84 ألف مواطن لم يحالفهم الحظ فى قرعة الحج يستردون مبالغ جدية الحجز    العراق.. حفل رسمي لإنهاء مهام بعثة اليونامي بعد 22 عاما من الخدمة    صور.. «أغاني وهتافات» جماهير ليفربول تحتفل بعودة صلاح أمام أعين سلوت    العثور على جثة شخص داخل شقة سكنية بمنطقة ميامي في الإسكندرية    وزير الخارجية يلتقي نظيره بدولة الإمارات ويبحث تطورات الأوضاع في المنطقة    حماس تحذر من كارثة إنسانية بعد عواصف غزة    جيش الاحتلال: إصابة جنديين إثر انفجار عبوة ناسفة جنوب غزة    وفاة والدة الدكتور خالد حمدي رئيس جامعة الأهرام الكندية    أهم أخبار السعودية اليوم السبت 13 ديسمبر 2025    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    إلهام شاهين رئيس شرف الدورة ال 14 لمهرجان همسة للآداب والفنون    نرمين الفقي تهنئ محمد هنيدي بزواج ابنته.. صور    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    كلية الدراسات الإفريقية تنظم ندوة عن العدالة التاريخية والتعويضات    سفير الإمارات: الجرى وسط أعظم حضارة فى التاريخ وبين الأهرامات شعور لا يوصف    عمومية الاسكواش تعتمد الميزانية والحساب الختامي بحضور ممثل الأهلي    حجز شاب متهم بالتحرش بفتاة داخل ميكروباص في الجيزة    الأمن يكشف ملابسات واقعة احتجاز سيدة قسرًا داخل مصحة نفسية بالبحيرة    طقس الأحد.. أجواء باردة وأمطار في بعض المناطق والصغرى بالقاهرة 13 درجة    بحوزته 35 كيلو شابو وأسلحة.. مصرع تاجر مخدرات في حملة أمنية بقنا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «بحوث الصحراء» يطلق قوافل إرشادية وبيطرية لدعم المربين بمطروح    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    الموسيقيين تشطب عاطف إمام بعد تحقيقات رسمية تثبت مخالفات إدارية ومالية    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    عروض فلكلورية يونانية ضمن معرض «الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر» في مكتبة الإسكندرية    برشلونة يكشف سبب غياب تشيزني عن مواجهة أوساسونا في الليجا    حين تصبح المرأة رمزًا وقيادة:    أزمة منتخب طولان فرصة لإعادة البناء    "القاهرة الإخبارية": اقتحامات إسرائيلية واسعة بالضفة الغربية تشمل نابلس وطوباس    مأساة في قرية الدير شرق أسنا جنوب الأقصر.. انهيار منزل يؤدي إلى وفاة أم وطفليها وإصابة آخرين    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الجديدة    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    جهاز «شئون البيئة» يترأس وفد مصر فى اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة فى نيروبى بكينيا    إبراهيم حسن يشيد بإمكانات مركز المنتخبات الوطنية.. ومعسكر مثالي للاعبين    صحة دمياط تضرب بقوة في الريف، قافلة طبية شاملة تخدم 1100 مواطن بكفور الغاب مجانا    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا لأكثر من 1000 شخص    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    تكريم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد خلال مؤتمر التفتيش الصيدلي    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    للشباب.. فرص عمل جديدة في عدد من الشركات الخاصة    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    رئيس الوزراء: مشروعات حياة كريمة تسهم فى إحداث نقلة نوعية في مستوى الخدمات    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلام عوض يكتب: قصة طالبان والدور المرسوم
نشر في صدى البلد يوم 14 - 08 - 2021

نشر معهد جيتستون الأمريكي تقريراً عزز المخاوف من انفلات الأوضاع في أفغانستان وسيطرة الإرهاب ممثلاً في حركة طالبان على الأوضاع مجدداً، حيث قال التقرير، إنه في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لاستكمال انسحابها من أفغانستان بحلول نهاية أغسطس الجاري، يتزايد الشعور بالقلق من أن الخطوة الأمريكية لن تعيد طالبان إلى السلطة هناك فحسب، بل ستؤدي أيضاً إلى عودة ظهور جماعات إرهابية أخرى مثل القاعدة وداعش .
