«التنظيم والإدارة»: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال أيام    رئيس جامعة المنوفية يهنئ السيسي والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    تراجع طفيف بأسعار الذهب وسط استمرار الطلب على الملاذات الآمنة وضعف الدولار    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس 5 يونيو    أسعار اللحوم اليوم الخميس 5-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة الدقهلية    أسوان تنتهي من الاستعدادات لاستقبال عيد الأضحى.. وتكثيف الحملات على الأسواق    "التصديري للأثاث" يثمن برنامج الصادرات الجديد.. و"درياس" يطالب بآليات تنفيذ مرنة وديناميكية    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ خلال عيد الأضحى    ترامب يأمر بالتحقيق في دستورية قرارات بايدن بسبب "القلم الآلي".. تفاصيل    الجيش الكورى الجنوبى: قارب يحمل كوريين شماليين يعبر الحدود البحرية    لن نهدأ ولن نسكت.. أول تعليق لنتنياهو على استعادة رفات أسيرين إسرائيليين في غزة    الصين تنتقد الفيتو الأمريكى ضد مشروع قرار لمجلس الأمن بشأن غزة    وزير الدفاع الألماني: نحتاج إلى 60 ألف جندي إضافي نشط في الخدمة    زلزال بقوة 5.0 درجة يضرب مقاطعة يوننان بجنوب غربى الصين    الاحتلال الإسرائيلي يستعد لاعتراض السفينة مادلين ويحذر طاقمها بالاعتقال    يوفنتوس يعلن شراء عقد نجم ميلان    مذاعة.. القنوات الناقلة لمباراة الزمالك وبيراميدز في نهائي كأس مصر ومعلقا اليوم    شوبير يوضح موقف أحمد عبدالقادر من العودة إلى الأهلي    فابيان رويز: فرنسا تريد الثأر لخسارة نهائي اليورو    درجة الحرارة تتجاوز ال40.. «الحج والعمرة» تحذر الحجاج من التعرض للإجهاد الحراري في يوم عرفة    رابط نتيجة 3 إعدادي محافظة الغربية بالاسم ورقم الجلوس (بعد اعتمادها)    من مسجد نمرة إلى جبل الرحمة.. الحجاج يحيون الركن الأعظم في تنظيم استثنائي    تحرير 156 محضراً للمخالفين بالأسواق فى حملات قبل عيد الأضحى بأسوان    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    مصرع شاب دهسًا أسفل عجلات سيارة نقل ثقيل في الفيوم    حلا شيحة وحنان ترك تدعمان أحمد سعد أثناء تعلم القرآن بالحرم النبوى    "الأعلى للإعلام" يحيل شكوتي "نوارة نجم" و"ياسمين رئيس" إلى لجنة الشكاوى    معايدة عيد الأضحى 2025.. أجمل رسائل التهنئة للأهل والأصدقاء (ارسلها مكتوبة)    لأصحاب برج القوس.. ماذا ينتظرك في شهر يونيو 2025؟    «اللهم لا تطو اليوم علينا إلا وسترت عوراتنا ومحوت سيئاتنا».. أفضل دعاء في يوم عرفة 2025 (ردده الآن)    الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.. كيفية أداء صلاة عيد الأضحى (إنفوجراف)    رئيس هيئة الرعاية الصحية يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي بمحافظات القناة خلال عيد الأضحى وموسم الإجازات الصيفية    فحص 17 مليوناً و861 ألف مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    جوله تفقديه مفاجئة.. رئيس هيئة التأمين الصحي يتفقد مستشفى النصر بحلوان    وزارة الصحة تكشف السعرات الحرارية لكل 100 جرام كبدة وقلب وكلاوى    "التنظيم والإدارة" يكشف موعد إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة    عاشور: مصر تشهد طفرة نوعية في التعليم الجامعي ولدينا 128 جامعة    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    «ناقد رياضي»: الزمالك استقر على تصعيد ملف زيزو إلى الفيفا    «اللهم اجعلني من عتقائك».. أدعية مستجابة لمحو الذنوب في يوم عرفة    الهلال يتعاقد مع المدرب الإيطالي إنزاجي    سعر الجنيه الإسترليني يبدأ تعاملات اليوم الخميس 5-6-2025 على تراجع    إيلون ماسك يهاجم خطة ترامب الضريبية: "إفلاس أمريكا ليس مقبولًا"    الدفاع الأوكرانى: أوكرانيا ستتلقى 1.3 مليار يورو من حلفائها العام الجارى    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أذكار الصباح ودعاء يوم عرفة لمحو الذنوب (ردده الآن)    موعد أذان المغرب اليوم في القاهرة والمحافظات يوم عرفة.. هنفطر الساعة كام؟    إلى عرفات الله، قصة قصيدة بدأت برحلة هروب واعتذار شاعر وانتهت بصراع بين مطربتين    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    عيد الأضحى موسم للتواصل مع الناخبين.. الأحزاب تسابق الزمن استعدادا للانتخابات    الذكرى ال50 لإعادة افتتاحها| قناة السويس.. ممر عالمي لا بديل عنه    محافظ قنا يستقبل وفدًا من مطرانية الأقباط الأرثوذكس للتهنئة بعيد الأضحى    الإفتاء تحسم الجدل.. هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد؟    قبل صدام بيراميدز.. كم مرة توج الزمالك ببطولة كأس مصر بالألفية الجديدة؟    "عاد إلى داره".. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بدر بانون    نجاة السيناريست وليد يوسف وأفراد أسرته من حادث سير مروع    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصام زكريا يكتب : رسالة 11 فبراير .. الهتافات فقط لا تصنع ثورة!
