سعر الدولار أمام الجنيه اليوم السبت 5 يوليو 2025    ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة خلال أيام    موعد مباراة اتحاد العاصمة ضد شباب بلوزداد في نهائي كأس الجزائر    طلاب الثانوية الأزهرية علمي بكفر الشيخ يؤدون امتحان الرياضيات التطبيقية    إصابة 15 شخصا إثر انقلاب ميكروباص على صحراوي المنيا    حريق شقة بعقارات المحمودية في العمرانية| صور    الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم في القاهرة والمحافظات: استمرار الموجة شديدة الحرارة    جثة فتاة دون رأس داخل جوال تثير الزعر بأبو النمرس    فكهاني يذبح زوجته لشكه في سلوكها بالطالبية    أبرزها ظهور نجلي الهضبة على المسرح، 10 صور من حفل عمرو دياب بالساحل    أسعار البيض والفراخ اليوم السبت 5 يوليو 2025 في أسواق الأقصر    لويس إنريكي: لا نفكر في الانتقام من بايرن ميونيخ بكأس العالم للأندية    محمد صلاح ورفاقه المحترفين ينضمون لمعسكر الفراعنة القادم بعد انطلاقه ب48 ساعة    برسوم جمركية تصل إلى 70%| ترامب يبدأ إخطار الدول قبل انتهاء المهلة    ترامب: فيضانات تكساس "أمر فظيع وصادم"    «بجوز ابني».. رامي عادل إمام يحتفل بزفاف نجله على طريقة والده الزعيم بعد 27 عامًا (فيديو)    وائل القباني: جون إدوارد يتبع سياسة خاطئة في الزمالك.. وهو سبب رحيلي    فقد 21 مليون دولار.. ماذا حصد الهلال من كأس العالم للأندية؟    بعد مكاسب تتجاوز 60 دولار.. ننشر اسعار الذهب في بداية اليوم السبت 5 يوليو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 5 يوليو    رمزي وحلمي وملك وجو.. نجوم الكوميديا الرقمية    من قلب أمريكا.. حنان مطاوع: أنا بنت مصر الفرعونية| حوار    ترامب: قد يتم التوصل لاتفاق بشأن غزة الأسبوع المقبل    تشيلسي يتقدم على بالميراس بهدف بالمر في شوط أول مثير بمونديال الأندية    فلسطين.. ارتقاء شهداء وجرحى إثر استهداف طائرات الاحتلال مدرسة "الشافعي" بمدينة غزة    عمرو دياب يشعل الساحل الشمالي بأول حفل بعد "ابتدينا"    السقوط في بئر الخيانة.. أحدث فصول اتصالات «الإخوان» مع المخابرات الأجنبية    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية السبت 5-7-2025    أمير صلاح الدين عن مرضه النادر: الدكتور قال لي لو عطست هتتشل ومش هينفع تتجوز (فيديو)    إنريكي: مباراة بايرن ميونخ صعبة.. وهدفنا التتويج بلقب مونديال الأندية    تحرك عاجل من محافظ بنى سويف لنقل سيدة بلا مأوى لتلقي الرعاية الطبية    كايروكي في «العالم علمين» 2025.. تعرف على أسعار التذاكر وشروط الحضور    اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى    روسيا ترفض العقوبات الأمريكية الجديدة على كوبا    الفئات المعفاة من المصروفات الدراسية 2026.. التفاصيل الكاملة للطلاب المستحقين والشروط المطلوبة    وزارة العمل تعلن عن 90 وظيفة للشباب براتب 8 الاف جنيه| تفاصيل    «إيه كمية التطبيل ده!».. رسائل نارية من أحمد حسن بسبب مدحت شلبي    غرق شاب خلال السباحة فى نهر النيل في الأقصر    محاكمة 15 متهمًا ب"خلية مدينة نصر".. السبت    محافظ المنيا: "القومي للمرأة يعزز مكانة المرأة في التنمية ويخدم آلاف المستفيدات بمبادرات نوعية"    «أبو حطب» يوجه باستمرار حملات النظافة وتمهيد الطرق بقرى أشمون    ميدو يكشف: شيكابالا حالة نادرة في الكرة المصرية.. والوفاء للزمالك عنوان مسيرته    إعلام عبري يكشف العقبة الرئيسية في طريق استمرار المحادثات بين حماس وإسرائيل بشأن مقترح وقف إطلاق النار    في زيارة رسمية.. البابا ثيودوروس بمدينة كاستوريا باليونان    البطريرك ساكو يستقبل النائب الفرنسي Aurelien Pradié    حزب العدل يصدر بيانا بشأن مشاركته بانتخابات مجلس الشيوخ    4 أبراج «أثرهم بيفضل باقي»: متفردون قليلون الكلام ولا يرضون بالواقع كما هو    مستوحاة من المشروعات القومية.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستحدث رموز انتخابية جديدة    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    «جيل Z» يشتري الفكرة لا السلعة.. خبير يحذر الشركات من تجاهل التحول إلى الذكاء الاصطناعي    «الحيطة المايلة» في الجسم.. خبير تغذية يكشف خطأ نرتكبه يوميًا يرهق الكبد    بدائله «ملهاش لازمة».. استشاري يعدد فوائد اللبن الطبيعي    دون أدوية.. أهم المشروبات لعلاج التهاب المسالك البولية    تفاصيل قافلة طبية شاملة رعاية المرضى بالبصراط مركز المنزلة في الدقهلية    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    عالم أزهري: التربية تحتاج لرعاية وتعلم وليس ضرب    خطيب الجامع الأزهر: علينا أن نتعلم من الهجرة النبوية كيف تكون وحدة الأمة لمواجهة تحديات العصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احمد فايق يكتب : نقاب الست أم كلثوم
نشر في الفجر يوم 18 - 02 - 2013