وتؤكد الوقائع على الأرض في تلك البلاد المنكوبة "أفغانستان" أن الأمريكيين أساءوا التقدير، عندما اعتقدوا أن الحرب على الإرهاب سوف تنتهى بانسحاب قواتهم من أفغانستان وربما سوف يدفعون ثمناً باهظاً إذا سمحوا بسقوط أفغانستان في أيدي الجماعات الإرهابية مجدداً، فلا فرق بين طالبان والقاعدة وداعش، فهذه الجماعات تتعاون مع بعضها، حتى ولو أظهرت غير ذلك أو حدث قتال وتصفيات فيما بينها، فحركة طالبان كانت تحمي تنظيم القاعدة في السابق ورفضت حتى تسليم زعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن إلى الولايات المتحدة أثناء إقامته في أفغانستان بحجة أن الأمريكيين لم يثبتوا علاقته بهجمات 11 سبتمبر 2001 .
وخلال أيام نجح مقاتلو طالبان في تضييق الخناق على شمال أفغانستان وسيطروا على عواصم خمس ولايات، الأمر الذي حدا بالكثير من الخبراء إلى أن يحذروا من أن تلك التطورات قد لا يوجد معها حل سياسي، وأن أفغانستان قد تدخل حربا أهلية طويلة الأمد، فلماذا كل تلك المخاوف والتحذيرات، وما مدى خطورة هذه الحركة التي تحمل إسم طالبان، وكيف احتفظت طوال 20 عاما من سيطرة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية على أفغانستان بكل تلك القوة، للدرجة التي تؤهلها للسيطرة على حوالي 85 في المائة من الأراضي الأفغانية، بمجرد بدء الإنسحاب الأمريكي من هناك ؟؟
ظهرت حركة طالبان أوائل تسعينيات القرن الماضي، شمالي باكستان، عقب إنسحاب قوات الإتحاد السوفيتي السابق من أفغانستان، وبرز نجم طالبان، التي إشتقت إسمها من أن عناصرها هم طلاب العلم في المعاهد الدينية، وأكثر عناصرها من عرقية الباشتون، في أفغانستان في خريف 1994، حيث بدأت في الظهور لأول مرة من خلال المعاهد الدينية، التي تمولها دولة عربية كبيرة" السعودية"، وتتبنى نهجاً دينياً محافظا .
ووعدت طالبان، التي توجد في مناطق الباشتون المنتشرة في باكستان وأفغانستان، بإحلال السلام والأمن وتطبيق صارم للشريعة بمجرد وصولها للسلطة .
وطبقت طالبان عقوبات وفقاً للشريعة مثل الإعدامات العلنية للمدانين بجرائم القتل أو مرتكبي الزنا أو بتر أيدي من تثبت إدانتهم بالسرقة، وأمرت الحركة الرجال بإطلاق لحاهم والنساء بارتداء النقاب، وحظرت مشاهدة التلفزيون والاستماع إلى الموسيقى وأغلقت دور السينما، ورفضت ذهاب الفتيات إلى المدارس إذا بلغن سن العاشرة .
وعلى الرغم من نفي باكستان مراراً ضلوعه في تأسيس طالبان، إلا أن العديد من الأفغان، الذين انضموا في بادئ الأمر إلى صفوف الحركة، تلقوا تعليما في المعاهد الدينية في باكستان، كما كانت باكستان أيضا واحدة من ثلاث دول فقط، بالإضافة إلى السعودية والإمارات، اعترفت بطالبان حينما وصلت للسلطة في أفغانستان في منتصف التسعينيات وحتى عام 2001، وكانت آخر دولة تعلن قطع العلاقات مع طالبان علنا، إلا أن العلاقات والدعم إستمرا سرا .
والمعروف أن ملا عمر الذي فقد عينيه خلال قتال القوات السوفيتية في ثمانينيات القرن الماضي، كان أول زعيم لحركة طالبان، واعترفت طالبان أنها أخفت لمدة عامين خبر وفاته، وفي سبتمبر عام 2015 أعلنت طالبان أنها توحدت تحت قيادة الملا منصور الذي كان نائباً للملا عمر لفترة طويلة، لكنه لقي حتفه في غارة لطائرة أمريكية بدون طيار في مايو عام 2016، ليحل نائبه المولوي هيبة الله أخنوزاده، وهو رجل دين متشدد، محله، وقتل على الأقل ثلاثة من أبرز قادة طالبان باكستان في غارات شنتها طائرات أمريكية بدون طيار، من بينهم الملا نظير .
