- طارق فهمي في حواره ل"صدي البلد" - القضاء «كلمة الفصل» في حسم قرار حظر السفر بأمريكا - ترامب يقود الولايات للتفكك كما حدث مع الاتحاد السوفيتي - يجب أن تطرح مصر نفسها بقوة داخل الملفات العربية - ترامب يقود حرب «تكسير العظام» مع مؤسسات صنع القرار حالة من الارتباك سيطرت على العالم جراء سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة وما اتخذه الرئيس دونالد ترامب من قرارات سواء كانت هذه القرارات تتعلق بالشأن الداخلى أو الوضع العالمى، فالمشهد الأمريكي بات مؤججا ويشهد العديد من التحولات. "ربما تطور الأحداث قد يدفع المؤسسات البيروقراطية إلى اغتيال الرئيس ترامب" رؤية صاغها الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية خلال حواره ل " صدى البلد" مؤكدًا أن أمريكا باتت تواجه مأزقا سياسيا ودستوريا كبيرا جراء قرارات الرئيس الأمريكي الأخيرة. كيف تقرأ تداعيات المشهد السياسي الأمريكي خلال الفترة الأخيرة في ظل تتابع قرارات الرئيس دونالد ترامب؟؟ أمريكا تواجه مأزقا سياسيا ودستوريا بات يتجاوز فكرة الخلاف بين الرئيس ترامب وبين مؤسسات صنع القرار في السياسة الأمريكية، فترامب يستعدي كافة الاجهزة بصورة متتالية بدءا من الإعلام والقضاء واجهزة الاستخبارات، وجزء من هذا الاستعداء اتضح من خلال القرارات التي اصدرها بشأن حظر السفر ولكن خلفية الأحداث تشير إلي احتمالية حدوث سيناريوهين، السيناريو الأول هو تدخل الكونجرس حال استمرار المأزق الدستوري كذلك هناك حكمان سيصدران عن محكمتي فلوريدا وسياتل الأسبوع المقبل بشأن رفع الحظر عن المهاجرين، وإن لم يلتزم ترامب بهما سيكون وقتها بصدد مأزق دستوري كامل، وفى هذه الحالة سيتدخل الكونجرس بتوجيه أسئلة واستجوابات للرئيس بعدم اطاعته للنظام. والبعض يري أن هذا السيناريو نظري لأن الجمهوريين يسيطرون وهذا خطأ لأنه حدث تباين وتجاذب فى الرؤي ما بين أعضاء إدارته وخاصة بعد تصريحات نائب الرئيس «مايك بنس» بالحديث عن ضرورة طاعة ترامب لمؤسسات الدولة، أما السيناريو الآخر فهو الأكثر قبولا ورواجا بين الأوساط الأمريكية وهو استقدام المحكمة الفيدرالية العليا لترامب وتوجيه الاتهامات المباشرة له بعدم طاعة النظام، كما حدث مع الرئيس نيكسون عام 1974م. هل إصرار ترامب على قراراته من صميم وعوده الانتخابية أم هناك أسباب جوهرية وراء ذلك؟ لابد من النظر لطرفي المعادلة أولا قبل الإجابة، فالغالبية المؤيدة لترامب يتعامل معها من منطلق أواصر التواصل المجتمعي ومواقع التواصل الاجتماعي والجغرافي، والبعض يري أنه لابد أن ينصاع لمؤسسات صنع القرار ولكن إصرار ترامب علي تنفيذ قراراته بمثابة حرب تكسير عظام مع مؤسسات بيروقراطية عتيقة تستطيع أن تتسبب له فى ألف أزمة. لماذا تسارعت وتيرة الأحداث بهذا الشكل في أقل من 20 يومًا بعد تولي ترامب رئاسة أمريكا؟ هذه الأمور طبيعية، فهناك أطراف داخلية وخارجية تتربص بالرئيس ترامب لتدفعه نحو الهاوية، فاصطدام ترامب بالقضايا الدولية لا زال مبكرا، فنجد تركيزه على الشأن الداخلى اولا وتصريحاته بأن أمريكا اولا «تيمة» لاقت قبولا في الداخل الأمريكي، وعلى مستوي القضايا الدولية واصطدامه بعدد من القضايا الدولية دون المساس بمصر والأردن جاء نتيجة تجربة مصر في مكافحة الإرهاب والأردن التى تربطها بأمريكا علاقات استراتيجية، حتي خلافاته مع دول الاتحاد الاوروبي تفهم في السياق فهو يعلم انحياز بريطانيا له وأن الاتحاد لن يؤثر عليه بشئ ، فسياسات ترامب تدار بعقلية رجل الأعمال القائمة على مبدأ المكسب والخسارة. قلت إن هناك من يتربص بترامب.. من هي الأطراف التي تريد دفع ترامب إلى الهاوية ومن يدعمها؟ عدد كبير من المؤسسات الأمريكية الداخلية وايضا مؤسسات صنع القرار وجهاز الاستخبارات والخارجية ،حيث حاول ترامب أن يسترضي الاستخبارات الأمريكية ولكن الجهاز لم يطوع وبحكم افتقار ترامب للخبرة السياسية فهو لا يعلم أن العالم يدار من خلال هذا الجهاز ال"سي أي إيه"، وليس أدل على معاداة المؤسسات له مما يحدث داخل الخارجية الأمريكية من احتجاج 900 دبلوماسي وموظف، وأري أن هذه التوترات ستستمر على الأقل قرابة 3 شهور أخرى، وفي حالة حدوث ذلك ستدخل أمريكا في حالة من الشلل السياسي التام وتشتبك مع العالم، وحتى بعد مرور 20 يوما على تولى ترامب مهام السلطة لم يكمل من قيادات إدارته الجديدة إلا 7 قيادات فقط من ضمن 32 قيادة لم تبدأ عملها على عكس الوضع في إدارة أوباما المنتهية حيث عينت قيادتها بعد مرور أربعة ايام فقط من توليه الحكم. ما مدى تأثير سياسات ترامب على الجمهوريين وهل يمكن أن تصب في صالح الديمقراطيين؟ في حال استمرار سياسات ترامب بهذا الشكل فهناك توقعات بتحولات في المشهد لصالح الديمقراطيين وعلى حساب الجمهوريين وفي هذه الحالة سيضعون ترامب في مرحلة "البطة العرجاء"، واعتقد أن الصدام سيستمر حتى نهاية نوفمبر 2018 إلى أن تأتي الانتخابات النصفية لأعضاء الكونجرس. وهناك تردد شعبى في الداخل الامريكي يقول بأنه في حال استمرار هذه السياسات فقد تغتال المؤسسات الأمريكية الرئيس ترامب وتنهي المشهد بذلك. هل المشهد الحالي يوحي بأن القوى العظمى المسيطرة بدأت في تالتراجع وستظهر قوة جديدة؟ لا زال الحديث عن هذا الأمر مبكرا ولكن بعض الولاياتالامريكية حاليا تشهد تفككا بحسب ما أعلنته وسائل إعلام أمريكية، فأري أن ترامب ينتهج سياسات "جورباتشوف" في تفكيك الاتحاد السوفيتى، ومن الصعب ان تدخل امريكا في عزلة او انفصال عن العالم نتيجة تداخلها وتشابكها مع العالم، ولكن المتوقع أن هذه السياسات لترامب تعرقل المسارات والتسويات داخل القضية السورية وشرعنة الاستيطان، لذلك هناك تخوفات من الاطراف الدولية والاقليمية من تلك السياسات المتخبطة. ما الذي ينتظره ترامب من القاهرة ؟ بالنسبة للإدارة الأمريكية الجديدة فهي تطلب دورا مباشرا من القاهرة كما فعلت الأردن بدورها الفعال في ضرب التنظيمات الإرهابية في سوريا على الرغم من انها لا تمثل قوة اقتصادية بحجم تركيا، حيث أن الأردن تحتل مكانة هامة في الاستراتيجية الامريكية. وهناك تساؤلات تدور الآن في أمريكا حول محورية الدور المصري وهل تستطيع مصر تشكيل قوات عربية وهل بإمكانها أن تضرب تنظيم داعش خارج أرضها، ورغم أن مصر عضوا بالتحالف الدولي إلا أن دورها لم يظهر حتى الآن. كيف تقرأ مستقبل الاتفاق النووي في ظل العقوبات التي فرضها ترامب مؤخرًا؟ اعتقد أن الاتفاق النووي الذي يضم الدول الخمس بالإضافة لايران محسوما في أحد السيناريوهات التالية بأن تتدخل اسرائيل لتشكل ضغطا لتجميد الاتفاق أو أن يتم إعادة صياغة الاتفاق، لكن يجب أن نعلم أن الاتفاق النووي بدون امريكا حتما سيفشل كما أن الطرف الايراني لديه أوراق ضغط عديدة على الجانب الامريكي ،فتجربة الصاروخ الباليستي كانت بمثابة جس نبض لترامب. كيف تنظر إدارة ترامب إلى الملفات العربية الساخنة ؟ السياسة الأمريكية الجديدة تتبنى ترتيبات أمنية جديدة بفكرة طرح تحالف الناتو العربي فهي تعد جيدة ولكن صعبة في التنفيذ على ارض الواقع وفي حال تنفيذها فستكون مصر والأردن القوى الداعمة بالإضافة للإمارات وتركيا وايران واسرائيل، ولكن هناك العديد من التحفظات على انضمام إسرائيل ودور الخارجية المصرية ناجح جدا حتى الآن وهذا واضح من خلال نشاط الوزير سامح شكري وادواره الاحترافية، كما أن مصر لديها العديد من اوراق الضغط والتي تتمثل في انها دولة في الاقليم ليست متورطة في أي شئ بشكل مباشر ودورها مطلوب لدي كافة الملفات العربية. لكن أرى أن الدور المصري يتطلب إعادة تدوير بإحداث تحولات مباشرة في السياسة المصرية من خلال تقييم أدائها في الملف الليبي وذلك بعدم الاكتفاء بتوجيه الضربات المعنوية، وأيضا على مستوى الملف السوري بتحمل تبعات دورها في مساندة الملف السوري وذلك من خلال إعادة الجيش السوري وتشكيل قوات عربية تحت إشراف الجامعة العربية ، وايضا لدي مصر ورقة إيران والتي يجهلها البعض ليس في إطار إعادة العلاقات تحسبا للاشقاء في الخليج العربي وانما في إطار عمل علاقات مباشرة مع إيران بما يخدم الملفات العربية في سوريا وليبيا.