يخطئ من يرى أننا نحيا في دولة بمعنى كلمة دولة أو بنصف معنى، عشرات الطرق يتم قطعها في ذات الوقت وكأن مصر في سباق مع الزمن لتثبت للعالم أجمع أنها قادرة على إنتاج الفوضى بمعدل يفوق مثيله في أي بقعة من العالم، وكأن مصر تباهي وتفاخر بفوضى لا مثيل لها في أركان الدنيا السبعة، وكأن مصر تريد أن تقول للعالم إنها صاحبة السبق في الحضارة وفي الفوضى، وإنه ليس أمامها مستحيل، وكأن مصر تقول إنها الدولة الوحيدة التي يمكنها العيش بدون حكومة وبدون قانون وبدون نظام وبدون قيم اعتادت عليها منذ فجر التاريخ، عشرات حوادث قطع الطرق ونتشدق بتشكيل حكومة جديدة أقول لها مسبقًا "طظ" مع اعتذاري لكل ما آمنت به من قيم وأخلاق ومبادئ ومثل وخلافه. ماذا سوف تفعل الحكومة الجديدة؟! قطعًا حرث في الماء ولن يتغير الحال وإن تغير إنما إلى الأسوأ، ما أعرفه أنا العبد الفقير الجاهل في نواحٍ عديدة من الحياة، ما أعرفه أن وزير الداخلية الجديد كان عليه أن يخرج علينا ليعاهدنا على أنه سوف يفعل كذا في مواجهة كذا، وعندها نفكر ونتدبر في إمكانية تطبيق رؤيته وهل هى كافية لإعادة الأمور إلى نصابها وكيف يبدو تقاعسه أو تقصيره في تنفيذ الخطة التي لابد وأن تخرج في إطار زمني ومكاني محددين لا أن نترك الأمور "سداح مداح" وتمضي الشهور والسنوات ويتم حل الحكومة التي تخرج صفر اليدين ويتم ومع كل هذا تكريم الوزراء على ماقدموا من خيبة، نريد وفي مجال الأمن الغائب مع سبق الإصرار والترصد، نريد خطة طموحًا وواقعية يتبناها الوزير من لحظة حلفانه اليمين، تطبيقًا جديًا يجبرنا نحن المواطنين على المشاركة والتأييد والتشجيع والتمسك بالأمل في غد أفضل، ما لم يقل الوزير بأنه سيفعل كذا وكذا ونشعر ونلمس ونعايش ما يفعل تطبيقًا لما قال، فإننا نلعب في "الوقت الضايع سلفًا" وسيضيع مستقبلاً وعندما لا يجد الناس سببًا يقطعون بسببه الطرق فإنهم سيقطعون الطرق لأنهم لا يجدون شيئًا يفعلونه غير قطع الطرق، قطع الطرق الذي سوف يصبح هواية وعادة ومزاج ومسخرة وتعبيرًا عن أن الشرطة غائبة بمزاجها أيضًا وأنها فتحت الأبواب ولن تغلقها وربما يصبح مستقبلا رجل الشرطة هو الوحيد الذي سوف يدفع الثمن، ربما نسمع "امسك شرطي بدلاً من امسك حرامي"، وربما تتغير لعبة "عسكر وحرامية إلى حرامية وحرامية" لأن الشرطي الذي يأخذ راتبًا ولا يقوم بواجبه إنما هو لص و"حرامي" وهجام وشحات بارد، وربما يأتي اليوم الذي ينطق فيه الحجر قائلاً: "يا مصري إن شرطيًا يختبئ خلفي فاقتله"، وربما كل الأحجار تحدث عن الوزراء المختبئين خلفها حتى يتخلص منهم الشعب المصري المنكوب بساسته ووزرائه.