وزير الداخلية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة العام الهجري الجديد (تفاصيل)    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية التابع للأوقاف    وزير التعليم العالي يعقد اجتماعًا مع رؤساء الجامعات الأهلية الحكومية الجديدة (التفاصيل)    أسعار البيض والفراخ اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 24-6-2025 بعد هبوطه عالميا لأدنى مستوياته خلال 13 يومًا    ضمن الموجة ال26.. إزالة 120 حالة تعدٍ على أملاك الدولة و4 طواحين ذهب في أسوان    معهد التخطيط القومي ينظم المؤتمر الدولي السنوي حول «الابتكار والتنمية المستدامة»    المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يحذر من تكرار أي هجوم على إيران ويتوعد برد "أشد وأوسع" في حال حصوله    الكرملين: عراقجي حمل رسائل إلى بوتين من القيادة الإيرانية    كأس العالم للأندية .. 11 فريقًا يودعون المونديال    «مش النهاية وبداية عهد جديد».. الشناوي يوجه رسالة اعتذار لجماهير الأهلي عقب توديع المونديال    الأهلي يتلقى عرضين لرحيل وسام أبو علي    نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة البحر الأحمر.. رابط الاستعلام برقم الجلوس فور إعلانها    طلاب النظام القديم بالثانوية العامة بشمال سيناء يؤدون الامتحانات في مادة اللغة الأجنبية الثانية دون شكاوى    أمن المنافذ يضبط 28 قضية أمن عام وهجرة غير شرعية خلال 24 ساعة    إصابة عاملين إثر سقوطهم من اعلي مأذنة مسجد بالمنيا    حملات أمنية لضبط تجار المخدرات والأسلحة النارية غير المرخصة بأسيوط وأسوان ودمياط    إصابة 9 أشخاص جراء انقلاب سيارة سوزوكي في الفيوم    ضبط 10 آلاف قطعة لوليتا فاسدة ومخازن مخالفة في حملة رقابية ببني سويف    هكذا نعى أحمد الطاهري وفاة والد تامر عبد المنعم    الليلة.. تامر عاشور يحيي حفلا بمهرجان موازين    فرقة بورسعيد تعرض «اليد السوداء» على مسرح السامر بالعجوزة    رئيس الوزراء يستعرض مع رئيس "برجيل القابضة" أوجه التعاون في مجال زرع النخاع    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    قافلة طبية للكشف على نزلاء مستشفى الصحة النفسية في الخانكة    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية في محافظة قنا ضمن زيارة ميدانية    «مصر للطيران» تستأنف تشغيل رحلاتها الجوية إلى دول الخليج    "حياتي ومغمراتي".. أحدث إصدارات القومي للترجمة    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    مستغلة الحرب على إيران.. إسرائيل تشدد قيودها على القدس    وظائف خالية اليوم.. وزير العمل يعلن فتح باب التقديم لوظائف التمثيل العمالي بالخارج    البطريركان أفرام الثاني ويوحنا العاشر يزوران جرحى تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    صيف درامي ساخن.. 3 مسلسلات تستعد للمنافسة    واشنطن بوست: ترامب دمر خطط «الناتو» بشأن أوكرانيا بضربة إيران    وزير النقل يشهد توقيع عقد بناء سفينتين جديدتين من السفن العملاقة    وزير البترول: وحدات التغييز الجديدة تعزز الجاهزية لتأمين الغاز خلال الصيف    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    أقوى 46 سؤالا فى الفيزياء لطلاب الثانوية العامة.. أفكار لن يخرج عنها الامتحان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد وداع كأس العالم للأندية    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    السفير الأمريكى لدى إسرائيل يرحب بإعلان ترامب وقف إطلاق النار مع إيران    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    علاج الإمساك المزمن، بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    سى إن إن عن مسئول إيرانى: إسرائيل تواصل الهجمات ولم نتلق مقترحات لوقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"اطلبوا العلم ولو فى فنلندا".. الخلطة السحرية فى التجربة الفنلندية للتعليم
نشر في صدى البلد يوم 11 - 04 - 2014

اطلبوا العلم ولو فى الصين.. هذه المقولة التاريخية التى تعكس إعلاء العرب لقيمة العلم والسعى لبلوغه مهما بلغت الصعاب يبدو أنها ستتحول قريبا فى بلادنا العربية ومن بينها مصر إلى مقولة جديدة "اطلبوا العلم ولو فى فنلندا"، وفى زمن العولمة الذى صار فيه العالم قرية صغيرة فإنه لن يكون لزاما أن يذهب طالب العلم لفنلندا بل ستأتيه فلسفتها ونظامها التعليمى بعد أن وصلت إليه منذ سنوات بهواتفها المحمولة وابتكاراتها التكنولوجية.