فى قسم الكلاسيكيات بأحد أشهر محلات الموسيقى فى مدينة «كان» الفرنسية، وجدت مجموعة موسيقية ثمنها 80 يورو تتضمن سى دى وكتابا وبعض البوسترات، وتحمل عنوان «حفل أم كلثوم فى باريس»، فقد كانت المجموعة الأغلى ثمنا وقيمة ضمن هذا المحل الفرنسى الشهير، سألت المسئول عن قسم المبيعات، فقال إن أم كلثوم مازالت تحقق أعلى المبيعات فى كلاسيكيات الموسيقى العالمية، والكتاب ألفه ناقد فرنسى عن مسيرتها، أعجب بها وانبهر بصوتها، بقدر انبهار الشركة المنتجة للمجموعة، فمازالت هذه المرأة تحقق لهم الأرباح بعد عشرات السنوات من موتها..!

فى المغرب كنا نتناول العشاء فى مطعم فرنسى بمدينة تطوان أقصى الشمال، حيث نستمع للإيقاعات الموسيقية الفرنسية، وجدت ذلك المخرج الفرنسى جالسا منتفخا بجانبى، يشعر بالفخر لأن ثقافة بلده تغزو المغرب، جاءتنى حيلة بسيطة، فقد أخرجت جهاز الكمبيوتر الخاص بى، وبدأت فى تشغيل أغنية ألف ليلة وليلة، فجاء العامل المغربى فى المطعم، وأخذ منى جهاز الكمبيوتر ونقل الأغنية على التسجيل الخاص بالمحل، ليسمع الجميع صوت الست، ليتمايل ويتراقص المغاربة فى المكان على إيقاعات بليغ حمدى، ويستمتعون بصوت أم كلثوم، فنظرت للمخرج الفرنسى مبتسما بخبث، وقال لى : من هذه المطربة ؟ ، قلت له هذه السيدة أقوى من الثقافة الفرنسية، وأكثر صدقا من السياسيين، وقبلة العاشقين، ومعنى الوطنية، تعيش بداخلنا، تلعب فى مشاعرنا، تغزو وجداننا، علمتنا العشق وحب الوطن والبكاء والضحك والمقاومة، فنظر لى باسما قائلا «واو لديكم ثقافة قوية، يبدو أنك فرعون أصيل».

