في الوقت الذي يتعرض فيه الأزهر الشريف أكبر مؤسسة دينية في العالم الإسلامي لحملات مسعورة متتالية بهدف النيل منه والقضاء عليه حتي يتخلي عن ثوابت الدين وتعاليم القرآن الصريحة في الالتزام بالقيم الخلقية كالدفاع عن الأرض والعرض والوطن, يقيد الله من رحمته بالأمة الإسلامية رجالا يدافعون عنه ضد الأعداء والأدعياء في كل عصر. وإذا كانت سنة الله في أرضه قد جرت بأن يكون هناك طرفا نقيض خطأ وصواب, وحق وباطل, فقد ارتضي للأمة من يدافع لها عن هذا الحق, ومن يحاربه, وكان ولا يزال الأزهر بوصفه الركن الأصيل للإسلام مدافعا حقا عن دينه وسنة نبيه, فكر دخيل وهدام وضد أي عقلية تريد اختراقه, مواجها تحديات الطعن في شيوخه ومقرراته وثوابته الشامخة. حول الأزهر الشريف ودوره ومحاولات الإساءة إليه وكيفية مواجهة ذلك يدور هذا التحقيق في البداية يوضح الدكتور صابر عبد الدايم عميد كلية اللغة العربية السابق بجامعة الأزهر أن الهجوم علي الأزهر لا يأتي إلا من بعض الذين يدعون أنهم مثقفون ثقافة عصرية ويريدون أن يتخلي الأزهر عن ثوابت الدين وعن تعاليم القرآن الصريحة في الالتزام بالقيم الخلقية كالدفاع عن الأرض والعرض والوطن, وقد نشأ هذا الهجوم عن سوء فهم لربطهم بين التشدد في الدين والجماعات المتطرفة, وبين تعاليم الدين الصريحة, وسوء الفهم نشأ بسبب قصر فهم الجماعات المتطرفة علي وجهة نظر واحدة من الأحكام الدينية, غير أن الأزهر الشريف يدرس جميع المذاهب والتي تصل إلي ثمانية مذاهب بالإضافة للاجتهاد, غير أن الاجتهاد لا يعني التفريط في أسس العقيدة, ومن أبرز نماذج الذين اجتهدوا الشيخان محمود شلتوت ومحمد متولي الشعراوي والدكتور محمد دراز والإمام عبد الحليم محمود وغيرهم من العلماء والفقهاء الذين تركوا أثرا كبيرا في تنوير العقول, كما أن الأزهر في العصر الحديث اشتمل علي كليات عملية كالطب والهندسة والزراعة للمشاركة في خدمة المجتمع وفي نهضة مصر الحديثة. ويشير عبد الدايم إلي أن الهدف من شن الحملات المتتالية علي الأزهر هو القضاء تماما عليه حتي لا يتمسك أحد بالقيم الإسلامية, وتكون الحياة علي نمط الحياة في الغرب من حرية غير منضبطة وفوضي وإباحية أحيانا, وهؤلاء تمسكوا بالقشور الغربية, ولم يلقدوا الغرب في العلم والانضباط في العمل والنظافة جمال المدن والشوارع, مؤكدا أن تضافر المؤسسات المعنية سواء الأزهر أو الأوقاف لتثقيف الداعية وتسليحه بالعلوم المختلفة كالاجتماع والنفس والسياسة ومكونات الشخصية لكل مجتمع سواء في الداخل أو الخارج يعتبر الخط الأول للدفاع عن الإسلام والأزهر معا, فإذا ما أثر الداعية وأقنع جمهوره بالأفكار الدينية الصحيحة قطع علي تلك الحملات طريقها في النيل من الإسلام, بالإضافة إلي التوسع في عقد اللقاءات الدينية في الجامعات ومراكز الشباب من خلال استضافة العلماء الذين يستطيعون توظيف الدين لصالح المجتمع. ويقول الدكتور سيد فرج الغول وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر إن من رحمة الله بالأمة الإسلامية أن قيض لهذا الدين رجالا يدافعون عنه ضد الأعداء والأدعياء في كل عصر حيث يحارب من أعدائه وأدعياءه علي حد سواء فهو مظلوم من جهة بعض الأبناء وحقد الأعداء, وقد قيد الله للأزهر من يدافع عنه متمثلا في كتاب الله وسنة رسول الله ويفهم هذان الأساسان بوعي دقيق وفهم رشيد إنه الأزهر الجامع بمؤسساته التعليمية, ومن هنا اقتضت سنة الله في أرضه أن يكون الركن الأساسي في الدفاع عن الإسلام الأزهر الشريف, وإذا كانت سنة الله في أرضه قد جرت بأن يكون هناك طرفا نقيض خطأ وصواب وحق وباطل, فقد ارتضي للأمة من يدافع لها عن هذا الحق, ومن يحاربه, وكان ولا يزال الأزهر بوصفه الركن الأصيل للإسلام أن يكون مدافعا حقا عن دينه وسنة نبيه, وفيصلا بين الحق والباطل في قضايا الدين الإسلامي ظل الأزهر جامعا وجامعة يدافع عن ثوابت الأمة الإسلامية بين تطور الحاضر وتراث الماضي, والأزهر بطبعه لا يعارض