ظهر فى الفترة الأخيرة ، وخاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير مايعرف بمطالب أتباع الديانة البهائية ، مؤكدين على حقهم فى العيش الكريم ، والمعاملة بالمثل مع مسلمي مصر ، والأشهر فى تلك المطالب هو الحصول على حق كتابة الديانة البهائية داخل خانة الديانة فى البطاقة الشخصية ، وهو مالقى رفضا من الشارع المصري نظراً لتدينه . وكانت القضية الأشهر هو تقدم مجموعة من البهائيين بدعوة امام مجلس الدولة بتاريخ 16-3-2009 م فى قضية التوأم عماد ونانسى رؤف هندى حليم التى امتدت منذ 5 سنوات لاستخراج شهادات ميلاد على الرغم من ان هؤلاء الاطفال اصبحوا شبابا ويطالبون بالرقم القومى ، راغبين فى وضع كلمة البهائية فى خانة الديانة ، وكان هناك ايضا قضية الطالب حسين حسنى بخيت لاستخراج بطاقة الرقم القومي .
حيث أودعت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة تقريرها القانوني في قضية البهائيين في مصر والتي أثارت جدلا واسعا منذ إبريل الماضي بعد حكم محكمة القضاء الإداري بإلزام كل من وزير الداخلية ورئيس مصلحة الأحوال المدنية ورئيس مصلحة الجوازات والهجرة بكتابة ديانة البهائية في خانة الديانة في شهادات الميلاد والبطاقة الشخصية للبهائيين في مصر.
فطعن الوزير ورئيسا المصلحتين على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا مطالبين بإصدار حكم نهائي بإلغاء هذا الحكم وأحالت المحكمة الطعن لهيئة المفوضين لإصدار تقرير قانوني في القضية.
والجدير بالذكر أن قضية البهائيين في مصر بدأت بإقامة كل من حسام عزت ورانيا عنايت دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري في العاشر من إبريل العام قبل الماضي تحت رقم 24044 لسنة 58 ق، طالبا فيها بإصدار حكم قضائي بأحقية كتابة ديانة البهائية في شهادة ميلاد بناتهما الثلاث باكينام وفره وهنا حسام عزت، وأيضا أحقيتها في كتابة خانة الديانة بهائي في بطاقتيهما الشخصية.
ومن الناحية الدينية أجمع أئمة المسلمين على أنها ليست من الأديان المعترف بها ومن يدين بها من المسلمين يعتبر مرتدا. وهذه العقيدة البهائية بدأت في إيران عام 1844 بدعوى من مؤسسها ميرزا محمد على الملقب بالباب معلنا انه يستهدف بدعوته إصلاح ما فسد وتقويم ما أعوج من أمور الإسلام والمسلمين.
وظل موقف البهائي من الشريعة الإسلامية غامضا حتى عام 1948 حتى عقد مؤتمر برشمت بإيران أعلن فيه خروج البهائية وانفصالها التام عن الإسلام وشريعته ولقد تضمن كتبهم ومنها كتاب البيان الذي وضعه ميرزا محمد على والكتاب الأقدس الذي وضعه ميرزا حسن على الملقب بالبهاء أو بهاء الله على نسف القرآن الكريم مبادئ وأصولا تناقض الدين الإسلامي كما تناقض سائر الأديان السماوية وتهدر أحكام الإسلام في الصوم والصلاة ونظام الأسرة.
