إن "من يتابع الهجمة الشرسة والممنهجة على الأزهر الشريف وإمامه الأكبر – تلك الحملة مختلفة الاتجاهات والأهداف ممن رأوا مكاسبهم في الهجوم على الأزهر ومحاولات تقزيمه واتهامه بمختلف الاتهامات – يدرك خطورة هذا الوضع الذي دفع تيارات تعادي الوطن بالدخول في تلك الحملة بدعوى الدفاع عن الأزهر كما أن الهجوم على الأزهر ييسر السبل أمام تيارات التعصب والغلو والتطرف لتحتل المساحات الخالية نتيجة حملات التشكيك ونزع الثقة عن الأزهر خاصة في ظل الخطاب العاطفي المغلف بالجنة والنار الذي تقدمه تلك الجماعات". إن علماء الأزهر هم من أثروا في الحياة بفكرهم المعتدل الوسطي, متسائلًا: "من أين لهم بأفكار تكفيرية إرهابية؟. ليس فقط الهجوم على دور الأزهر بمكانته ساعد في انتشار الأفكار المتطرفة والجماعات الجهادية. بل تراجع دور الأزهر في العالم العربي وأفريقيا خاصة بعد فترات الاستقلال نتيجة لتحديات خارجية أكثر منها داخلية أبرزها الحملة على الإرهاب التي قادتها أمريكا منذ عام 2001 والتي انتقلت إلى الدول الأفريقية. بعض المؤسسات الدينية التابعة لدول إسلامية زاحمت الأزهر في مناطق تركزه فى غرب إفريقيا، ورفضت أسلوبه المعتدل، وتروج لمذاهب إسلامية متشددة، كما أن هناك عدم تنسيق بين المؤسسات العربية التي تلعب نفس الأدوار التي يلعبها الأزهر، مثل جمعية الدعوة الإسلامية العالمية التي تنطلق من ليبيا، كما أن هناك بيئة معادية للعرب في بعض الدول الأفريقية وهو ما ينعكس علي مبعوثي الأزهر، فمازال بعض الأفارقة ينظرون للعربي علي أنه تاجر رقيق يحتقر السود الأفارقة. لا ريب أن اتهام الأزهر بإنتاج الأفكار المتطرفة، أمر يثير السخرية، ذلك لأنه لا يتفق مع نظرة من يحملون الفكر التكفيري المتطرف تجاه الأزهر، إذ أنهم يُكفِّرون القائمين على تلك المؤسسة الرسمية، ويسمونهم علماء السلطان. ويرون فيهم الوجه الجماهيري للسلطة، والمعبر عن آرائها باسم الدين. قبل العمليات الإرهابية التي طالت الكنيستين، كانت هناك رغبة رسمية مؤكَّدة لأن يتولى الأزهر مهمة تجديد الخطاب الديني وفق الرؤية السياسية، إلا أن شيخ الأزهر وكبار العلماء، يرون أن الخطاب الديني للمؤسسة ومناهجها الدراسية لا تحتمل اللعب فيها، لأنها تعبر بالفعل عن وسطية الإسلام، وبعيدة كل البعد عن التكريس للتطرف الفكري. وكل من يتابع الشأن المصري يدرك أن هناك نزاعا صامتا بين الأزهر والسلطة على خلفية قضية تجديد الخطاب الديني، ظهرت أماراتها في الفتوى التي أصدرها كبار العلماء بصحة الطلاق الشفهي، بخلاف الرغبة السياسية في منْعه التي أيدها البرلمان. أن محاربة الإرهاب ليس مسئولية الأزهر وحده، وإنما مسئولية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والثقافة، والإعلام، الأحزاب، ومؤسسات المجتمع المدني. الثورة على الأزهر تعني أن يبقى الشعب المصري بلا مرجعية علمية، وذلك سيترتب عليه ترك هذا الشعب لتنازع الأهواء والاجتهادات الفردية، ومن ثم سيُطلق عنان الإرهاب والتطرف. ليس هناك اعتراض على تجديد الخطاب الديني في الأمة بأسرها، إذا ما تمثل في تجديد الشكل والطرح وطريقة العرض، لا تغيير المضمون والجوهر، وتلك هي القضية التي يجادل حولها الأزهر، كان الأولى أن يتم دعم الأزهر الذي يُمثل وسطية الإسلام في حربه على الإرهاب، لا اعتباره جزءًا من ذلك الإرهاب، والفكر لا يواجه إلا بالفكر، والظلامية لا تواجه إلا بالتنوير الصحيح. إن الأزهر ورجاله، وما تربوا عليه من صحيح الدين، يرعى الوطن بكل أمانة بمسيرته ومنهجه الوسطى أجمع العالم على احترامه، واحترام شيوخه وعلمائه الذين نذروا حياتهم للقيام بهذه الرسالة فى أمانة وإخلاص. إن التهجم الضال على الأزهر إسقاط لمكانه التي أقر له بها كافة دول العالم الإسلامي بل العالم أجمع. إن الهجوم علي الأزهر لا يأتي إلا من بعض الذين يدعون أنهم مثقفون ثقافة عصرية ويريدون أن يتخلى الأزهر عن ثوابت الدين وعن تعاليم القرآن الصريحة في الالتزام بالقيم الخلقية كالدفاع عن الأرض والعرض والوطن, وقد نشأ هذا الهجوم عن سوء فهم لربطهم بين التشدد في الدين والجماعات المتطرفة, وبين تعاليم الدين الصريحة, وسوء الفهم نشأ بسبب قصر فهم الجماعات المتطرفة علي وجهة نظر واحدة من الأحكام الدينية، غير أن الأزهر الشريف يدرس جميع المذاهب والتي تصل إلي ثمانية مذاهب بالإضافة