الفكر, وإنما يدافع عن ثوابته وعن عرينه فهو يدرس هذه الأفكار ويجتهد أن يرد عليها بالدليل, ويقيم هذه الآراء والرد عليها في الكتب التي يدرسها لطلابه. ويضيف الغول: من هنا كانت الهجمة الشعواء علي من قيده الله للدفاع عن الدين من أعدائه في مشارق الأرض ومغاربها دفاع المستميت عن ثوابت الإسلام الحقة بما يحقق للإنسانية السعادة في الدارين حيث قام الذين حادوا عن الحق بالتصدي لهذا المبدأ العظيم ومحاربته, ولكن الله تعالي خذلهم وصدق الله العظيم حيث يقول( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبي الله إلا أن يتم نوره), ومن هنا عرف الطاعنون في الإسلام كيف تؤكل الكتف ومن أين يؤتي هذا الدين إنه لا يؤتي إلا من الجانب الحصين ولا يطعن إلا في الركن الركين وهو الأزهر الشريف, فانقسم الأعداء إلي قسمين قسم داخلي وقسم خارجي أما أعداء الإسلام من الخارج فقد تكفل الله بالقضاء عليهم, وأما الذين حادوا عن الحق من الداخل فإنهم يحاولون أن يهدموا العرين أو ينقضوا منابره حتي ولو لبنة لبنة, ولكن الله لهم بالمرصاد من خلال ما فتح الله تعالي علي علمائه وشيوخه من فهم لهذا الدين فشمروا عن ساعد الجد للدفاع عنه ليل نهار انطلاقا من حقيقة علمية وسطية هادفة ليؤكدوا إن الأزهر يدافع عن الإسلام ضد أي فكر دخيل هدام وضد أي عقلية نفوذية تريد اختراق الجدار مواجها أي تحديات تمثلت في الطعن في شيوخه وفي مقرراته وفي ثوابته الشامخة كالطود العظيم, فاهتم بالقضايا المعاصرة وما طرأ علي المسلمين من نوازل محاولا أن يخاطب الآخرين بخطاب الشرع في ثوب جديد غير مهلهل الجوانب, فليس الإسلام لحية وجلبابا وإنما هو جدار وبناء. ويري الغول أن أهم أسباب الهجوم علي الأزهر, وإن كانت متعددة يمكن حصرها في أن الهجوم علي الأزهر جزء من الهجوم علي الدين ومحاولة تشكيك الناس في أمور دينهم وصرف الناس عنه إذ أن الهجوم علي أكبر مؤسسة دينية في العالم السني هو هجوم مباشر علي الدين, والذين لا يستطيعون ذكر اسم الدين صراحة يتوجهون لمهاجمة الأزهر كبديل. فهناك من غير المسلمين من يقف خلف هذا الهجوم علي الأزهر وعلمائه ومناهجه وتمول هذا بسخاء وتستغل المناخ السائد في الهجوم علي الأزهر وتكثيف العمل في هذا الاتجاه. ثم إن بعض المهاجمين للأزهر هم من حزب أعداء النجاح فإذا ما رأوا مؤسسة ناجحة أو شخصا ناجحا وجهوا أسهمهم إليه والأزهر الشريف بتاريخه وعلمائه من المؤسسات الناجحة في العالم الإسلامي, ولا تكاد تذكر مصر إلا وذكر الأزهر معها باعتباره المؤسسة الأولي في مجال التعليم الديني في العالم الإسلامي ولانتشار طلابه في جميع بلاد العالم. ناهيك أن بعض المهاجمين من المغرر بهم الذين لا يعرفون الحقيقة ولبس عليهم الأمر يسايرون موجات الهجوم علي الأزهر. بينما يقول الدكتور يسري جعفر أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن الهدف من حملات الهجوم علي الأزهر متنوع, فهناك أهداف نبيلة تتمثل في حب هؤلاء لمصر والأزهر, ولدينهم ولديهم رغبة شديدة في أن يعود الأزهر إليهم حتي لا يختطف ويرغبون في أن يواكب الأزهر التقدم العلمي والفكر والحضارة, وظهر ذلك حينما قبل جميع الاتجاهات والتيارات في مصر الدخول تحت قبة مشيخة الأزهر, لكن علي المشيخة أن تفتح ذراعيها للجميع مرة أخري حتي يري الناس الأزهر في صورته المشرقة في القرن ال21, مشيرا إلي أن الأزهر لم يأخذ موقفا معاديا من جميع الشخصيات المعادية في داخله مما يؤكد صدقه في الاحتواء للجميع, أما الفئة التي تريد أن تسقط الأزهر فهؤلاء الذين يريدون إسقاط مؤسسات الدولة. ويري جعفر أن المواجهة الحقيقية للحملات الشرسة التي يتعرض لها الأزهر كل لحظة لا تتحقق إلا بأمرين الأول يتمثل في تجديد الخطاب الديني بشكل فعال من خلال طرح مشروع للكشف عن آليات التجديد وموضوعاته وقضاياه وأهدافه, الأمر الثاني في الاستماع لجميع الأطروحات والأفكار وتشكيل لجان علمية تدرك كيفية التعامل مع الواقع الجديد.