن محمد ومينا عزت ومحمد صفوت حرب وهشام جمال الدين محمود شتا وشادى مجدى عبدالجواد بدر وأشرف محمود محمد محمود وحسام السيد بهى عبدالفتاح، كل هذه الأسماء وبجوارها أسماء أخرى من ضباط وأفراد أمن وعساكر، ضحوا بأنفسهم ليخلصونا من لعنة الجماعة المعزولة، ولم يبخلوا علينا بأعز ما يملكون ومنحونا أرواحهم مثلما فعلها من قبلهم شهداء يناير لنحيا كراما مرفوعى الرءوس، نتذكرهم ونقدر ما فعلوه من أجل مستقبلنا. إذا كانت الداخلية قد أخطأت فى يوم من الأيام فى حق الشعب المصرى، فالآن فقط يستطيع الشعب أن يغفر لها، ويمنحها تفويضًا كاملاً للدفاع عن أمنه وحاضره ومستقبله، أما الآخرون الذين سقطوا قتلى وهم يقفون بجوار الباطل فليس أمامنا خيار سوى الدعاء لهم عسى أن يرحمهم ربنا ويكفر عنهم ذنوبهم وخيانتهم لوطنهم وأبناء شعبهم، لأنهم للأسف مصريون