كنت أظن مثل الكثيرين من أبناء وطنى أنه بعد قيام ثورة 25 يناير عام 2011 ستتغير الأوضاع فى مصر الى الأحسن , فيشعر المواطن أن هناك من يهتم به , ويعمل على حل مشاكله , ويقلل من حجم معاناته اليومية , ويوفر له الأمن والأمان والإستقرار الذى إفتقدناه فى عهد النظام السابق والذى من أجله قد إنتخبنا الرئيس محمد مرسى , وكان لدينا أمل فى غد أفضل تحت مظلته لما توسمناه فيه من علم وإيمان وقوة وحزم , ولكن دائما تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن , فمنذ توليه الحكم فى مصر وحتى الأن والأوضاع الداخلية تتدهور سواء الإقتصادية أو السياسية أو الإجتماعية , وكأننا فى منزل غاب عنه ربه , فلا إصلاح ولاتجديد ولا متابعة ولا أى شىء يتم على أرض الواقع , أمور كثيرة تأجلت وأصبحت مجرد مشروعات على ورق ساكنة الأدراج , مثل تحديد الحد الأدنى والأقصى للاجور الذى لم يطبق حتى الأن , ومثل مشكلة البطالة التى هى فى ازدياد حيث بلغت خلال الربع الأخير من العام الماضي 2012 ما نسبته 13 بالمائة بزياده قدرها 162 ألف عاطل بنسبة 4.8 بالمائة عن الربع الثالث من العام الماضي وبارتفاع قدره 1.2 مليون عاطل عن الربع الرابع من عام 2010، أي ما يبلغ 50 بالمائة في السنتسن الأخيرتين وذلك طبقا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء , ومشكلة العشوائيات التى تعتبر قنبلة موقوته تهدد أمن مصر القومى , وإتساع الفجوة بين الطبقات الإجتماعية التى أسفرت عن المزيد من العنف والقتل والخطف الذى أصبح مهنة يمتهنها ضعاف النفوس فى ظل تردى الأوضاع الأمنية . يبدو أن الإصلاح ليس بالأمر الهين فكلما خطت خطوة الى الأمام ايادى خفية تدفعها الى الخلف خطوات , ورغم مقاومتها هى وشعبها لتصحيح مسارها الا أن هناك مثلثا مرعبا يدفعها دفعا الى طريق مجهول هو ( الفقر والجهل والمرض ) فلا تستهينوا بغضب الفقير اذا أحتاج ولم يجد , ولا بالجاهل اذا حكمته فأفسد , ولا بالمريض اذا مرض ولم يجد من يطيبه , فكلهم فى حالة الغضب قنابل موقوتة يسهل قيادتهم والتحكم فى تصرفاتهم ليصبحوا سهما موجها لقلب الوطن فيمزقه اربا . لكنى أتسائل هنا الى متى ستبقى الأوضاع على ماهى عليه دون تحرك من السلطة الحاكمة ؟؟؟ والى متى ستبقى مشكلة البطالة والفقر قائمة ؟؟؟ والى متى سيكون المواطن المصرى أخر هم السلطة ؟؟؟ وكيف ستتحق العدالة الإجتماعية فى ظل الفوارق الطبقية الشاسعة التى هى عليها الان ؟؟؟ والى متى سيجاهد المواطن ضيق العيش وإختناقه من الأزمات التى لاحلول لها كإنقطاع الكهرباء ونقص البنزين والسولار وإرتفاع الأسعار وصعوبة الحصول على رغيف الخبز الذى يسد رمقه وأطفاله ؟؟؟ والى متى يستطيع التحرك من مسكنه ويعود اليه أمنا من أخطار الطرق والكبارى المتهالكة والتكدس المرورى وبلطجة سائقى الميكروباصات وأكوام القمامة المتراكمة أمام المساكن والمحلات والمستشفيات وتحت الكبارى ؟؟ أتعجب ممن ينظرون الى حال هذا البلد ولا يهمهم سوى مواصلة الصراع السياسى والتعنت فى أبداء الرأى ... ألا يوجد فى هذا البلد رجلا رشيدا يستطيع إرشادنا الى الطريق الصحيح حتى نخرج من عنق الزجاجة ؟؟ فمصر تغرق والجميع يتصارع ويتشابك من أجل الوصول اليها ولكن لايد تصل اليها وستندمون على ماتفعلون حينما تجدون أنفسكم بلا وطن , فلا تكفى التصريحات والكلمات الرنانة ولاتكفى الوعود نحن ننتظر الفعل , ننتظر أن يكون هناك جديد , ننتظر الإصلاح . فمع إستمرار حالة عدم التوافق السياسي بين الطوائف المختلفة، التي تحكم أو بين القوى الشعبية المناهضة للحكومة، أو بينهم جميعا وانشغالهم بالصراعات على السلطة أصبحت أحلام الغلابة فى حياة أفضل مجرد شعارات يتشدق بها مجانين السلطة فيجب النظر بجدية الى الاصلاح الاقتصادى وكفى صراعات سياسية ولابد أن تتحرك عجلة الانتاج لتعويض الخسائر التى لحقت بنا منذ قيام ثورة يناير , مصر ليست عصية على العلاج، لكنها تحتاج لمن يجيد تشخيص المرض ويحسن التعامل معه وتحتاج لكل القلوب الصافيه التى تحبها بصدق وتحاول أخراجها من عنق الزجاجة حتى تمر أزمتها بسلام .