الله أكبر الله أكبر الله أكبر ... لا إله إلا الله . الله أكبر الله أكبر.. ولله الحمد.. الله أكبر كبير ، و الحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلًا لا إله إلا الله وحده ... صدق وعده .. ونصر عبده .. وأعز جنده و هزم الأحزاب وحده.. لا إله إلا الله .. ولا نعبد إلا إياه .. مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون . اللهم صلي على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد ، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا . هذه هي الصيغة المصرية في تكبيرات العيد وهي صيغة جليلة مهيبة، لها مذاق خاص ورونق رائع، والتي هي تكبيرات خاصة بالمصريين تميزهم عن غيرهم على مر القرون منذ دخل الإسلام إلى مصر ، و ظل الأمر على ذلك حتى ظهر نفط الخليج، ونبتت في مصر بداية من سبعينات القرن الماضي بحفنة من المشائخ المشوهة، والذي يقدم أحدهم للناس رأيه أو هواه أو اختياره، وتبعيته لبعض دول الخليج، على أنه هو السنة والدين و من خالف رأيه أو اختياره فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومات ميتة جاهلية! ولعل مسألة تكبيرات العيد التي يقام في كل عام حولها المنادب مثالًا واضحًا على ضيق أفق هؤلاء المشايخ المشوهين، فتجدهم يحرصون على تسفيه وتبديع كل من خالف تكبيرات العيد بالصيغة التي اختاروها ورددوها على مسامع الناس، للدرجة التي ظن الناس معها أنها هي السنة وما عداها هي البدعة! فهل من يكبر بهذه الصيغة يعد مبتدعًا ، آثمًا ، مخالفًا للسنة و الشريعة ، أو موافقًا لهما ؟! وهل خالف المصريون الشريعة و القرآن الكريم و الرسول الأكرم –صلى الله عليه و سلم- وسنته الشريفة بهذه التكبيرات ؟! وحقيقة الأمر على خلاف ذلك تمامًا ، وأن هذه الصيغة ليست مخالفة للدين ولا للسنة ، بل هي متوافقة مع كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم –صلى الله عليه و سلم- و الدليل على ذلك عدة أمور منها: أولًا : ليست هناك سنة مسنونة بصيغة معينة في التكبير في العيدين مأثورة عن رسول الله –صلى الله عليه و سلم- لا بقوله ولا بفعله ولا بإقراره. ثانيًا :كل ما ورد من صيغ التكبير التي يزعم هؤلاء المشوهون أنها هي –وحدها- السنة أو ما سواها هو البدعة، هي آثار موقوفة على الصحابة الكرام –رضي الله عنهم- و ليس فيها نص واحد مرفوع إلى النبي-صلى الله عليه و سلم- ولم يقل واحد من الصحابة الكرام أن الصيغة التي كبر بها هو، هي السنة و ما عداها هو البدعة كما يفعل هؤلاء المشوهون الآن! ثالثًا : أن الأصل في التكبير في العيد هو تحقيق قوله تعالى {و لتكبروا الله على ما هداكم}، فالمراد هو مطلق تكبير الله تعالى، و كل ما يتم به المراد من تكبير الله بأي صيغة كانت فهو تحقيق لهذه الآية وتطبيق لها وإتمام للواجب ، وكلما زاد الذكر والتكبير فهو أمر حسن. و بناءً على ما تقدم فإن في الأمر سعة، إذ أن المراد تحقيق التكبير لله تعالى بأي صيغة كانت، وقصر الأمر على صيغة بعينها هو تحكم مرفوض، و تحجير لواسع، بل على العكس من ذلك نجد أن الصيغة المصرية من أفضل صيغ التكبير –إن لم تكن أفضلها- لتحقيقها المراد من تكبير الله تعالى في كتابه واحتوائها لما ورد عن الصحابة الكرام-رضي الله عنهم- و زيادة ، فهي أشمل الصيغ و أفضلها ، فيما نحسب. ثم إن هذه الصيغة التي يكبر بها المصريون في العيدين، هي صيغة قديمة جدًا، ربما تصل إلى زمن الصحابة، و لم نسمع أحدًا من علماء السلف أو الخلف اعترض عليها . والدليل على كونها قديمة جدًا أن الإمام الشافعي –رحمه الله- جاء إلى مصر سنة 199 ه ، و وجد المصريين مستقرين على التكبير بها ، يكبرون بها في العيدين ، و هو ما يؤكد على كونها لها مدة كبيرة قبل قدومه إلى مصر معمولًا بها حتى استقر العمل بها في الديار المصرية ، و لربما سمعها بعض الصحابة الكرام الذين جاءوا مصر مع الفتح أو بعده. و أما الشافعي –رحمه الله- فإنه لم ينهى عن هذه الصيغة ، و لم يعترض عليها بل إنه استحسنها ، مع ما هو معلوم عنه بتمسكه الشديد بالسنة و حرصه على اتباعها ، فيا ترى أهؤلاء المشوهين –من مقلدة مشيخة الخليج- أعلم و أحكم من الشافعي ، أم تراهم أحرص على اتباع السنة منه ؟! و أما أن الشافعي جاء إلى مصر و وجدها معمولًا بها ، فقد ذكر هو ذلك في كتابه العظيم :"الأم" ، في المجلد الثاني ، كتاب العيدين ، ما نصه : " و التكبير كما كبر رسول الله -صلى الله عليه و سلم- في الصلاة "الله أكبر" ، فيبدأ الإمام فيقول :"الله أكبر الله أكبر الله أكبر" حتى يقولها ثلاثًا ، و إن زاد تكبيرًا فحسن ، و إن زاد فقال :"الله أكبر كبيرًا ، و الحمد لله كثيرًا ، و سبحان الله بكرة و أصيلًا ، و لا نعبد إلا الله مخلصين له الدين و لو كره الكافرون ، لا إله إلا الله وحده صدق وعده و نصر عبده و هزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله ، و الله أكبر" فحسنٌ و ما زاد مع ذلك من ذكر الله أحببته" أ.ه . فالإمام الشافعي –رحمه الله – ذكر هاهنا صيغة التكبير المصرية و أقرها ، بل واستحسنها ، واستحسن ما يزيده المصريون عليها من ذكر لله عز وجل و الذي منه الصلاة على النبي –صلى الله عليه و سلم- . و بناءً على ما تقدم نقرر أن الصيغة المصرية في تكبيرات العيدين هي صيغة صحيحة عظيمة ، ولا حجة لمن يزعمون بدعيتها سوى تقليدهم لمشائخ الخليج و اتباعهم لهم في كل ما يقررون و لو من غير دليل ولا بينة ، رغبة في أموالهم و طمعًا في عطاياهم !