ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات المديرية والمتفوقين من أبناء الصيادلة.. صور    المؤتمر: اتحاد الأحزاب تحت راية واحدة قوة جديدة للجمهورية الجديدة    أرسلنا تحذيرات مسبقة، الري ترد على غرق بعض المحافظات بعد ارتفاع منسوب مياه النيل    صعود جنوني للذهب واستقرار وهمي للجنيه.. حين تتحكم "عصابات السيسى" في سوق المعدن النفيس    ترامب: إسرائيل وافقت على خط الانسحاب الأولي    بدر عبد العاطي وحديث ودي حول وقف الحرب في غزة وانتخابات اليونسكو    ردّات الفعل الدولية تتوالى على ردّ المقاومة.. ترحيب واسع ودعوات لإيقاف المعاناة الإنسانية في غزة    استشهاد 70 فلسطينيًا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    بيبو واخد على خاطره، شوبير يكشف مفاجأة عن استبعاد حسام غالي من قائمة الخطيب    صعبوا المهمة على مصر، خسارة المغرب وفوز إسبانيا في كأس العالم للشباب    بايرن ميونخ يكتسح فرانكفورت بثلاثية ويواصل مطاردة الصدارة في البوندسليجا    ريال مدريد يواصل التألق بثلاثية في شباك فياريال ويعزز صدارته لليجا    ريال مدريد يصالح جمهوره ويهزم فياريال في الدوري الإسباني    انهيار جزئي لعقار في الإسكندرية.. والحي: صادر له قرار هدم | صور    حقيقة فيديو «تعاطي المخدرات» على مقهى بالبحيرة    مصرع طفل وإصابة شخصين في حادث دراجة نارية بالفرافرة    لسرقة قرطها الذهبي.. «الداخلية» تضبط المتهمة باستدراج طفلة القليوبية    أول تعليق من محمد فضل شاكر على تسليم والده نفسه للجيش اللبناني    تامر حسني يشعل افتتاح مهرجان «المهن التمثيلية» بأغنية «حكاية مسرح» | صور    بعد 20 عامًا من الترميم.. التفاصيل الكاملة لافتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    وكيل صحة سيناء يتفقد وحدات الرعاية في التلول و30 يونيه لإفتتاحها في أكتوبر الجاري.. ويحيل المتغيبين للتحقيق (صور)    مصرع 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة خلال مداهمة وكرهم ببني سويف    نشأت الديهي للمحافظين: كنتم فين والتعديات على النيل تحدث.. يجب إزالتها سواء عشة أو قصر    صادر له قرار هدم منذ 53 عامًا.. انهيار جزئي لعقار في جمرك الإسكندرية دون خسائر بشرية    المحافظات ترفع الطوارئ لمواجهة ارتفاع منسوب مياه النيل: «الوضع مطمئن»    دوري أبطال أفريقيا.. قائمة بيراميدز في مواجهة الجيش الرواندي    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    «الأوقاف» تُطلق البرنامج التثقيفى للطفل    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    لأول مرة فى تاريخها.. اليابان تختار سيدة رئيسة للحكومة    إعلام عبرى: إسرائيل تبلغ أمريكا نيتها الإبقاء على وجودها داخل المنطقة العازلة    ترتيب الدوري الإنجليزي بعد فوز تشيلسي ضد ليفربول.. أرسنال يخطف الصدارة    قافلة عاجلة من «الهلال الأحمر» لإغاثة المتضررين من ارتفاع منسوب مياه النيل في المنوفية    سطو مسلح على محل فوري في كرداسة.. المتهمون ارتدوا أقنعة واستخدموا بندقيتين خرطوش (تفاصيل التحقيقات)    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مظاهرات حاشدة تطالب برحيل بنيامين نتنياهو.. ترامب: لن أتهاون مع أى تأخير من جانب حماس