ذكرت صحيفة الاندبندنت مقال للكاتب روبرت فيسك يتسائل فيه كيف استمر الطغاة طيلة هذا الوقت امام المد الثوري فهم حريصون جدا على تحليل الثورات التي مزقت الديكتاتوريات في الشرق الأوسط هذا العام بغض النظر عن صمود هؤلاء الرجال من أجل البقاء. ففي بعض الأحيان تستمر إدارة المستبدين الأوروبين لعقود قليلة : فاستمر هتلر 12 عاما فقط ، وموسوليني 21 عام ؛ و فرانكو 39 عاما ، وسالازار 36 عام و ستالين 31 سنة وكان هذا استثناء لكن القذافي نجا منذ 42 عاما ، وعلي عبد الله صالح 33 (والعد مستمر) ، مبارك 30 عام ، عائلة الأسد 41 سنة (العد مستمر ايضا) ، وبيت آل سعود -- وحكام المملكة العربية السعودية -- وحتى الآن استمرت 69 عاما والدشم خليفة الأسرة (حكام البحرين الحديثة) مجرد 228 سنة فكيف يتمسك هؤلاء الرجال بالحكم طيل هذه السنوات؟
لذا يقدم هذا المقال دليل لطغاة الشرق الأوسط ، وعاداتهم فأولا ، يصر الطاغي على أن البلاد ليست "س"فقد شهدت "س" ثورة قبل ذلك و ينسب كل شيء الى قناة الجزيرة ثم يغلق مكاتبهم في بلدته و يخبرهم انه يعمل علي "دعم الشباب" بالرغم من ان قوات الأمن الخاص تقتل نفس الأشخاص الصغار ثم يلقي باللوم علي الإسلاميين ؛ بداية من (الإخوان المسلمين) ثم يواصل طريقه ليصل مباشرة إلى القاعدة الشريرة في بداية الاضطرابات الاجتماعية ، يتظاهر بأن لا شيء يحدث ، وعندما يعلم خطورة الأزمة يظهر في وقت متأخر جدا من الليل ليوجه لامته خطاب، يحذرهم من القبلية والطائفية وغيرها من "المذاهب" التي تجعل الناس خائفون ثم يفجر الكنيسة و يدين الاسلاميين و يعلن أن البقاء في السلطة يعني استقرارهم.
هل استوعبت هذا؟ هذا ما كرره كل دكتاتور في الشرق الأوسط. ولكن هناك ما هو أكثر :قم بالاعلان عن حكومة جديدة ، واحدة تلو أخرى و قم احراق مراكز الشرطة ، و القي باللوم على المتظاهرين. اصر على أن كل شيء على ما يرام و فجاة يزداد الوضع سوءا ، فاقطع جميع خطوط الهاتف و امنع وسائل الاعلام الاجتماعية وعندما تصبح الأمور سيئة حقا اقطع اتصال الانترنت و صمم على أن المتظاهرين لا يمثلون سوى أقلية صغيرة جدا من الناس و ذكر الجميع بنتائج الانتخابات الأخيرة و صرح بأن التغيير ضروري في الواقع ، و عد الشباب بالكثير من الوعود اذا بقي فقط في المنزل و أمر وزير الداخلية بقتل الكثير ،ثم اطلق النار عليه للاستخدام المفرط للقوة.
كل هذا يدل بطبيعة الحال ، عن اصالة الشعور الكئيب بين الحكام المستبدين في الشرق الأوسط. فعلي سبيل المثال تستمر قائمة ارشادات البغدادي يوم بعد يوم ، و تكون اكثر تسلية : اعمل علي تنظيم مظاهرات مؤيدة للنظام الخاص بك و "وافق أن يتم استجوابك من قبل الصحفي المعروف ، كريستيان أمانبور و امنع جنازات المتظاهرين و إذا انتقدك الغربيين ، اطلب منهم عدم تدخلهم ، مضيفا أنهم لا يفهمون ثقافة بلدك و حذرالشباب بشأن الاقتصاد و انهم يدمرون بلادهم ولكن مهما فعلت ، لا تذكر الحالة الاقتصادية للأمة قبل بدء الثورة" و قم بحجز جناح فندق لنفسك في المملكة العربية السعودية.
و نصيحة اخري للحكام مستبدين ، متطابقة بشكل مؤلم ، تأتي عن طريق الصدفة ، بقلم الكاتب اللبناني ملحم شاوول حيث يقول ان شخصية الدكتاتور قوية و حكمه مطلق ، كما يقول ان القوانين موجودة فقط لحماية النظام من السيطرة و انه يجب علي كل من في السلطة ان يكون محاطا بالاسرة المالكة و يضيف ان الارهاب والفساد والدعاية هي الركائز الاساسية للسلطة و ان من يرفضون ذلك سيصبحوا "فئران" (القذافي) ،او "مجرمين وحشيين" (الاسد) ، او "دود الأرض" وفقا لصدام فالجميع مدعوون للمشاركة في "الأوبرا الكوميدية" للفساد ، من صغار ضباط الجمارك لكبارتجار القاهرة ودمشق وحلب وصنعاء وطرابلس. واضاف شاوول "اذا كان هناك حق واحد تحت الدكتاتورية العربية فهو الحق في ان تكون فاسد" فالجميع متواطئ و اولئك الذين يرفضون لعب هذه اللعبة يكونوا مشتبه بهم وخونة فيتفق شاوول مع البغدادي ، في ان الحكام الواقعين تحت ضغط يكون شعارهم "اما نحن أو الفوضى" ويسعون الي الاستقرار بأي ثمن فالهدف من الديكتاتوريين العرب هو خلق الخوف من الحرب الأهلية.