ولم يقف مؤسسو هذه العقيدة عند حد إدعاء النبوة والرسالة معلنين أنهم رسل يوحي إليهم من العلي القدير منكرين بذلك أن محمدا عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين كما جاء في القرآن الكريم بل جاوزوا ذلك فادعوا الإلوهية ثم خرجوا من مجال العقيدة الدينية إلى مجال السياسة المعادية للأمة العربية فضلا عن الإسلام والمسلمين فبشروا في كتبهم بالدعوى الصهيونية معلنين أن بني إسرائيل سيجتمعون في الأرض المقدسة حيث تكون أمة اليهود التي تفرقت في الشرق والغرب والشمال والجنوب مجتمعة. كما أكد تقرير المفوضين أن البهائية في طورها الأخير أو في بدايتها الأولى ارتداد وخروج عن الإسلام وقد أسقط رؤساؤها فراض الصلاة والصيام والحج والجهاد والحدود والقصاص وسائر ما جاء به في الكتاب والسنة من تعاليم ولا يؤمن البهائيون باليوم الآخر ولا بالجنة ولا بالنار على النحو الذي نؤمن به فقد كفر الباب بالقيامة كما فصل أمورها ووصفها بالقرآن وأخذ بتفسير الباطنية لها أو بجحود الباطنية بها قال عن القيامة : إنها قيامة الروح الإلهية في مظهر بشري جديد وعن البعث انه الإيمان بإلوهية هذا المظهر وعن لقاء الله يوم القيامة انه لقاء الباب لأنه هو الله وعن الجنة أنها الفرح الروحي الذي يشعر به من يؤمن بالمظهر الإلهي.
وقد جعلوا الشهر 19 يوم والسنة 19 شهر وأعتنق البهائيون دعوات أنصار السلام وأخذوا يرددونها على أنها وحي نازل من السماء وقد بذل الاستعمار جهدا ضخامة في مساندة القوم كي تعلو وتتسع دائرتهم وبناء على ذلك كما قال تقرير المفوضين فالبهائية ليست من الأديان المعترف بها ومن يدين بها من المسلمين يعتبر مرتدا وخارجا على الإسلام ولا يجوز القياس بينها وبين الأديان الأخرى التي اعتبر الإسلام معتنقيها من أهل الذمة يتركون على ما هم عليه ويكون زواجهم صحيحا في نظر الإسلام.
ومرة أخري تعود البهائية الى الظهور مجددا فى المجتمع المصري عقب الثورة مطالبين بحقوقهم المشروعة على حد تعبيرهم كما جاء فى الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ، مؤكدين على ان حق الإعتقاد حرية شخصية ، مشيرين أنهم سيدفعون عن حقوقهم أمام المحاكم.
ومن القضايا التى تشغل الرأي العام أيضاً هى الزواج :_ فالزواج في الامر البهائي ليس فرضا بل سنه :
فالنص من كتابهم المقدس جاء كالتالي:_ " فلما أراد نظم العالم وإظهار الجود والكرم على الأمم شّرع الشرايع وأظهر المناهج وفيها سّن سنة النكاح وجعله حصنا للنجاح والفلاح وأمرنا به فيما نزل في ملكوت المقدس في كتابه الاقدس قوله عز كبريائه : تزوجوا يا قوم ليظهر منكم من يذكرني بين عبادي هذا من أمري عليكم أتخذوه لأنفسكم معينا "
فالغرض من الزواج لديهم : " تزوجوا يا قوم ليظهر منكم من يذكرني بين عبادي هذا من امري عليكم فاتخذوه لانفسكم معنيا " فمفسروا الأيات لديهم اوضحوا أن هناك عدة تفسيرات للأية .. 1- هناك امر صريح بالزواج ، لا يعتبر حكم فرض مثل الصلاة والصوم بل من المستحبات . الاحكام الشرعية لو لم تنفذ يعتبر ذنب يرتكبه الانسان ولكن لو لم يتزوج الانسان لا يعتبر ذنبا انما يكون قد ظلم نفسه في الحقيقة
2- عين حضرته الهدف من الزواج وهو توليد المثل وظهور اولاد مؤمنين فوظيفة تربية الأولاد تأتي بعد الزواج .
3- ان الزواج يعتبر حافظ ومعين للانسان يحفظه من الانحرافات الجنسية والاخطاء وعبارة عن حصن وقلعة محكمة لحفظ العفة والعصمة في الانسان .
أما مواصفات الطرف الآخر حين الإقدام على التفكير في الارتباط تتمثل لديهم فى : أن يتعرف كل طرف على شخصية قرينه، لو أنك تربيت بواسطة أبوين زواجهما مبني على المبادئ الروحية يكون استعدادك أقوى مِن مَن لم يسعده حظه بذلك . ويجب على هؤلاء الذين لم يباركوا بهذه الهبة يجب أن يكونوا حذرين في الإعداد للزواج البهائي حتى لا يحرم أطفالهم منها .
