في البداية وحتي يكون الدواء الذي يقضي علي الفيروس-المضاد الفيروسي-فعالا يجب أن تتوفر فيه بعض الصفات، اولها أن يكون أقل سُمية علي الخلايا، وأن يكون فعال وقوي التأثير وأيضاً واسع المفعول broad-spectrum كمعظم المضادات الحيوية. المشكلة التي واجهت العلماء وعرقلت ظهور مضادات فيروسية حتي بداية ستينات القرن الماضي هي أن مكونات الفيروس-غالباً حمض نووي وبروتين-تتشابه تقريباً مع نظيراتها من مكونات الخلية لذلك يُعد إستهداف تلك المكونات لافيروسية وتدميرها تدميراً للخلية يصاحبها مشاكل صحية جديدة، لذا فكر العلماء في أنه لتدمير والقضاء علي الفيروسات يجب إستهداف مكونات تخصها أو عرقلة أي من الخطوات التي يمر بها أثناء تضاعفها لنسخ اعداد كبيرة منها في الخلايا المُصابة بها.
أول مضاد فيروسي كان لمقاومة فيروسات "الهربس" ظهر في العام 1960 وكانت التجارب علي كفاءته تُجري في مزارع الأنسجة نظراً لعدم وجود حيوانات تجارب وقتها، ولأن النتائج التي تشير إلي كفاءة هذا المضاد الفيروسي ليست بالدقة المطلوبة هذا بالإضافة الي أن تلك التجارب كانت تستلزم وقتاً أطول ناهيك عدم أن الآلية التي يعمل بها المضاد الفيروسي ليست واضحة، لذا كان من الصعب التغلب علي الأعراض الجانبية التي صاحبت إستخدام هذا الدواء.
إستفاد الباحثون بعد ذلك من التطور في التقنيات البحثية المتطورة وأهمها التعرف علي ترتيب القواعد النيتروجينية sequence لجينوم الفيروسات المختلفة-جينات الحامض النووي-حيث
بدأت بعض مضادات الفيروسات بالظهور تباعاً والتي تعمل بالأساس علي إيقاف تضاعف الفيروس، علي سبيل المثال ظهر عقار "تاميفلو" لمقاومة فيروس الإنفلونزا حيث يرتبط هذا الدواء بمادة موجودة علي غشاء الخلية-حمض سياليك sialic acid-وهي التي تستقبل جزيئات الفيروس وترتبط به ومن ثم تفتح له الطريق لدخول الخلية، لذا فكر العلماء في قطع الطريق علي فيروس الإنفلونزا حتي لا يدخلها من الأساس فكان "التاميفلو" والذي يحطم مادة بروتينية علي سطح الفيروس هي إنزيم "النيورامينيداز" الذي يقوم بدوره في الإرتباط بحمض السيالك ويحلله ويمنع بالتالي دخول الفيروس للخلية.
ظهرت أيضاً مضادات فيروسية تتشابه-أو تُقلد-مستقبلات للفيروسات علي أغشية الخلايا ومن ثم يتم حجز الأماكن الخاصة بإستقبال بالفيروس بالخلية ولا تعطيه الفرصة في الإرتباط بالخلايا من الأساس وبالتالي فشله في إصابة الخلية. وإذا حث وإرتبط الفيروس بسطح الخلايا تمهيداً لدخولها، فإن العلماء لم إبتكروا مضادات تحول دون دخوله الخلية، منها "فوزيون Fuzeon" والتي وافقت عليه هيئة الغذاء والدواء الأمريكية وهو مضاد فيروسي بالأخص لفيروس "الإيدز HIV " حيث يمنع هذا الدواء إندماج جزيئات الفيروس بخلايا سي دي 4 CD4" المناعية والتي يستهدفها الفيروس عند إصابته الإنسان.
حتي وإن نجح الفيروس في دخول الخلايا، فإن العلماء إبتكروا مضادات فيروسية كي تقاوم الفيروس –عند هذه المرحلة-داخل الخلية وذلك بمنعه من ان يتخلص من غطاءه، لأن ذلك سيمنعه من أن يحرر حمضه النووي كي يبدأ في مهامه وهي السيطرة علي وقيادة العمليات لصالحه بما يحمله من معلومات وراثية لذلك. من أمثلة هذا النوع من المضادات الفيروسية "أمانتادين amantadine" لعلاج فيروس الإنفلونزا، و"بليكوناريل pleconaril" للفيروسات المسببة للبرد العام common cold.
بعض الإصابات الفيروسية لا يمكن منع الفيروس وهو داخل الخلية من نزع غطاءه، لذا فكر العلماء في إبتكار مضادات فيروسية تمنعه من تكملة خطوات التضاعف وتخليق ملايين النسخ منه-نسل جديد-وتكرار الإصابة في خلايا أخري. هذه المضادات تعمل كشبيهات القواعد النيتروجينية nucleotide analogue-اللبنات التي تكون حامضه النووي-وتُستبدل القواعد الأساسية بالمزيفة-خدعة-فيتكون الحامض النووي-سواء دي إن إيه أو آر إن إيه- لكنه سيكون"فنكوش"-ليست له قدرة علي إحداث الضرر. بعض تلك المضادات موجهة بالأساس كي تُثبط أو توقف نشاطات بعض الإنزيمات التي تلعب دوراً أساسياً في تخليق الحامض النووي كأنزيم البوليميراز. أول ظهور لمثل هذه المضادات هو "أسيكلوفير " acyclovir وكان موجهاً لمقاومة فيروسات الهربس، أيضاً "زيدوفودين Zidovudine" الذي يستهدف فيروس الإيدز.
