وجه د.عباس شومان، وكيل الأزهر رسائل للمثقفين والمفكرين، شدد فيها على أنَّه ليس من الصالح العام الهجوم على الأزهر، لأن أي ضرر يلحق بالأزهر فهو يلحق بالأمة كلها وبمصر خصوصًا. وأكد شومان، أنَ من يتصور أنَّه بإمكانه أن ينال من الأزهر فهو واهم ولا يعرف الحقيقة، ومن لا يعرف فعليه أن يراجع تاريخ الأزهر العريق الذي امتد أكثر من ألفِ عامٍ وكيف كان الهجوم عليه طوال تاريخه من حملات أجنبية ومن المستعمرين ومع ذلك فقد تفتت كل تلك الهجمات وذلك العدوان في صحن الجامع الأزهر لأن الأزهر صخرة صمَّاء تنكسر عليها أحلام الطُّغاة والمستبدين على مرِّ العصور، ولا يستطيع أحد أن ينكر ما فعله الأزهر على مرِّ التاريخ ودوره في انطلاق الثورات التي حررت الوطن من أيدي المعتدين والمحتلين والمستبدين. جاء ذلك في كلمته في ندوة رواد المنهج الأزهري تحت عنوان: "الأزهر والإعلام.. الرسالة والمسؤولية"، وذلك بحضور د.إبراهيم الهدهد، القائم بعمل رئيس جامعة الأزهر، ود. محمد مهنا المشرف علي الجامع الأزهر. وأكد أن الأزهر يقدر دور الإعلام الحقيقي في المجتمع، بعيدا عن الإعلام الذي يروج الشائعات، مجددا تأكيده على ضرورة أن يعمل الأزهر والإعلام سويًا لمكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة ونشر الأفكار السليمة والمستنيرة وإبراز النماذج الطيبة، موضحا إدراك الأزهر الشريف لأهمية الإعلام وإنشائه كلية مستقلة للإعلام إيمانًا مِنَّا بأهمية الإعلام ودوره في نهضة الأمم والمجتمعات، ونحن نعتز بهذه الكلية كما نعتز بكلية الشريعة. وأشار وكيل الأزهر إلى أنَّ كل تلك الحملات التي قصدت الإسلام والمسلمين وبلاد العرب وأخذت في طريقها حضاراتٍ كثيرةً تفتَّتَتْ في صحن الأزهر ووهنت وعادت تجر أذيال الخزي والهوان؛ موضحاً أنه إذا كانت هذه الجيوشُ المجيشة لم تستطعْ أن تكسرَ الأزهر ولا توقفَ دورَه، فمن يتوقع أن أحداً يستطيع أن يعيق مسيرته ، قائلا: على هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم وأن يعيدوا حساباتِهم مرة أخرى. وشدد وكيل الأزهر، على عن أنَّ التراث المقدس في الأزهر ولدي كافة علماء هو القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية الصحيحة ، أمَّا النتاج الفكري لعلمائنا فهم ليسوا معصومين من الخطأ، لهم اجتهاداتهم، فكل يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله ﷺ وحده من البشر هو من يؤخذ منه ولا يُرَد عليه، مشيرًا إلى أنَّ الأزهر الشريف يرحِّبُ بأي عالم ينتقده من أجل التحسين والتطوير ويرحب بالنقد شريطة أن يكون الناقد عالمًا له علمه في علوم الدين واللغة حتى يكون أهلًا للنقد، كما يجب أن يحترم النقد أدب الحوار ولدينا كليات تعلم الطلاب هذا الأدب وكيفية التعامل مع الآخر وأذكركم بقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: " رأيي صَوابٌ يَحتَمِلُ الخَطأ، ورأيُ غَيري خَطأ يَحتَمِلُ الصَّوابَ". كما أكد أنَّ التجديد ليس معناه التخلي عن أي شيء من ثوابت الدين ، فالأزهر ليس بإمكانه ولا بإمكان أحد أن يتخلى عن شيء من ثوابت الدين أو يُحلَّ حرامًا أو يحرِّم حلالًا ، محذرا من خطورة فكر بعض الأدعياء الذين يفسرون الدينَ حسب أهوائهم ويقولون نحن نستريح إلى هذا ولا نستريح إلى ذاك، قائلًا: "سنواجه ونرد على أي محاولة لانتقاد كتاب الله وسُنَّة رسوله" بالدليل العلمي الذي يثبت خطأهم ويثبت أنهم أصحاب فكر مشوش ولا يملكون ظهيرا علميا يمكنهم من التجديد أو حتي النقد . وأوضح شومان، أنَّ الخلاف مقبولٌ شريطة أن يكون من أهل الخلاف، والأزهر وعلمائه ليسوا فوق النقد، لكن على من ينتقد ألا يُجرِّح أو يُهين، وقد تعوَّدنا من خلال علوم الدين التي درسناها على اختلاف الآراء وتقبلها جميعًا لأنها في النهاية تهدف إلى الصالح العام ومصلحة النَّاس وليس التقليل من أحد، فاختلاف علماء الأمة رحمة وباب التجديد مفتوح ولم ولن يغلق لأن ذلك من سُنن الله في الأرض، وقد قال رسول الله ﷺ: "إنَّ اللهَ يَبْعَثُ لهذه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مِائةِ سنةٍ مَنْ يجدِّد لها دينَها"، وختم فضيلته كلمته بقول "الأزهر باقٍ بنا وبغيرنا كما بقيَ بالسابقين وسيبقى باللاحقين، وسوف تظل هامته مرفوعة إلى يوم يبعث النَّاسُ لربِّ العالمين