رقية جمال رملة بولاق منطقة عشوائية يرجع تاريخها إلى أكثر من 200 عام، تبلغ مساحتها حوالى 3.9 فدان تقريبًا ويعيش بها أكثر من 3000 أسرة من المهمشين تقع خلف أبراج "ساويرس" الشاهقة وفندق كونراد بكورنيش النيل .
قمنا بجولة داخل منطقة رملة بولاق لنتعرف عن قرب على معاناة الأهالى والمشاكل التى تواجههم, هذا وقد اتهم أهالي المنطقة التي تشمل عشش "الكفراوى" و"العزاوى" وعشش "رملة بولاق"، حي بولاق أبو العلا بممارسة ضغوط ضدهم لإجبارهم علي الموافقة علي بيع العشش الخاصة بهم لأحد المستثمرين, مؤكدين أن موظفي الحي يحاولون إقناعهم إن المنطقة تقع ضمن خطة التطوير وستتم إزالتها وإن الموافقة علي البيع ستكون في مصلحتهم.
فى البداية, تقول "وفاء عبد النبى", 45 سنة, إحدى سكان عشش رملة بولاق: "احنا عايشين هنا منذ زمن طويل, وهم عايزين يشردونا ويرمونا فى الشوارع, أنا عندى ولدين متزوجين وعايشين معانا فى "الأوضتين" دول, وعندى ولدين صغيرين فى المدارس قعدوا من المدرسة علشان مفيش فلوس. "
وأضافت وفاء: "ولادى الكبار كانوا بيشتغلوا صنايعية لكن خدوا واحد فيهم ضمن أحداث النايل سيتى قالوا عليهم بلطجية وجت الشرطة كسروا علينا الباب وخدوه فى نص الليل الشرطة اللى المفروض بتحمينا بتيجى علينا لصالح رجال الأعمال, والتانى يوميته 30 جنيه تكفى مين ولا مين, احنا هنا والله عايشين تحت خط الصفر لولا الجمعيات الخيرية هما اللى بييجوا ويساعدونا وبعد كل ده عايزينا نسيب مكاننا ويشردونا, وجاء إلينا بعض الناس من الحى للضغط علينا للموافقة على بيع العشش التى نعيش بها, مدعين أن المنطقة تقع ضمن خطة التطوير وستتم إزالتها, ونحن أخبرناهم أنهم لو يريدون مننا أن نترك المنطقة, عليهم دفع 20 ألف جنيه للمتر ونترك المكان, حتى نستطيع السكن بمكان جديد وأفضل .
وفى نفس السياق, أخبرتنا "سماح جمال", 18 عام من سكان المنطقة: أن أهلها يسكنوا بالمنطقة منذ أكثر من 30 سنة, وأنا وأخوتى ولِدنا هنا وأنا أصغرهم, ونعانى كثيرا هنا نظرا لما نلقاه من إهانة وإهمال لكل حقوقنا .
بينما يؤكد "أحمد حسن", 35 عاما, أحد سكان منطقة رملة بولاق: "احنا طول عمرنا عايشين فى أمان الله", وعلى الرغم من أننا نفتقد لأبسط الخدمات الآدمية من كهرباء ومياه وصرف صحى لكننا راضون بهذه العيشة التى ولدنا وتزوجنا وأنجبنا أولادنا فيها, لكن منذ سنوات قليلة أصبحت المنطقة مطمعا لمجموعة من رجال الأعمال لإقامة مشاريع استثمارية بها .
وأضاف أحمد حسن: "القصة بدأت منذ إندلاع ثورة ال 25 من يناير, عندما قام البلطجية بالهجوم على المولات التجارية الموجودة بكورنيش النيل والإستيلاء على محتوياتها ومن ثم إحراقها, فيما عدا أبراج النايل سيتى المملوكة لرجل الأعمال "نجيب ساويرس" فلم يستطع أحد من البلطجية التعدى عليه أو إحداث أى ضرر به بسبب خروج كل شباب رملة بولاق لحمايته نظرًا لقرب هذه الأبراج من منازلنا, حيث إنها فى الجهة المقابلة لنا, بعد ذلك قام "عمرو الدالى", مدير أمن أبراج النايل سيتى بإحتضان شباب المنطقة ووفر لهم فرص عمل داخل الأبراج براتب 800 جنيه شهريًا لكل شاب تعينهم على الحياة بعدما شاهدهم وهم يقومون بحماية الأبراج فى أحداث الثورة .
