قبل حوالى ثلاثة عشر عاما كانت مدينة الشيخ زايد اشبه بالمدينة الفاضلة، شوارع واسعة.. هواء نظيف.. بعض المواصلات مكيفة وآدمية.. الأشجار تحيط بك من كل مكان. اليوم انقلبت الصورة رأسا على عقب، فالمدينة تسابق الخطى نحو مدن العشوائيات بجدارة وسرعة ليس لهما مثيل، فرغم أن المدينة أقل بكثير من مساحة مدينة السادس من أكتوبر ويسهل جدا السيطرة عليها، إلا ان الأحياء الستة عشر التى زحف إليها المواطنون قبل عقد كامل بحثا عن حياة هادئة باتت لكل منها ميزة في العشوائية، أما السمة الغالبة على كل تلك الأحياء فصارت هى الصخب والضجيج، وسأكتفى هنا بالحى الأول فقط باعتباره مركز المدينة وأقربها لجهازها وشرطة مرافقها، ورغم هذا فقد تحول الميدان الرئيسى للحى إلى سوق عشوائى للباعة الجائلين احتلوه بوضع اليد، ولكم أن تتخيلوا أن حملة أمنية موسعة قامت قبل يومين بإزالة تلك العشوائيات وبعد بساعة واحدة فقط عاد كل شيء إلى ماهو عليه، باعة خضروات وفاكهة.. سمك.. شاى.. موقف ميكروباصات يغلق الميدان بأكمله.. كل هذا بجوار المستشفى الحكومى التى من المفترض أن توفر الدوء للمرضى ولكنها تحولت هى الأخرى إلى مكان مهجور تخشى حتى أن تقيس فيه ضغطك المرتفع دائما، فهى الآن ليست أكثر من مجرد جراج لسيارات الإسعاف الخاصة بوزارة الصحة.. أما فكرة المولات العبقرية التى لاقت نجاحا كبيرا في كل الدول العربية، فقد باءت بالفشل في تلك المدينة البائسة، فأصحاب المحلات باتوا يتنافسون للخروج ببضائعهم وافتراش الشوارع أمام المولات تسهيلا على الزبائن، ضاربين عرض الحائط براحة سكان العقارات المحيطة بهم، فأمام سوق المهندسين مثلا افترش الأرض أحد أصحاب المكتبات بالمول، ليقيم في الشارع ليلا ونهارا دون أن تفارقه "الشيشة"، بالإضافة لورش السمكرة والميكانيكا بنفس المول مصدر الإزعاج لسكان المنطقة بالكامل، أما إنارة الشوارع، فستكون سعيد الحظ إذا وجدت أحد أعمدة الإنارة تضيء شارعا ما، وحتى أعمدة الإنارة المحيطة بالعقارات والخاصة بالحدائق فى بلا كهرباء اصلا، وهو ما ينتج عنه اعمالا منافية للآداب والأخلاق بين تلك الزراعات. الغريب أنه حينما تلجأ لأىّ من مسئولى جهاز المدينة يتحجج بالفوضى المنتشرة في كل مكان بالوطن للدرجة التى يتعدى فيها المخالفون للقانون على شرطة المرافق ومسئولى الحى أمام أى محاولة لاستعادة النظام.. فإلى من يلجأ المواطنون لاستعادة الشيخ زايد.. المدينة التى كانت؟!