فنلندا.. هذه الدولة الواقعة شمال أوروبا وإحدى أقل دول الاتحاد الأوروبى من حيث السكان تحولت خلال عقدين من الزمان إلى واحدة من أبرز القلاع العلمية والتكنولوجية فى العالم.. انتقلت فى طفرة غير مسبوقة من دولة تعتمد فى دخلها القومى بالأساس على تصدير الأخشاب إلى الدولة صاحبة أفضل وأنجح نظام تعليم على مستوى العالم لا تكتفى معه بموقع الصدارة بل تخوض على مدار الساعة منافسة محمومة مع دول آسيوية بينها كوريا الجنوبية وسنغافورة والدانمارك لمواصلة التربع على القمة.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن يكون لدى فنلندا التى لا يتعدى عدد سكانها خمسة ملايين ونصف المليون نسمة واحدة من أكبر شركات الهواتف المحمولة فى العالم ومئات الشركات العملاقة العاملة فى شتى المجالات بما يعكسه ذلك من تطور تكنولوجى بالغ ورصيد هائل من العلماء والباحثين، هذا التطور العلمى تقف وراءه إرادة شعب جعل من التعليم أولوية تجب ما عداها من أولويات وحولت التعليم من مجرد وسيلة لحياة أفضل إلى متعة كاملة وهدف لكل مواطن ولكل حكومة تأتى لسدة السلطة.
فى فنلندا نظام تعليم متميز يعلى من قيمة الفرد وينمى قيم الإبداع والبحث والقراءة، قاد دولة فى أقصى شمال شرق القارة الأوروبية لتصبح صاحبة نظام التعليم الأنجح فى العالم أصبح مثار فخر لشعبها.
ودعا حكومتها إلى استضافة صحفيين من ثمان دول تسعى جاهدة لاستعادة مكانتها الدولية عبر إعادة هيكلة نظمها التعليمية وهى مصر والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والهند وروسيا وأوكرانيا وتركيا.
وحرصت الحكومة الفنلندية على فتح خزانة أسرار تفوقها التعليمى أمام الصحافة المصرية للمرة الأولى انعكاسا لتحرك مصرى فعال بعد ثورة الثلاثين من يونيو لأخذ زمام المبادرة نحو إعادة هيكلة نظام التعليم المصرى مع عدم البدء من نقطة الصفر، ولكن الاستفادة من تجارب الدول التى حققت طفرات سريعة فى مجال التعليم وفى مقدمتها فنلندا.
وتجسدت هذه الإرادة المصرية لإحداث نقلة نوعية فعالة فى التعليم، خاصة فى المدارس بمراحلها المختلفة بلقاء هام عقده وزير التربية والتعليم الدكتور محمود أبو النصر مؤخرا مع تولا يرجولا، سفيرة فنلندا بالقاهرة، أكد بعده أنه بعد قراءة استراتيجيات الدول المتقدمة فى التعليم قبل إعداد الخطة الإستراتيجية الجديدة للتعليم قبل الجامعي في مصر، ومن بينها فنلندا وكوريا وسنغافورة، كان واضحا أن إستراتيجية فنلندا أفضلهم.
وأضاف أبو النصر أن الوزارة وهى بصدد إعداد الخطة الإستراتيجية كانت ترغب في عدم البدء من الصفر، لافتا إلى رغبتها في الاستعانة بالتجارب العملية للدول الأخرى المتقدمة في مجال التعليم.
