يثار الجدل فى الفترة الحالية وخصوصًا بعد تصاعد التيار الإسلامى حول النظام الاقتصادى الذى ينبغى تطبيقه، هل هو الاقتصاد الإسلامى أم سنبقى على الأنظمة الغربية التى دائمًا ما تنتهى بأزمات وكوارث اقتصادية، وباختصار شديد أردت أن أبين للجمهور أن الاقتصاد الإسلامى الذى يشن عليه الحرب فى مصر الآن من قبل بعض التيارات والفئات التى لا داعى لذكرها حتى لانحشد البعض ضد البعض، فإن دول أشد عداءً للإسلام تطبق الاقتصاد الإسلامى فى تعاملاتهم، والآن أقدم لكم تجربة لعلنا نستفيد منها ونعود لرشدنا وصوابنا.. بداية قبل شرح آلية عمل البنك، سوف نحاول الإجابة عن التساؤل الأساسى، لماذا التعاملات غير الربوية؟ يعتبر البنك الحصول على "أموال/أرباح" مقابل جهد مقدم أو مخاطرة بالمال حقًا طبيعيًا، لكن لا يعتبر الحصول على أرباح من خلال السيولة النقدية فقط حقًا طبيعيًا، فيعتبر إقراض المال مقابل فائدة ربوية عملا غير أخلاقي إذا لم يكن ذلك مصحوبا بجهد مبذول أو مخاطرة بالمال. يوثر أخذ الفائدة الربوية تأثيرًا سلبيًا على المجتمع، ويظهر ذلك جليًا في ارتفاع الأسعار عندما يضيف المنتجون على أسعار المنتجات نسبًا لتغطية أسعار الفائدة. وفي عالم الاقتصاد الربوي تتحول الأموال ممن يملكون القليل منها إلى من يملكون الكثير وهذا ما يحث فى مصر فعليًا فالفقراء يزدادون فقرًا والأغنياء يزدادون غنى، فتتكدس الأموال عند فئة قليلة من أفراد المجتمع. وبالنهاية ونظرًا لأن النظام المالي الحديث يعتمد بالأساس على الاقتراض وكل قرض تستتبعه فائدة ربوية، يحصل دائمًا تكدس للمال يكبر ويتعاظم مع الوقت. وكل أمر يكبر ويتعاظم يصل حتمًا في الأخير إلى نقطة الانهيار وحدوث الأزمات المالية المختلفة. لهذه الأسباب جميعًا كان الهدف الأسمى للبنك هو العمل من أجل اقتصاد خال من الفائدة الربوية. ولأجل تشجيع الاقتصاد خالٍ من الفائدة الربوية يقدم البنك خدمات بنكية تعتمد الادخار والاقتراض من دون فائدة. والآن نناقش باختصار آلية عمل بنك الياك السويدى: لقد بدأ ياك JAK بتطبيق أسلوب الادخار والقرض الخاليين من الفائدة الربوية سنة 1970 ميلادية، وهو أول بنك في السويد ولعله أيضًا الأول في العالم يجني الأعضاء فيه فوائد أسلوب البنك غير الربوي مع تحملهم التام للمسئولية المنوطة بهم كأعضاء. وتم اعتماد البنك رسميًا سنة 1997. يعتبر الياك JAK بنكًا تعاونيًا يبلغ عدد أعضائه 35000 عضو بمعدل نمو للأعضاء نسبته 5 % سنويًا. وتستعمل ادخارات الأعضاء في تغطية القروض التي يقدمها البنك للمتعاملين معه. وقد ادخر الأعضاء ما مقداره 97 مليون يورو وأقرضوا 86 مليون يورو بداية سنة 2007 م. وللبنك اشتراك سنوى ورسوم قرض تعادل2.5% من النسبة الفعلية للفائدة الربوية عند البنوك الأخرى. يقدم البنك خدمتين خاليتين من الفائدة الربوية: القرض والادخار المتوازن، يصلح أساسًا للأشخاص الفُرادى (وهو الأصلي)، أداة الدعم للاقتراض والادخار (جديد). فالأداة الأولى: القرض والادخار المتوازن، هو الذي استخدم منذ 1970 م، وهو مصمم للأعضاء الذين يدّخرون من أجل الحصول على قرض خاص بهم أو بأحد أقربائهم أو أصدقائهم. وفالقرض لابد أن يقابله ادخار لإحداث التوازن المالى، يمكن أن يتم الادخار قبل عملية الاقتراض أو أثناء عملية تسديد القرض، ويتم التعاقد بين البنك والمقترض/المدخر على أن يضمن المقترض حصول التوازن في نقاط حسابه في البنك ثلاثة أشهر بعد دفع آخر الأقساط. يمكن بعدها للمدخر سحب المبلغ المدخَر متى شاء. أما الأداة الثانية: (التعاون) للاقتراض والادخار، فإنها أداة جديدة تم تقديمها كخدمة للأعضاء منذ سنة 2001. وهي مصممة للمؤسسات الصغيرة والجمعيات التي بإمكانها دفع الرسوم الإدارية والأقساط فحسب. ويتم إحداث التوازن في الحساب عن طريق الادخار كما هو الحال بالنسبة إلى الادخار العادي المبين أعلاه. ويحل الإشكال هنا من خلال طرف آخر يقوم بعملية الادخار نيابة عن المقترض (الجمعية). واختتم هذا المقال بمقولة العالم الاقتصادى كيينز (يزداد الازدهار الاقتصادى للدولة كلما اقتربت قيمة الفائدة من الصفر). أحمد حسن شلتوت باحث ومحرر اقتصادى مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة