ان الفيروسات هي عبارة عن جسيمات معدية متناهية الصغر بحيث لا يمكن رؤيتها باستخدام المجهر الضوئي العادي الذي يستخدم للكشف عن الميكروبات الاخرى مثل البكتيريا والفطريات والطفيليات وغيرها وانما يحتاج الكشف عنها الى المجهر الإلكتروني ذات التكبير العالي الذي قد يصل الى واحد مليون نانوميتر, ولأنها من العوامل المعدية التي تحتاج الى خلايا حية من اجل تكاثرها فقد اختلف العلماء على تسميتها كائنات حية او غير حية, حيث انها اذا وجدت في البيئة فهي تبقى بصورة خاملة Inert وذلك لأنها تعتمد بشكل اساسي على خلايا العائل في التكاثر وعملياتها الحيوية الأخرى. والفيروس يتركب من جينوم genome) كرموسوم) والذي يكون في العادة إما من النوع ال DNA او ال RNA ,ويحيط به غلاف بروتيني يسمى القُفَيصَة capsid وهو يتكون من وحدات صغيرة تسمى قُسَيماتٌ قُفَيصِيّة capsomeres,كما أن بعض أنواع الفيروسات قد تغلف من الخارج بغلاف دهني وسكري envelope بينما هذا الأخير قد لا يوجد في أنواع أخرى من الفيروسات. وبالرغم من هذا التركيب البسيط للفيروس الا انه لا يمكن ان نتوقع بان يتم صناعته ونقصد هنا بان يتم تخليق الفيروس من البداية (الصفر) وهذا ليس بالأمر الهين ولم تثبت على أرض الواقع سوى في تلك الأنواع من الفيروسات التي تستخدم لتعطيل برامج الحاسوب Computer ,مع ان هناك بعض المؤشرات الغير مؤكد ان بعض انواع الفيروسات ومنها الفيروس الذي يسبب مرض الايدز AIDS قد تم تخليقه معمليا, وأيا كان صحة ذلك من عدمه فانه يبقى للإنسان دور في صناعة الفيروسات اذا ما اراد ذلك وذلك من خلال عملية التلاعب في الجينات الوراثية لذلك الفيروس بمعنى يساهم في تحور الفيروس (الطفرة) Mutation او من خلال عملية أخرى تسمى الهندسة الوراثية ومنها التهجين فهذه العملية قد استخدمها الانسان في تحسين سلالات كثير من النباتات والحيوانات, والتهجين هي عملية إلقاح بين أفراد سلالتين نقيتين متشابهتان بصفة واحدة أو عدة صفات, وهي تختلف قليلا عما يحدث في تهجين الفيروسات. وتبقى الأمور في قمة في الروعة عندما يتم تسخير مثل هذه التقنيات في عملية التحسين وخدمة البشرية, لكن في بعض الأحيان قد يساء استخدام مثل تلك التقنيات في عمليات التهجين الضارة وخصوصا عندما تكون في ايدي ناس ليس لديهم الإحساس بالمسؤولية لما قد تؤل اليه الامور وعدم الاكتراث الى حجم الضرر الذي سيخلفه ذلك التهجين ولنا في ذلك مثال لعملية التهجين التي اجريت في احد المختبرات في البرازيل ما بين نحلتين إحداهما أفريقية والأخرى أوروبية وكان هدفها زيادة نشاط النحل وانتاج نوعية ذات جوده عالية من العسل ولكن بدلا من ذلك فقد صارت تلك النحلة الهجين تنتج عسلا اقل فعالية وأصبحت شديدة العدوانية فزادة عدد لسعاتها بشكل كبير بالإضافة الى انتاجها للسم الذي قد يكون قاتلا للبشر والحيوان وقد سمى بالنحل القاتل والغريب ان ذلك النحل (الهجين) قد هرب واصبح حر ويتكاثر في الطبيعة ولكم ان تتخيلوا ما الذي سيحدث من كوارثه لهذا التهجين. وبالعودة إلى الفيروسات فلا بد لنا ان نعرف طريقة التكاثر للفيروس كي نفهم كيف تتم عملية التهجين, وهي طريقة تختلف عن بقية الكائنات ويمكن تلخيص خطوات التكاثر للفيروس بالتالي: اولا: الالتصاق Attachment :وهي عملية التصاق الفيروس بالخلية الهدف وذلك من خلال مستقبلات خاصة على سطح الفيروس والخلية وفي حقيقة الامر فهي لم تصمم من اجل الفيروس ولكن لها استخدامات ووظائف في العمليات الحيوية والتواصل بين الخلايا ويحدث ان يكون هناك ارتباط مع مستقبلات على سطح الفيروس بشكل عارض, ثانيا: الدخول penetration ,وهي العملية التي تقوم بها الخلية الهدف لإدخال الفيروس الى الداخل, ففي الفيروسات التي تحوي الenvelope يندمج هذا الغلاف مع الغشاء الخلوي للخلية, بينما تدخل بقية مكونات الفيروس الى الداخل , ثالثا: نزع الغلاف Uncoating :وفي هذه الخطوة يتم فيها ازالة الغلاف (القُفَيصَة) من الفيروس وذلك نتاج التغير في الاس الهيدروجيني pH داخل الخلية, بحيث يسبح الجينوم حرا داخل الخلية, ليبدا عملية التناسخ فاذا كان من النوع ال RNA فانه سيبدأ عملية الاستنساخ والتضاعف مباشرة في السيتوبلازم, واذا كان من النوع ال DNA فان عملية استنساخه ستتم داخل النواه وتوجد بعض الاستثناءات مع قلة من الفيروسات ولسنا بصدد ذكرها هنا حتى لا نخرج كثيرا عن جوهر الموضوع الاساسي: رابعا: تخليق البروتين synthesis protein :وفي هذه المرحلة يتم تخليق نوعين من البروتينات وهي البروتينات الاولية او المبكرة proteins early وتكون في العادة الانزيمات التي سيحتاجها الفيروس حيث ان معظم الفيروسات تعتمد بشكل اساسي على انزيمات الخلية في مراحلها الاولى للتكاثر, ومن خلال هذه العملية سيصبح له انزيماته الخاصة ليتم استخدامها في استكمال عملية انتاج الفيروسات الجديدة progenies , والنوع الثاني من البروتينات التي يتم انتاجها ايضا في هذه العملية هي البروتينات المتأخرة proteins Late وهي البروتينات المكونة لأجزاء الفيروس, وفي انواع معينة من الفيروسات مثل الفيروس العوز المناعي البشري المسبب لمرض نقص العوز المناعي ( الايدز) وتسمى بالفيروسات القهقرية Retroviruses يكون من ضمن خطوات تكاثرها عملية تسمى الاستنساخ العكسي وبما ان الجينوم للفيروس من النوع ال RNA فانه يتحول الى ال DNA بواسطة انزيم خاص يسمى المنتسخة العكسية transcriptase reverse ليتم لاحقا ادخال ذلك الجينوم حديث التكوين ودمجه في كرموسوم الخلية الهدف رابعا: التجمع assembly وهي المرحلة قبل الاخيرة من مراحل تكاثر الفيروس بحيث يتم تجميع القُسَيماتٌ القُفَيصِيّة حول الجينوم للفيروس وذلك بحسب شكل الفيروس وقد وجد العلماء ان هذه العملية تتم بشكل تلقائي عند تجريبها معمليا: والمرحلة الخامسة والاخيرة في تضاعف الفيروس هي الانطلاق release وهي عملية خروج الفيروس من الخلية بحيث اذا كان فيروس مكتمل النمو ويملك مقومات الفيروس الكامل سيتم تكرار العملية في خلية اخرى وهكذا وقد تطرقنا الى هذه النقطة لأنه ولحسن الحظ ليست كل الفيروسات التي تنطلق من الخلية وبالرغم من كثرتها يمكن ان تكون مكتملة النمو. وبعد ان تعرفنا بالتفصيل عن مراحل او خطوات تضاعف الفيروسات جاء الدور لنتعرف الى انه في احيانا قد يجتمع اثنان من الفيروسات في خلية عائل واحده ويكون هذا العائل في الغالب حيوان وهنا ممكن يكون دورا للانسان وقد يكون دوره بطريقة مباشرة في المعمل او بطريقة غير مباشرة وهو الاحتمال الراجح بجعل الحيوانات المصابة بالفيروسات تحتك مع بعضها او احتكاكها مع البشر وينتج عن هذه العملية تكوين فيروس جديد بخواص تجمع بين الاثنين, ويتم ذلك الخليط بالتحديد في العملية الرابعة من التكاثر للفيروس وهي التجميع بحيث يحدث ان يغلف الجينوم للفيروس (أ) بالقُفَيصَة للفيروس (ب) والعكس صحيح, وقد يكون الهجين بين اثنان من الفيروسات احدهم يمكن ان ينتقل من انسان الى انسان ولكنه اقل شراسه في احداث المرض للإنسان واخر يصيب الحيوان ويكون اكثر شراسه ولكنه لا ينتقل من الحيوان الى الانسان ليكون الفيروس الهجين يمتلك المقدرة على الشراسة في إحداث المرض والانتقال من الحيوان الى الانسان وأمثلة على هذه الهجين هو الفيروس المسببة لأنفلونزا الطيور Avian influenza او ذلك الذي يسبب أنفلونزا الخنازير influenza swine ..,وغيرها. وفيما يخص تدخل الإنسان وتلاعبه في مورثات الفيروسات , فقد ركزت بعض الدراسات في استخدام الهندسة الوراثية في هندسة وتطوير بعض أنواع الفيروسات وذلك بتعديل الجينوم واستخدامها لمحاربة الخلايا السرطانية, كما يمكن استخدامها في علاج بعض الامراض التي تكون ناتجة عن اختلالات جينية وذلك عن طريقة تحميل الجين السليم على فيروس بعد ان يتم اخضاعها لعمليات تمنع تكاثرها واحداث المرض وذلك بحسب نوع الخلية فاذا كان الخلل في خلية الكبد مثلا يستخدم فيروس معدل من النوع الذي يعمل عدوى في الكبد وهكذا . كما ان الفيروسات المعدلة وراثيا يمكن استخدامها في التجميل فمثلا فيروس الورم الحليمي البشري Papilomavirus Human الذي يسبب مرض الثَآليلُ warts فيمكن استخدامه لعمل الشامات (جمع شامة) في الوجوه وهذه من الاخبار السارة وخصوصا للجنس الناعم. وبالرغم من ان الكائنات الدقيقة سلاح ذو حدين ولكن الاجمل هو ان الغالبية هم من يحسنون استخدامها في المجالات التي تخدم البشرية ..... هذا ونسال الله تعالى ان يوفق الجميع الى ما يحبه ويرضاه...