تشهد "صناعة الأقفاص" من جريد النخيل تراجعاً كبيراً في محافظة البحيرة مع التقدم والغزو الصناعي الذي قضي علي الصناعات البدائية حيث أصبحت هذه الصناعة معرضة للاندثار.. رغم أنها تعد من أقدم الحرف التي أمتهنها أهالي مدينة رشيد لاشتهارها بزراعة النخيل كما يوجد برشيد حي القفاصين الذي يحتوي علي ورش تصنيع الأقفاص. "المساء" تجولت في حي القفاصين.. للتعرف علي هذه المهنة.. حيث لفت انتباهنا مطرقة ابن رشيد احمد صبحي ذي السبعين عاماً أحد أصحاب محلات تصنيع الأقفاص وقد افترش الأرض محاطاً بقطع الجريد وأدوات التصنيع الممثلة في المنشار والمطرقة والمنجل. مكسب ضئيل يقول: إنه يعمل بهذه المهنة منذ أكثر من 50 عاماً حيث توارثها عن والده منذ صغره ولم يتعلم سواها مشيراً إلي أنها اخذت منه الكثير والكثير وسببت له مشكلات صحية ومالية عديدة وعائده في اليوم الواحد 10 جنيهات فقط. يضيف: "زمان الشغلانة كانت بتكسب وكنا عايشين منها لأن الدنيا كانت رخيصة أما النهاردة بقت رخيصة والشباب بيهجر الحرفة لانها ما بقتش جايبة همها" وبسبب عدم وجود أي ضمانات اجتماعية من قبل الحكومة لاصحابها وعم الاعتراف بالمهنة من الاساس وأنه في حالة العجز لا يوجد تأمين لاصحاب تلك الحرفة. مهددة بالإنقراض أشار قائلاً: الشاب يعمل طوال النهار من الثامنة صباحاً في تصنيع 10 أقفاص ليبيعهم بما لا يزيد عن 20 جنيهاً بالاضافة إلي صعوبة التسويق ويشكو بنبرة حزينة متاعب هذه المهنة التي تتطلب أن يظل الصانع اكثر من 16 ساعة متواصلة يومياً جالساً ومنكفئاً علي الأرض من أجل تصنيع 10 أقفاص مما يسبب له مشاكل بالظهر والعمود الفقري. يؤكد "محمد برماوي" صاحب ورشة تصنيع أن أسعار الأقفاص تختلف باختلاف المواسم ففي فصل الصيف يقل سعر الجريد ويصل السعر إلي النصف ويقل سعر القفص إلي جنيه ونصف وجنيهين علي عكس الشتاء يزيد سعر الجريد لقلته ويصل سعر القفص إلي 4 أو 5 جنيهات مما يجعل عائد الصناعة متغيراً خاصة أننا لا نتمكن من تخزين الجريد لفترات طويلة موضحاً أن الجريد يجف ثلاثة أيام فقط حتي لا يصبح صلباً ونعجز عن تقطيعه وتخريمه. مراحل التصنيع يروي مراحل تصنيع القفص مشيراً إلي أنها تبدأ بتقطيع الجريد إلي مقاسات مختلفة الأحجام والطول ونعمل فيه فتحات تسمي بمرحلة التخريم وهي خاصة بتثبيت الأعمدة أو الجريد ثم دخول الجريد إلي أعواد لتثبيت القاعدة وننتهي بتكوين جوانب القفص المختلفة. وعن تأثر صناعة أقفاص الجريد بظهور الأقفاص البلاستيك والكرتون يقول"طارق بلال" أحد ابنآء مدينة رشيد أن اقفاص الجريد لا غني عنها لحفظ الفواكه والخضروات مشيراً إلي أن صناعة الاقفاص "لن تنقرض". أقفاص البلاستيك بينما يخالفه الرأي خميس حسب الله "58 عاماً" مؤكداً أن الطلب علي أقفاص الجريد تأثر بظهور الأقفاص البلاستيك بشكل كبير لاعتماد معظم بائعي الخضروات والفاكهة علي الصناديق الكرتون والبلاستيك وتجار الفاكهة ممن كانوا يقبلون علي أقفاص الجريد رغم أن اقفاص الجريد تحتفظ بدرجة حرارة مناسبة صيفاً وشتاءً ما يجعل الفواكه والخضروات التي يتم تخزينها لا تفسد بسرعة علي عكس أقفاص البلاستيك التي تؤدي لفساد محتوياتها. فالقفص المصنوع من الجريد يعتبر ثلاجة لحفظ الخضار والفاكهة لمدة 4 أيام بعكس الأقفاص البلاستك والكارتون التي لا تستطيع حفظ الخضار والفاكهة لاكثر من يوم واحد. يضيف بأن رواج سوق الأقفاص يزداد في فصل الصيف عن الشتاء بسبب كثرة الفواكه الصيفية والتي تحتاج إلي تخزين طوال العام مضيفاً أنه حاول تطوير صناعته بتصنيع الكراسي وبعض أثاثات المنزل كزينة مختلفة. يوضح بأن هذه الحرفة لا يستخدم فيها أدوات حديثة فهي يدوية لا تستطيع الاله تنفيذ خطوات تصنيعها لأنها تعتمد علي الأدوات التقليدية ممثلة في المطرقة والشاكوش والمقص والمنشار اليدوي والمنجل. نقابة للقفاصين طالب العديد من اصحاب تلك الحرفة انشاء نقابة تحمل اسم "القفاصين" أسوة بنقابة الفلاحين لأن مهنة تصنيع الجريد يعمل بها الآلاف من الشباب علي مستوي الجمهورية.