وكشف الوزير عن أنه تم الانتهاء من ترجمة الخطة الجديدة الاسترتيجية الجديدة للتعليم إلى اللغة الإنجليزية في غضون أسبوعين على الأكثر، مشيرا إلى أنه سوف يتم إرسالها إلى السفيرة الفنلندية للاطلاع عليها، حتى يتم التنسيق بين الجانبين في المشروعات والمجالات التي يمكن التعاون فيها.
ومن جانبها، أكدت السفيرة الفنلندية استعداد بلادها التام لدعم مصر في المجال التعليمي، مشيرة إلى أن فنلندا تود تصدير خبرتها في هذا المجال إلى مصر.
جهد وزارة التعليم المصرية يتوازى مع جهد مماثل تقوم به وزارة الخارجية ممثلة فى سفيرها فى فنلندا محمود الديب لمتابعة التجربة الفنلندية وكيفية الاستفادة منها، حيث يشارك وطاقم السفارة فى العديد من الأنشطة الجارية حاليا فى هلسنكى بالتوازى مع زيارة الوفد الصحفى الدولى للعاصمة.
موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط والوفد الصحفى الدولى الذى يتواجد فنلندا حاليا قام بزيارات ميدانية لجميع المؤسسات التعليمية الفنلندية والتقى كبار مسئوليها فى الحكومة والبرلمان لمعرفة سر هذه الطفرة.
وتقول وزيرة التعليم الفنلندية كريستا كيورو: "إننا فوجئنا منذ سنوات بتصنيفنا كأفضل نظام تعليمى فى العالم وفق دراسات قامت بها مؤسسات دولية مرموقة فى مقدمتها تصنيف البرنامج الدولي للتقييم الطلابي "بيسا" ومؤشرات الأمم المتحدة للتنمية".
وأضافت: "إننا كنا نعمل بجد لكن المفاجأة كانت دافعا إضافيا لنا لمزيد من العمل لتطوير التعليم حتى نظل فى مركز الصدارة عالميا".
وتستند أركان النظام التعليم الفنلندى بشكل أساسى إلى مبدأ المساواة والمجانية فى التعليم الإلزامى الذى يمتد لمختلف مراحل التعليم، وليس فقط الابتدائى بعدما انتقلت ادارة التعليم المبكر والرعاية الصباحية من وزارة الصحة والتضامن إلى وزارة التعليم.
وتقول البروفيسورة كريستينا فولمارى، رئيسة قسم الإحصاءات والشئون الدولية بالمجلس الفنلندى للتعليم، إن تعزيز مبدأ المساواة يرتبط بتقليص الفوارق بين المدارس فى جميع أنحاء البلاد عبر تطوير نظم مختلفة من بينها التمويل".
وأضافت أنه "تم تغيير فلسفة التعليم فى فنلندا منذ التسعينيات مع تبنى نهج لامركزية التعليم وإلغاء التفتيش على نصوص الكتب المدرسية لتبدأ معها هذه الطفرة العلمية التعليمية الهائلة وتنتقل فنلندا من دولة مصدرة للأخشاب لدولة بالغة التقدم تكنولوجيا".
وأشارت إلى أنه "ومنذ ذلك الحين أصبحت الأيديولوجية المتبعة هى التوجيه عن طريق المعلومات والتمويل والدعم بدلا من السيطرة والمركزية، وفى فنلندا فإن جودة التعليم والتدريب عنصر أساسى مرتبط بكفاءة التعليم مثل المساواة بين الأفراد تلاميذ ومدرسين فى وقت تنمى فيه المدارس الفنلندية فرص التدريب وليس فقط التعليم بين التلاميذ".
ويبدأ نظام التعليم فى فنلندا فعليا بمرحلة تعرف باسم التعليم المبكر للأطفال والرعاية الصباحية، وذلك حتى سن خمس سنوات وهى ليست إلزامية، وعندما يبلغ الطفل السادسة يلتحق بعام دراسى يعرف بعام ما قبل التعليم، وينخرط بعد ذلك الطالب فى التعليم الأساسى الإلزامى، حيث يبدأ من سن السابعة الالتحاق بالمدارس الشاملة وحتى 16 عاما، لكن البرلمان يناقش حاليا قانونا بزيادته إلى 17 عاما.