للاجتهاد, غير أن الاجتهاد لا يعني التفريط في أسس العقيدة، ومن أبرز نماذج الذين اجتهدوا الشيخان محمود شلتوت ومحمد متولي الشعراوي والدكتور محمد دراز والإمام عبد الحليم محمود وغيرهم من العلماء والفقهاء الذين تركوا أثرا كبيرا في تنوير العقول, كما أن الأزهر في العصر الحديث اشتمل علي كليات عملية كالطب والهندسة والزراعة للمشاركة في خدمة المجتمع وفي نهضة مصر الحديثة. ويشير عبد الدايم إلي أن الهدف من شن الحملات المتتالية علي الأزهر هو القضاء تماما عليه حتي لا يتمسك أحد بالقيم الإسلامية، وتكون الحياة علي نمط الحياة في الغرب من حرية غير منضبطة وفوضي وإباحية أحيانا, وهؤلاء تمسكوا بالقشور الغربية, ولم يلقدوا الغرب في العلم والانضباط في العمل والنظافة جمال المدن والشوارع, مؤكدا أن تضافر المؤسسات المعنية سواء الأزهر أو الأوقاف لتثقيف الداعية وتسليحه بالعلوم المختلفة كالاجتماع والنفس والسياسة ومكونات الشخصية لكل مجتمع سواء في الداخل أو الخارج يعتبر الخط الأول للدفاع عن الإسلام والأزهر معا, فإذا ما أثر الداعية وأقنع جمهوره بالأفكار الدينية الصحيحة قطع علي تلك الحملات طريقها في النيل من الإسلام, بالإضافة إلي التوسع في عقد اللقاءات الدينية في الجامعات ومراكز الشباب من خلال استضافة العلماء الذين يستطيعون توظيف الدين لصالح المجتمع. إن قيض لهذا الدين رجالا يدافعون عنه ضد الأعداء والأدعياء في كل عصر حيث يحارب من أعدائه وأدعياءه علي حد سواء فهو مظلوم من جهة بعض الأبناء وحقد الأعداء, وقد قيد الله للأزهر من يدافع عنه متمثلا في كتاب الله وسنة رسول الله ويفهم هذان الأساسان بوعي دقيق وفهم رشيد إنه الأزهر الجامع بمؤسساته التعليمية, ومن هنا اقتضت سنة الله في أرضه أن يكون الركن الأساسي في الدفاع عن الإسلام الأزهر الشريف, وإذا كانت سنة الله في أرضه قد جرت بأن يكون هناك طرفا نقيض خطأ وصواب وحق وباطل, فقد ارتضي للأمة من يدافع لها عن هذا الحق, ومن يحاربه, وكان ولا يزال الأزهر بوصفه الركن الأصيل للإسلام أن يكون مدافعا حقا عن دينه وسنة نبيه, وفيصلا بين الحق والباطل في قضايا الدين الإسلامي ظل الأزهر جامعا وجامعة يدافع عن ثوابت الأمة الإسلامية بين تطور الحاضر وتراث الماضي, والأزهر بطبعه لا يعارض الفكر. وإنما يدافع عن ثوابته وعن عرينه فهو يدرس هذه الأفكار ويجتهد أن يرد عليها بالدليل, ويقيم هذه الآراء والرد عليها في الكتب التي يدرسها لطلابه من هنا كانت الهجمة الشعواء علي من قيده الله للدفاع عن الدين من أعدائه في مشارق الأرض ومغاربها دفاع المستميت عن ثوابت الإسلام الحقة بما يحقق للإنسانية السعادة في الدارين حيث قام الذين حادوا عن الحق بالتصدي لهذا المبدأ العظيم ومحاربته, ولكن الله تعالي خذلهم وصدق الله العظيم حيث يقول (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبي الله إلا أن يتم نوره). ومن هنا عرف الطاعنون في الإسلام كيف تؤكل الكتف ومن أين يؤتي هذا الدين إنه لا يؤتي إلا من الجانب الحصين ولا يطعن إلا في الركن الركين وهو الأزهر الشريف, فانقسم الأعداء إلي قسمين قسم داخلي وقسم خارجي أما أعداء الإسلام من الخارج فقد تكفل الله بالقضاء عليهم, وأما الذين حادوا عن الحق من الداخل فإنهم يحاولون أن يهدموا العرين أو ينقضوا منابره حتي ولو لبنة لبنة, ولكن الله لهم بالمرصاد من خلال ما فتح الله تعالي علي علمائه وشيوخه من فهم لهذا الدين فشمروا عن ساعد الجد للدفاع عنه ليل نهار انطلاقا من حقيقة علمية وسطية هادفة ليؤكدوا إن الأزهر يدافع عن الإسلام ضد أي فكر دخيل هدام وضد أي عقلية نفوذية تريد اختراق الجدار مواجها أي تحديات تمثلت في الطعن في شيوخه وفي مقرراته وفي ثوابته الشامخة كالطود العظيم, فاهتم بالقضايا المعاصرة وما طرأ علي المسلمين من نوازل محاولا أن يخاطب الآخرين بخطاب الشرع في ثوب جديد غير مهلهل الجوانب. فليس الإسلام لحية وجلبابا وإنما هو جدار وبناء. ويري الغول أن أهم أسباب الهجوم علي الأزهر, وإن كانت متعددة يمكن حصرها في أن الهجوم علي الأزهر جزء من الهجوم علي الدين ومحاولة تشكيك الناس في أمور دينهم وصرف الناس عنه إذ أن الهجوم علي أكبر مؤسسة دينية في العالم السني هو هجوم مباشر علي الدين, والذين لا يستطيعون ذكر اسم الدين صراحة يتوجهون لمهاجمة الأزهر كبديل.