«أشعر بالقلق لما يحدث فى مصر لأن الرياضة أصبحت تدفع فاتورة السياسة» هذه هى الكلمات التى عبر بها جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» عن أحداث مذبحة بورسعيد التى استشهد فيها ما يزيد على 70 شابًا من أعضاء رابطة مشجعى النادى الأهلى «الألتراس»، وفسر الرياضيون المصريون تلك التصريحات بأنها محاولة لحماية الاتحاد المصرى لكرة القدم الذى قررت الحكومة الإطاحة به ككبش فداء للحادث، والحقيقة أن الرجل أراد أن يلقى الضوء على الزلزال الذى هز عرش «الفيفا» بعد هذه الواقعة.. أراد أن ينبه إلى ثورات قادمة لا يعرف نقطة انطلاقها، لكنه يعرف من يقودونها، «الألتراس».. ذلك التنظيم الدولى الذى لا يشبه سوى تنظيم «الإخوان المسلمين»، جوزيف بلاتر وحده الذى أدرك أن دولة « الفيفا» فى خطر بسبب روابط المشجعين، ونظام المشير فى مصر فى خطر بسبب «الألتراس»، تلك الروابط التى نشأت فى الأساس لتدافع عن الحرية.. حرية المدرجات فى مواجهة من يفرضون القيود على مواطنيها، حرية الانتماء فى مواجهة لصوص الأوطان، حرية الدفاع عمن تحب دون أن تنتظر المقابل، هى روابط تجتمع على مبدأ العطاء بلا حدود، تدافع عن الأندية.. وترفض التبعية لها، روابط يحكمها فكر وعقيدة واحدة على مستوى العالم تسمى عقلية الألتراس ultras mentality ومعناها أن يتمتع عضو الألتراس بثقافة إبداعية حربية.. تلزمه بالانتماء إلى مجموعة حرة ذات أهداف معروفة وتوجهها الحركى معروف.. عقلية تحترم قوانين الألتراس العالمية بالإضافة إلى احترامها لسياسة وعقلية وتقاليد البلد.. الألتراس جماعة نشأت بشكل شرعى، لكنها تحولت بعد الثورة إلى جماعة محظورة من وجهة نظر القوات الأمنية التى تدعى حماية الثورة.. وهى كارثة تنذر بثورة عالمية.. خاصة أن هذه الروابط هى تنظيم دولى انتفض لما أصاب زملاءه فى مصر فجعل من مذبحة بورسعيد حدثا عالميا.. ودفع مختلف الأندية للتنديد به.. وتكرر مشهد رفع العلم المصرى وعلم ألتراس الأهلى فى مباريات الأندية الأشهر فى العالم لتؤكد دعمها ووقوفها إلى جوارهم. «الألتراس» كما يعرفهم رئيس «الفيفا» ليسوا مجموعة من الهمج يعشقون المشاحنات، وليسوا مجموعة من حملة الأعلام الملونة والمفرقعات، بل مجموعة تبحث عن وطن تنتمى له.. وتدافع عنه، كل واحد منهم يعتز بذاته.. فخور بها.. يدرك أهميته ومكانته، يمشى رافعا رأسه لانه يدرك أن هناك جيشًا خفيًا مختزنًا بداخله يستطيع أن يطلقه فى أسوأ الظروف ليفترس أعداء مجموعته وناديه أو وطنه، لذلك فهو لا يتكلم كثيرا ولا يهاجم أحدا إلا إذا هاجمه.. ولا يتعدى على أحد إلا إذا أهان رمزا أو شعارا أو فردا من أفراد المجموعة أو النادى، عضو الألتراس لا يتشاجر بغرض استعراض القوة.. ولا يستعين بالبلطجية أو من هم خارج المجموعة، إنه يحارب من أجل الأشياء التى يؤمن بها.. ويسعى إلى تكوين مجموعته التى تعمل بالتعاون مع المجموعة الرئيسية.. وهذا هو ما ساهم فى تأسيس مجموعة روابط فرعية للنادى الأهلى على سبيل المثال فى مختلف المحافظات.. فمجموعة الإسكندرية بدأت باستقلال أربعة أعضاء فى الرابطة الرئيسية بالقاهرة لتضم بعد عام واحد آلاف من محبى النادى فى المحافظة، وتكرر ذات الأمر فى السويس وفى بورسعيد التى تضم مجموعتين للألتراس الأهلاوى، وفكرة تأسيس المجموعات الفرعية جعلت من تنظيم الألتراس كيانًا قويًا قادرًا على الحشد والتوحد أيضا، فضحايا مجزرة بورسعيد تفرقت دماؤهم لتطال العديد من المحافظات.. منهم أبناء السويس ودمياط والإسكندرية والمنيا وغيرها.. وهو ما دفع اعضاء الروابط فى هذه الأماكن يحشدون زملاءهم للتنديد بالحادث فكان رد الفعل أقرب إلى ثورة فى مختلف الأقاليم.. وهو ما يكشف عن الحجم الحقيقى للألتراس.. الذى أصبح بالفعل يهدد النظام الذى تآمر على أعضائه بسبب مواقفهم السياسية. تصريحات رئيس دولة « الفيفا» تؤكد أن «الألتراس» أو مشجعى النوادى الرياضية أصبحوا جزءا لا يتجزأ من الساحة السياسية المصرية منذ بداية ثورة 25 يناير. كان اندلاع الثورة فرصة لمشجعى الألتراس للخروج إلى شوارع من ملاعب كرة القدم إلى الميدان مؤشرا على إمكانية دخولهم لملاعب السياسة بل انضمام عدد منهم لحزب «بلادي» ومن بينهم رامى صلاح الذى أصبح متحدثا باسم الحزب، وهو ما يعنى أنهم يخوضون الآن مباراة فاصلة ربما تقودنا حسب توصيفهم إلى نهاية حكم العسكر.