أحيانا نحتفظ فى بيوتنا ببعض الأشياء الصغيرة لما لها من ذكرى جميلة ولارتباطنا النفسى بها.. وأحيانا احتفاظنا بها يكون لمجرد ظننا بوجود فائدة لها فى المستقبل.. وتتوالى الأيام وتتكدس هذه الأشياء الصغيرة وتملأ الصناديق فتأخذ مساحات كبيرة وأكثر مما تستحق فنضطر أن نضعها بدولاب الكراكيب.. ورغم أنها مجرد كراكيب إلا أننا نتمسك بها وبشدة رغم أنها لا تستخدم وتعتبر عديمة الفائدة.. وعندما تأملت للحظة ذلك السلوك شعرت ان النفس البشرية مثلها مثل بيوتنا هى أيضا بها الكثير من الصناديق المغلقة التى تحوى العديد من الكراكيب...!!! فكم من مرة نشعر بخنقة داخلنا وتضيق صدورنا.. كم من مرة توقفت عقولنا عن التفكير.. كم من مرة أسأنا التصرف وأخطأنا اختيار ردود أفعالنا.. ؟؟؟ انها العديد من المرات المتكررة والتى سوف تتكرر طالما احتفظنا بداخلنا بصناديق كراكيبنا. نعم فكل منا يحمل بداخله صناديق كراكيب.. فكثيرا ما نحتفظ بأفكار ومعتقدات من الماضى ظنا منا أنها صالحة لليوم وللغد فى حين أنها أصبحت بالية لا مكان لها سوى داخلنا فقط ومع ذلك نحتفظ بها بل نرفض قبول أو التعرف على غيرها حتى لو كان أفضل. كثيرا ما تتزاحم عقولنا بصغائر الأمور فتحتل أماكن غيرها من الأفكار بل تعرقل منظومة فكرك بأكملها ومع ذلك نحتفظ بهذه الصغائر ونتركها تغيب وعينا وتغيبنا عما هو أهم. كثيرا ما نردد أقوال وقناعات لمجرد اعتيادها وليس لثقتنا بها أو لاقتناعنا الحقيقى بها وبالطبع تأخذ نفس مكانة غيرها من الكراكيب داخلنا وتمنعنا من الاقتراب من أى قناعات أكثر منها تطورا. كثيرا ما تحتفظ نفوسنا وقلوبنا بمشاعر وأحاسيس لا تضيف سوى ألم وحزن وأسى وأحيانا ندم ومع ذلك نتشبث بها وبدلا من ان نعيش فى الحاضر تعيش هى بنا فى الماضى فتصنع الحواجز وتبعدنا عن عالمنا الخارجى فتضيع منا أسعد اللحظات ونفتقد أجمل المشاعر. ولا تتوقف الكراكيب داخلنا عند حد الأفكار والأقوال والقناعات والمشاعر بل أيضا تتمثل فى السلوكيات.. فكم من سلوك سلبى نسلكه ونصر عليه رغم ما يسببه لنا من متاعب. كثيرا ما نظن العجز وعدم القدرة على التغيير.. كثيرا ما نستسلم للصعوبات لمجرد أنها سميت بالصعوبات فاخترنا الفشل كأسهل طريق ورغم تكرار الفشل وتوالى الصعوبات نصر نحن على ثقافة الاستسلام فنخشى كل ما هو جديد.. ونخاف من خوض التجربة فنستسهل الابقاء على ماضى خوفا من حاضر ومستقبل مجهول المعالم.. فنجمع كل ماضينا رغم ما به من سلبيات وما به من أسلوب حياة لا يصلح لهذا الزمان لنعيش به حاضرنا ومستقبلنا.. فلا تستوى حياتنا ونتعثر دائما فى خطواتنا. لذلك فنحن بحاجة لاعادة هيكلة أنفسنا واعادة ترتيب ما بداخلنا.. نحن بحاجة للتخلص من الكراكيب لاتاحة مساحة كافية داخلنا لايجاد فرصة لتجربة كل ما هو جديد.. فتمرد على نفسك.. تخلص من كل عديم فائدة بداخلك وأنت له أسير.. افتح صناديق عقلك وروحك وانفض ما بها من غبار وألق ما بها من كراكيب.