وينتقل الطالب بعد ذلك لمرحلة تعليمية أخرى، حيث يتجه للتعليم الثانوى العام أو التعليم المهنى لمدة ثلاث سنوات، ويلى ذلك الالتحاق بالجامعة سواء للحصول على البكالوريوس فى التعليم العام أو درجة البكالورويوس التطبيقية للتعليم المهنى.
ويساهم نظام الامتحانات - وهو نظام تقييمى بالأساس - مع عدم وجود ترتيب للطلاب فى الفصول الدراسية حسب تفوقهم، وكذلك الحرص على عدم وجود ترتيب للمدارس حسب تفوقها فى النتائج فى تعزيز التنافسية، وتتم الامتحانات بطريقة مستقلة فى كل مدرسة وكل فصل بما يعطى قدرا أكبر من المرونة.
وأشار البروفيسور أولى فيستيرينين، الأستاذ بجامعة هلسنكى، إلى أن المدارس الفنلندية لا تعرف أسلوب العقاب للتلاميذ سواء البدنى أو المعنوى بل تعتمد فقط على الثواب والتحفيز للطالب على تحصيل العلم والتعلم الذى تحول بين المواطنين الفنلنديين لهدف فى حد ذاته وليس فقط وسيلة وأصبح التلاميذ الفنلنديون الأوائل على مستوى العالم من حيث القراءة.
وأوضح أنه يتم فى إطار منظومة التعليم الفنلندية تقديم مساعدة مالية لتلاميذ المرحلة الإعدادية (التعليم الأساسى) والثانوى (التعليم العالى العام والمهنى) حسب التصنيف الفنلندى يجرى العمل على زيادتها باستمرار اعتبارا من سبتمبر المقبل بهدف ضمان دخل مناسب للطلبة الذين يدرسون طول الوقت ولا يستطيعون العمل.
ويعد المدرسون فى فنلندا المكون الهام فى العملية التعليمية ويحظون بتقدير مالى ومعنوى مجتمعى كبير، فرواتبهم ضمن الشريحة العليا للرواتب ولديهم مرونة فى اختيار طرق التدريس بل والمناهج والكتب، وفى الوقت نفسه فإنه يتعين لمن يريد العمل مدرسا أن يكون حاصلا على درجة الماجستير على الأقل إضافة لشهادة تربوية عليا.
والجدير بالذكر أن تسعين فى المائة من المدرسين بفنلندا نساء والنسبة الأكبر بينهم لشريحة سنية أكبر من أربعين عاما، ولا تعرف فنلندا بالطبع الدروس الخصوصية فهى مسألة غير مطروحة مطلقا فى ظل هذا النظام الصارم.
وتتحرك فنلندا حاليا وفق خطة للتعليم والبحث العلمى للسنوات من 2012 حتى 2015 تنمى فيها مبدأ المساواة فى التعليم سواء بين التلاميذ أو المدارس أو المدرسين، وتشمل الخطة كذلك ترسيخ مبدأ التعاون والمرونة فى التعليم الثانوى سواء العام أو المهنى.
ويخضع المدرس لعملية تدريب مستمرة لعدة أيام كل عام بشكل إلزامى.
ومن أهم عناصر العملية التعليمية فى فنلندا الوجبات الغذائية المدرسية، حيث يضمن القانون الفنلندى لكل تلميذ فى المدرسة منذ دخوله وحتى نهاية أعوام دراسته الحق فى وجبات غذائية مجانية يعتبرها الشعب الفنلندى استثمارا فى المستقبل لأنها استثمار فى صحة الأطفال رجال المستقبل، ويشارك فى تمويل وإعداد وتقديم الوجبات البلديات والآباء والتلاميذ فى منظومة متكاملة تتيح إضافة لجوانبها الإيجابية الفرصة للأمهات للتوجه لأعمالهن والبقاء فى وظائفهن فترات طويلة وهن مطمئنات على غذاء أطفالهن.
ويخضع نظام التعليم الفنلندى بشكل كامل لمتابعة وتقييم مستمرين تقوم بها ثلاث منظمات مجلس تقييم التعليم والمجلس الأهلى لتقييم التعليم والمجلس الوطنى للتعليم، وهناك اهتمام مواز بالبحث العلمى سواء من خلال معاهد تابعة للدولة يبلغ عددها ثمانية عشر معهدا هى نفس عدد الإدارات التعليمية فى البلاد تنفق سنويا ثلاثمائة مليون يورو على الأبحاث.
