كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان يكثر من أنواع العبادات، فهو يكثر من تلاوة القرآن ومدارسته، والصدقة، والعطاء ، والصلاة والاعتكاف ، وكان النبي جواداً معطاء ، وكان أجود ما يكون في رمضان. وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور، حتى إنه كان أحياناً يواصل الصوم، أي يصوم يومين متتابعين بلا إفطار بينهما ، لقوة استطاعته وشدة قربه من ربه . ومع ذلك كان ينهى أتباعه عن الوصال في الصيام _ رفقاً بهم _ فإذا قالوا له : يا رسول الله ، إنك تواصل . أجابهم : لست كهيئتكم ، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني . أي يغذيه ربه بزاد روحي يشغله عن الطعام والشراب . وكان صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي ، وكان يقول عند الإفطار : " ذهب الظمأ ، وابتلت العروق ، وثبت الأجر ، إن شاء الله تعالى " . وكان يقول : " اللهم لك صمت ، وعلى رزقك أفطرت " . ويقول إذا أفطر : " اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شىء أن تغفر لي " . وكان من هدى الرسول في رمضان أن يعجل الفطر ويؤخر السحور . وكان يقول في ذلك : " لا تزال أمتي على الفطرة ، ولا تزال أمتي بخير ، ما عجلوا الفطر " . ويقول كذلك : " يقول الله تعالى : " أحب عبادي إلىّ أعجلهم فطراً " . وفيما يتعلق بتأخير السحور نجد زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول : تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة ( يعني صلاة الفجر ) قيل : كم كان قدر ما بينهما ؟ قال : قدر خمسين آية . والمأثور عن الرسول صلوات الله عليه وسلامه أنه إذا سافر في وقت الصيام يصوم تارة ، ويفطر تارة أخرى ، وكان يخيرصحابته بين الأمرين ، وكان يأمر أتباعه بالإفطار في رمضان إذا خرجوا للقاء عدوهم ، واقتربوا من معركتهم ، لأن هذا أقوى على الاحتمال والنضال. وكان من مأثور الرسول في الصيام أنه يستعمل السواك لتنظيف الفم ، ولعل حالة الصيام تحتاج أكثر من غيرها إلى تنظيف الفم ، حتى لا تتغير رائحته بسبب الانقطاع الطويل عن الطعام ، وخاصة بالنسبة إلى من يختلط بالناس ، حتى لا يتأذوا منه .