وسأعامل الجميع بإنصاف.. الفنان فضل شاكر يسلم نفسه للجيش اللبنانى    شريف فتحي يشارك في اجتماع غرفة المنشآت الفندقية بالأقصر    ضحايا فيضان المنوفية: ندفع 10 آلاف جنيه إيجارًا للفدان.. ولسنا مخالفين    تعرف على برجك اليوم 2025/10/5.. «الأسد»: تبدأ اليوم بطاقة عاطفية.. و«الحمل»: روح المغامرة داخلك مشتعلة    بعد الانتهاء من أعمال الترميم.. افتتاح تاريخي لمقبرة أمنحتب الثالث بالأقصر    رئيس قطاع الآثار: افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث فخر لمصر بعد 20 عاما من الترميم    اللواء محمد إبراهيم الدويري: يجب إنقاذ غزة قبل الحديث عن المصالحة الفلسطينية    موعد عرض مسلسل المؤسس أورهان الموسم الأول.. القنوات الناقلة وأبطال العمل    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    ياسمين الخطيب تهاجم الساخرين من فارق العمر في زواج رانيا يوسف: الدين لم يحرّم ذلك    وزير الاستثمار يتفقد منظومة الفحص المشترك ب«ميناء السخنة» ويفتتح «المعامل الصناعية»    أخبار × 24 ساعة.. قافلة إغاثية لمتضرري ارتفاع منسوب نهر النيل في المنوفية    «الصحة» تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر «قلب زايد» بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب في مصر    «مدبولي»: أراضي طرح النهر لا يجوز التعدي عليها بالزراعة أو البناء (تفاصيل)    بتكلفة 5 ملايين جنيه.. دعم منظومة التطعيمات في الشرقية ب64 ثلاجة وفريزر    شريف العماري: الزواج السري يجعل الزوجة تعيش في حالة خوف واختباء من أبنائها ومعارفها    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    المدير الرياضى للأهلى ل «الأخبار»: احتراف الشحات مرفوض وعبدالقادر يرحب بالتجديد    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المليونية خداع للرأى العام
نشر في صدى البلد يوم 23 - 04 - 2012

دعونا نشاهد فى البداية كيف تطورت الأحداث حتى وصلنا إلى مليونية الجمعة الأخيرة 20 إبريل.. كانت القوى الوطنية المدنية قد دعت إلى هذه المليونية منذ أسبوعين، احتجاجاً على استئثار تيار الإسلام السياسى بالجمعية التأسيسية للدستور.. بعد الإعلان عن المليونية جاءت مفاجأة ترشيح عمر سليمان التى استفزت الإخوان المسلمين إثر ترشيحهم خيرت الشاطر للرئاسة، فتذكروا ميدان التحرير الذى طالما نددوا به، وقرروا أن يستبقوا مليونية 20 إبريل بمليونية خاصة بهم يوم 13 تحت عنوان «عزل الفلول»..
امتنعت معظم الفصائل عن المشاركة فى هذه المليونية، بسبب زيادة المخاوف من إمساك الإسلاميين بكل مفاصل الدولة من برلمان إلى رئاسة إلى حكومة، وبسبب فجوة الثقة التى كانت قد اتسعت بعد تخلى تيار الإسلام السياسى عن قوى الثورة فى مفاصل مهمة، بداية بتكفير من قالوا «لا» فى استفتاء مارس، ثم التنكر للثوار فى محمد محمود ومجلس الوزراء، ثم التغاضى عن سحل الجند الفتيات فى الشوارع، ثم تشويه شباب الثورة الذين وصموا بالبلطجة، ثم شجب التظاهر الذى «يعطل عجلة الإنتاج» والتنديد بالميدان زهواً بالبرلمان، ثم الترحيب بحكومة الجنزورى، ثم سقطة جمعية الدستور التأسيسية التى شكلوها على هواهم، وأخيراً ترشيح «الشاطر» ومن بعده الاحتياطى «مرسى»، حتى لا يفلت كرسى الرئاسة من أيديهم.