ويكمل "حسن" حديثه قائلا: استمر الوضع على هذا المنوال إلى أن جاء "طارق الحلوانى" وأصبح مديرًا لأمن الفندق بدلاً من عمرو الدالى وبدأ فى الوقيعة بين شباب المنطقة لرغبته فى إنهاء عملهم والاستغناء عنهم رافضا إعطاءهم مرتباتهم وفى أواخر شهر يونيه الماضى حصل حريق كبير فى العشش لا نعلم إلى وقتنا هذا ما سبب هذا الحريق مما أدى إلى مصرع الطفل محمد عبد النبى الشهير ب"عمار" ويبلغ من العمر 5 سنوات بالإضافة إلى إصابة العديد من السكان بإصابات جراء الحريق, وبعد الحريق بشهر طالب شباب المنطقة برواتبهم لكن مسئولى الفندق رفضوا ذلك, وحدثت مشادات قام على إثرها أمن الفندق بقتل "عمرو البنى" 33 عاما وأصابوا العديد من شباب المنطقة بطلقات نارية فى أقدامهم وبعدها خرج سكان الرملة فى مواجهات مع أمن الفندق وجاءت الشرطة وقامت بإلقاء القبض على 51 من سكان الرملة من بينهم رجل يبلغ من العمر 65 عاما ووجهوا لهم تهمًا تتعلق بالبلطجة وتعطيل الطريق العام والتجمهر وتحطيم الفندق" .
وعلى صعيد أخر, أشار الحاج "أحمد عبد العال" 76 عاما: "أنا اتولدت فى رملة بولاق وجدود جدودى كانوا يقيموا بها وعشش الرملة تقع خلف فندق نايل سيتى المملوك لنجيب ساويرس ومنذ 5 سنوات تقريبا فوجئنا بأن ساويرس يعرض علينا شراء منازلنا بأبخس الأسعار لكننا رفضنا.
ويضيف أحمد عبد العال: "على الرغم من أننا نسكن بالقرب من كورنيش النيل ونطل على العديد من الأبراج الفخمة إلا أننا نعانى من التهميش من جانب المسئولين, حيث إننا نفتقد لأبسط الخدمات كنا نقوم بتوصيل خرطوم من حنفية رئيسية لتمدنا باحتياجاتنا من المياه إلى أن قامت بعض الجمعيات الخيرية بتوصيل المياه أمام العشش حتى الصرف الصحى لا نملكه مما يضطرنا بتصريف حالنا فى صفائح ومن هنا جاءت تسميتنا بعزبة الصفيح".
وتدخل فى الحديث شاب يدعى على سالم 21 سنه قائلا: "إن عدد من أهالى رملة بولاق تقدموا بدعوى ضد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومحافظ القاهرة يطالبون فيها بإلغاء قرار محافظ القاهرة الصادر بعد ثورة 25 يناير فى أكتوبر الماضى بالاستيلاء على أرض رملة بولاق بهدف تطوير المنطقة بينما الهدف الحقيقى هو هدم منازلهم وبيع الأرض لكبار رجال الأعمال من المستثمرين لإقامة أبراج ومناطق سياحية وترفيهية ".
أما السيده "نور الهدى يوسف", 52 سنة تقول: "أنا أعيش برملة بولاق منذ أن تزوجت من 32 سنة ولدى 7 أولادى ثلاثة منهم كانوا يعملوا لدى ساويرس واحد منهم اتقتل ولم تحقق الشرطة فى حادث قتله ولا تهتم به أصلا لاننا فقراء ولا أحد يهتم بأمورنا وتم القبض على اخواته الاتنين رامى سيد عبد الفتاح وإبراهيم سيد عبد الفتاح ضمن ال 51 اللى اتحبسوا فى أحداث النايل سيتى واتهموهم بالبلطجة ومن سنة ونصف واحد من رجال ساويرس قام بخبطى بعربيته امام الفندق وتركنى ولم يهتم بى وتسبب فى عجزى فأنا مش لاقية أكل أنا وعيالى الصغار وباقول للضابط اللى اخد ابنى ييجى يدينى مرتبه".
وعن بدء تطوير منطقة رملة بولاق, أشار "مفيد شوقى أحمد", رئيس حى بولاق أبو العلا إلى: إنه تم تشكيل لجنة من محافظة القاهرة لحصر المنطقة ثم تشكيل لجنة أخرى من الحى لإعادة الحصر والتأكد من صحته وتم عقد لقاء مع أهالى الرملة يوم 5-4 والاتفاق على تشكيل لجنه تكون مسئولة عن التحدث بأسم أهالى المنطقة ومن المقرر الاجتماع معها ومع لجنة المحافظة والحى يوم 7-5 لمحاولة التوصل لحل لبدء تطوير المنطقة.
واستنكر رئيس حى طلب الأهالى بالحصول على 20 ألف جنيه للمتر مقابل تركهم للمنطقة قائلا أن هذه الأرض غير مملوكه لهم وحصلوا عليها بوضع اليد كما أن المحافظة ليس لديها أموال لدفعها لهم .
وعن الخطة الزمنية المحددة لتطوير منطقة رملة بولاق أكد "مفيد شوقى": أن مهمته تنتهى بحصر المنطقة ومحاولة التوصل إلى حل مع الأهالى وإقناعهم بترك المنطقة لبدء عملية التطوير وأن هذه النقطة يسئل عنها صندوق تطوير العشوائيات أو المحافظة .
وبمواجهة رئيس الحى بإتهام أهالى رملة بولاق للحى بممارسة ضغوط ضدهم لاجبارهم علي الموافقة علي بيع العشش الخاصة بهم لأحد المستثمرين, أشار إلى أنه تم تعيينه منذ شهرين فقط وإن كان حدث ذلك ففى الفترة التى سبقت توليه منصب رئيس الحى .