كون النفط سلعة استراتيجية، فإن سعره يمكن أن يؤثر بدرجة كبيرة في اقتصادات الدول بصفة خاصة وعلى الاقتصاد العالمي بصفة عامة، نظرا لاعتماد جميع دول العالم عليه، و دوماً ما يتأثر سوق النفط بالأحداث العالمية سواء كانت بصورة غير مباشرة مثل تأثره بالأحداث الجيوسياسية، كالأحداث المناخية الكبرى وعدم الاستقرار الإقليمي. الطاقة النظيفة تنافس التقليدية شقت الطاقة النظيفة طريقها إلى مركز الصدارة خلال السنوات القليلة الماضية، وأصبح هناك تطلع عالمي للتحول إلى الطاقة المتجددة أو الطاقة النظيفة، كمنقذ للبشرية، فأدى إلى ذلك تأثر عمليات الطلب على النفط، ورغم أن حصة الطاقة المتجددة في المزيج العالمي كانت محدودة للغاية في عصر ما قبل الأزمات، لكن يشير تقرير صادر عن "أوبك" في سبتمبر2021 - إلى أن هذه المصادر النظيفة ستكون الأسرع نموًا في غضون المدة من عام 2020 وحتى عام 2045. تتوقع أوبك تراجع حصة النفط في مزيج الطاقة العالمي إلى 28.1% بحلول عام 2045، مقابل 30% عام 2020. بعيدا عن ذلك تأثرت أسواق النفط بصورة مباشرة بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلالها على اقتصاديات العالم وخاصة أسواق النفط العالمية، ومن قبلها وباء كورونا، وهو ما انعكس على عمليات العرض التي أدت إلى حدوث صدمة عرض في الأسواق العالمية، فهناك علاقة طردية، حيث إذا كان هناك اقتصادات سليمة فهذا يؤدي إلى زيادة فرص الطلب على النفط، على العكس فإذا كان الاقتصاد ضعيف فيكون الطلب على النفط محدود. قبل الأزمات الأخيرة، شكل النفط قرابة 31.5% من مزيج الطاقة العالمي، ليكون الأكثر استخدامًا خلال عام 2019 بين مصادر الطاقة الأخرى سواء من الوقود الأحفوري أو المصادر النظيفة، يليه الغاز الطبيعي (23.1%) والفحم (26.7%) على الترتيب. من المتعارف عليه في صناعة النفط أن الارتفاعات الكبيرة تتبعها دائماً انخفاضات كبيرة، ويؤكد لنا التاريخ أن النفط مثله مثل غيره من السلع، يخضع لدورة أعمال يبلغ ذروتها، ثم ينخفض إلى أدنى مستوياته قبل أن يتعافى. عقدت اللجنة الفنية المشتركة لأوبك+( أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط - أوبك ) اجتماعا، يوم الأربعاء، حيث كشفت مذكرة اللجنة الفنية، إنه من المتوقع أن يشهد سوق النفط عجزاً في 2023 - يبلغ 300 ألف برميل يوميا في سيناريو الحالة الأساسية، وحدوث انخفاضا في الطلب بمقدار 400 ألف برميل يوميا هذا العام، وحسب الوثيقة فإنه من المتوقع حدوث زيادة في العجز إلى 1.8 مليون برميل يوميا في الربع الرابع من 2023. ويفتقر العديد من منتجي (أوبك وأوبك +) إلى القدرة على زيادة الإنتاج ، بسبب عدم كفاية الاستثمار في حقول النفط والعقوبات الغربية ضد إيران وفنزويلا وروسيا. وكان انتاج الدول التي هي جزء من الاتفاق يقل بنحو ثلاثة ملايين برميل يوميا عن حصتها في يوليو. كما قال مصدر مسئول في (منظمة أوبك) حسب ما ذكرته وكالة رويترز إنه "لا يتوقع أن ينتج أي من الدول الأعضاء مستويات أعلى مما كانت عليه في يوليو باستثناء السعودية والإمارات والكويت". إذن .. الى يإن تتجه أسواق النفط عالميا؟، وهل هناك زيادة مرتقبة في أسعار النفط محليا؟، وكيف يتم منع الانخفاض المقبل؟ السوق الموازية واستقرار الأسعار ومن جانبه قال الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول والطاقة، إن هذا سيقوم بعمل نوع من الارتباك في الأسعار، ولكن هناك سوق موازي للنفط والغاز الروسي، وذلك عن طريق عدة دول منها: تركيا والصين وبعد دول شرق آسيا، والدليل على ذلك أن تركيا كانت تستورد من روسيا 98 ألف برميل يوميا، والان تركيا رفعت ورادتها حتى الى ان وصلت الى 200 الف ، وبالتالي هذا الفارق يمكن لتركيا ان تستفيد منه وتصدره وتحقق مكاسب ، فإذن السوق الموازية مع مرور الرقت ستؤدي لاستقرار الاسعار. وذكر الدكتور رمضان ابو العلا في تصريحات خاصة ل " صدى البلد " ان الاسعار ستنخفض تدريجيا ، حيث ان بعد وصول سعر البرميل ال 140 دولار وصل الى 130 دولار ثم بدأ ان يقل تدريجياً الى ان وصل الى 95 دولار فهذا النقص في الاسعار مع مرور الوقت سيتم تعويضه بشكل او اخر ويحدث استقرار في الاسعار قريبا. فيما يخص سبب ان الطاقة المتجددة يمكن ان تكون سبب في نقص الطلب على النفط ، اوضح الدكتور رمضان ابو العلا ان هذه الاتجاه العالمي ، سوف يأخذ عدة سنوات للاستغناء عن الوقود الاحفوري ، وهذا ما قرره الاتحاد الاوربي عندما قرر العودة لتشغيل محطات الطاقة النووية التي كانت متوقفة عن العمل ، وهذا الاتجاه بالطبع سيقلل الاعتماد على النفط ، ولكن بمرور الوقت لانه طبقاً للوكالة الدولية للطاقة سيظل الوقود الاحفوري حتى عام 2050 هو مصدر الطاقة لجميع دول العالم . من جانبه قال الدكتور صابر شاكر ، أستاذ الاقتصاد والتجارة الخارجية بجامعة حلوان، إنه فيما يخص سوق النفط ، فإن الأزمة الروسية الاوكرانية ، ووقف إمدادات الغاز من روسيا ، سببت معاناة بشكل كبير خاصة لاوروبا ، حيث ان روسيا كانت توفر نصف امدادت الغاز لاوروبا وهذا سبب ازمة كبيرة. وذكر الدكتور صابر شاكر في تصريحات خاصة ل " صدى البلد " إن هناك دول تأثرت بشكل ايجابي مثل مصر ، حيث ان الطلب على الغاز المصري ازداد بشكل كبير ، وحققت مصر مكاسب من خلال هذا الامر ، وأشار الى ان صادرات الغاز المصري تضاعفت بشكل كبير اكثر من 4 مرات مقارنة بالأعوام السابقة اكثر ، مشيراً الى ان مصر كانت تصدر بمقدار مليار دولار من الغاز ، الآن التصدير يتخطى 4 مليار دولار. كما ان العراق ايضاً من اكثر الدول التي استفادت من هذه الازمات ، لان صادراتها تجاوزت ال100 مليار من النفط . مصر من أقل دول العالم خسائر وتابع الدكتور صابر شاكر ، أن الولاياتالمتحدة بالتعاون مع أوبك تتجه الى الحفاظ على إمدادات الغاز لعدم حدوث تغييرات في الاسعار ، لان اذا حدث إمدادات طبيعية للنفط هذا يساعد على تقليل أسعار النفط وبدوره يضر بالدول المصدرة للنفط ،ولكنه يفيد الدول المستوردة ، لذلك قبل الحرب كان برميل النفط يكون بحوالي 50 دولار ، ولكن بعد حدوث الازمة تضاعف واصبح يكسر حاجز ال 100 دولار ، لذلك قررت الدول المصدرة ان تحافظ على مستوى سعر معين لتحقيق مكاسبها المرجوة. وعن مصير مصر ، اكد الدكتور صابر شاكر ، أن الوضع في مصر مستقر الى درجة كبيرة ، واذا نظرنا الى العالم الخارجي ، فسنجد ان مصر حتى وان تأثرت ولكن ليس بمقدار ما تأثر به العالم ، وهذا يعطي مؤشرات اننا نستطيع مواجهة وادارة اي ازمة ويصبح هناك مقدرة على الخروج من اي ازمة بإقل خسائر . وذكر المهندس مدحت يوسف ،الرئيس السابق للهيئة العامة للبترول، إن أوبك بلس هي المتحكمة في السعر ، عندما يزيد المعروض يقومون بإنقاص المعروض ، عندما يقل المعروض يرفعون المعروض ، هم المتحكمين ، السوق العالمي للنفط يتجه حسب ما تقرره أوبك بلس ، هي المتحكمة .