من «البيان الأول» إلى «الجمهورية الجديدة»| ثورة يوليو.. صانعة التاريخ ومُلهمة الأجيال    رجال غيّروا وجه مصر.. ما تيسر من سيرة ثوار يوليو    ترامب: أمريكا بصدد إتمام اتفاق تجاري مع الصين.. وستفرض رسومًا جمركية على بعض الدول    حماس تُعلن تسليم الوسطاء ردها على مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة    الخارجية الكندية: الجوع في غزة وصل لمستويات كارثية    القوات الإيرانية تُحذر مدمرة أمريكية في خليج عمان.. والبنتاجون يعلق على التحذير    حصلت على 50% في الثانوية.. طالبة تُلقي نفسها من الطابق الرابع بالإسكندرية    عن طريق الخطأ.. إصابة 5 أطفال بتسمم إثر تناولهم مبيد حشري في المنيا    في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب.. «قاهرة ابن دانيال» زاوية مجهولة من «العاصمة»    كندا: الجوع في غزة وصل إلى مستويات كارثية ونطالب باستئناف فوري للمساعدات الأممية    روسيا تشن هجوما بالمسيرات على مدينة أوديسا بجنوب أوكرانيا وسماع دوي انفجارات    إعلام عبري: إطلاق صاروخ من اليمن    رئيس محكمة النقض يستقبل وزير العدل الأسبق لتقديم التهنئة    صور | إصابة 4 عمال.. تحقيق عاجل في سقوط مظلة بموقف نجع حمادي    وزير التعليم: البكالوريا نظام تعليمي يتوافق مع النظم الدولية ويقضي على بعبع الثانوية العامة    محافظ قنا يوجه بفتح تحقيق عاجل بعد سقوط مظلة تحت الإنشاء بموقف نجع حمادي    إخماد حريق في محطة وقود بالساحلي غرب الإسكندرية| صور    استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال في بلدة الخضر    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    بمستشفى سوهاج العام.. جراحة دقيقة لطفلة مصابة بكسر انفجاري بالعمود الفقري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل سلطة التونة بالذرة    تكرار لنهائي الرجال.. أيتانا بونماتي تقود سيدات إسبانيا لمواجهة إنجلترا    سيف جعفر: فيريرا يتعامل معنا بشكل مثالي.. والصفقات الجديدة إضافة قوية    «أحمد فتوح بينهم».. جون إدوارد يسعى للإطاحة بثلاثي الزمالك (تفاصيل)    بعد أنباء أزمة عقده.. ديانج: «لم أكن أبدًا سببًا في أي مشكلة»    أليو ديانج يحكي ذكرياته عن نهائي القرن بين الأهلي والزمالك    شوبير يكشف حقيقة اهتمام الأهلي بضم أحمد فتوح    السيد القصير يوجه 7 رسائل بمؤتمر الغربية: ندعم القيادة السياسية.. ومرشحينا معروفين مش نازلين بباراشوت    لو مجموعك أقل من 90%.. قائمة الكليات المتاحة ب تنسيق الثانوية العامة 2025    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الخميس 24 يوليو 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى الخميس 24 يوليو 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 24 يوليو 2025    إصابة شخصين في تصادم بين سيارة وتوكتوك بطريق التل الصغير بالإسماعيلية    صاحب مغسلة غير مرخصة يعتدي على جاره بسبب ركن سيارة بالإسكندرية    بالأسماء.. إصابة ووفاة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمحور ديروط فى أسيوط    فودافون مصر تعتذر عن عطل الشبكة وتمنح تعويضات مجانية لعملائها    «مبنحبش نتصادم».. كيف تحدث أحمد فهمي عن علاقته ب أميرة فراج قبل الانفصال؟    