نشر في الفجر يوم 15 - 02 - 2012


أول إضراب وأول عصيان مدنى حدثا فى مصر الفرعونية
«ما الفارق بين الإضراب والعصيان المدنى؟»
واجهت هذا السؤال أكثر من مرة تعليقا على مقال العدد الماضى من «الفجر» حول إضراب أو عصيان 11 فبراير الذى تدعو له القوى الثورية فى مصر.
السؤال أسعدنى أكثر من دعوات الإضراب والعصيان نفسها، التى راحت تملأ صفحات الفيس بوك. السؤال هو أول طريق المعرفة، والبحث هو أولى خطوات تحقيق الهدف، وبغض النظر عما إذا كان 11 فبراير سينجح فعلا أم إن القوى المتحالفة ضد الثورة ستجهضه فإن الشباب وقطاعات كبيرة من الشعب المصرى لم تعد تستسلم للأفكار الجاهزة ولا المقولات البالية التى حولت العالم فى نظرنا إلى كتلة هلامية من الجهل المشوب بالخرافات.
وبغض النظر عما إذا كنت تنوى المشاركة أم لا، فعليك أولا أن تعرف ماالذى تتحدث عنه. وبالمناسبة أنا شخصيا لم أكن أعرف الفارق بين الاضراب والعصيان ولا التعريف الصحيح لأيهما قبل أسبوعين من الآن.
الاضراب هو امتناع عن العمل يقوم به العمال بالأساس، وتضرب فيه الطبقة العاملة، أو الفلاحون أحيانا، اعتراضا على أحوالها الاقتصادية السيئة فى الغالب. ويمكن التعرف على نموذج حى للاضراب العمالى فى فيلم «الاضراب» الذى صنعه المخرج الروسى الكبير سيرجى ايزنشتين عام 1925 وسجل فيه الاضراب الكبير الذى قام به العمال الروس عام 1903 ومهد لثورة 1905 التى سحقها النظام القيصرى قبل أن تولد الثورة مجددا بعد ذلك بسنوات، وهو يشبه إلى حد ما إضراب 6 أبريل الذى سبق ثورة مصر بسنوات وقام نظام مبارك بسحقه بوحشية. ومن شأن الإضراب أن يشل حركة الانتاج فى المصانع أو حركة الطرق أو بعض الخدمات العامة، أما العصيان المدنى فهو أكثر شمولا ويضم فئات اجتماعية أكبر، حيث يتجمع المحتجون بأعداد هائلة ويرفضون الرحيل أو فتح الطريق أو العمل، وغالبا ما يواجهون العنف الذى تمارسه السلطات ضدهم بطريقة سلمية. والعصيان المدنى أكثر استخداما فى مواجهة الاحتلال الأجنبى أو الحكومات العسكرية الشمولية. ولعل أشهر عصيان مدنى ناجح هو العصيان الذى استخدمه غاندى فى الهند من أجل الاستقلال عن بريطانيا، كما استخدمه سود جنوب أفريقيا ضد سياسة الفصل العنصرى وسود أمريكا خلال حركة الحقوق المدنية، وكلها حركات ناجحة أطاحت بحكومات وأنظمة محتلة أو مستبدة، ولمن يعتقد أنها فكرة تخريبية حديثة عليه أن يراجع تاريخ الثورات المصرية بداية من أول إضراب عمالى قام به عمال بناء المقابر فى مصر الفرعونية قبل الميلاد باثنى عشر قرنا إلى أول عصيان مدنى فى التاريخ حدث فى عهد الملك بيبى قبل الميلاد بحوالى مئة عام، وشارك فيه نسبة كبيرة من السكان اعتراضا على سوء الأحوال المعيشية وتركز كل الثورات فى أيدى الملك وحاشيته والكهنة وكبار رجال الدولة!!
