أعتقد عزيزي القارئ إنك تعلم قصة الثيران الثلاثة ، ولكن لمن لا يعلمها فهي بإختصار تحكي عن ثلاثة ثيران إحدهما أسود والآخر أبيض والثالث أحمر، وأنهم كانوا يعيشون بالغابة مع الأسد الذي أراد أن يأكلهم الواحد تلو الآخر باستخدام المكر والحيلة والوقيعة، ولا أدري لماذا كل وجع الدماغ ده، هذا أسد وتلك ثيران، ما يقوم ياكل اللي عايز ياكله، ولكن القصة هنا تؤكد على إنه لا يستطيع أن يمد إيده على أي من الثيران وإلا إجتمعوا عليه و .... و.... ويأكلوه. المهم في الأمر أنه عند غياب الثور الأحمر لقضاء مصلحة بالغابة، أقنع الأسد الثور الأسود أنه من الضروري أن يتركه يأكل الثور الأبيض لأنه مُلفِت لأنظار الصيادين عندما يحل الظلام مما يسبب لهم جميعاً الضرر (مش فاهم صيادين إيه اللي بيصطادوا بالليل دول)، المهم أن الثور الأسود وافق (على مضض). وتكرر نفس السيناريو الساذج (أقصد الماكر) وأكل الأسد الثور الأحمر أيضاً (اللي ممكن ينور بالليل)، وعندما أفصح الأسد أخيراً عن رغبته بأكل الثور الأسود قال الثور قولته المأثورة "لقد أُكِلت يوم أُكِلَ الثور الأبيض" وأعتقد إن الأسد لم يتركه من أجل مقولته الخالده وفلسفته العميقة وإنما أكله أيضاً. بالطبع هذه القصة الغرض منها تبيان أهمية التضامن والتعاون وعدم الخيانة والتفريط بالنسبة للثيران، وتبيان أهمية المكر والخديعة للوصول للغرض بالنسبة للأسود، وتبيان أهمية الصيد بالنهار بالنسبة للصيادين، وبالطبع أيضاً على المستوى الإنساني يستطيع الإخوان ومؤيدوهم أن يعتبروا أنفسهم الثور الأبيض الذي أكله الجيش مُحذرين معارضيهم من سوء خاتمة الثور الأسود، وعلى النقيض سيعتبر معارضوهم أنفسهم الثور الأبيض الذي باعه الإخوان بالإتفاق مع الجيش سابقاً وها هم يلاقوا مصير الثور الأسود، وبالطبع الثور الأحمر (الذي يرمز لعامة الشعب) سيؤكل في جميع الأحوال. كل ما سبق معروف ومفهوم وتم تداوله على مر الأزمان، ولكن ما يحيرني حقيقة أنه لماذا نعتبر أنفسنا على الدوام ثيراناً تٌؤكَل، لماذا نعتبر أنفسنا مطمعاً و فريسة وغنيمة، لماذا نُذَكِر بعضنا بأهمية التعاون والتلاحم للدفاع عن النفس فقط لا لفعل شئ جيد لأنفسنا، لماذا يتملكنا الإحساس بالتآمر من الجميع و إننا ضحايا لا ريب، لماذا لا تكون القصة بكل بساطة إنه كانت هناك غابة بها ثلاث أسود أقوياء أسوياء مختلفي الألوان والأفكار، وفي يوم من الأيام جاء ثور وأراد أن يصبح ملك الغابة و يحكمهم ............ فأكلوه.