5 أبراج «فاهمين نفسهم كويس».. يعشقون التأمل ويبحثون عن الكمال    عبارات تهنئة مؤثرة ومميزة لطلاب الثانوية العامة 2025    عامي الجديد حين اخترت أن أعود إليّ    بالصور.. أحدث جلسة تصوير ل ملك زاهر وشقيقتها ليلى تعلق    بالصور - نانسي عجرم تحتفل بألبوم "نانسي 11" بأكثر من إطلالة مختلفة    ب"إنذارين"..المخرج يوسف شرف الدين يطالب قناة "النهار" بحذف حلقة الفنانة إجلال زكي    «الناصري» ينظم ندوة بالمنيا احتفالًا بذكرى 23 يوليو    موعد تنسيق الجامعات الأجنبية 2025 لطلاب الثانوية والشهادات المعادلة    «محدش قالي شكرا حتى».. الصباحي يهاجم لجنة الحكام بعد اعتزاله    لا ترمِ قشر البطيخ.. قد يحميك من مرضين خطيرين وملئ بالفيتامينات والمعادن    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    حدث ليلًا| حقيقة بيع مناطق بوسط البلد ورد رسمي على أنباء توتر العلاقات المصرية السعودية    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو على محمود يكتب : المطبلاتية وحملة المباخر
نشر في صدى البلد يوم 01 - 09 - 2012

كان الفرعون رحمه الله – وبشبش الطوبة اللي تحت راسه المحنطة – لا يذهب الى أي مكان الا وتكون فرقة من المدربين على حملة المباخر تمخر الطريق أمامه ممسكة بعناقيد البخور المستوردة خصيصا من أدغال أفريقيا لتجهز الطريق لفخامته سحرا ومبشرة بقدومه وطلعته البهية وحدوث المعجزة الأبدية بطلوعه على الرعية وظهور كراماته التي لا تنتهي بداية من تلويحه للشعب من وراء ستائر محفته الملكية وليس نهاية بتثاؤبه " المقدس " الذي تتعالى بعده صيحات الفرحة من الشعب الملتف على جانبي الطريق بما أتاه الفرعون من خوارق الافعال وعظائم المنن ، ولا تنتهى مهمة حملة المباخر عند هذا الحد فما أن ينته الموكب الميمون حتى ينتشر أعضاء الجوقة وسط جموع المؤمنين بقداسة الفرعون ينفخون في جمار بخورهم في عيون الناس ليسحروهم وتنطق السنتهم بما لم يحدث ولم يشاهد ، لتتحول كل حركة من حركات يد الفرعون وهي تلوح للجموع لمعجزة لا تصدق فإذا أمطرت السماء في هذا المساء فستكون بفضل التلويحات " المقدسة " للفرعون الذي أمر السماء ووجه السحاب ، وإن أصاب الجائعون طعاما للعشاء فإنها منته التي ألقاها على أحياء المدينة بفضل مرور ظله عليها وإن كانت تلك اللقيمات لا تسد جوع الجائعين ولا صراخ الاطفال البائسين .
ومع تقدم الزمان ظهر في البلاط المصري أول ما ظهر إدارة خاصة لحملة المباخر التي لا يستغنى عنها الحاكم وعلى رأسها كاهن أعظم له مقام الوزير الأول ولم لا وهو المسئول عن جوقة النفاق الفرعونية الخاصة والتي تبشر بخوارقه وتهول من أفعاله حتى ولو كانت صغيرة وتختلق في سبيل ذلك كل القصص الوهمية وتوؤل كل كلماته وتحملها فوق معانيها المجردة معاني أسمى وأكبر فكنا بحق أول أمة في التاريخ المكتوب تبعث " بخبرائها " في هذا المجال لممالك العالم تهديهم سر الصنعة وملح الحكم فيما يعرفه المؤرخين تاريخيا بصناعة الفرعون ، وكان أشهر من إحتفظ التاريخ بإسمه عبر الاف السنين هو الوزير الجوبلزي "هامان " الذي شهدت صناعة حملة المباخر أزهى عصورها على يده وأدخل – خلد الله ذكره – بصمته الخاصة على الوظيفة الأقدم بتطوير هو الأهم على الإطلاق وهو " فرعنة " الفرعون وتأليهه وجعله ظل الله في الأرض وممثله الرسمي والحصري والوحيد ، فكل كلمة ينطقها لا تنطق عن