لم أعتد من قبل أن أكتب لأمى أو عن أمى ولا أعرف السبب فى ذلك لكن المؤكد أنه ليس جحودا مني بالمرة، فقط كنت أعتقد أن حبى لأمى أمرا خاصا جدا يفوق كلمات النثر والشعر وربما أيضا مهابة أن تخرج حروفى أوهن من أن تصفها أو تصف قدرها ومكانتها في قلبى لذا كنت أكتفى دوما بكلمات التبريكات التقليدية وأعترف أننى كنت أشعر بعدها بتقصير شديد تجاهها لكنى أبدا لم أصحح خطأى إلا قليلا. لذا قررت اليوم أن أهدى كلماتى إلى ست الحبايب راجيا منها أن تسامحنى على تقصيرى فيما قد مضى. يا حبيبتى أما وأن حروفى قد عجزت عن وصفك يوما.. إذا فلتبقى لغة الإحساس بيننا أشد وطئا وأقوم قيلا ولتتنحي قليلا كل كلمات الحب الكلاسيكية حين أتحدث عنكِ ولتصمت كل لغات العالم حين أقول أحبك يا أمى. يا من تحت أقدامك ألف جنة.. يا من فضلكِ مذكورٌ بالقرآن والسنة.. يا من أوصانا عليكِ الله من فوق سبعٍ . يا سبب الرزق والخير يا أمى.. اعترف إليكى اليوم بحبى وأعترف أيضا أنني تأخرت كثيرا فربما آخر مرة سمعتي فيها هذا الاعتراف كان منذ عهدٍ بعيد، ربما آخر مرة قلت لكى أحبك يا أمى كان منذ ثلاثين عاما أو يزيد! .. نعم أنا هذا الطفل الذى كان يلهو بين أحضانك بلا عقدٍ ولا مرضِ .. نعم أنا ذاك الولد الصغير الذى كان يجرى نحوك باكيا حين تغيبين عنه ساعة من نهار .. نعم أنا ابن بطنك الذى أخذته منكِ الحياة وطال بك الانتظار .. أنا هو يا أمى وقد جئت اليوم معتذرا وأعلم أن لن تكفيكى كنوز الدنيا اعتذار. أعترف أننى كنت ولازلت في كل مرة أراكى فيها أريد أن أرتمى في أحضانك، لكننى في الأخير لا أفعل ولا تسألينى لماذا لأننى حقا لا أعلم ! .. ربما منذ أن ظهرت على وجهى ملامح الرجولة لم أعد ابنك الذى نشأ بين أحضانك قد يكون خجلا، غباء ربما جهلا لكنى اليوم أفخر أن أرتمى في حضنك الذى ظل منتظرا بلا ملل ولا يأس، منتظرا يوما أعود إليه وها أنا اليوم أفعل بلا تردد يا أمى. أقسم أنى في كل يوم يمر يزداد يقيني أننى أحيا فى الدنيا بنورك وأن الله يكرمنى من بركة دعواتك فمن يملك أما تدعو له يملك ألف ملكٍ بين يديه ومن خلفه يدفعون عنه كل أذى ويقربون منه كل خير ليس من أجله ولكن شفاعة لأمه فيارب بارك لى في أمى وبارك لى في نفسى وفى أولادى كرامةٍ وشفاعه لأمى واجعلنى بارا بوالدى ولا تجعلنى جبارا شقيا.