نجح العلماء في تكوين مضادات فيروسية تستهدف-بشكل إنتقائي-إنزيمات فيروسية خاصة، مثلاً إنزيم الناسخ العكسي reverse transcriptase تحتاجه بعض الفيروسات-فيروس الإيدز-كي يحول جينوم الفيروس "آر إن إيه" عند دخوله الخلية الي "دي إن إيه" وهي خطوة هامة في دورة حياة الفيروس، لذا إذا وجد مضاد فيروسي يحطم هذا الإنزيم فيقطع الطريق علي الفيروس كي لا يُكمل مراحله، من هذه المضادات "لاميفودين Lamivudine" والذي إبتكره العلماء بالأساس لمقاومة فيروس الكبد ب HBV . إستطاع العلماء إبتكار مضاد فيروسي يحطم الإنزيم الهام في إدماج جينوم فيروس الإيدز مع جينوم الخلية وهو إنزيم "إنتيجراز integrase ".
نجح العلماء خلال أغسطس 2011 من إستنباط وتخليق مضاد فيروسي يعمل بشكل إنتقائي لمقاومة الفيروسات التي تحمل الحمض النووي "آر إن إيه" عموماً مما يجعله "واسع المفعول". وفي هذا الإتجاه تم حديثاً الموافقة-من قبل هيئة الدواء والغذاء ومنظمة الصحة العالمية علي علاج-مضاد فيروسي-واسع المفعول سُمي "Lj1001" لكنه يستهدف بالذات الفيروسات "المغلفة" وتحتوي في غلافها علي طبقة من الدهون.
أستحدثت مضادات فيروسية جديدة سُميت "ريبوزيم ribozyme" قادرة علي قطع الحمض النووي الفيروسي الي شطرين خاملين وليست لأي منهما خطورة، كانت تلك الفكرة تهدف بالأساس مقاومة والتغلب علي فيروس الكبد سي وكذلك فيروس الإيدز، من أهم مميزات هذا النوع من المضادات الفيروسية هي أنه يمكن للعلماء تصميمها-تفصيلياً custom-tailored ribozyme-عن طريق هندسة بعض الخلايا وراثياً ومن ثم حقنها في المريض كي تقاوم-بنا لديها من ريبوزيمات-أي من مراحل أطوار الميكروب داخل الخلايا في جسم المريض.
خلال مراحل متقدمة من تضاعف الفيروسات بالخلايا، ففي مرحلة الترجمة إستطاع العلماء وقفها عن طريق إستهداف إنزيم هام "البروتيز" وهو هام للفيروس حيث يساعده في كسر سلسلة البروتين الكبيرة التي نتجت من ترجمة المعلومات-لجزئين يقوما بدور هام في تكوين الجزيئات الفيروسية الجديدة من نفس الفيروس، وبذلك يفسد علي الفيروس خطته، هذا النوع من المضادات تم تطبيقه بنجاح في مقاومة فيروس الكبد سي وفيروس الإيدز.
نظراً للزيادة السريعة في حدوث طفرات وظهور سلالات فيروسية جديدة، بعضها قد يقاوم تلك المضادات الفيروسية، وتلك معضلة تواجه العلماء بإستمرار. علي سبيل المثال، في دراسة حديثة نشرتها مجلة "نيتشر للبيوتكنولوجي" أفادت تلك الدراسة بأنه عند علاج فيروس الإنفلونزا السلالة المعروفة إختصاراً إتش 1 إن 1 H1N1بعقار "تاميفلو Tamiflu" ومعه المضاد الفيروسي "زاناميفير Zanamivir" فقد ظهرت نتيجة لذك سلالة جديدة مقاومة للتاميفلو ولا يجدي معها هذا العلاج.
خلال 2013 ظهر علاج جديد لفيروس الكبد سي "سوفالدي" والذي يعمل بالأساس لإيقاف عمل إنزيم هام للفيروس في بناء حامضه النووي هو "بوليميراز". حديثاً ولكي يضمن العلماء القضاء علي الفيروس بشكل كامل، فكروا في علاج-مضاد فيروسي-يحطم إنزيمين معاً، إبتكروا مضاد آخر يحطم إنزيم هام لفيروس سي هو إنزيم "البروتيز" لذلك يأخذ المريض نوعين من الأقراص في وقت واحد، لذا يفكر العلماء في جعل مفعولهما في قرص واحد. أصبح "العلاج المشترك combination therapy" هو الفكرة التي تسيطر علي عقول العلماء الآن، مما جعلهم يبتكروا علاج "ثلاثة في واحد" أي قرص واحد به ثلاث آليات لتحطيم مكونات الفيروس. مثل "أتريبلا Atripla " وهو أحدث مضاد فيروسي لفيروس الإيدز ويسمي "HAAR" إختصاراً لمعني التأثير الاكثر فعالية ضد الفيروسات المتراجعة highly active anti-retroviruses therapy وفي هذه الطريقة في العلاج يتناول المريض بالإيدز قرص واحد به مفعول ثلاث أدوية لضمان القضاء التام علي الفيروس.