«تيتة بهيجة» هى شقيقة جدتى التى تقترب الآن من أواخر الثمانين، فقدت زوجها بعد عامين من الزواج، وفقدت ابنها الوحيد وهو طالب فى كلية الهندسة فى حادث أتوبيس، عاشت وحيدة طوال خمسين عاما، والآن أصابتها أمراض الشيخوخة لا تتذكر شيئا، سوى زوجها وابنها وحفل أم كلثوم الذى كانت تحضره مع زوجها أول خميس من كل شهر.

حينما ماتت أم كلثوم قالت عنها صحيفة «زت دويتش سايتونج» الألمانية إن مشاعر العرب اهتزت من المحيط إلى الخليج، الصحف العربية رددت النبأ فى الصفحات الأولى بينما سيطر الوجوم على العرب، كانوا يعرفون أنهم فقدوا آخر رابط حقيقى بينهم، لقد فقدت مصر هرمها الرابع، وفقد العالم العربى كوكبه المشرق لقد ماتت أم كلثوم، قال العدو الإسرائيلى إن العرب إفطارهم الفول وغداؤهم الكرة وعشاؤهم أم كلثوم.

لقد سخرت أم كلثوم حنجرتها وحياتها من أجل مصر، غنت لها فى كل مكان فى العالم، جمعت أموال حفلاتها لصالح المجهود الحربى بعد نكسة 67، ذهبت للجبهة كى تغنى للجنود وسط القصف، حفظت القرآن الكريم وهى طفلة صغيرة، كانت أفضل من ترتل القرآن الكريم، قربت بين الوطن العربى على مستوى الشعوب والأنظمة، حينما ماتت أرسل لها ملك السعودية ماء زمزم كى تغتسل به قبل الدفن، كانت تستطيع أن تجمع مال قارون بمكالمة تليفون لأى أمير أو ملك عربى، لكنها لم تفعلها، فقد سخرت مالها من أجل مصر، غنت فى ليلة الأربعاء 15 نوفمبر 1967على مسرح «الأولمبياد» فى باريس «الأطلال»، والطريف أنها سقطت من على خشبة المسرح وهى تقول «هل رأى الحب سكارى مثلنا كم بنينا من خيال حولنا» عندما أصر أحد السكارى الفرنسيين تقبيل قدمها.

كتب جودون جسكيل فى مجلة «لايف»: إن تغييرا يشمل حياة الناس فى الشرق الأوسط على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم وعقائدهم مرة فى كل شهر ودائما فى العاشرة مساء، فالمرور يكاد يتوقف فى القاهرة وفى مقاهى الدار البيضاء تختفى الطاولة وفى بغداد يترك الأغنياء تجارتهم والمثقفون كتبهم وتفرغ الشوارع من المارة وكلهم آذان تتركز على إذاعة القاهرة فى انتظار أم كلثوم».

شاركت فى ثورة 25 يناير بأغانيها التى لا تموت، هل تتذكرون رائعة حافظ إبراهيم «مصر تتحدث عن نفسها» بصوت أم كلثوم» أنا إن قدر الإله مماتى.. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى ما رمانى رام وراح سليماً.. من قديم عناية الله جندى، كم بغت دولة عليّ وجارت.. ثم زالت وتلك عقبى التعدى، إننى حرة كسرت قيودى.. رغم أنف العدا وقطعت قيدى»، لقد كان الميدان يرتج بالحماس فى أكثر لحظاته إحباطا، فقد ألهبت الست كل الميادين من الجبهة أثناء حرب الاستنزاف وحتى ميدان التحرير.

هذه هى أم كلثوم التى غطى رأسها متطرف تافه بالنقاب فى المنصورة، لقد فعلت أم كلثوم مالم يفعله رئيس مثل محمد مرسى، وقدمت لمصر أكثر مما أخذه منها مرشد الإخوان المسلمين، وأخلصت للمصريين ولحريتهم بقدر خيانة المشير طنطاوى للثورة، شكلت وجدان المصريين بقدر برود مبارك، لم تسلم الست أم كلثوم من سخرية الشيخ كشك الذى قال لها «ياولية خدك ربنا»، وبعد سنوات بقيت أم كلثوم وذهب الشيخ كشك، مثلما سيبقى تمثال أم كلثوم فى المنصورة وسيذهب المتطرف الذى غطاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.