دخلت حركة طالبان في أفغانستان بؤرة إهتمام العالم عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي بالولايات المتحدة، واتهمت الحركة بتوفير ملاذ آمن في أفغانستان لزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن وأعضاء التنظيم الذين اتهموا بالمسؤولية عن هذه الهجمات، وبعد فترة قصيرة من هجمات سبتمبر، أطاح غزو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بحكم طالبان في أفغانستان، لكن لم يتم إعتقال زعيم الحركة الملا محمد عمر، وبزغت طالبان من جديد خلال السنوات القليلة الماضية في أفغانستان، حتى أصبحت أكبر قوة في باكستان .
وكان حكيم الله محسود قائداً لفرع طالبان الرئيسي في باكستان، وأنحي باللائمة على حركته التي تعرف بإسم حركة طالبان الباكستانية، في ما يتعلق بتنفيذ عشرات الهجمات الانتحارية والهجمات الأخرى، وكان الأفغان، الذين شعروا بالقلق من زيادة أعداد المجاهدين على نحو مفرط والاقتتال الداخلي في أعقاب طرد السوفييت، قد رحبوا عموماً بطالبان عندما ظهرت على الساحة للمرة الأولى، ونمت شعبيتهم الأولى بدرجة كبيرة نتيجة ما حققوه من نجاح في القضاء على الفساد، والحد من الانفلات الأمني، وجعل الطرق والمناطق الخاضعة لسيطرتهم آمنة لازدهار التجارة .
وسرعان ما امتد نفوذ طالبان من جنوب غربي أفغانستان، واستولت على إقليم هرات الذي يحد إيران في سبتمبر عام 1995، وبعد عام تحديداً، استولوا على العاصمة الأفغانية كابول بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس برهان الدين رباني ووزير دفاعه أحمد شاه مسعود، وبحلول عام 1998، كانوا قد سيطروا على نحو 90 في المائة من أفغانستان، وفي السابع من أكتوبر 2001، غزت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة أفغانستان، وبحلول الأسبوع الأول من شهر ديسمبر انهار نظام طالبان، ولاذ الملا عمر ومساعدوه بالفرار، ويعتقد أنهم لجأوا إلى مدينة كويتا الباكستانية التي كانوا يوجهون منها حركة طالبان، لكن إسلام أباد نفت وجود ما يعرف باسم "شورى كويتا" .
وعلى الرغم من وجود أكبر عدد على الإطلاق من القوات الأجنبية في تاريخ البلد، استطاعت طالبان توسيع نطاق نفوذها على نحو مطرد، مما جعل مساحات شاسعة من أفغانستان غير آمنة وعاد العنف في البلاد إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2001، وأدى تراجعهم خلال السنوات العشر الماضية إلى الحد من خسائرهم البشرية والمادية والعودة بروح الثأر، وكان هناك العديد من الهجمات التي شنتها طالبان على كابول خلال الأعوام الأخيرة، كما نفذت في سبتمبر عام 2012، غارة كبيرة على قاعدة كامب باستيون التابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وفي الشهر نفسه سلم الجيش الأمريكي السلطات الأفغانية الإشراف على سجن باغرام المثير للجدل الذي يضم ما يزيد على 3 آلاف مقاتل من طالبان وإرهابيين مشتبه بهم .
ويبدو أن طالبان التي انهارت رسمياً، ظلت تحافظ على مقومات بقائها وقوة مقاتليها، الذين لم يعدموا الوسيلة لمواجهة التسليح والتدريب، سواء من جانب باكستان أو غيرها، ربما استعداداً للقفز مرة أخرى على مقدرات الأمور في أفغانستان والقيام بأدوار جديدة مرسومة من جانب قوى كبرى لا تريد لتلك المنطقة من العالم استقراراً، حتى ولو كان الثمن مزيد من الدماء والدمار .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.