عصيان الفراعنة فى عهد الملك بيبى نجح فعليا فى شل حركة الاقتصاد، كما تجمع المحتجون فى المعابد الكبرى وهددوا بهدمها حتى تم إجبار الملك ونظامه على الاستجابة لمطالب الناس. ومن عهد بيبى إلى ثورة 1919 التى شهدت كل المظاهر المعروفة للاضراب والعصيان المدنى من امتناع الطلبة عن الذهاب إلى الجامعات والمدارس إلى إيقاف حركة المرور وقلب عربات الترام وإضراب أصحاب سيارات الأجرة وإغلاق معظم المحال التجارية والبنوك وامتنع المحامون عن عملهم فى المحاكم واستمرت الاعتصامات رغم العنف الهائل الذى مارسه جنود الاحتلال ضد المعتصمين والمتظاهرين واتهام الاعلام والحكومة لهم بأنهم مخربون يسعون إلى إسقاط مصر إلى آخر هذه الاسطوانة المشروخة.
وحسب موسوعة «ويكيبيديا» فإن الكاتب الأمريكى هنرى ديفيد ثورو هو أول من نظرَ للفكرة فى مقالته المنشورة عام 1849 بعنوان «العصيان المدني» والتى كان عنوانها الأصلى «مقاومة السلطة المدنية»، وكانت الفكرة الدافعة وراء المقال هى أن الموقف الأخلاقى للفرد يكون سليما إذا كان بوسعه «مفارقة غيره» عند اختلافه معه؛ أى أنه ليس على الفرد محاربة الحكومة، لكن عليه وألا يدعمها فى أى شىء وألا يستفيد من دعمها له فى أى شيء إن كان معارضا لها. وكان لهذه المقالة أثر بالغ فى عديد من ممارسى العصيان المدنى لاحقا. وفى المقال يفسر ثورو أسبابه فى رفض دفع الضرائب كفعل احتجاج ضد العبودية وضد الحرب المكسيكية الأمريكية.
كذلك كانت مقالة «منهج العبودية الاختيارية» التى وضعها القاضى الفرنسى إيتيان ديلا بوتى أحد المصادر المبكرة التى وضعت فكرة أن الطغاة يحوزون القوة لأن الناس يمنحوها لهم، وأن «فقدان المجتمعِ للحريةَ يتركه فاسدا مفضلا عبودية المحظيات على حرية من يرفض التسلط ويأبى الخضوع». وبهذا فقد ربط لابوَتى بين النقيضين التسلط والخضوع وهى الفكرة التى طورها فيما بعد المفكرون اللاسلطويون (الفوضويون). وبالدعوة إلى رفض دعم الطاغية فإن لابوتى هو واحد من أوائل الذين دعوا إلى العصيان المدنى والمقاومة السلمية. كتب لابوَتى المقالة عام 1553 عندما كان لا يزال طالبا فى الجامعة فى الثانية والعشرين من عمره، وجرى تداولها سرا ولم تطبع حتى 1576 بعد موت صاحبها عام 1563.
وقد استخدم العصيان المدنى فيما عرف إجمالا بالثورات الملونة التى غشيت دولا شيوعية سابقة فى وسط وشرق أوروبا ووسط آسيا. ومن أمثلة ذلك خلع سلوبودان ميلوسوفتش فى صربيا فى 2000 والذى استخدم الثوار فيه أسلوبا كان قد طبق من قبل فى انتخابات برلمانية فى بلغاريا عام 2000، وسلوفاكيا عام 1998، وكرواتيا عام 2000. كذلك الثورة الوردية فى جورجيا التى أدت إلى خلع إدوارد شفرنادزه فى 2003، وكذلك الثورة البرتقالية فى أوكرانيا التى تلت الخلاف على نتائج انتخابات 2004 البرلمانية. وأيضا الثورة البنفسجية التى سبقت ذلك فى تشيكوسلوفاكيا عام 1989 والتى ساهمت فى سقوط النظام الشيوعى فى تشكيوسلوفاكيا السابقة.
الفخ الأكبر الذى يمكن أن يقع فيه ممارسو «العصيان المدني» هو الاستجابة لعنف السلطة بعنف مضاد، أو بتخريب المنشآت، وكثيرا ما تدس السلطات «بلطجيتها» وسط المتظاهرين لارتكاب مثل هذه الأفعال، وكان المهاتما غاندى من أشهر الذين وضعوا القواعد «السلمية» لمواجهة عنف السلطات، والتى طورها بعد ذلك ثوار الثورات السابق ذكرها فى أوروبا، ومن هذه القواعد عدم الاستجابة للغضب وتحمل هجوم السلطات له وعدم الرد مطلقا على أى استفزاز والدفاع عن أى شرطى أو موظف مدنى يتعرض للخطر من بعض الثوار الغاضبين. بغض النظر عن مصير إضراب أو عصيان 11 فبراير، والمحاولات البائسة من النظام وحلفائه لقمعه بالقوة والخديعة، فهو سيكون خطوة مهمة على طريق الثورة الطويل، وحتى لو فشل فسوف يصبح نقلة نوعية فى تاريخ الثورة المصرية.. التى لا نحلم فقط أن تستبدل نظاما بنظام مماثل بل أسوأ، ولكن بتغيير المصريين أنفسهم وتحولهم إلى شعب مقاتل فى سبيل الحرية والعدل والكرامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.