حاول الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند التظاهر بالسعادة هذا الأسبوع، حيث وجد بعد عودته من إجازته حالة من التشكك تعتري جمهور الناخبين، بعد نفاد صبرهم إزاء بطء إيقاع إصلاحاته. وقال أولاند، الذي بدت آثار شمس المصيف على بشرته مع هدوء أعصابه بعد وصوله إلى باريس يوم الأحد الماضي من إجازة لمدة أسبوعين في جنوبفرنسا "العودة إلى العمل الآن".
هذه الملاحظة تعكس طريقته في التعبير، حيث يتمير بالبراعة في تجريد المنتقدين من سلاح الاستخفاف بالذات.
وفي هذه الحالة كان يشير إلى الشعار، الذي استخدمه في حملته الانتخابية وهو "التغيير الآن".
بعد ثلاثة شهور من توليه منصبه يتعرض أولاند للانتقاد، بسبب عدم إبداء أي قدر من الاستعجال في التعامل مع التحديات الرئيسية، التي تواجه البلاد، وهي تتصدى للدين العام القياسي والتراجع الشديد للإنتاج الصناعي وارتفاع معدل البطالة.
فغدا الخميس يكمل الزعيم الاشتراكي 100 يوم في منصبه، لكن على المرء ألا يتوقع احتفالا مدويا بالإنجازات التي تحققت، فالمزاج العام في فرنسا مفعم بالكآبة بعد صيف اتسم بالأنباء الاقتصادية غير السارة، إذ أعلنت كل من شركة بيجو- ستروين أكبر شركة لصناعة السيارات في البلاد وشركة، الكاتيل لمعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية وشركة إير فرانس في الصيف عن خطط لخفض آلاف الوظائف تمثل حوالى عشر القوة العاملة في كل منها.
في الوقت نفسه تعج المحاكم التجارية بالقضايا المتعلقة بإفلاس الشركات الصغيرة والمتوسطة، صحيح أن معظم حالات الإفلاس وخطط خفض الوظائف كانت قائمة قبل وصوله إلى سدة الحكم، إلا أن طريقة أولاند في مواجهة ارتفاع معدل البطالة إلى 10%، وهو الأعلى في 13 عامًا تمثلت بصفة رئيسية في الدفع باتجاه إجراء حوار اجتماعي مع التباطؤ في إجراء حوار حول إصلاحات سوق العمل وهو الأمر الأكثر أهمية.
في هذا الصدد قال جان لوك ميلينشون الزعيم اللامع لجبهة اليسار، التي تحظى بدعم الشيوعيين، الذي حل رابعا في السباق الرئاسي بلهجة ساخرة في صحيفة لو جورنال دي ديمنش يوم الأحد الماضي "100 يوم دون أن يتحقق أي شيء تقريبا".
وأردف يقول إنه على أفضل تقدير قام أولاند "بالمرور بمكنسة على البقع الكبرى التي تركها (نيكولا) ساركوزي، لكن هذا لا يعد كافيا لعمل نظافة تامة".
أيضا أشارت بقدر من الانزعاج أمس صحيفة "لو موند" التي تمثل تيار الوسط إلى مجموعة من الانتقادات الموجهة لاولاند والتي تتهمه ب"التسويف" بل وحتى "التراخي"، ويرى وزير التعليم الأسبق لوران واكوييز الذي ينتمي إلى يمين الوسط أن انتخاب أولاند كان بمثابة "جعجعة بلا طحن".
وبصريح العبارة تعد إنجازات أولاند واهية حتى الآن، فقد خقضت حكومته راتبه ورواتب وزرائه بنسبة 30 في المئة ورفعت حصيلة الضرائب بمقدار 7.2 مليار يورو هذا العام، وهذا تم بصفة رئيسية عن طريق إلغاء الإعفاءات الضريبية بالنسبة للأثرياء والشركات الكبرى.
كذلك ألغى أولاند جزءا من الزيادة، التي قررها ساركوزي عام 2010 للحد الأدنى لسن المعاش من 60 إلى 62 عاماوطبق ضوابط محدودة وأكد انسحاب القوات القتالية من أفغانستان بحلول نهاية 2012 وقرر زيادة الحد الأدنى للأجور بصورة طفيفة.
أولاند سعى أيضا أمس الأول الاثنين لمواجهة انتقاد فرنسا بسبب نهجها المتخاذل تجاه الأزمة السورية، حيث رتب على عجل محادثات مع مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي.
وفي وقت لاحق من الأسبوع الحالي سيجري محادثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء اليوناني أنتونيس ساماراس في لقاءات منفصلة في برلين وباريس، لبحث أزمة الديون في منطقة اليورو.
وقال أولاند يوم الأحد الماضي "لدينا عمل يتعين أن ننجزه والفرنسيون يريدون إيجاد حل للمشاكل"، وأوضح قائلا إن "التغيير مستمر بإيقاعه".