قَرَرتَ أن تبوحَ له بشئِ من مكنونها علها تُخمد لهيب عقلها المُتقد دومًا ، أو علّ قلبها قد تهدأ ثورته ضد ذاك الغريب الذي بات صديقًا لروحها منذ تلك الليلة . كتبت تقول ... صديقي الغائب الحاضر بعالمي الموازي لروحك مني السلام .. أما بعد .. علّك بخير .. حاولتُ مرارًا أن أتجاهل شكوايا منك .. حاولتُ أن أكون صامدة أمامك لسنواتِ ، وكان الصمت هو خير حليفُ لي ، ربما وددتُ أن أقي روحك نوبات غضبي منك ، أو ربما نوبات إحتياجي للإختباء خلف حصون قلبك المنيعة ، ورغم الغياب ورغم سنوات الفراق أسطيع أن أخبرك بأن طاقة الكُره ما إستطاعت غِزّو قلبي كي تكون حليفًا لي ضدك ، بل أني قد لقبتكَ بالصديق لِشيَمكَ التي لا يعلمها سوى من إخترق حصون قلبك طواعيةً منك . ولكن يا صديقي أردتُ أن أَخَرجَ عن طيات صمتى ولو لمرة .. لتعلم بأني قد جاهدتُ لسنواتِ كي أخفي تلك الملامح الباهتة أمامك ، وأن أخفي نوبات حنيني التي كادت في كل مرة أن تطرحني أرضًا لولا الله ، جاهدتُ كثيرًا كي أثبت لك أني لازالت امرأة قوية تضحك بعنفوانٍ أمام الجميع رغم هجرك لها ، حقًا جاهدتُ كي أستطيع ردم بحيرة من الدموعِ بمُقلتيىّ وأنت عن هذا كله بعيدُ كل البعد . تلك المرة لم أستطع أن أُلملمَ شِتاتَ روحي التي تناثرت من التشبث والإصرار على التمسك بمجرد سراب صنعته بمخيلتي ثم سرعان ما انتهي بي المطاف إلى الهزيمة المُنكّرة .. لأجد نفسي صريعة لذاك السؤال الذي لا أستطيع الفرار منه " ما بال قلبي عالقًا بك رغم يقين عقلي بأن الطريق إليك أصبح محال ! " تذكرتُ تلك الليلة التي رأيتُ فيها وجهك ك نورِ أضاء لي في جوف طريق معتم ، ففي كل مرة كنت تأتيني مُحمّلًا بنظراتٍ تشي لي بمزيد من الشك .. تلك المرة رأيتك تجلس أمامي وجهًا لوجه .. تتحدث لي وكأنك تعرفني منذ أمد بعيد ثم أقول في نفسي " الآن فقط قد وثق قلبك بي .. الآن فقط قد أزلت جدار الصمت الحائل بيننا ! " وبتلك الليلة لأول مرة يا صديقي أراك متحررًا من تلك القيود التي طالما جعلتنا اليوم على شفا ضفتىّ بحيرة ، شريطين متوازيين ، محالُ لهما أن يلتقيا ،كلًا منا يرى الآخر من بعيد ولكن بلا صوتِ مسموع ، ولأول مرة أراني أمامك خائفة رغم جرأتي المعهودة معك لا سيما في اللقاءات الأولى بيننا ، ربما إنتابني الذهول من كونك تتحدث لي دون حذرٍ مسبق كالذي عهدته منك دائمًا ، أخذتُ أنظر إليك لأحاول أن ألتقط منك كلماتِ أعييها ولكن لم أتمكن . ورغم أن روحي تواقة ُ للقاءِ بالبراح المُطل من شرفتا عينيك ، ورغم إشتياقي إلى ذاك النعيم ، ورغم مآسي قلبي في لقاء عاشق بمحبوبته يتبادلان العشق في الطرقات ، إلا أني أخاف أن أُلقي بكاهلي عليك فأجد نفسي صريعة في هاوية العشق من جديد ثم أنظر حولي ما أجدك ، تلك المرة يا صديقي ستكون هي طامتي الكبرى التي لا نهوض بعدها .