زاد إصرار قوى الثورة المدنية على جمعة 20 إبريل، وتكثف الإعداد لها، خاصة بعدما بدأت الشكوك فى نوايا المجلس العسكرى ترك السلطة لما طالب بوضع الدستور قبل انتخابات الرئاسة، وماطل فى التصديق على مشروع قانون العزل السياسى لقادة الحزب الوطنى المنحل.. عندئذ قرر تيار الإسلام السياسى القفز على المليونية، حين رأى فيها منصة أتيحت فى الوقت المناسب، للهجوم على لجنة الانتخابات الرئاسية التى أطاحت بنائب المرشد وبأحلام «لازم حازم»، وكذلك الهجوم على المجلس العسكرى الذى كانت علاقته بهم قد ساءت، بسبب محاولتهم سحب الثقة من حكومة الجنزورى، وهيمنتهم على جمعية الدستور، وموافقتهم على مشروع قانون العزل.. لم تجد قوى الثورة المدنية بُداً من التسليم بمشاركة تيار الإسلام السياسى فى المليونية، إلاّ أنها أكدت ضرورة إجراء مصارحة بين الجانبين أولاً.
قبل الجمعة بأيام معدودة تلقيت من الصديق الدكتور محمد البلتاجى، نائب الإخوان المسلمين البارز، رسالة قصيرة وجهها إلى عدد من الشخصيات العامة يعدهم فيها بطرح مبادرة للتوافق، أجبت عليها مرحباً فور تلقيها، إلا أننا لم نسمع منه شيئاً بعد ذلك.. مساء الخميس التقينا به فى حفل تكريم أقامه حزب الوسط للمستشار الخضيرى، ودار نقاش قصير حاول فيه الأستاذ عصام سلطان والدكتور طارق الملط أن يرطبا الأجواء قبل مليونية اليوم التالى، إلا أنه بدا لنا جميعاً أن الوقت قد فات، وأنه ما علينا إلا أن نستسلم للأقدار، راجين أن تمر الجمعة بسلام.. من ناحيتى قلتها واضحة إننى لن أشارك فى المليونية.. أعرف أن هدفها أسمى من أى خلافات، لكننا مهما كنا ملتقين على الهدف، ومهما كان نجاحنا فى الظهور صفاً واحداً، إلا أننا نخدع الجماهير بهذه الواجهة الموحدة التى تخفى من ورائها خلافات عميقة لم تحسم.
بدأت الأخبار ترد فى صباح الجمعة، ومعظمها يطمئن بأن الأطراف المختلفة لن ترفع سوى أعلام مصر، وأنها اتفقت على أهداف المليونية، وازدحم الميدان على نحو ذكّرنا بأيام الثورة الأولى.. بشائر طيبة، حتى لو كانت قناة «أون تى فى» وكذلك موقع «اليوم السابع» الإلكترونى قد وصفا الحشد بأنه وقع تحت سيطرة تيار الإسلام السياسى.. علينا أن نتفهم أن هذا التيار عبأ كل قواه بعد إقصاء «الشاطر» الذى زلزل كيان الإخوان المسلمين، ونتفهم أيضاً أن «أولاد أبوإسماعيل» مجروحون وهم فى أول جمعة بعد شطب مرشحهم، وربما علينا أن نتغاضى عن بعض الحماقات التى انطلقت من منصتهم كالقول بأن «المعركة ليست مع (حازم) لكن ضد رسول الله محمد»، أو هتافات مثل «ارفع راسك فوق انت مسلم».. وحتى عندما تبين أن هناك فى الميدان 11 منصة فإن ذلك لم يبعث على كثير من القلق، خاصة أن بعض القوى مثل 6 إبريل وغيرها بادرت بتفكيك منصاتها، حتى لا تتضارب الأصوات.. أما الحيرة فى تسمية الجمعة مليونية «حماية الثورة» أم «الحسم» أم «تقرير المصير» أم «لم الشمل» فلم تكن فى اعتقاد كثيرين مؤشراً على خلاف أو تنازع.
