قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن المنتقدين يجهلون حجم الأزهر ومكانته،والأزهر لا يتأثر بتلك الأقوال والاتهامات، ومناهجه لا تخرج المتطرفين. وأكد الطيب أنه لا يلتفت لمن يحاولون النيل من الأزهر أو العبث بقوانينه، لأنهم سيخسرون في النهاية،جاء ذلك في أول رد فعل لشيخ الأزهر على الانتقادات التي تطال المشيخة، وتتهمها بأنها تساهم في نشر الإرهاب جاء ذلك في كلمته في الجلسة الافتتاحية لفعاليات المؤتمر الدولي الأول، أمس الأربعاء، الذي تنظمه كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين في جامعة الأزهر في القاهرة، تحت عنوان «تجديد الخطاب الديني بين دقة الفهم وتصحيح المفاهيم»، التي ألقاها نيابة عنه الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف. وأضاف شيخ الأزهر: «قضية تجديد الفكر الديني في الأزهر الشريف قضية محسومة، وليست كما يزعم البعض، هم يجهلون حجم الأزهر ومكانته، ولن نتأثر بتلك الأقوال، فللأزهر عدد من المحطات في تجديد الخطاب الديني، منها المؤتمرات التي عقدت وضمت كل الانتماءات والمذاهب الفكرية لمواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة، كما نظم الأزهر العديد من الفعاليات والندوات التي تتحدث عن تجديد الخطاب الديني». وتابع الطيب: «الأزهر يؤدي مجهودا كبيرا في تجديد الخطاب الديني، ويؤمن بأن التجديد من لوازم شريعتنا الإسلامية، وأنه بدأ مع بداية الإسلام، وأول مجدد فيه هو رسولنا صلى الله عليه وسلم»، موضحاً أن أركان الإسلام جاءت بطريقة التجديد، وأن الرسول لم يعلن عن الإسلام دفعة واحدة، وأن بناء الإسلام جاء بالتدريج حتى اكتمل، وأن كثيرا من الأحكام ظهرت ثم نسخت وبعضها خفف وبعضها شدد، ومثال ذلك الربا والخمر». وأضاف: «تواصل التجديد في عهد الصحابة، حتى إنهم أجمعوا على وقف سهم من مصارف الزكاة مذكور في القرآن، حيث أجمعوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على وقف الصرف لهذا السهم مع أنه مذكور في القرآن، وهذا مع التجديد، لأنهم أدركوا أن الحكم مرتبط بعلة وهذه العلة لم تعد موجودة، وصار على هذا الضرب علماء الأمة». وأشار الطيب إلى المؤتمر العالمي، الذي عقده،الأزهر قبل أسبوعين، بحضور مسلمين من أنحاء العالم بمختلف مذاهبهم، إضافة إلى الكنائس الشرقية، الذي أقر مصطلح المواطنة بديلا من مصطلح الأقليات، التي تشعر بالتهميش. وتحولت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إلى جلسة للدفاع عن الأزهر، في مواجهة حملة الانتقادات التي طالته. وقال الدكتور جاد الرب أمين، عميد كلية الدراسات الإسلامية بنين في القاهرة في جامعة الأزهر، بكلمته في المؤتمر، إن الكلية تمثل أصل قطاع الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر، وإن الساحة العربية والإسلامية التي تموج بالفتن في هذا الزمان المشحون بالتواتر والأهواء المريضة هي أحوج إلى تضافر الجهود للتوصل إلى صيغة علمية وتأصيل عميق للفكرة التي أقيم من أجلها هذا المؤتمر المعنى بدقة الفهم وتصحيح المفاهيم قبل الإقدام على تجديد الخطاب الديني. وأكد أن هناك من صدر للعالم صورة الإسلام بطريقة مخالفة لحقيقته السمحة، وأن السبب الرئيسي لما تعانيه الأمة من ويلات العنف والإرهاب يرجع إلى سوء الفهم وسفاهة التأويل. وأضاف: «لقد عادت مؤخراً ظاهرة الفهم الخاطئ للشريعة وتصدى الرويبضة لتفسير النصوص، فنبتت نبتة الدواعش وغيرها». من جانبه، قال الدكتور زهران جبر، مقرر عام مؤتمر تجديد الخطاب الديني، إن بحوث المؤتمر بلغت 44 بحثاً تقدم بها أكاديميون من مصر، وسوريا، وتركيا، والسويد ومصر، والعراق، والجزائر، والأردن، وإن القضية التي يتناولها المؤتمر ملحة ليس على المستوى المحلى فقط، بل على المستويين العربي، والعالمي، وإن مسؤولية التنوير تقع على عاتق المتخصصين. كذلك بين الدكتور أحمد حسني، رئيس جامعة الأزهر، إن تجديد الخطاب بما يتفق ومتطلبات العصر، مع الحفاظ على ثوابت الدين، أمر في غاية الأهمية. وأضاف: «المشكلة ليست في الدين ولكن في الفكر، وفى ظل الأجواء الملغومة بالتشدد المظلم الذي يضيق على الناس سبل حياتهم ودينهم، ويضيق ذرعا بالآخر، ويصل إلى استباحة دم الآخر، ففي ظل هذه الغيوم تتعالى الأصوات مطالبة بتجديد الخطاب الديني الذي شوه صورة الإسلام و المسلمين». أما علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، فشدد على أن «هناك فارقا بين التجديد والتبديد، فالتجديد ينشأ في ظل المصادر الشرعية المعروفة، ويعترف بها ويلتزم بالقواعد العلمية، ويدرك الواقع إدراكاً تاماً وجيداً، ويحسن التفسير حتى ولو كان جديداً ويسير على مفاهيم واضحة جلية». وأضاف أن «من صفات التجديد أنه يقوم بواجب الوقت الذي يعيش فيه ويبنى على الاجتهاد، بخلاف التبديد فإنه على عكس من ذلك، تراه يقدح في المصادر الشرعية كالقرآن والسنة واللغة العربية والإجماع، وكل هذا من صفات التبديد والقدح في المصادر ويسير خارج القواعد ويعتبر التفلت حرية للفكر يفكر كما يشاء دون قواعد، والقدح في العلماء، إذا هناك فرق بين التجديد والتبديد، ومن ملامح المبددين أنهم لا يبقون بعد وفاتهم». وتتكون جلسات المؤتمر، الذي ينعقد على مدار يومين، من ثلاثة محاور رئيسة، أولها مدخل إلى التجديد، ويتضمن مفهوم التجديد، وأهميته، وضوابطه، وأدوات التجديد، وأساليبه وتاريخ الدعوات الصحيحة للتجديد. أما المحور الثاني، فيتضمن أصول التجديد، ومواصفات المُجدد، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وأسباب الخطأ فى المفاهيم، ومن المقرر أن يتناول المحور الثالث تناول مظاهر التجديد، ونتائجه، والآفاق المستقبلية لتجديد الخطاب الديني. وكانت أصوات تعالت الفترة الماضية تطالب بتعديل قانون الأزهر، وتتهمه بأنه عائق أمام حركة تجديد الخطاب الديني، وتعتبر مناهجه سببا في انتشار التطرف والإرهاب في مصر. وكانت آخر هذه الدعوات ما أعلنه النائب البرلماني محمد أبو حامد، عن تجهيزه لمشروع تشريعي لتعديل قانون الأزهر يتعلق بإجراءات اختيار هيئة كبار العلماء ومجلس مجمع البحوث الإسلامية وكل المؤسسات التابعة للأزهر، وصولاً لشيخ الأزهر نفسه، تحت عنوان «حوكمة تشكيل هيئات الأزهر الكبرى».