" لو عندي أولاد صبيان مكنتش هعلمهم الصنعة دي " بهذه الكلمات بدأ عم حسن محمد 40 عاما، قفاص مقيم بقرية قمبش التابعة لمركز ببا جنوب محافظة بني سويف , شاكيًا من تراجع مهنة القفاص "صانع الأقفاص من الجريد " والتي تواجه الإنقراض على حد قوله . يقول عم حسن في حديثه ل" صدي البلد "، وهو يجلس القرفصاء مستخدمًا أدوات حديدية، يدق بها علي أعواد جريد النخيل أمام باب منزله القديم في أحد شوارع القرية، أنا بفتخر بمهنتى لأنها صناعة مصرية أصيلة من أيام الفراعنة، لكن هنعمل ايه لاضمان إجتماعى ولا اقتصادى". يعتمد عم حسن علي أدوات حديدية غير معتادة للقياس وتقطيع الجريد بأشكال هندسية مختلفة الأحجام، فمعه قطعة خشب يقيس بها طول وعرض و إرتفاع جريدة النخل، وقطعة من المعدن تسمى "علام" لتخريم الجريدة، وساطور للتقطيع وسلاح معدنى يشبه السيف لتقليم أعواد الجريد، وقرمة من الخشب مثبتة بالأرض يدق عليها الجريد ويخرمه، بمقاسات ثابتة ومحسوبة. ويضيف عم حسن "أهم حاجة في شغلتنا المقاسات علشان تعمل قفص يستحمل الشيل الثقيلة ويعيش مدة طويلة، قبل ما تقطع الجريدة لازم نقيس علشان احنا بنعمل أقفاص مختلفة الأحجام والأشكال فمنها عدايات الفاكهة ومنها أقفاص العصافير وغيرهما . ويؤكد أن الجريد أفضل حاجة للحفاظ على جودة الخضراوات ولتخزينها بدل ما تفسد". عم حسن يقول "أنا قفاص أبا عن جد ورثتها عن والدي ، ولدي 3 بنات ولكن لو قدر وكان لي ولد مكنتش هورثهاله , وهشغله حاجة تانية، لأن شغلتنا مش مضمونة وملهاش نقابة ولا أي ضمان اجتماعي" وفي تراجع مستمر . وتابع "رغم أنها أقدم حرفة في التاريخ ومش موجودة غير في مصر، لكن مهملة"، مشيرًا إلى أن الدولة إذا اعتنت بمن يمتهنها وبالحرفة وتدريسها كمادة أساسية بالمدارس الفنية ستصبح مشروعًا قوميًا ومصدرا كبيرا للدخل . وأعرب عم حسن عن أسفه لما آلت إليه مهنة القفاصين، مناشدًا المصريين بالعودة إلى شراء «قفص العيش وسبت الهانم»، قائلًا: «من نسي قديمه تاه»! وشدد عم حسن على أن تجار الفاكهة، وأصحاب المزارع هجروا قفص الجريد، ولجأوا إلى الأقفاص البلاستيكية، وهو ما يتسبب في إتلاف الفاكهة في أقل من 24 ساعة، كما يتسبب القفص البلاستيك في إصابة الفراخ بأمراض خطيرة، وهو ما يعود بالأثر السيئ على صحة المواطنين.