لكنه رغم كل محاولات العقلاء أن يبدو ميدان التحرير كما لو كان قد عاد صفاً واحداً من جديد، فإن الجرح ظل ينزف.. تكرر الصدام بين جماعات الإسلام السياسى والقوى المدنية للثورة فى الميدان ذاته، وكذلك فى شبرا وماسبيرو ومصطفى محمود.. أما فى السويس فحدث انقسام فى ميدان الأربعين، حيث استقل الإخوان بمسيرتهم، ورفضت بقية القوى بمن فيها مؤيدو حازم أبوإسماعيل الانضمام لهم، وفى المنصورة وقعت مشادات بين الإخوان وغيرهم، وفى الإسكندرية اشتبك الإخوان مع المتظاهرين فى مسيرة عند الشاطبى.
هكذا فرغم الوعود بتجنب الاستفزاز والامتناع عن رفع الشعارات الخاصة فإنه لوحظ من جهة أن بعض القوى الوطنية المدنية كانت ترى فى المليونية مناسبة لرفض حكم العسكر وحكم الإسلام السياسى معاً. ومن جهة أخرى، فإن جماعة «لازم حازم» لم يكن فى بالها إلا فرض «أبوإسماعيل»، رئيساً على مصر، فى حين استغلت جماعة الإخوان الفرصة هى الأخرى للترويج ل«مرسى».. صحيح أن الكل اجتمعوا على مطالبة المجلس العسكرى بالتخلى عن السلطة وعزل الفلول، إلا أنه كان من الواضح أن الفرقاء خرجوا يومها لأغراض متباينة، ورغم أن البعض قد تغنى يومها بلم الشمل وتوحيد الصفوف فإن المصالحة كانت لحظية وكانت ظاهرية وكانت غامضة.
المصالحة الحقة لن تتم قبل المصارحة.. وبعد المصارحة لابد من اعتذار كذلك الذى قدمه الشيخ الجليل أحمد المحلاوى، عندما قال فى خطبته فى مسجد القائد إبراهيم: «كنت غلطان لما هاجمت المظاهرات»، ولابد أيضاً من اعتراف فى صراحة ما قاله المستشار «الخضيرى» من أن «البرلمان لا يغنى عن الميدان».. ثم إن هذا كله لا يغنى عن خطوة عملية لتأكيد النوايا الحسنة تتمثل فى انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور تمثل أطياف المجتمع كله، ولا يغنى عن تنازل الإخوان عن الترشيح لمقعد الرئاسة، وسحب مرشحهم الدكتور محمد مرسى الذى لا تبدو المعركة بالنسبة له هينة، ولا يغنى عن الالتفاف حول مرشح ثورى واحد لديه فرصة حقيقية للفوز.
الثورة لم تقم على احتكار فريق واحد كل السلطات كى يحتكر فريق آخر السلطات جميعاً.. وإذا ما كانت غالبية الناخبين قد اختارت بالأمس الإخوان وصحبهم ليهيمنوا على البرلمان ويشكلوا الحكومة لاحقاً، فالظن أنه إذا لم تحل المحكمة الدستورية البرلمان فإن غالبية الناخبين فى الانتخابات الرئاسية غداً لن يسمحوا للإخوان بأن يحتلوا كرسى الرئاسة أيضاً.. ثم إنه سيكون أمراً غريباً حقاً أن ينتخب الناس رئيساً من الإخوان فإذا به يأتمر بأمر شخص آخر لم ينتخبه منهم أحد هو المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.. على عاتق الإخوان، ممثلى الأغلبية، تقع مسؤولية المبادرة بخطوة أولى تطمئن الآخرين، ودون هذه المبادرة فلا مستقبل للتوافق الوطنى، ولا مجال لأن يتشارك الجميع فى مليونيات قادمة تظللها الأعلام السوداء بدلاً من أعلام الجمهورية، مهما وضع لهذه المليونيات من أهداف نبيلة.. سيكون ذلك خداعاً للرأى العام، وقبل هذا وبعده طعنة للثورة نرجو ألا تكون قاتلة.
نقلا عن المصرى اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.