الهوا وأي فعل يأتي به هو القدر المسلط على رؤس العباد وأي إحتجاج أو ثورة على قراراته هي خروج عن دين الفرعون ورقباهم ودمائهم مهدرة لا دية فيها وسيكون تنفيذ الحد بيد الشعب المسحور بفضل مباخر الفرعون والذي تربى على أن كلمات الزعيم هي الحق وما سواها الباطل بعينه وأن معارضيه ردة وكفرة بنعمة الإله الواهب لكل شئ ، حتى موته كانت معجزة الاهية خالصة وبداية لرحلة مقدسة لملكوت لا ينتهي لتنتقل الادارة التي لا تموت من الاب الفرعون الى الابن الوارث لصولجان البلاد ؟؟ ، وشهدت الوظيفة الأقدم تطورا نوعيا بفضل المستعمرين المتتاليين على أرض مصر من كل الدول ومن كل الأديان والتي جائت لمصر فلم تغير من هذه الادارة شيئا بل نفخت فيها ورقت رؤسائها وقربتهم من الحكام الجدد وأدخلت على الفاتح الاعظم الاسكندر المقدوني الذي فتح العالم بحد سيفه أن بلاد النيل لا تفتح بسنابك الخيول وصليل السيوف وإنما تفتح بحملة المباخر وقارعي الطبول فكان أول ما فعله أن زار قدس أقداسنا منصبا نفسه فرعونا جديدا وإبنا للإله وتقدم جيشه على الدوام الكاهن حامل المبخر المقدس ليفتح به الأرض بدون سفك دماء أو هدم منزل أو رمية رمح ، أعجب الأمر إذا كل الغزاة وعملوا على تطويره وتحسين مستواه وفأدخل الفاطميون أصحاب الربابة والمداحين السائرين في الأرض ببطولات الحكام الصالحين والابطال الشعبين وأضاف المماليك عليه فرق الطبول ونساء الاشاعات وراكبي الحمير المبشرين بقرارات السادة الاشراف ليكون أول وزير إعلام متنقل على ظهر دابة وتلقف رجال الدين في ظل حكم اسرة محمد على المسئولية بجانب شعراء البلاط المخلصين فكانت الفتوى والقصيدة سلاح الخديو وأفندينا فتوليه إعادة للخلافة الاسلامية التي لا تموت وعمره يحسب بالسنوات الهجرية ليضفي مزيدا من القداسة والخروج عليه عصيان وكفر بين كما كان في عصر الفرعون وإن جلد ظهرك وإن أخذ مالك وطاعته واجبة وأمره مطاع بحكم ديني هذه المرة فطاعته من طاعة الله ورسوله وحملة المباخر إستوردوا بخورهم هذه المرة من عند الشيوخ مداعبين الوتر الديني الحساس عند الشعب المصري ولكل رأي عندهم دليل من السنة والكتاب ومباخر السلطان تنتظر الأمر لتبحث عن المحلل والدليل الفقهي طوال الوقت لإرضاء رغبات الفرعون الجديد وإخترعت مصر الحديثة حملة مباخرها الجديدة عندما قررت أن تطور وسائل إعلامها من راكبي الدواب مبلغى الناس بالفرمانات والعطايا الى مؤسسات صحفية يتحكم الفرعون الحاكم دائما في إختيار رؤسائها ومسئوليها والذين يتحولون بقدرة قادر الى التطور الطبيعي للحاجة الساقعة وتتلبسهم على الفور أرواح الاف حاملي المباخر والمطبلاتية طوال التاريخ فتبدأ المقالات الاستهلالية دوما بالثناء على الجالس على عرش البلاد وإن كان من السابق من المذمومين في نفس الموقع وبنفس الأقلام ، إنها مهنة مصرية خالصة ، تراث الأجداد الذي حافظ عليه الأبناء بكل فخر وطورته الأجيال المتعاقبة بكل تؤده وإتقان وصاحبة مواكبة عشرات المطبلاتية الخارجين في كل حدب وصوب تعزف جوقة النفاق الأبدية لتلويحة الزعيم الغاضبة في مؤتمر عدم الانحياز وهم لا يعلمون أنها لطرد ذبابة كانت تحوم حول وجه الزعيم أطال الله عزه وأقام "نهضته" على أرض إخترعت أول ما إخترعت مهنة المطبلاتية وحاملي المباخر.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.