يمتلك رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني كل المقوّمات التي تؤهّله ليكون قائداً لنحو 40 مليون كردي، خارج المنصب الذي يشغله، ورمزاً على غرار القادة الكبار. وبدلاً من أن يكسب الأكراد كاتباً وشاهداً فذاً على أهم مرحلة تاريخية كردية، فإن بارزاني يبدو أنه اختار ليكون رئيساً من جديد للإقليم مدعوماً من حزبين.. السيء في الموضوع أنّ الأمر يجري على الطريقة الشرقيّة: تمديد الفترة الرئاسية لمدة سنتين. النقاشات الصاخبة التي شهدها برلمان كردستان على خلفية التمديد ومشروع الدستور، لن تسمح بسهولة تحول الإقليم إلى نظام حكم دكتاتوري. فالمعارضة التي تتزعمها قائمة «كوران - التغيير» لديها ما يقرب من 40 مقعداً من أصل 111 هي عدد مقاعد برلمان الاقليم، وإن كان ذلك لا يؤهلها لنقض مشاريع القوانين، لكنها كتلة مسموعة الصوت وتهابها الأغلبية البرلمانية المكونة من الحزبين: الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني، وعادة تكون مثل هذه المعارضة غير متوفرة في مرحلة «مأسسة» الدكتاتوريات في حياة الدول.
تمديد غير نهائي
التمديد ليس نهائياً، حيث أحيل إلى رئيس الإقليم من أجل إصدار مرسوم رئاسي لعرض الدستور على الاستفتاء الشعبي، الامر الذي ترفضه المعارضة وتطالب بإحالته إلى البرلمان لإجراء تعديلات عليها قبل عرضها على الاستفتاء. أي ان الأمر ليس نهائياً، ويمكن أن يتخذ رئيس الاقليم خطوة تاريخية سترفعه إلى مكانة العظماء في حال رفض التمديد، وسينقذ بذلك أيضاً الحياة السياسية الكردية مستقبلاً في الأجزاء الكردستانية الأخرى.
حيث سيكون التمديد صكاًّ لكل قوة كردية تريد فرض نفسها عبر الغلبة والجبرية الأمنية، سواء في سوريا أو تركيا أو إيران، ومَثَلهم الأعلى في ذلك: «فخامة رئيس إقليم كردستان». إضافة إلى ذلك، فالتمديد، الذي قد يتطور بعد سنتين إلى توريث مقولب دستورياً، سيضع الجيل الكردي الناشئ في كردستان، في موقف ضعيف لدى تنظيره عن الديمقراطية والحقوق، إذ إن الخطاب الديمقراطي لا يمكن أن يتجزأ، ولا يمكن القبول بازدواجيته الركيكة، كما أن الخطاب السياسي الكردي دأب على تقديم نفسه على أنه رأس حربة الديمقراطية وحلفاء التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط (عبد الله أوجلان).
تقليد نماذج
التمديد ليست مسألة سياسية بالنسبة لشعب في موقع الشعب الكردي الذي يريد أن يثبت تميزه عن شعوب الجوار، وعدم المرور في المراحل السياسية ذاتها: الدكتاتورية العائلية تحت يافطة التاريخي النضالي، وأن لا شخص يصلح لمسؤوليات الرئاسة أكثر من بارزاني. هنا سيشبه الاقليم أكثر فأكثر «سوريا الأسد» و«عراق صدّام»، وتكون بعيدة حتى عن تركيا. تقليد لنماذج سياسية تثور عليها الشعوب حول الإقليم.
ويقلل البعض من تأثير التمديد على المظهر الديمقراطي الذي يستند إليه إقليم كردستان في العديد من جوانب الإدارة السياسية، ودليلهم لذلك ان التمديد هو لمرة واحدة، مقابل تعديل مادة في مشروع الدستور بحيث لا يتيح لبارزاني الترشح لولاية رابعة، فهو حل وسط بين الترشح لولاية جديدة، مفصّلة على قياس الرئيس، كما كان يحدث في الدكتاتوريات المنهارة في المنطقة، وبين التقاعد والانصراف إلى عمل آخر، غير الرئاسة، كما في الديمقراطيات المحترمة.
مواقف
قال النائب عن حزب التحالف الكردستاني في برلمان كردستان، كوران آزاد، أن هناك احتمالاً بأن يصبح رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني رئيساً للعراق. بدوره، اعتبر النائب عن كتلة التغيير عبد الله الملا نوري أن البرلمان الكردستاني أصبح منبراً للاستهانة بإرادة المواطنين بدلاً من الدفاع عن حقوقهم، مشدداً على أن البرلمان «يستغل» من اجل ترسيخ وحماية مصالح رئيس الإقليم مسعود البارزاني.