وفى الوقت نفسه، يلعب القطاع الخاص الدور الأهم فى البحث العلمى، حيث تبلغ مساهمته باستثماراته فى هذا المجال سبعين فى المائة.
وتعد عملية التقييم الفعالة لأداء الطلبة فى مداس فنلندا عنصرا بالغ الأهمية، وهى عملية مستمرة فى مسار الدراسة لمساعدة الطلبة فى العملية التعليمية، ويتلقى الطالب تقريرا سنويا كل عام لكن فى المقابل لا توجد امتحانات على المستوى الوطنى للطلبة فى فنلندا سوى فى نهاية الثانوية العامة لكن المدرسين مسئولون وحدهم عن التقييم وتقديم الشهادات على أساس الأهداف المكتوبة فى المناهج الدراسية، وفى الوقت نفسه لا يتم إجراء تقييم بالدرجات للطلاب حتى الفصل الثالث الابتدائى، أى فى سن عشر سنوات.
وتستند العملية التعليمية فى فنلندا لبنية تحتية متميزة فى جميع المؤسسات التعليمية سواء المدارس الحكومية أو الخاصة أو مراكز الرعاية الصباحية للأطفال الصغار أقل من ست سنوات والتى تعد نموذجا يحتذى لكيفية إعداد النشء وتنمية مداركهم وتفتيح أذهانهم واكتشاف مواهبهم وقبل ذلك تشجيعهم على تلقى العلم والقراءة.
وفى الوقت نفسه، فإن المدارس المهنية فى فنلندا تلقى اهتماما واسعا لإعداد الكوادر الفنية المؤهلة لسوق العمل فى المهن المختلفة ويتم تمويلها عن طريق البلديات بالأساس، وهى مزودة بجميع الإمكانيات وتلقى دعما واضحا من الدولة.
لقد استكمل النظام التعليمى الفنلندى أركانه بتطوير شامل لمؤسسات التعليم الجامعى وربطها بمراكز أبحاث بالغة التقدم من جانب ودعم مالى كامل لطلاب الجامعات لاستكمال دراستهم سواء فى الجامعة أو للماجستير والدكتوراه.
إن الأسرار الأربعة وراء هذه النهضة التعليمية فى فنلندا والتى خرجت بها من جولتى داخل خزانة مؤسسات التعليم فى فنلندا أولها تحويل التعليم فى عقل ووجدان التلاميذ من تهذيب وإصلاح إلى متعة كاملة، فساعات البقاء داخل الفصول على سبيل المثال يجب أن تكون أقل من تلك التى يقضيها الطالب فى أنشطة رياضية وفنية خارج الفصل.
وثانيا القضاء على نظام الامتحانات بمفهومه الشرق أوسطى الذى يجعل الطالب طوال سنوات دراسته مطاردا بامتحانات وخوف مستمر من الرسوب وعدم التفوق والاعتماد بدلا من ذلك على نظام تقييمى يتيح قدرا كبيرا من الموضوعية فى وقت لا يحتاج فيه الطالب للمذاكرة بعد انتهاء اليوم الدراسى.
والأمر الثالث يتعلق بتعظيم الصورة الذهنية للمدرس ماديا ومعنويا، فرواتب المدرسين فى فلندا مرتفعة مقارنة بالمهن الأخرى وتأهيلهم يتم بدعم من الدولة ولديهم مرونة كبيرة فى اختيار الكتب التى يتم تدريسها للطلبة فى مجتمع يعلى من مكانة المدرس بدرجة كبيرة.
ويظل مبدأ المجانية طوال سنوات الدراسة والمساواة وتكافؤ الفرص فى التعليم سواء بين التلاميذ أو المدارس، وقبل كل ذلك الابتعاد عن السياسة وتأثيراتها.. عناصر أساسية للتعليم الفنلندى تكاملت لتصنع التجربة الفنلندية التى تربعت على قمة نظم التعليم الأفضل فى العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.