الزواج البهائي هو اتحاد ومحبة قلبية بين الطرفين ، لذا يجب عليهم أن يمارسوا أقصى الحذر ويتعرفوا على شخصية بعضهم البعض لأن هذا الارتباط أبدي ويجب الحفاظ عليه بعهد ثابت ويكون الهدف الوصول للحياة الأبدية .
من كتاب الحياة بعد الموت يذكر لنا الجمال المبارك : " بما أن المحبة في هذا العالم هي سلطان الحياة فسيجد الذين توثقت بينهم روابط الحب والإخلاص الحقيقي أن هذه العلاقة قد أصبحت بالمعاشرة الزوجية أمتن وأقوى بما يفوق بكثير ما كان يمكن أن تكون عليه في هذه الدنيا .. بينما لا يستطيع مخلوق أن يتصور ما أعده المرء وزوجه من الاتحاد والوفاق إذا كانا قد أسسا كيانهما الروحي على الحب المتبادل " (الحياة بعد الموت – ص 16)
أهم مجال المعرفة الشخصية هو مجال الخدمات الأمرية ، لأن هذا يعطي فرص كثيرة لتقييم الشخص لنفسه من حيث النضوج والإستعداد للزواج ومعرفة شخصية وقيمة شريك حياته المنتظر ، لأنه إذا كانا الإثنين مشتركان في قيم متشابهة وعُمِقوا روحياً سيكونان قادران على بناء زواج ناجح .
لأن مجالات الحياة الإجتماعية تجعل من السهل تجنب التعرف على الطرف الآخر والكثيرين يحاولون إخفاء شخصياتهم الحقيقية في هذه اللقاءات .
" لا بد للفرد أولاً أن يعرف نفسه ويعرف الأشياء التي تؤدي إلى العلو أو الدنو إلى الخجل أو إلى الشرف ، إلى الغنى أو الفقر" . ( بهاء الله – العالم البهائي ص 167)
عندما يأخذ الإنجذاب بين شخصين صورة تعتمد على العواطف غير الصادقة ، فتعرف كل شخص على حقيقة الشخص الآخر يعتبر في منتهى الصعوبة ان لم يكن مستحيل ، وهذا الانجذاب يعمي العين ويجعل الشخص قادر على الحفاظ على هذه العلاقة بينما يتجاهل المؤشرات الكثيرة في تصرفاته وتصرفات الشخص الآخر وهذه هي أعراض عدم النضج وعدم تحمل المسئولية ( ولذلك كان هناك لا بد من أخذ موافقة الوالدين ) ويقلل من قدرة الشخص لتقييم استعداده للزواج (بسبب الانجذاب الأعمى الغرامي أو الوهمي )
" أريحوا أنفسكم من التعلق بهذا العالم وما به من باطل أحذروا ألا تقتربوا منه إلى الحد الذي يجعلك تسير وراء شهواتك وطمعك وتمنع من الدخول في طريق الاستقامة والمجد " من كتاب بهاء الله
لذلك لا بد للفرد من التجرد للتعرف على شخصية الآخرين ، وليس معنى ذلك أن يتجرد الفرد من عواطفه ويكون بارد منعزل ، غامض ، ولكن أن تكون أحاسيسه وأفكاره حره لا يتحكم فيها أحد . التجرد يجلي الاستقلالية ومعرفة النفس ويربي الوعي بغرض الله للإنسان ويأتي بالتوجه إلى الله .
" خلاصة التجرد في أن يوجه الإنسان وجهه إلى ساحة المولى ، يدخل في محضره ينظر إلى محيّاه يقف كشاهد أمامه " ( بهاءالله – العالم البهائي ص 141)
فالعمل سوياً مع فرد آخر سيخلق فرص كثيرة لمعرفة ما إذا كان هذا الشخص اساساً امين وموثوق به ،و ظاهرة الكذب أو عدم الأمانة سبب متين للتسائل عن نضج الشخصية واستعدادها الشخصي للزواج وتجاهل هذه الظاهرة قاتل ويؤدي إلى الحسرة والألم.
فرغم إختلافات الديانات والثقافات تظل الحضارات الإنسانية مدعاة للتوحد والصفاء ، والبحث عن الراحة الأبدية كلا فى معتقده.